في السياسة، بدت الساحة الجنوبية وكأنّها صندوق بريد لتبادُل الرسائل السياسية وغير السياسية، وفي الاتّجاهات كلّها، وكانت لافتةً للانتباه في هذا السياق الجولة الجنوبية لرئيس الحكومة سعد الحريري، والتي جاءت على مسافة 24 ساعة من الجولة الإعلامية التي نظّمها «حزب الله» إلى المنطقة ذاتها، وما رافقها من تأييد من حلفاء الحزب، وكذلك من التباسات وتحفّظات في الجانب الآخر، وخصوصاً على المستوى الدولي. وأمّا في الملف الانتخابي، فقد أعطى فشلُ التوافق السياسي في إيجاد مفتاح الخروج من المأزق الانتخابي الراهن، اللبنانيين سِمة دخول إلى غرفة الانتظار القلِق لِما سيكون عليه حال بلدهم حينما تحين التواريخ الساخنة؛ بدءاً من تاريخ 15 أيار المقبل موعد انعقاد جلسة مجلس النواب وعلى جدول أعمالها اقتراح التمديد سَنة للمجلس، وكذلك تاريخ 20 حزيران اليوم الأخير من عمر ولاية المجلس الحالي. وأمام هذين التاريخين ليس سراً أنّ البلد مفتوح على شتّى الاحتمالات.
خَطفت زيارة الرئيس الحريري إلى الحدود الجنوبية (برفقة وزير الدفاع يعقوب الصرّاف وقائد الجيش العماد جوزف عون، اهتمامَ المراقبين، وخصوصاً أنّها تأتي من خارج سياق الحدث الانتخابي الذي يشغل كلّ الحواس السياسية الداخلية.
وإذا كانت الجولة الإعلامية التي نظمها «حزب الله» الخميس الماضي ما تزال محلّ تساؤل في أوساط محلية وخارجية عن أبعادها والغاية منها في هذا التوقيت بالذات، فإنّ زيارة الحريري أحيطَت بتساؤلات أيضاً عن أبعادها وتوقيتها في هذه اللحظة السياسية، وما إذا كانت رسالة اعتراضية على جولة «حزب الله»، ومن المنطقة التي يفترض أنّها تحت سيطرة ونفوذ الحزب.
واللافت للانتباه أنّ الحريري أعلنَ مِن مقر قوات الطوارئ الدولية في الناقورة أنّ «الحكومة غير معنية بما حصَل ولا تقبل به، وهي تلتزم تطبيق القرار 1701».
وأكّد أنّ الجيش «هو وحده المكلّف بحماية الحدود والذي يدافع عنّا بصفته القوّةَ الشرعية التي لا قوّة فوق سلطتها».
وجدَّد التزامَ لبنان «كلَّ قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها القرار 1701»، وقال: «نحن كدولة، واجبُنا الأساسي حماية السيادة والحدود والمحافظة على الأمن والاستقرار لأهلنا في هذه المنطقة العزيزة».
وشدّد الحريري على أنّ «الدولة اللبنانية لكلّ اللبنانيين، والجيش اللبناني لكلّ اللبنانيين، وليس لديه أيّ أجندة سوى مصلحة كلّ اللبنانيين وأمنهم واستقرارهم وسيادتهم على أرضهم. ولا سلطة في لبنان فوق هذه السلطة ولا أجندة في لبنان خارج هذه الأجندة، وهذا الكلام يجب أن يكون واضحاً للجميع». وأكّد أنّ الحكومة والدولة مسؤولان عن السلام في الجنوب.
إرتياح دولي - خليجي
وفيما قوبِلت زيارة الحريري بارتياح خليجي عبّر عنه بعض الديبلوماسيين العاملين في بيروت، علمت «الجمهورية» أنّ الزيارة تركت ارتياحاً ديبلوماسياً غربياً، عبَّر عنه عدد من السفراء الذين اجتمعوا ظهر أمس في أحد فنادق العاصمة.
