الحريري على الحدود الجنوبية , الدولة حاضرة ومسؤولة عن أمن الجنوب وملتزمون القرار الدولي 1701
المستقبل :
منعاً لأي محاولة لتحريف وجهة العهد الجديد الحازم والعازم على استعادة الثقة بالشرعية وبقدرتها على حفظ السيادة والحدود، أعاد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري تصويب البوصلة الوطنية نحو مؤشر «الدولة» التي لا شريك لجيشها في حماية لبنان وشعبه ولا سلطة فوق سلطتها على امتداد الخارطة من الشمال إلى الجنوب. فبعد أقل من 24 ساعة على «عراضة اللبونة»، بادر الحريري إلى القيام بجولة ميدانية على المنطقة الحدودية في الجنوب ليقول باسم لبنان الرسمي «كلاماً يجب أن يكون واضحاً للجميع»: ملتزمون القرار 1701 والجيش وحده يحمينا.
من مقرّ قيادة قوات الطوارئ الدولية في الناقورة، استهل رئيس الحكومة زيارته إلى الجنوب حيث حطّ ظهراً على متن طوافة عسكرية يرافقه وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزيف عون، وبعد استعراضه ثلة من حرس الشرف في «اليونيفيل»، عقد الحريري اجتماعاً في المقر مع قائد قوات الطوارئ الجنرال مايكل بيري بحضور الصراف وعون، استعرض خلاله الأوضاع العامة في الجنوب والمهمات التي تقوم بها قوات «اليونيفيل» مع الجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية لتثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة. وإثر الاجتماع جدد رئيس الحكومة التزام لبنان «بكل قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها القرار 1701»، مشدداً على محورية دور «اليونيفيل» في حفظ الاستقرار عند الحدود وعلى أحادية سلطة الجيش المرابط على الجبهة مع العدو الإسرائيلي في حماية السيادة.
وإذ أكد على «مسؤولية الدولة عن السلام في الجنوب» ورفضها للانتهاكات التي يتعرض لها القرار 1701، ذكّر الحريري بضرورة الانتقال إلى وقف دائم لإطلاق النار وتحديد الحدود بالتوازي مع تحرير ما تبقى من أراض لبنانية محتلة، مشيراً إلى كونها «مهمة يعززها العمل الديبلوماسي اليومي والالتزام بالشرعية الدولية وبالقرار 1701». ورداً على أسئلة الصحافيين، عبّر الحريري عن رفض لبنان الرسمي للجولة
التي نظّمها «حزب الله» على الحدود أمس الأول وقال: «نحن كحكومة غير معنيين بما حصل ولا نقبل به، لذلك أتيت إلى هنا لكي أؤكد أنّ دورنا كحكومة هو الحفاظ على القرار 1701 وأنّ البيان الوزاري ننفذه في الجنوب بالشكل الذي تم إقراره».
ولاحقاً، انتقل الحريري إلى موقع الجيش اللبناني في اللبونة بخراج بلدة علما الشعب مروراً بالخط الأزرق، يرافقه وزير الدفاع وقائد الجيش، ثم تفقد «موقع النمر» حيث يوجد أقرب موقع إسرائيلي عند الحدود اللبنانية - الفلسطينية.
وقبيل انتهاء زيارته الجنوبية، لبّى رئيس الحكومة دعوة وزير المال علي حسن خليل إلى مأدبة غداء أقامها على شرفه في استراحة صور حضرها الصراف وعون إلى جانب حشد نيابي ووزاري وبلدي وعسكري وأمني وروحي إسلامي - مسيحي من المنطقة. وعلى هامش المأدبة، لفت توضيح من وزير الشباب والرياضة محمد فنيش وضع فيه الجولة الاعلامية التي نظمها «حزب الله» في منطقة اللبونة صباح الخميس في إطار «تعريف الرأي العام المحلي والدولي على الوضع في الجنوب وطبيعة النوايا الاسرائيلية وما يحضّر له العدو»، رافضاً أي مبالغة في تفسير الجولة خارج هذا الإطار الذي شدد على كونه يقتصر فقط على «منح وسائل الإعلام الحق في توثيق الخروقات الإسرائيلية»، وسط تأكيد فنيش على أنّ «حزب الله» ليس في موقع «المعتدي» إنما في خندق الدفاع عن الوطن.
«اليونيفيل» توضح.. وتستوضح
وفي بيانين متلاحقين لها أمس، رحّبت «اليونيفيل» في البيان الأول بزيارة رئيس مجلس الوزراء اللبناني إلى مقرّها العام وأثنت على مضمون الاجتماع الذي عقده مع قائدها الجنرال بيري، لتعود في بيانها الثاني إلى إبراز توضيح صادر عن المكتب الإعلامي التابع لقوات الطوارئ الدولية تعليقاً على الجولة الإعلامية التي نظمها «حزب الله» على طول الخط الأزرق، مؤكدةً أنه قبل وصول الوفد إلى المنطقة «بقليل» تبلّغت من الجيش اللبناني بالجولة «من دون ذكر أي تفاصيل». أما عن التقارير الإعلامية التي تحدثت عن وجود مسلحين في صفوف المجموعة التي قامت بهذه الجولة، فشددت «اليونيفيل» على كون ذلك يشكل «انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701»، لافتةً إلى أنها بعد هذه التقارير «تجري اتصالات مع الجيش اللبناني لتحديد ملابسات ما جرى».
