لم تصل التحذيرات من احتمال قيام إسرائيل باستهداف لبنان الى رئيس الحكومة سعد الحريري مشفرة أو في حاجة الى تفكيك رموزها، وإنما سمعها رئيس الجمهورية ميشال عون مباشرة من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في حضور الحريري في اللقاء الذي جمعهما به على هامش استضافة الأردن القمة العربية.
وتتقاطع التحذيرات الأردنية مع تحذيرات دولية مماثلة لم ينفك عن إطلاقها عدد من سفراء الدول الكبرى لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الذين أوصوا في رسائلهم لبنان بضرورة الحيطة والحذر من جهة، وبوجوب تجنب القيام بأي عمل عسكري غير مدروس في جنوب لبنان من جهة أخرى، في إشارة الى «حزب الله» الذي تعرضت مواقعه في سورية لعدد من الغارات للطيران الحربي الإسرائيلي.
وبكلام آخر يوصي المجتمع الدولي لبنان بأن يبقى الجميع تحت كنف الشرعية اللبنانية وألاّ ينفرد أحد بأي عمل يمكن أن يتسبب بتهديد الاستقرار في جنوبه، خصوصاً أن تل أبيب تتربص به على الكوع وتنتظر الذرائع لشن عدوان عليه.
فهل يتعامل «حزب الله» مع هذه التحذيرات بجدية ويأخذها على محمل الجد لا سيما أن الحريري عندما توجه الى الجنوب لم يغب عن باله إعادة الاعتبار لشبكة الأمان الدولية من خلال رسالته بأن «الجيش اللبناني وحده المكلف حماية الحدود والذي يدافع عنا بصفته القوة الشرعية التي لا قوة فوق سلطتها ولا أجندة في لبنان خارج هذه الأجندة».
وعليه يمكن القول - بحسب المصادر الديبلوماسية الغربية - إن رسالة الحريري من منطقة العمليات المشتركة للجيش والقوات الدولية في جنوب الليطاني حققت أهدافها وكبحت جماح ردود الفعل الدولية المعترضة على هذه العراضة، فهل يبادر «حزب الله» الى التعاطي معها وكأنها أسدلت الستار على عراضته في ضوء تحذيره إسرائيل بأنه على استعداد للرد على أي عدوان؟
مسك الختام في جولة الحريري على الخط الأزرق كان في صور، حيث أقام المعاون السياسي لرئيس البرلمان الوزير علي حسن خليل مأدبة غداء جامعة على شرفه ومجرد استضافة الحريري في صور تأكيد على تجاوز ارتدادات ما ترتب على العراضة الإعلامية وهذا هو التفسير لمشاركة الوزير في «حزب الله» محمد فينش فيها. فهل أن خليل فعلها ليوحي أنها «بروتوكولية» وأن لا مغزى سياسياً لتكريمه في صور؟
تكريم خليل للحريري ما هو إلا رسالة تضامن مع جولته على الخط الأزرق ومن دون رد فعل سلبي من «حزب الله» وإلا لماذا لبى فنيش دعوته.
وأخيراً فإن جولة الحريري من منظار دولي وعربي -كما تقول المصادر الديبلوماسية- من شأنها أن تعود بالوضع في جنوب الليطاني الى ما كان عليه قبل العراضة الإعلامية.