ورحّبت المنسّق الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ بزيارة الحريري والصرّاف وقائد الجيش إلى جنوب لبنان، بما في ذلك الخط الأزرق. واعتبرَت أنّ الزيارة تعكس استمرار الشراكة بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة في دعم استقرار البلاد وأمنها، مشيدةً بالتزام الحكومة المستمر تعزيزَ قدرات القوات المسلحة اللبنانية.
كما رحّبت كاغ بإعادة تأكيد الحريري التزامَ الحكومة القرارَ 1701، معلنةً أنّ الأمم المتحدة مستعدّة لمواصلة مساعيها للمساعدة في تحقيق تقدّمٍ لجهة الوفاء بالالتزامات غير المنفّذة بموجب القرار، ومن أجل التوصّل إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار.
أمّا محلياً، فقد قرأت مصادر سياسية مسيحية في زيارة الحريري رسالةً إيجابية لكلّ أصدقاء لبنان يؤكّد فيها أن ليس «حزب الله» موجوداً وحده في الجنوب بل الدولة اللبنانية، إذ تقصَّد أن يرافقه وزير الدفاع يعقوب الصرّاف وقائد الجيش، ليؤكّد خلالها تأييد لبنان للقرارات الدولية وخصوصاً القرار 1701.
إلّا أنّ المصادر لفتت إلى أنّ الزيارة شابَها قولُ الحريري بأنّ الدولة غير معنيّة بما قام به «حزب الله»، وكأنّ الحزب ليس في الحكومة التي يترَأسها ولا في المجلس النيابي وليس من الجمهورية.
إلى ذلك، أوضح المكتب الإعلامي لليونيفيل في بيان، تعليقاً على جولة «حزب الله» أنّه قبل وصول الوفد الإعلامي إلى المنطقة صباح الخميس بقليل، أبلغَ الجيش اللبناني اليونيفيل بأنّه يجري القيام بجولة إعلامية على طول الخط الأزرق، من دون ذكرِ أيّ تفاصيل أخرى».
أضاف: «وفيما يتعلق بالتقارير الإعلامية التي تحدّثت عن وجود أفراد مسلّحين في صفوف المجموعة، ذكرَت اليونيفيل أنّ ذلك سيكون انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701.
ووفقاً للقرار، تقع على عاتق السلطات اللبنانية المسؤولية الرئيسية عن ضمان عدم وجود أيّ أفراد مسلّحين غير مأذون لهم، أو وصول أسلحة في المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني. وبعد هذه التقارير، تُجري اليونيفيل اتصالات مع الجيش اللبناني لتحديد ملابسات ما جرى».
أيّ وجهة انتخابية؟
إنتخابياً، تبدو المسألة مسألة أيام؛ يفترض أن يتحدّد فيها المسار النهائي الذي سيَسلكه البلد، إنْ نحو التوتير السياسي - الانتخابي وما قد يستتبع ذلك من سلبيات، أو نحو التبريد ودخول البلد في ربيع سياسي، وما بين التوتير والتبريد خيط رفيع قابل لأن ينقطع في أيّ لحظة، تبعاً للأداء السياسي الذي في يده عودُ الثقاب لإشعال التوتّر عبر الاستمرار في حالِ التباعد والانقسام الراهن والاختلاف حتى على جنسِ الملائكة، وفي يده أيضاً الماء للإطفاء والتبريد عبر ارتفاع الجميع إلى مستوى المسؤولية وحسم التوافق الانتخابي بصورة جدّية ونهائية.