قانون الانتخاب
في الغضون، تشهد الساحة الانتخابية تزخيماً مزدحماً بالمبادرات السياسية لملف قانون الانتخاب العتيد. فبعدما كشفت «المستقبل» أمس عن مبادرة رئيس الحكومة إلى تقديم اقتراح قديم - جديد كان قد طرحه عام 2014 ويقضي بإنشاء مجلس للشيوخ بموجب مقررات اتفاق الطائف، بالتزامن مع إقرار قانون جديد لانتخاب مجلس نيابي على أساس النظام النسبي، برز خلال الساعات الأخيرة الإعلان عن مبادرتين يعتزم كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط إطلاقهما في فضاء التوافق الوطني المنشود بين الأفرقاء حول قانون الانتخاب.
وبينما آثرت مصادر عين التينة التكتم على مشروع بري الانتخابي ريثما يصار إلى الإعلان عنه رسمياً الأسبوع المقبل، مكتفية بالتأكيد لـ«المستقبل» على كونه «يرتكز على النظام النسبي ويراعي طروحات مختلف الأفرقاء وهواجسهم»، أفادت مصادر كتلة «اللقاء الديمقراطي» أنّ مبادرة الكتلة تتضمن مشروعاً انتخابياً يقوم على «النظام المختلط بين النسبي والأكثري» سيتولى النائب غازي العريضي اليوم شرح خطوطه السياسية والوطنية العريضة بينما سيتولى المسؤول عن الملف الانتخابي في «الحزب التقدمي الاشتراكي» هشام ناصرالدين تفنيده تقنياً وانتخابياً، موضحةً لـ«المستقبل» أنّ «هذا المشروع هو من بنات الأفكار التي سبق أن طرحها النائب جنبلاط قبل نحو شهرين على رئيس المجلس النيابي وجرى اليوم تطوير هذه الأفكار وتوسيعها لتقديمها على شكل مبادرة«اشتراكية»لحل أزمة قانون الانتخاب».
وعن خلفية هذه المبادرة، شددت المصادر على كونها «تنطلق من واجب المساهمة في تقديم الحلول والمشاريع المقترحة للقانون الانتخابي، سيما وأنّ البعض يبدي امتعاضه من أنّ أحداً سواه لا يقدّم مشاريع انتخابية»، مشيرةً في السياق عينه إلى أنّ «المبادرة اليوم تأتي كذلك للتأكيد على أنّ«الاشتراكي» جزء لا يتجزأ من البلد ومكوناته وبالتالي يجب أن يكون له رأيه في الملف الانتخابي مع أخذه بعين الاعتبار آراء الآخرين من خلال تقديم مشروع قانون انتخاب يراعي هواجس كل الأفرقاء وليس مفصّلاً على قياس أحد»، وأعربت المصادر عن أملها في أن تتمكن مبادرة «اللقاء الديمقراطي» من تأمين أرضية توافقية للقانون الانتخابي الجديد «قبل بلوغ تاريخ 15 أيار إنقاذاً للبلد من الفراغ والانهيار».
الديار :
عندما ذهب الوفد الاعلامي اللبناني، بدعوة من العلاقات الاعلامية في حزب الله، الى خط الانسحاب مع فلسطين المحتلة، كان ذلك بعلم قيادات منطقة الجيش اللبناني في الجنوب، وشارك في الوفد الاعلامي المعارضون والمؤيدون في الداخل السياسي من 8 و14 آذار، فقررت قيادة المنطقة العسكرية للجيش اللبناني في الجنوب ارسال دوريتين، من مخابرات الجنوب في الجيش اللبناني فتقدمت سيارة المخابرات الاولى الموكب الاعلامي وسارت السيارة الثانية لمخابرات الجيش خلف الوفد الاعلامي وكان كل ذلك تحت اشراف الجيش اللبناني الذي ابلغ قوات اليونيفيل الدولية، ان جولة اعلامية ليس فيها سلاح ولا مظاهر مسلحة ستتم تحت اشراف الجيش اللبناني، وستقوم بزيارة خط الانسحاب الازرق على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وهكذا جرى، فحصلت الزيارة الاعلامية، دون اي مظاهر مسلحة او اي سلاح او حمل اي سلاح من افراد الدائرة الاعلامية في حزب الله، ومر الموكب الاعلامي في منطقة اللبونة حيث كان العدو الاسرائيلي يخترق الحدود ويقيم كمينا لعناصره من الجيش الاسرائيلي ولم تكن تحتجّ اليونيفيل على ذلك، وشاهد اعضاء الوفد الاعلامي الدشم والاستعدادات الاسرائيلية لحرب محتملة يشنها العدو وشاهدوا نشر الاسرائيليين على خط الانسحاب لاسلحة هجومية بينما لا يوجد اي مراكز للمقاومين من الجهة اللبنانية، وقام الوفد الاعلامي بتصوير ما شاهد تلفزيونيا وبثه بشكل مباشر، فقامت الضجة في الداخل الاسرائيلي بأن المقاومة هدفها من الزيارة التحضير لعمليات في الجليل بفلسطين المحتلة، وسببت الزيارة ذعرا كبيرا داخل الكيان الصيهيوني وكيف تجرأ اعلام حزب الله على توجيه الدعوة لصحافيين لا يحملون الاّ الكاميرا والقلم على الحدود مع فلسطين المحتلة، ولذلك ضغطت اسرائيل على اميركا ودول اوروبية بسبب هذه الزيارة.
