أجمع عدد من المحللين والمراقبين السياسيين، على أن أهم نتائج تمخضت عنها زيارة رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، إلى الرياض، الأحد، ولقائه بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز؛ هو التوصل إلى تفاهم ثنائي، في ظل دور أمني إقليمي لنظامي حكميهما، بترتيب أمريكي، يركز على مجابهة إيران بالدرجة الأولى.
وتُعد هذه الزيارة، الأولى للسيسي، إلى الرياض، منذ زيارة سلمان إلى مصر، في نيسان/ أبريل الماضي، والثامنة له منذ وصوله إلى السلطة في حزيران/ يونيو 2014، والسادسة في عهد سلمان، والثانية لهما خلال شهر، ومنذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلطة، في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي.
"نظام أمن إقليمي قاطرته مصر والسعودية"
وتعليقا على الزيارة، قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية وأخلاقيات الاتصال، سعد الزنط: "هناك أمور تتم في المنطقة الآن.. أعتقد أنها بدأت بمباحثات السيسي في واشنطن، وتمثلت في البحث حول نظام أمن إقليمي تكون قاطرته مصر والسعودية، لذلك زار وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، مصر والسعودية، أخيرا، حيث تم بحث هذه النقطة".
وأشار الزنط إلى أن هناك جزءا مهما آخر في المباحثات المصرية- السعودية هو: كيف يكون شكل هذا النظام للأمن الإقليمي، الذي تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية؟ بمعنى الاعتماد على دول المنطقة القادرة على أن تكون قاطرة لحماية المنطقة سواء من تدخل الدول الطامحة كإيران، أو الطامعة كتركيا، أو الوظيفية كقطر، أو حل القضايا الموجودة في المنطقة كسوريا، واليمن، وليبيا".
وتابع، في حوار مع فضائية "صدى البلد": "بهذا تتولى المنطقة نظامها الأمني، وتكون القاطرة لهذا النظام: مصر والسعودية، وهذا الكلام نوقش بإسهاب مع ولي ولي العهد السعودي لدى زيارته إلى أمريكا، ثم استُكمل مع الملك عبد الله (العاهل الأردني) ثم مع السيسي، وأعتقد أنهم توصلوا إلى رؤية ناضجة، ومن ثم جاء ماتيس للمنطقة، للتحقق من إمكان تطبيقها".
وأردف: "أعتقد أنه عاد بانطباع إيجابي، لأن تصريحين فقط صدرا عنه.. في السعودية إذ تحدث عن إيران، وفي إسرائيل إذ تحدث عن سوريا، وبوضع الصورتين بجانب بعضهما، نجد أن الموضوع الأساسي للقاء السيسي وسلمان اليوم- خارج النطاق الثنائي- هو مناقشة هذا الموضوع".
آل زلفة: اتفاق على مواجهة إيران
ومن جهته، قال العضو السابق بمجلس الشورى السعودي، الدكتور محمد آل زلفة: "إن الأمة العربية مستهدفة حاليا، وإن النظام الإيراني قد استفحل، بعد أن وجد مناخا يفرق فيه المنطقة العربية في غياب الأمن القومي العربي، الذي دَمرت إيران، في غيابه، دولا عربية بكاملها، وهي: العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن".
وأضاف، في مداخلة هاتفية مع فضائية "أون" المصرية، أن ما تريده إيران من خلال منظمات إرهابية، هو أن تدمر البلدان التي لا تزال مستقرة، مما يقتضى وضع حد لذلك، وفق قوله.
وفي مداخلة أخرى عبر فضائية "إكسترا نيوز"، قال آل زلفة، إن الرياض والقاهرة سيقفان صفا واحدا أمام إيران، خاصة أنهما يدركان جيدا حجم أطماعها في المنطقة.