وإذا كانت الحركة حول الملف الانتخابي قد لفَحها في الساعات الأخيرة شيء من حيوية، إنْ في الاتصالات التي تكثّفَت بين الرباعي؛ التيار الوطني الحر، و«حزب الله» وحركة «أمل» وتيار «المستقبل»، لجوجلة أفكار وصيَغ انتخابية، إلّا أنّها لم تبلغ بعد عتبة التوافق أو التفاهم حول أيّ من نقاط البحث، ما خلا الالتقاء على بعض العناوين العامة الشكلية وليس التفاصيل الجوهرية المرتبطة بشكل القانون الانتخابي، وعدد الدوائر وماهية القانون؛ نسبي أو أكثري أو تأهيلي أو مختلط، مع الإشارة إلى أنّ «حزب الله» ما زال يرفض أيّ قانون مختلط، بل يتمسّك بالنسبية ويترك لحلفائه هندسة الدوائر. وهو يتناغم بالموقف من النسبية مع الرئيس نبيه بري الذي قال إنه سيبادر الأسبوع المقبل إلى طرح صيغة انتخابية قائمة على النسبية الكاملة، وتراعي، كما قال، الجميعَ والبلدَ بالدرحة الأولى.
وعلمت «الجمهورية» أنّ مراجع رسمية عليا تبلّغَت موقفَ الحزب من أجل عدمِ التورّط في مشاريع قوانين لن تبصر النور.
«خلطة» جنبلاطية
على أنّ اللافت للانتباه في هذا السياق هو المبادرة الجنبلاطية التي ظهرَت في الساعات الماضية، والتي سيُعلنها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في مؤتمر صحافي يَعقده اليوم، ويَطرح خلالها صيغة انتخابية جديدة. وقد تكتّمت أوساط جنبلاط على تفاصيل هذه الصيغة، إلّا أنّ معلومات أفادت بأنها صيغَت استناداً إلى المشاورات التي أجراها التقدمي مع مختلف الأطراف، وعلى وجه الخصوص مع الرئيس بري الذي كان له رأي مسموع لدى جنبلاط وفريقه حول الصيغة التي ينوي طرحَها اليوم. والتي يبدو أنّها ستكون خلطة جديدة حول القانون المختلط.
وعشيّة المؤتمر الصحافي، أجرى التقدمي مشاورات شملت الأطراف السياسية وصولاً إلى بكركي. وقال النائب غازي العريضي لـ«الجمهورية»: نحن نسعى للاستفادة من هذا الوقت المتبقّي من الآن ولغاية 15 أيار مع كلّ الأطراف للوصول إلى صيغة لإنقاذ البلد والخروج من هذا المأزق.
أضاف: لا يجوز أن يبقى الحال على ما هو، هذا يوافق على مشروع وذاك يعارضه، وهكذا، نحن نريد أن تكون هناك قنوات مفتوحة بين كلّ القوى السياسية من دون استثناء، علماً أنّنا في مراحل كثيرة قد استُثنينا، ولكنّنا مع ذلك لم نرفع الصوت ولم نقل شيئاً، بل بادرنا وتحرّكنا وطرَقنا أبواباً وتفاعَلنا وزُرنا كلَّ الأطراف ولم نستثنِ أحداً.
وقال: أهمّية هذه الخطوة التي نحن بصددها، أنّها تنطلق من محاولة تدارُك الأسوأ، لئلّا نصل إلى المهلة الفاصلة ويكون الكلّ في مأزق والباب مسدود. لأنّ الخيارات ساعتئذٍ ستكون صعبةً على الجميع، ونحن نرفض هذا الشيء.
وأكّد العريضي «أنّنا لا نريد أن نواجه لا الفراغ ولا التمديد ولا الستّين. ولذلك نبادر لئلّا نترك البلد في المجهول. لأنه في آخر المطاف سنتّفق، إذاً تعالوا نتّفق من الآن ونرَ كيف نعالج هذا الموضوع».
ولفتَ الانتباه إلى أنّنا في هذه الخطوة منطلقون من مسَلّمةِ أنّ قانون الانتخابات هو مسألة توافُق وليس مسألة أصوات، من هنا لا يجب أن نبقى هذا يعطّل لذاك وذاك يعطل لذلك، هذا وضعٌ غير طبيعي، فمِن تعطيل إلى تعطيل سيَخرب البلد، فدعونا نفكّر بتفعيل المبادرات وليس تعطيل المبادرات.