اثر ذلك قام رئيس الحكومة سعد الحريري بزيارة الحدود برفقة وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزف عون وهما على علم بأن الجيش اللبناني رافق الوفد الاعلامي وكانت جولة الوفد تحت اشراف الجيش اللبناني وبموافقتهما، وزار الوفد مقر اليونيفيل وقال الحريري «ان الحكومة مع 1701، ومصرة عليه، واضاف نحن كحكومة لا نقبل بالزيارة التي قامت بها الدائرة الاعلامية في حزب الله واعلن ان الاختلاف في العديد من الامور مع حزب الله داخل الحكومة لن يذهب بالامور الى مشكلة، والحكومة تستند الى البيان الوزاري بتأييدها للقرار 1701.
هنا السؤال القرار 1701 حدد خط الانسحاب الازرق للعدو الاسرائيلي الذي انسحب اليه، وحدد على ان الطائرات الاسرائيلية لا تقوم بخرق سيادة الاجواء اللبنانية، وحدّد ايضا ان البوارج الحربية الاسرائيلية لا تخرق المياه الاقليمية اللبنانية وحدّد ايضا بأن الجنود الاسرائيليين لا يقومون بخرق الخط الازرق والسيادة اللبنانية وما الذي حصل؟
اسرائيل رفضت الخضوع والانصياع وتنفيذ القرار 1701 عبر الخرق الجوي لطائراتها الحربية للاجواء اللبنانية وصرّح موردخاي غور نائب سلاح الجو الاسرائيلي «ان 1701، اذا انتهت اسرائيل من الوجود فستوقف خرقها للاجواء اللبنانية لان الاجواء اللبنانية هي اجواء اسرائيلية لطائراتنا وضمن ممر لطائراتنا كي نضرب سوريا، اضافة الى ان طائراتنا تقوم في لبنان بتصوير مراكز حزب الله ورصد تحركاته بالاضافة الى البنية التحتية اللبنانية لأنه اذا حصلت حرب تقوم اسرائيل بضرب هذه البنى» انتهى تصريح موردخاي غور نائب سلاح الجو الاسرائيلي سنة 2007 . واستمرت الطائرات الاسرائيلية بخرقها الاجواء اللبنانية وكل يوم يكتب ضباط اليونفيل عن خرق الاجواء اللبنانية من قبل اسرائيل الى مجلس الامن الذي يضع التقارير في الادراج، وكذلك تخرق البوارج الاسرائيلية سيادة المياه اللبنانية وتكتب قوات الطوارئ الدولية عن هذا الخرق، ثم يكتشف الجيش اللبناني ان الجيش الاسرائيلي خرق السيادة اللبنانية بدخولها للاراضي اللبنانية كما وضع اسلاكا هاتفية وآلات الكترونية تجسسية لتصوير ومراقبة السير في كل منطقة شمال الليطاني، ومع ذلك يكتب ضباط اليونيفيل عن هذا الخرق ويقوم الجيش اللبناني بتفكيك هذه المفخخات التفجيرية الناتجة عن خرق القرار. وهذه الاجراءات الاسرائيلية هي التي تشكل خرقا للقرار 1701 جوا وبرا وبحرا ورغم ذلك لا يصرّح احد من السياسيين اللبنانيين ولا يهتمون الى هذه الخروقات كأن لبنان مستباح امام البوارج والطائرات وآلات الجيش الاسرائيلي على ارضه.
السؤال من الذي يخرق القرار 1701 ؟ وفد اعلامي اعزل من السلاح بدعوة من العلاقات الاعلامية لحزب الله وهم عزل من السلاح والمظاهر المسلحة يمارسون السيادة على ارضهم، ام الذي يخرق القرار 1701 الطائرات الاسرائيلية والبوارج والقوات البرية وزراعة المفخخات؟ لماذا لا يجري الحديث عن خرق الطائرات الاسرائيلية للاجواء اللبنانية ولماذا يقبل اللبنانيون الاهانات الاسرائيلية ولا يطالبون مجلس الامن بتحمل مسؤولياته ؟ لماذا لا تتحرك الدولة اللبنانية وتدعو مجلس الامن لاصدار قرار برفض الخروقات الاسرائيلية؟
المشكلة الوحيدة هي ان لبنان يملك اضافة الى صمود شعبه وقوة جيشه قوة رادعة هي المقاومة ضد العدو الاسرائيلي، والجيش اللبناني محروم من امتلاك الطائرات وانظمة دفاع جوية ضد اسرائيل، وممنوع عليه الا ان يلعب دور الحفاظ على الامن الداخلي وكل سلاح متقدم ممنوع عليه كي تبقى اسرائيل تقوم بما تريد وتخرق السيادة اللبنانية.
ننتظر من المسؤولين اللبنانيين مراجعة مجلس الامن بشأن الخروقات والممارسات الاسرائيلية، ولا نرى ان الوفد الاعلامي الذي ذهب الى الخط الفاصل مع فلسطين المحتلة بإذن من قيادة الجيش اللبناني ومواكبته ومارس سيادته على ارض لبنانية مئة بالمئة خرق 1701، بل من يخرق 1701 هو الطائرات الاسرائيلية والبوارج الحربية المعادية وجنود العدو الاسرائيلي الذي يدخلون لوضع المفخخات واجهزة المراقبة.
آن الاوان لقول كلمة حق في هذا المجال والاصرار عليها وان من يريد معرفة الحقيقة عليه ان يتطلع الى الاجواء اللبنانية والمياه البحرية والاراضي المحاذية للجنوب ليعرف كيف تقوم اسرائيل يوميا بخرق هذه الاجواء.