واتهم "آل زلفة"، طهران، بأنها صنعت "داعش" من أجل أن تكون الحرب المتقدمة لتحقيق أهداف إيران في المنطقة، مشددا على أنه لا يُوجد أمام القاهرة والرياض إلا أن يكونا الحصن الحامي للمنطقة، على حد قوله.
"أداتان لتنفيذ السياسة الأمريكية"
ومعلقا أيضا، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة ساكاريا بتركيا، الدكتور عصام عبد الشافي، في حوار مع فضائية "مكملين"، إنه لا يمكن الفصل بين زيارتي السيسي للرياض وواشنطن، وزيارة محمد بن سلمان لواشنطن، ولقائيهما بترامب.
وأضاف عبد الشافي: "هناك رئيس جديد في البيت الأبيض يريد أن يهيمن على محتلف النظم السياسية في هذه المنطقة، وأن يوجهها كيفما يشاء، بما يخدم المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وبالتالي فإن هذين النظامين ما هما إلا أداتان لتنفيذ السياسة الأمريكية في المنطقة، والدفاع عن المصالح الأمريكية فيها"، وفق تقديره.
"تفاهم مؤقت وفق الأولويات الأمريكية"
وغير بعيد، لخصت صحيفة "البديل" المصرية، الأحد، زيارة السيسي إلى الرياض، تحت العنوان السابق، قائلة إن لقاء السيسي وسلمان في البحر الميت جاء في إطار حلحلة الأزمة الثنائية بين القاهرة والرياض بتدخل أمريكي، بدأ باستئناف مبيعات النفط السعودي لمصر بالتوازي مع زيارة ابن سلمان الأخيرة للولايات المتحدة، ويُعد إرهاصة لتوحيد موقف على أساس شراكة في رؤية موحدة بين البلدين تجاه الأولويات الأمريكية، وما تتقاطع معه من أولويات مختلفة لكل من مصر والسعودية يجري العمل على إعادة ترتيبها.
وأضافت "البديل" أنه لا يمكن إغفال أن واشنطن قد وازنت أولوياتها لتكون غير متنافرة مع أولويات حلفائها، وإن كانت أبدت في المرحلة الراهنة أولوية قصوى لمحاربة الإرهاب، وهو الأمر الذي تصدر أجندة اجتماع السيسي وترامب، وحلَّ في ترتيب متأخر في لقاء الأخير بمحمد بن سلمان.
وتابعت "البديل" أنه لتجاوز أسباب الخلاف بين القاهرة والرياض، تقرر أن يتم إرجاء النقاط الخلافية لحساب الأولوية الأمريكية المشتركة بين الدولتين؛ فتم تجاوز حل آني لمشكلة تيران وصنافير، وإمهال القاهرة الوقت لتمريرها برلمانيا وقضائيا دون إثارة الرأي العام في الداخل، مقابل إرجاء الرياض لمسألة المصالحة التي كانت تحاول فرضها على القاهرة طيلة العاميين الماضيين مع جماعة الإخوان المسلمين، نظرا لعجز الرياض عن ملاحقة التطورات في سوريا بعد تحرير حلب، واتكالها على أنقرة في تحقيق أهداف الحد الأدنى، التي بدورها اشترطت ضغطا سعوديا على القاهرة فيما يخص جماعة الإخوان، مقابل توحيد الجهود التركية السعودية في تركيا حتى نهاية العام الماضي ميدانيا وسياسيا، وهو الأمر الذي كان أحد نقاط الخلاف الرئيسية بين القاهرة والرياض بالإضافة للحرب في اليمن.
واختتمت الصحيفة مؤكدة أنه: "يمكن اعتبار الخلاف المصري السعودي بشأن كل من اليمن وسوريا قد أصبح غير ذي معنى، على ضوء التطورات الميدانية والسياسية الإقليمية والدولية الخاصة بالحرب في البلدين، وأقصى ما يمكن فعله حاليا هو توحيد خطاب إعلامي أكثر منه سياسي فاعل لكل من القاهرة والرياض تجاه الحرب في اليمن، والأزمة السورية".
زكي توفيق