تعالوا نعِد هذه الخلطة بيننا ونرَ ما يمكن أن نتوصّل إليه معاً. ربّما لا نكون نضع الحلّ الذي يمكن أن يوافق عليه كلّ الناس، لكن على الأقلّ نحن نقول تعالوا نجلس معاً ونتّفق.
إلى ذلك لم تستبعد مصادر مطّلعة إمكانَ دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد الأسبوع المقبل للبحث في الملف الانتخابي، نافيةً ما يتردّد عن وجود مشروع انتخابي لرئيس الجمهورية، بل إنّ مشروع الرئيس هو ما يتّفق عليه اللبنانيون.
«الخطر» في الخارج
فيما الاهتمامات في الداخل تُركّز على القانون الانتخابي العتيد، يبدو الحدث الأهمّ، وربّما الأخطر، في الخارج، وتحديداً في واشنطن حيث يُجري الوفد اللبناني النيابي المُطعَّم بموفدين وخبراء مصرفيين، اتّصالات تهدف إلى محاولة إقناع الجهات الأميركية بتلطيف القانون الجديد الذي سيُصدره الكونغرس في شأن محاصرةِ «حزب الله» مالياً.
وفي المعلومات، أنّ تحرّكات الوفد اللبناني هذه المرّة تبدو مختلفة عن المرّة السابقة التي صَدر فيها القانون بطبعتِه الأولى، إذ كانت الإدارة الأميركية في حينه أكثرَ تفهّماً لهواجس اللبنانيين، وتتحاشى الإقدام على أية خطوة من شأنها الإضرار بالاقتصاد اللبناني. في حين أنّ الأجواء الحاليّة مختلفة وهناك نوع من التشدّد العام في الإدارة وفي الكونغرس نفسِه. مع الإشارة هنا، إلى أنّ الجانب الأميركي يُبدي الحِرص على عدم سنِّ أيّ قانون يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بالقطاع المصرفي اللبناني. لكنّ هذه الثابتة لا تكفي، لأنّ ما يتمّ الإعداد له من شأنه أن يضغط على الوضع المالي برُمّته.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف وعلامات استفهام حيال ردّة فعلِ «حزب الله» على القانون بطبعته الثانية والذي يَهدف إلى تحويل الحزب إلى مكوّن سياسي منبوذ في بيئته، بحيث إنّ كلّ من يملك فائضاً من المال، سيضطرّ إلى الابتعاد عن الحزب، في حال أراد تَحاشي العقوبات الأميركية.
هذا السيناريو انتهى في المرّة السابقة من خلال تفجير المقرّ الرئيسي لمصرف لبناني، فكيف يمكن أن ينتهي هذه المرّة؟ وهل إنّ ردّة الفعل الأميركية حيال أيّ «رسالة» من هذا النوع يمكن أن تكون شبيهة بالمرّة الأولى، أم أنّ الوضع قد يتّجه إلى ما هو أسوأ؟
وإذا كانت الجولة الإعلامية التي نظمها «حزب الله» الخميس الماضي ما تزال محلّ تساؤل في أوساط محلية وخارجية عن أبعادها والغاية منها في هذا التوقيت بالذات، فإنّ زيارة الحريري أحيطَت بتساؤلات أيضاً عن أبعادها وتوقيتها في هذه اللحظة السياسية، وما إذا كانت رسالة اعتراضية على جولة «حزب الله»، ومن المنطقة التي يفترض أنّها تحت سيطرة ونفوذ الحزب.
واللافت للانتباه أنّ الحريري أعلنَ مِن مقر قوات الطوارئ الدولية في الناقورة أنّ «الحكومة غير معنية بما حصَل ولا تقبل به، وهي تلتزم تطبيق القرار 1701».
وأكّد أنّ الجيش «هو وحده المكلّف بحماية الحدود والذي يدافع عنّا بصفته القوّةَ الشرعية التي لا قوّة فوق سلطتها».
وجدَّد التزامَ لبنان «كلَّ قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها القرار 1701»، وقال: «نحن كدولة، واجبُنا الأساسي حماية السيادة والحدود والمحافظة على الأمن والاستقرار لأهلنا في هذه المنطقة العزيزة».