الوفد الاعلامي اللبناني لم يخرق القرار 1701 بل الخرق جاء من العدو الاسرائيلي، ولقد اشرنا بالدلائل التي تثبت هذا الخرق من قبل العدو الاسرائيلي
الجمهورية :
في السياسة، بدت الساحة الجنوبية وكأنّها صندوق بريد لتبادُل الرسائل السياسية وغير السياسية، وفي الاتّجاهات كلّها، وكانت لافتةً للانتباه في هذا السياق الجولة الجنوبية لرئيس الحكومة سعد الحريري، والتي جاءت على مسافة 24 ساعة من الجولة الإعلامية التي نظّمها «حزب الله» إلى المنطقة ذاتها، وما رافقها من تأييد من حلفاء الحزب، وكذلك من التباسات وتحفّظات في الجانب الآخر، وخصوصاً على المستوى الدولي. وأمّا في الملف الانتخابي، فقد أعطى فشلُ التوافق السياسي في إيجاد مفتاح الخروج من المأزق الانتخابي الراهن، اللبنانيين سِمة دخول إلى غرفة الانتظار القلِق لِما سيكون عليه حال بلدهم حينما تحين التواريخ الساخنة؛ بدءاً من تاريخ 15 أيار المقبل موعد انعقاد جلسة مجلس النواب وعلى جدول أعمالها اقتراح التمديد سَنة للمجلس، وكذلك تاريخ 20 حزيران اليوم الأخير من عمر ولاية المجلس الحالي. وأمام هذين التاريخين ليس سراً أنّ البلد مفتوح على شتّى الاحتمالات.
خَطفت زيارة الرئيس الحريري إلى الحدود الجنوبية (برفقة وزير الدفاع يعقوب الصرّاف وقائد الجيش العماد جوزف عون، اهتمامَ المراقبين، وخصوصاً أنّها تأتي من خارج سياق الحدث الانتخابي الذي يشغل كلّ الحواس السياسية الداخلية.
وإذا كانت الجولة الإعلامية التي نظمها «حزب الله» الخميس الماضي ما تزال محلّ تساؤل في أوساط محلية وخارجية عن أبعادها والغاية منها في هذا التوقيت بالذات، فإنّ زيارة الحريري أحيطَت بتساؤلات أيضاً عن أبعادها وتوقيتها في هذه اللحظة السياسية، وما إذا كانت رسالة اعتراضية على جولة «حزب الله»، ومن المنطقة التي يفترض أنّها تحت سيطرة ونفوذ الحزب.
واللافت للانتباه أنّ الحريري أعلنَ مِن مقر قوات الطوارئ الدولية في الناقورة أنّ «الحكومة غير معنية بما حصَل ولا تقبل به، وهي تلتزم تطبيق القرار 1701».
وأكّد أنّ الجيش «هو وحده المكلّف بحماية الحدود والذي يدافع عنّا بصفته القوّةَ الشرعية التي لا قوّة فوق سلطتها».
وجدَّد التزامَ لبنان «كلَّ قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها القرار 1701»، وقال: «نحن كدولة، واجبُنا الأساسي حماية السيادة والحدود والمحافظة على الأمن والاستقرار لأهلنا في هذه المنطقة العزيزة».
وشدّد الحريري على أنّ «الدولة اللبنانية لكلّ اللبنانيين، والجيش اللبناني لكلّ اللبنانيين، وليس لديه أيّ أجندة سوى مصلحة كلّ اللبنانيين وأمنهم واستقرارهم وسيادتهم على أرضهم. ولا سلطة في لبنان فوق هذه السلطة ولا أجندة في لبنان خارج هذه الأجندة، وهذا الكلام يجب أن يكون واضحاً للجميع». وأكّد أنّ الحكومة والدولة مسؤولان عن السلام في الجنوب.
إرتياح دولي - خليجي
وفيما قوبِلت زيارة الحريري بارتياح خليجي عبّر عنه بعض الديبلوماسيين العاملين في بيروت، علمت «الجمهورية» أنّ الزيارة تركت ارتياحاً ديبلوماسياً غربياً، عبَّر عنه عدد من السفراء الذين اجتمعوا ظهر أمس في أحد فنادق العاصمة.
ورحّبت المنسّق الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ بزيارة الحريري والصرّاف وقائد الجيش إلى جنوب لبنان، بما في ذلك الخط الأزرق. واعتبرَت أنّ الزيارة تعكس استمرار الشراكة بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة في دعم استقرار البلاد وأمنها، مشيدةً بالتزام الحكومة المستمر تعزيزَ قدرات القوات المسلحة اللبنانية.
كما رحّبت كاغ بإعادة تأكيد الحريري التزامَ الحكومة القرارَ 1701، معلنةً أنّ الأمم المتحدة مستعدّة لمواصلة مساعيها للمساعدة في تحقيق تقدّمٍ لجهة الوفاء بالالتزامات غير المنفّذة بموجب القرار، ومن أجل التوصّل إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار.
أمّا محلياً، فقد قرأت مصادر سياسية مسيحية في زيارة الحريري رسالةً إيجابية لكلّ أصدقاء لبنان يؤكّد فيها أن ليس «حزب الله» موجوداً وحده في الجنوب بل الدولة اللبنانية، إذ تقصَّد أن يرافقه وزير الدفاع يعقوب الصرّاف وقائد الجيش، ليؤكّد خلالها تأييد لبنان للقرارات الدولية وخصوصاً القرار 1701.
