لطالما شكلت القرارات الدولية ذات الصلة بالجنوب وأهله مادة خلافية كبيرة بين حركة أمل وحزب الله منذ القرار 425 الذي شكل مادة تجاذب ضخمة بين الطرفين، فحركة أمل التي تعتبر أن القرارات الدولية تشكل عنصر قوة للبنان يستطيع من خلالها مواجهة العدو في المحافل الدولية ويجب التمسك بها والعمل على إجبار العدو الإنصياع لتطبيقها، يرى حزب الله بالمقابل أن لا قيمة البتة لمثل هذه القرارات ولا مانع من نقضها ولو بعد إعلان الموافقة المسبقة عليها.
إقرأ أيضًا: بري بدون المطرقة ,, هل هي بروفة للشيعة؟؟
هذا التباين التاريخي بين الطرفين، له مبرراته الأيديولوجية إذا صح التعبير، فحركة أمل التي تقارب الموضوع من خلفية أرساها مؤسسها الأول الإمام موسى الصدر والتي قامت بوصفها حركة لبنانية ملتزمة اولًا وأخيرًا بمصلحة لبنان العليا بعيدًا عن الإنتماء لأي من المحاور الإقليمية ذات الدرجة الثانية من حيث الإهتمام الإستراتيجي على عكس الحزب الذي تتبدل عنده الأولويات ليحتل المحور المرتبة الأولى ولو على حساب مصلحة الوطن وأهله.
فإذا كان مفهومًا أن يولم وزير المالية " الحركي "علي حسن خليل ، للرئيس سعد الحريري بعد جولته الجنوبية مع وزير الدفاع وقائد الجيش، هذه الجولة التي جاءت كردة فعل على محاولة حزب الله ضرب مفاعيل القرار 1701 من خلال ظهوره المسلح الممنوع وفقه، وتأكيد رئيس الحكومة في جولته على تمسك لبنان بهذا القرار وبكل مضامينه، فإذا كان مفهومًا إحتضان حركة أمل لخطوة الحريري، فإن من غير المفهوم هو حضور وزير حزب الله محمد فنيش وتلبيته الدعوة!
إقرأ أيضًا: حزب الله: حركة أمل أيضًا صارت شيعة سفارة ؟؟!!
ومع أنني لا أميل للفهم الأوروبي حول حزب الله وتقسيمه بين جناحين ( عسكري - مدني )، إلا أن ظاهرة التناقض البارزة في هذا الأداء الأخير بين ظهور مسلح مخالف لل 1701 وبنفس الوقت مشاركة وزير على مائدة تؤكد التمسك بذاك القرار عينه، يجعلني أميل أكثر لتشكّل ذهنيتين مختلفتين داخل الحزب، واحدة لا تزال على قديمها وممسوكة بقرار مباشر من الحرس الثوري وتعمل وفق أوامره، وأخرى ذهنية جديدة هي في طور التبلور وتعمل على هامش قرارات الحرس وإقتنعت أخيرًا بما كانت تقوله حركة أمل فيما مضى.