وشدّد الحريري على أنّ «الدولة اللبنانية لكلّ اللبنانيين، والجيش اللبناني لكلّ اللبنانيين، وليس لديه أيّ أجندة سوى مصلحة كلّ اللبنانيين وأمنهم واستقرارهم وسيادتهم على أرضهم. ولا سلطة في لبنان فوق هذه السلطة ولا أجندة في لبنان خارج هذه الأجندة، وهذا الكلام يجب أن يكون واضحاً للجميع». وأكّد أنّ الحكومة والدولة مسؤولان عن السلام في الجنوب.
إرتياح دولي - خليجي
وفيما قوبِلت زيارة الحريري بارتياح خليجي عبّر عنه بعض الديبلوماسيين العاملين في بيروت، علمت «الجمهورية» أنّ الزيارة تركت ارتياحاً ديبلوماسياً غربياً، عبَّر عنه عدد من السفراء الذين اجتمعوا ظهر أمس في أحد فنادق العاصمة.
ورحّبت المنسّق الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ بزيارة الحريري والصرّاف وقائد الجيش إلى جنوب لبنان، بما في ذلك الخط الأزرق. واعتبرَت أنّ الزيارة تعكس استمرار الشراكة بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة في دعم استقرار البلاد وأمنها، مشيدةً بالتزام الحكومة المستمر تعزيزَ قدرات القوات المسلحة اللبنانية.
كما رحّبت كاغ بإعادة تأكيد الحريري التزامَ الحكومة القرارَ 1701، معلنةً أنّ الأمم المتحدة مستعدّة لمواصلة مساعيها للمساعدة في تحقيق تقدّمٍ لجهة الوفاء بالالتزامات غير المنفّذة بموجب القرار، ومن أجل التوصّل إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار.
أمّا محلياً، فقد قرأت مصادر سياسية مسيحية في زيارة الحريري رسالةً إيجابية لكلّ أصدقاء لبنان يؤكّد فيها أن ليس «حزب الله» موجوداً وحده في الجنوب بل الدولة اللبنانية، إذ تقصَّد أن يرافقه وزير الدفاع يعقوب الصرّاف وقائد الجيش، ليؤكّد خلالها تأييد لبنان للقرارات الدولية وخصوصاً القرار 1701.
إلّا أنّ المصادر لفتت إلى أنّ الزيارة شابَها قولُ الحريري بأنّ الدولة غير معنيّة بما قام به «حزب الله»، وكأنّ الحزب ليس في الحكومة التي يترَأسها ولا في المجلس النيابي وليس من الجمهورية.
إلى ذلك، أوضح المكتب الإعلامي لليونيفيل في بيان، تعليقاً على جولة «حزب الله» أنّه قبل وصول الوفد الإعلامي إلى المنطقة صباح الخميس بقليل، أبلغَ الجيش اللبناني اليونيفيل بأنّه يجري القيام بجولة إعلامية على طول الخط الأزرق، من دون ذكرِ أيّ تفاصيل أخرى».
أضاف: «وفيما يتعلق بالتقارير الإعلامية التي تحدّثت عن وجود أفراد مسلّحين في صفوف المجموعة، ذكرَت اليونيفيل أنّ ذلك سيكون انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701.
ووفقاً للقرار، تقع على عاتق السلطات اللبنانية المسؤولية الرئيسية عن ضمان عدم وجود أيّ أفراد مسلّحين غير مأذون لهم، أو وصول أسلحة في المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني. وبعد هذه التقارير، تُجري اليونيفيل اتصالات مع الجيش اللبناني لتحديد ملابسات ما جرى».