إلّا أنّ المصادر لفتت إلى أنّ الزيارة شابَها قولُ الحريري بأنّ الدولة غير معنيّة بما قام به «حزب الله»، وكأنّ الحزب ليس في الحكومة التي يترَأسها ولا في المجلس النيابي وليس من الجمهورية.
إلى ذلك، أوضح المكتب الإعلامي لليونيفيل في بيان، تعليقاً على جولة «حزب الله» أنّه قبل وصول الوفد الإعلامي إلى المنطقة صباح الخميس بقليل، أبلغَ الجيش اللبناني اليونيفيل بأنّه يجري القيام بجولة إعلامية على طول الخط الأزرق، من دون ذكرِ أيّ تفاصيل أخرى».
أضاف: «وفيما يتعلق بالتقارير الإعلامية التي تحدّثت عن وجود أفراد مسلّحين في صفوف المجموعة، ذكرَت اليونيفيل أنّ ذلك سيكون انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701.
ووفقاً للقرار، تقع على عاتق السلطات اللبنانية المسؤولية الرئيسية عن ضمان عدم وجود أيّ أفراد مسلّحين غير مأذون لهم، أو وصول أسلحة في المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني. وبعد هذه التقارير، تُجري اليونيفيل اتصالات مع الجيش اللبناني لتحديد ملابسات ما جرى».
أيّ وجهة انتخابية؟
إنتخابياً، تبدو المسألة مسألة أيام؛ يفترض أن يتحدّد فيها المسار النهائي الذي سيَسلكه البلد، إنْ نحو التوتير السياسي - الانتخابي وما قد يستتبع ذلك من سلبيات، أو نحو التبريد ودخول البلد في ربيع سياسي، وما بين التوتير والتبريد خيط رفيع قابل لأن ينقطع في أيّ لحظة، تبعاً للأداء السياسي الذي في يده عودُ الثقاب لإشعال التوتّر عبر الاستمرار في حالِ التباعد والانقسام الراهن والاختلاف حتى على جنسِ الملائكة، وفي يده أيضاً الماء للإطفاء والتبريد عبر ارتفاع الجميع إلى مستوى المسؤولية وحسم التوافق الانتخابي بصورة جدّية ونهائية.
وإذا كانت الحركة حول الملف الانتخابي قد لفَحها في الساعات الأخيرة شيء من حيوية، إنْ في الاتصالات التي تكثّفَت بين الرباعي؛ التيار الوطني الحر، و«حزب الله» وحركة «أمل» وتيار «المستقبل»، لجوجلة أفكار وصيَغ انتخابية، إلّا أنّها لم تبلغ بعد عتبة التوافق أو التفاهم حول أيّ من نقاط البحث، ما خلا الالتقاء على بعض العناوين العامة الشكلية وليس التفاصيل الجوهرية المرتبطة بشكل القانون الانتخابي، وعدد الدوائر وماهية القانون؛ نسبي أو أكثري أو تأهيلي أو مختلط، مع الإشارة إلى أنّ «حزب الله» ما زال يرفض أيّ قانون مختلط، بل يتمسّك بالنسبية ويترك لحلفائه هندسة الدوائر. وهو يتناغم بالموقف من النسبية مع الرئيس نبيه بري الذي قال إنه سيبادر الأسبوع المقبل إلى طرح صيغة انتخابية قائمة على النسبية الكاملة، وتراعي، كما قال، الجميعَ والبلدَ بالدرحة الأولى.
وعلمت «الجمهورية» أنّ مراجع رسمية عليا تبلّغَت موقفَ الحزب من أجل عدمِ التورّط في مشاريع قوانين لن تبصر النور.
«خلطة» جنبلاطية
على أنّ اللافت للانتباه في هذا السياق هو المبادرة الجنبلاطية التي ظهرَت في الساعات الماضية، والتي سيُعلنها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في مؤتمر صحافي يَعقده اليوم، ويَطرح خلالها صيغة انتخابية جديدة. وقد تكتّمت أوساط جنبلاط على تفاصيل هذه الصيغة، إلّا أنّ معلومات أفادت بأنها صيغَت استناداً إلى المشاورات التي أجراها التقدمي مع مختلف الأطراف، وعلى وجه الخصوص مع الرئيس بري الذي كان له رأي مسموع لدى جنبلاط وفريقه حول الصيغة التي ينوي طرحَها اليوم. والتي يبدو أنّها ستكون خلطة جديدة حول القانون المختلط.
وعشيّة المؤتمر الصحافي، أجرى التقدمي مشاورات شملت الأطراف السياسية وصولاً إلى بكركي. وقال النائب غازي العريضي لـ«الجمهورية»: نحن نسعى للاستفادة من هذا الوقت المتبقّي من الآن ولغاية 15 أيار مع كلّ الأطراف للوصول إلى صيغة لإنقاذ البلد والخروج من هذا المأزق.
أضاف: لا يجوز أن يبقى الحال على ما هو، هذا يوافق على مشروع وذاك يعارضه، وهكذا، نحن نريد أن تكون هناك قنوات مفتوحة بين كلّ القوى السياسية من دون استثناء، علماً أنّنا في مراحل كثيرة قد استُثنينا، ولكنّنا مع ذلك لم نرفع الصوت ولم نقل شيئاً، بل بادرنا وتحرّكنا وطرَقنا أبواباً وتفاعَلنا وزُرنا كلَّ الأطراف ولم نستثنِ أحداً.