أيّ وجهة انتخابية؟
إنتخابياً، تبدو المسألة مسألة أيام؛ يفترض أن يتحدّد فيها المسار النهائي الذي سيَسلكه البلد، إنْ نحو التوتير السياسي - الانتخابي وما قد يستتبع ذلك من سلبيات، أو نحو التبريد ودخول البلد في ربيع سياسي، وما بين التوتير والتبريد خيط رفيع قابل لأن ينقطع في أيّ لحظة، تبعاً للأداء السياسي الذي في يده عودُ الثقاب لإشعال التوتّر عبر الاستمرار في حالِ التباعد والانقسام الراهن والاختلاف حتى على جنسِ الملائكة، وفي يده أيضاً الماء للإطفاء والتبريد عبر ارتفاع الجميع إلى مستوى المسؤولية وحسم التوافق الانتخابي بصورة جدّية ونهائية.
وإذا كانت الحركة حول الملف الانتخابي قد لفَحها في الساعات الأخيرة شيء من حيوية، إنْ في الاتصالات التي تكثّفَت بين الرباعي؛ التيار الوطني الحر، و«حزب الله» وحركة «أمل» وتيار «المستقبل»، لجوجلة أفكار وصيَغ انتخابية، إلّا أنّها لم تبلغ بعد عتبة التوافق أو التفاهم حول أيّ من نقاط البحث، ما خلا الالتقاء على بعض العناوين العامة الشكلية وليس التفاصيل الجوهرية المرتبطة بشكل القانون الانتخابي، وعدد الدوائر وماهية القانون؛ نسبي أو أكثري أو تأهيلي أو مختلط، مع الإشارة إلى أنّ «حزب الله» ما زال يرفض أيّ قانون مختلط، بل يتمسّك بالنسبية ويترك لحلفائه هندسة الدوائر. وهو يتناغم بالموقف من النسبية مع الرئيس نبيه بري الذي قال إنه سيبادر الأسبوع المقبل إلى طرح صيغة انتخابية قائمة على النسبية الكاملة، وتراعي، كما قال، الجميعَ والبلدَ بالدرحة الأولى.
وعلمت «الجمهورية» أنّ مراجع رسمية عليا تبلّغَت موقفَ الحزب من أجل عدمِ التورّط في مشاريع قوانين لن تبصر النور.
«خلطة» جنبلاطية
على أنّ اللافت للانتباه في هذا السياق هو المبادرة الجنبلاطية التي ظهرَت في الساعات الماضية، والتي سيُعلنها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في مؤتمر صحافي يَعقده اليوم، ويَطرح خلالها صيغة انتخابية جديدة. وقد تكتّمت أوساط جنبلاط على تفاصيل هذه الصيغة، إلّا أنّ معلومات أفادت بأنها صيغَت استناداً إلى المشاورات التي أجراها التقدمي مع مختلف الأطراف، وعلى وجه الخصوص مع الرئيس بري الذي كان له رأي مسموع لدى جنبلاط وفريقه حول الصيغة التي ينوي طرحَها اليوم. والتي يبدو أنّها ستكون خلطة جديدة حول القانون المختلط.
وعشيّة المؤتمر الصحافي، أجرى التقدمي مشاورات شملت الأطراف السياسية وصولاً إلى بكركي. وقال النائب غازي العريضي لـ«الجمهورية»: نحن نسعى للاستفادة من هذا الوقت المتبقّي من الآن ولغاية 15 أيار مع كلّ الأطراف للوصول إلى صيغة لإنقاذ البلد والخروج من هذا المأزق.
أضاف: لا يجوز أن يبقى الحال على ما هو، هذا يوافق على مشروع وذاك يعارضه، وهكذا، نحن نريد أن تكون هناك قنوات مفتوحة بين كلّ القوى السياسية من دون استثناء، علماً أنّنا في مراحل كثيرة قد استُثنينا، ولكنّنا مع ذلك لم نرفع الصوت ولم نقل شيئاً، بل بادرنا وتحرّكنا وطرَقنا أبواباً وتفاعَلنا وزُرنا كلَّ الأطراف ولم نستثنِ أحداً.