وقال: أهمّية هذه الخطوة التي نحن بصددها، أنّها تنطلق من محاولة تدارُك الأسوأ، لئلّا نصل إلى المهلة الفاصلة ويكون الكلّ في مأزق والباب مسدود. لأنّ الخيارات ساعتئذٍ ستكون صعبةً على الجميع، ونحن نرفض هذا الشيء.
وأكّد العريضي «أنّنا لا نريد أن نواجه لا الفراغ ولا التمديد ولا الستّين. ولذلك نبادر لئلّا نترك البلد في المجهول. لأنه في آخر المطاف سنتّفق، إذاً تعالوا نتّفق من الآن ونرَ كيف نعالج هذا الموضوع».
ولفتَ الانتباه إلى أنّنا في هذه الخطوة منطلقون من مسَلّمةِ أنّ قانون الانتخابات هو مسألة توافُق وليس مسألة أصوات، من هنا لا يجب أن نبقى هذا يعطّل لذاك وذاك يعطل لذلك، هذا وضعٌ غير طبيعي، فمِن تعطيل إلى تعطيل سيَخرب البلد، فدعونا نفكّر بتفعيل المبادرات وليس تعطيل المبادرات.
تعالوا نعِد هذه الخلطة بيننا ونرَ ما يمكن أن نتوصّل إليه معاً. ربّما لا نكون نضع الحلّ الذي يمكن أن يوافق عليه كلّ الناس، لكن على الأقلّ نحن نقول تعالوا نجلس معاً ونتّفق.
إلى ذلك لم تستبعد مصادر مطّلعة إمكانَ دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد الأسبوع المقبل للبحث في الملف الانتخابي، نافيةً ما يتردّد عن وجود مشروع انتخابي لرئيس الجمهورية، بل إنّ مشروع الرئيس هو ما يتّفق عليه اللبنانيون.
«الخطر» في الخارج
فيما الاهتمامات في الداخل تُركّز على القانون الانتخابي العتيد، يبدو الحدث الأهمّ، وربّما الأخطر، في الخارج، وتحديداً في واشنطن حيث يُجري الوفد اللبناني النيابي المُطعَّم بموفدين وخبراء مصرفيين، اتّصالات تهدف إلى محاولة إقناع الجهات الأميركية بتلطيف القانون الجديد الذي سيُصدره الكونغرس في شأن محاصرةِ «حزب الله» مالياً.
وفي المعلومات، أنّ تحرّكات الوفد اللبناني هذه المرّة تبدو مختلفة عن المرّة السابقة التي صَدر فيها القانون بطبعتِه الأولى، إذ كانت الإدارة الأميركية في حينه أكثرَ تفهّماً لهواجس اللبنانيين، وتتحاشى الإقدام على أية خطوة من شأنها الإضرار بالاقتصاد اللبناني. في حين أنّ الأجواء الحاليّة مختلفة وهناك نوع من التشدّد العام في الإدارة وفي الكونغرس نفسِه. مع الإشارة هنا، إلى أنّ الجانب الأميركي يُبدي الحِرص على عدم سنِّ أيّ قانون يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بالقطاع المصرفي اللبناني. لكنّ هذه الثابتة لا تكفي، لأنّ ما يتمّ الإعداد له من شأنه أن يضغط على الوضع المالي برُمّته.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف وعلامات استفهام حيال ردّة فعلِ «حزب الله» على القانون بطبعته الثانية والذي يَهدف إلى تحويل الحزب إلى مكوّن سياسي منبوذ في بيئته، بحيث إنّ كلّ من يملك فائضاً من المال، سيضطرّ إلى الابتعاد عن الحزب، في حال أراد تَحاشي العقوبات الأميركية.
هذا السيناريو انتهى في المرّة السابقة من خلال تفجير المقرّ الرئيسي لمصرف لبناني، فكيف يمكن أن ينتهي هذه المرّة؟ وهل إنّ ردّة الفعل الأميركية حيال أيّ «رسالة» من هذا النوع يمكن أن تكون شبيهة بالمرّة الأولى، أم أنّ الوضع قد يتّجه إلى ما هو أسوأ؟
الاخبار :
دفن مشروع القانون التأهيلي يوم أمس رسمياً، وبات كل حديث عن التداول به أو إعادة إحيائه لا يدخل سوى ضمن محاولات تضييع إضافي للوقت، إلى حين حلول موعد 15 أيار وعقد جلسة نيابية لإقرار التمديد.
فرغم إبلاغ تيار المستقبل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل موافقته على التأهيلي بعد رفضه له، ورغم إبلاغ حزب الله موافقته عليه، اصطدم هذا المشروع بثلاثة فيتوات عجلت في موته: أولها الملاحظات القواتية عليه، ثانيها اعتراض حركة أمل، وثالثها رفض الحزب الاشتراكي. ويجزم رئيس مجلس النواب نبيه بري لزواره والمقربين منه أن «القانون التأهيلي غير دستوري ولا يمكن أن يقبل به إطلاقاً»، وذلك كفيل بإسقاطه بصرف النظر عن التعديلات والترقيعات التي تخرج بها بعض الأحزاب من حين لآخر.
وأكّدت مصادر سياسية رفيعة المستوى لـ«الأخبار» أن البحث الانتخابي الجدي متوقف فعلياً منذ لقاء وزارة الخارجية مساء الأربعاء الماضي. ورأت المصادر «أننا بحاجة إلى قوة دفع تؤدي إلى حصول تقدّم يكسر حالة المراوحة». وعبّرت المصادر عن خشيتها من انقضاء المهلة التي تنتهي يوم 15 أيار، من دون التوصل إلى قانون انتخابي جديد.
وعلمت «الأخبار» أن الرئيس بري سيطرح صيغة انتخابية جديدة، منتصف الأسبوع المقبل، تعتمد على النسبية الكاملة في 6 دوائر. ويُعبّر مقربون من بري عن استعداده للبحث في زيادة عدد الدوائر إلى 9 أو 10. وتؤكد مصادر رئيس المجلس أن هذا الاقتراح يضمن وصول أكثر من 50 نائباً مسيحياً بأصوات المسيحيين.
أما الدليل القاطع على موت التأهيلي، فجاء على لسان عضو كتلة المستقبل النائب عقاب صقر الذي أعلن عن «مسودة انتخابية باتت قابلة للتطبيق وهي قيد البحث». ولفت صقر الى أن «رئيس الحكومة سعد الحريري حريص على إبقائها في الغرف المغلقة كي لا نفقدها»، لافتاً الى أنه «لا يمكن القول إنها تتضمن قانون تأهيل»، بل فيها «رؤية لعدد من المشاريع ويمكن أن تلبي طموحات الجميع». وتيار المستقبل ليس وحيداً في اقتراح مشروع جديد، بل انضم إليه الحزب الاشتراكي الذي يعلن عن صيغة مشروعه الانتخابي اليوم، كما أكد النائب غازي العريضي. وهذه الصيغة تعتمد على النظام المختلط، بين النسبي والأكثري.
في ظل ذلك، لا يزال رئيس الجمهورية ميشال عون يشدد على لاءاته الثلاث (لا للتمديد، لا لـ«الستين» ولا للفراغ) فيما تشدد مصادر التيار الوطني الحر على عدم إمكانية حصول فراغ، مستشهدة بالمادة 74 من الدستور التي تشير الى دعوة الهيئات الناخبة في حالة الشغور الرئاسي وكون المجلس النيابي منحلّاً. لكن استحضار هذه المادة الدستورية يعيد البلاد عملياً إلى قانون «الستين» الذي يرفع عون إحدى لاءاته ضده. فأي دعوة اليوم للهيئات الناخبة تعني أن الانتخابات ستجرى وفق القانون النافذ، ما يطرح السؤال عن مغبة الدخول في الفراغ والمخاطرة بالوضع العام للبلاد، ثم الذهاب الى انتخابات وفق «الستين». وما الذي يمنع في هذه الحالة إجراء الانتخابات مباشرة من دون المرور بالفراغ وتحميل البلد ما لا يمكنه احتماله، نظراً الى ما وصلت إليه الأمور من انقسام طائفي ومذهبي نتيجة التعبئة المذهبية التي رافقت اقتراح القوانين التأهيلية والتقسيمية؟ وكان لافتاً أمس خروج النائب بطرس حرب عن صمته خلال زيارته لبكركي، حيث شدد على تأييده موقف الراعي برفض الفراغ، «فهناك قانون حالي لا يجوز وقف مفاعيله وهو قانون نافذ، ما يفرض الدعوة الى إجراء انتخابات في ظل هذا القانون في انتظار أن يصار الاتفاق على قانون جديد». وسأل عما «يضطرنا الى الانتظار والوقوع في المخاطر. إذا لم نتفق على قانون انتخاب في الفترة المتبقية، فأنا أدعو الى تمديد تقني لأشهر قليلة جداً، على أن يصار الى تنفيذ القانون الساري المفعول وهو قانون الستين وأن تجرى الانتخابات على أساسه، لأن من غير الجائز أن يقع البلد في الفراغ، ومن غير الجائز أيضاً أن نعطل قوانين دون أن يكون المجلس قد قرر قانوناً بديلاً عنها».
على مقلب آخر، وبعد يوم على الجولة التي أجراها حزب الله للإعلاميين في جنوب لبنان، زار رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بمرافقة وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزيف عون منطقة الجنوب، أمس، انطلاقاً من مقر قوات الطوارئ الدولية في الناقورة. وعقد الثلاثة اجتماعاً مع قائد «اليونيفيل» الجنرال مايكل بيري، صرح الحريري على أثره أنه «أراد زيارة الضباط المرابطين على الحدود لشكرهم لأن الجيش اللبناني هو وحده المكلف بحماية الحدود والذي يدافع عنا بصفته القوة الشرعية التي لا قوة فوق سلطتها». أما بدء جولته من مقر اليونيفيل، فهي أيضاً «لشكر قوات حفظ السلام على العمل الذي يقومون به ولتأكيد التزام لبنان بكل قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها القرار 1701». وفيما أورد في تصريحه أن «إسرائيل تنتهك القرار 1701، والحكومة ترفع الانتهاكات إلى الأمم المتحدة»، أكد أن «الدولة في لبنان، من فخامة الرئيس إلى الحكومة وكل المؤسسات، حاسمة في تحرير ما تبقى من أراضينا المحتلة». والمهمة هذه وفقاً للحريري «يعززها العمل الدبلوماسي اليومي والتزامنا بالشرعية الدولية والقرار 1701». وعن سؤال حول جولة حزب الله الإعلامية يوم أول من أمس، رد الحريري بأن «الحكومة غير معنية بما حصل ولا تقبل به». وأعاد في معرض إجابته التأكيد مرتين على التزام الحكومة وبيانها الوزاري بالقرار 1701، مشيراً الى «اختلاف في بعض الأماكن بالسياسة، لكن هذا لا يعني أن تذهب الحكومة بناءً على هذا الاختلاف إلى مكان آخر». وختم قائلاً إنه «آن الأوان أن تفهم إسرائيل ضرورة الانتقال إلى وقف إطلاق النار، فمنذ 11 سنة ونحن على الموال نفسه، والحمد لله لم يحصل شيء». وما كاد الحريري ينهي جولته، حتى خرقت طائرتان استطلاعيتان تابعتان للعدو الإسرائيلي الأجواء اللبنانية من فوق بلدة الناقورة (بحسب بيان قيادة الجيش ــ مديرية التوجيه).