وقال: أهمّية هذه الخطوة التي نحن بصددها، أنّها تنطلق من محاولة تدارُك الأسوأ، لئلّا نصل إلى المهلة الفاصلة ويكون الكلّ في مأزق والباب مسدود. لأنّ الخيارات ساعتئذٍ ستكون صعبةً على الجميع، ونحن نرفض هذا الشيء.
وأكّد العريضي «أنّنا لا نريد أن نواجه لا الفراغ ولا التمديد ولا الستّين. ولذلك نبادر لئلّا نترك البلد في المجهول. لأنه في آخر المطاف سنتّفق، إذاً تعالوا نتّفق من الآن ونرَ كيف نعالج هذا الموضوع».
ولفتَ الانتباه إلى أنّنا في هذه الخطوة منطلقون من مسَلّمةِ أنّ قانون الانتخابات هو مسألة توافُق وليس مسألة أصوات، من هنا لا يجب أن نبقى هذا يعطّل لذاك وذاك يعطل لذلك، هذا وضعٌ غير طبيعي، فمِن تعطيل إلى تعطيل سيَخرب البلد، فدعونا نفكّر بتفعيل المبادرات وليس تعطيل المبادرات.
تعالوا نعِد هذه الخلطة بيننا ونرَ ما يمكن أن نتوصّل إليه معاً. ربّما لا نكون نضع الحلّ الذي يمكن أن يوافق عليه كلّ الناس، لكن على الأقلّ نحن نقول تعالوا نجلس معاً ونتّفق.
إلى ذلك لم تستبعد مصادر مطّلعة إمكانَ دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد الأسبوع المقبل للبحث في الملف الانتخابي، نافيةً ما يتردّد عن وجود مشروع انتخابي لرئيس الجمهورية، بل إنّ مشروع الرئيس هو ما يتّفق عليه اللبنانيون.
«الخطر» في الخارج
فيما الاهتمامات في الداخل تُركّز على القانون الانتخابي العتيد، يبدو الحدث الأهمّ، وربّما الأخطر، في الخارج، وتحديداً في واشنطن حيث يُجري الوفد اللبناني النيابي المُطعَّم بموفدين وخبراء مصرفيين، اتّصالات تهدف إلى محاولة إقناع الجهات الأميركية بتلطيف القانون الجديد الذي سيُصدره الكونغرس في شأن محاصرةِ «حزب الله» مالياً.
وفي المعلومات، أنّ تحرّكات الوفد اللبناني هذه المرّة تبدو مختلفة عن المرّة السابقة التي صَدر فيها القانون بطبعتِه الأولى، إذ كانت الإدارة الأميركية في حينه أكثرَ تفهّماً لهواجس اللبنانيين، وتتحاشى الإقدام على أية خطوة من شأنها الإضرار بالاقتصاد اللبناني. في حين أنّ الأجواء الحاليّة مختلفة وهناك نوع من التشدّد العام في الإدارة وفي الكونغرس نفسِه. مع الإشارة هنا، إلى أنّ الجانب الأميركي يُبدي الحِرص على عدم سنِّ أيّ قانون يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بالقطاع المصرفي اللبناني. لكنّ هذه الثابتة لا تكفي، لأنّ ما يتمّ الإعداد له من شأنه أن يضغط على الوضع المالي برُمّته.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف وعلامات استفهام حيال ردّة فعلِ «حزب الله» على القانون بطبعته الثانية والذي يَهدف إلى تحويل الحزب إلى مكوّن سياسي منبوذ في بيئته، بحيث إنّ كلّ من يملك فائضاً من المال، سيضطرّ إلى الابتعاد عن الحزب، في حال أراد تَحاشي العقوبات الأميركية.
هذا السيناريو انتهى في المرّة السابقة من خلال تفجير المقرّ الرئيسي لمصرف لبناني، فكيف يمكن أن ينتهي هذه المرّة؟ وهل إنّ ردّة الفعل الأميركية حيال أيّ «رسالة» من هذا النوع يمكن أن تكون شبيهة بالمرّة الأولى، أم أنّ الوضع قد يتّجه إلى ما هو أسوأ؟