وكان وزير الشباب والرياضة محمد فنيش قد شرح أسباب الجولة التي قام بها حزب الله عقب غداء أقامه وزير المالية علي حسن خليل على شرف الحريري والوفد المرافق في استراحة صور السياحية، حضره فنيش والنائبان علي خريس وعبد المجيد صالح. فقال: «الجولة هي لتعريف الرأي العام المحلي والدولي على الوضع في الجنوب وطبيعة النوايا الإسرائيلية وما يحضّر له العدو. نحن لسنا معتدين، لكن بجهوزية تامة لمواجهة أي عدوان، وبالتالي أي مبالغة بتفسير هذا الأمر هي تعبير عن نوايا سيئة لدى المفسرين ولا علاقة لها بالحدث». وأشار إلى أن «من حق وسائل الإعلام أن تشاهد ما يحدث وأن توثق الخروقات الإسرائيلية»
الحياة :
رد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري على ما سمي «العراضة» التي نفذها «حزب الله» في الجنوب أول من أمس، بتنظيمه زيارة لوفد إعلامي إلى الشريط الحدودي مع إسرائيل وظهور عناصر له بالثياب العسكرية يشرحون المواقع الإسرائيلية المقابلة، بزيارة هي الأولى يقوم بها رئيس للحكومة إلى المواقع الأمامية الجنوبية، فشدد على أن «الجيش اللبناني وحده المكلف حماية الحدود والذي يدافع عنا بصفته القوة الشرعية التي لا قوة فوق سلطتها ولا أجندة في لبنان خارج هذه الأجندة».
وقال الحريري: «آن الأوان أيضاً أن تفهم إسرائيل ضرورة الانتقال إلى وقف إطلاق نار دائم، فمنذ 11 سنة ونحن على الموال نفسه، ولم يحصل شيء».
يذكر أن ما جرى تطبيقه من القرار الدولي منذ وقف الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006 هو وقف الأعمال العدائية ولم يحصل وقف دائم للنار، الذي يطالب به لبنان.
وكان ظهور مقاتلين بالثياب العسكرية يعرضون للإعلاميين التحصينات العسكرية ونشر صور عن مقاتل من «حزب الله» يحمل على كتفه قاذفاً صاروخياً في منطقة الناقورة، اعتُبر خرقاً للقرار الدولي الرقم 1701، ما استدرج ردود فعل استنكرت تصرف الحزب، أبرزها من «تيار المستقبل» الذي يتزعمه الحريري، ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع. وهو ما دفع الحريري إلى زيارة مقر قيادة القوات الدولية (يونيفيل) في الناقورة والقيام بجولة سلكت تقريباً الخط نفسه للجولة التي نظمها «حزب الله» للإعلاميين يوم الخميس.
وقالت مصادر رسمية إن ما قام به الحزب أوحى بأن لا دولة في الجنوب وأن لا التزام بالقرار 1701، وهو أراد تأكيد وجود الدولة، خصوصاً أن وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزيف عون رافقاه فيها، وعلى التزام لبنان القرار الدولي، الذي ينص على منع المظاهر المسلحة جنوب نهر الليطاني حتى الحدود.
وقال الحريري رداً على سؤال حول قول «حزب الله» إن الهدف من الجولة الإعلامية تأكيد الجاهزية حيال التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان: «ما حصل بالأمس (أول من أمس) هو أمر، نحن كحكومة، غير معنيين به ولا نقبل به بكل صراحة. لذلك أتيت إلى هنا لأؤكد أن دورنا كحكومة الحفاظ على القرار 1701». وأشار إلى الخلافات مع الحزب حول أمور عدة منها هذا الأمر، لكنه لفت إلى أن «وجودي هنا لأؤكد أن البيان الوزاري الذي أقررناه في المجلس النيابي ننفذه في الجنوب بالشكل الذي تم إقراره». وشكر «يونيفيل» والدول التي يشارك جنودها في عديدها وامتدح دور الجيش اللبناني في حفظ الوضع في الجنوب.
ومساء عبّر قائد «يونيفيل» اللواء مايكل بيري «عن تقديره العميق للتعاون الممتاز الذي أبدته حكومة لبنان والقوات المسلحة اللبنانية لناحية تنفيذ ولاية اليونيفيل وفقاً للقرار 1701. ولفت إلى أن التعاون بين «يونيفيل» والقوات المسلحة كان حاسماً لحفظ الاستقرار على طول الخط الأزرق منذ أكثر من 10 سنوات».
وأثنى بيري على الحريري «لتأكيده مجدداً التزام لبنان القرار 1701 والوقف الدائم لإطلاق النار». وقال: «نحتاج حقاً للوصول إلى نقطة نناقش فيها وقف إطلاق نار دائم، والتأكد من أن هذا المصطلح يدخل في المعجم وننتقل إلى تسوية حقيقية».