لفت رئيس حزب "القوات اللبنانية"سمير جعجع في كلمة له خلال إحتفال اقامته "القوات اللبنانية" بذكرى الإبادة الأرمنية تحت عنوان "إبادة شعب حكاية بقاء" إلى أنكم تعودون اليوم الى معراب وانتم لم تغادورها ونحن في حضرة قضيتكن وقضيتنا المجيدة و24 نيسان ليس مجرد تاريخ عابر، بل تاريخ فرض تقويما جديدا".
وأشار إلى أنه "في هذا التاريخ عام 1915 طعنت الانسانية بخنجر الوحشية والجرح سيبقى ينزف حتى تحقيق العدالة وبعد هذا التاريخ استقلال أرمينا أصبح حالة عابرة للأوطان، قبله كان للأرمن هوية واحدة بعده أصبحت كل هويات العالم هوياتهم ومن هذا التاريخ استلهمت الامم المتحدة العديد من شروعاتها ورغم ذلك تستمر المجازر واخرها مجزرة خان شيخون ذلك لأن التساهل الدولي في تحقيق العدالة بما خص الابادة الارمنية شجع الطغاة على الامعان في جرائمهم".
وأفاد جعجع أنه "في 24 نيسان تمكن الشر من توجيه صفعة للخير فتعرضت شعوب بأكملها للابادة الجماعية، وقلوب متحجرة أبت الا أن تبيد شعوب بأكملها وإذا مرتكبي هذه المجازر توهمو أنهم حققوا نصرا مبينا، فالمستقبل كشف أن هذا التاريخ وصمة عار على جبينهم واسقط سلطنتهم"، لافتاً إلى أن "نحن اليوم نحيي ذكى المجازر الارمنية بالتزامن مع الذكرى 23 لاعتقال رئيس حزب "القوات اللبنانية" وحلها، وذلك في محاولة لخنق نضال وقمع شعب، صحيح أن هول الاضطهاد والمجازر التي حلت بالارمن لا يمكن مقارنتها بالظلم الذي لحق بالقوات الا أن الشر لا يمكن أن يتجزأ".
وأكد ان "القوات اللبنانية" امتداد لأولئك الرجال والنساء الذين قاوموا العثمانيين، وعندما جاء غزات آخرون في عصرنا الحديث كانت القوات، القضية التي تجمع شعبينا واحدة، الارمن ظلموا واضطهدوا وقتلوا وسيقوا الى المعتقلات واللبنانيين كذلك حتى تسلم لهم الحرية التي اذا ما عدموها عدموا الحياة"، مشيراً إلى أن "قوة القوات ليست في عدد الوزراء أو كتلتها، بل في مشروعيتها ومصداقيتها وقدرتها على أن تتماهى مع الشعب الارمني والسرياني والكلداني"، مشدداً على أن "القوات اللبنانية" قوية بكم وفي امتلاكها الشعور العميق بالنضال والذاكرى، وانها مؤتمنة على ارث كل شهداء المسيحية والمشرقية وشهداء الحق في هذا المشرق لاي عرق أو دين انتمو منذ ان وجدت القوات وجد رفاق أرمن في صفوفها وصحيح أنكم خسرتم أخوة وأحبة واباء وأمهات على رقعة المجازر الارمنية، لكنكم رحبتم أباء وأمهات على مساحة لبنان".
وأضاف أن "ما حصل في خان شيخون من استهداف للابرياء بالاسلحة الكيميائية واستهدف أهالي الفوعة وكفريا شبيه للمجزرة الارمنية ولن نكون شهود زور لا الامس ولا اليوم ولا غدا".
وأشار جعجع الى ان "القوات لم تدخل الى الدولة بفعاليّة بعد طول غيابٍ لمجرد ان تتمثل في الحكومة،بل لتعبر عن هواجس اللبنانين كافة. فوجودنا اليوم في الوزارة لا نريده وجوداً كمّيّاً فقط وإنّما نوعياً ايضاً. لا نريد ان نمارس السياسةبمفهومها التقليديّ البالي، وإنّما مصمّمون على إحداث كلّ الفرق في مقارباتنا وحلولنا للمشاكل السياسيّة والاجتماعيّة والحياتية العالقة. نريد ان يعطي وجودنا في الحكومة قيمةً مضافة، تماماً كوجود الطائفة الأرمنية في لبنان، لا أن نكون أعداداً إضافيّة لا وزن إصلاحيّ أو إبداعيّ أو معنويّ لها. إنّ السياسة بالنسبة لنا هي قيمٌ واخلاقٌ ومبادىء وكلمة حقٍّ قاطعة كحدّ السّيف، فكلّما راحت الدّفة تميل نحو سياسة المصلحة والمادّيّة والنّفعيّة والابتذال، إنتفضنا على الواقع وعملنا على إعادة إنعاش الرّوح، وضخّها بقوّةٍ في الحياة السياسيّة الوطنية من جديد. إنّ فقداننا لهذه الرّوح تعني فقداننا لمبرّر وجودنا النّوعيّ في لبنان والشّرق، وتحوّلنا زمرة مرتزقة ومحاسيب ومستوزرين ووصوليين وهذا ما لسنا بفاعليه".
وشدد على أن "الشّعب الأرمنيّ هو من اكثر الشّعوب الجديرة بالتّقدير والاحترام، فالأرمن حافظوا على لغتهم وهويّتهم، على الرّغم من مرور اكثر من مئة عامٍ على نزوحهم قسراً عن بلادهم، فيما العديد من شبابنا للأسف يتخلى عن هويّته وينسى لغته ويهمل ثقافته بمجرّد ان تمرّ سنواتٌ قليلة على وجوده في المهجر. نحترم الأرمن لأنّهم لم يتنكروا لشهدائهم وابطالهم مثلما فعل بعض الجاحدين بيننا ممّن رجموا شهداءهم ورذلوا أبطالهم وصرخوا في مقاومتهم اللبنانية عندما انقض عليها العدو أصلبوها أصلبوها!! نحترم الأرمن لأنّهم برهنوا عن أصالةٍ وصلابةٍ قلّ نظيرهما، فقضيتهم التاريخية تحيا في وجدانهم دائماً ابداً، وإيمانهم بأحقّيّة هذه القضيّة يضاهي إيمان الرسل والمبشّرين. كلمة حقٍّ تقال أنّ الأرمن هم من اكثر الذين أعطوا الدولة اللبنانيّة وأقلّ من أخذوا منها، يكفي أن يكون هذا الشّعب مسالماً، ملتزماً بالأنظمة والقوانين على الرّغم من الإهمال والتّهميش اللاحق بمناطقه، حتّى يكون مثالاً للمواطنيّة الصالحة. وهل بالإمكان أن نتصور لو أنّ الأرمن سمحوا لأنفسهم باستباحة الدولة واللّعب بالاستقرار ونشر الذّعر والفوضى، تماماً مثلما فعلت مجموعاتٌ اخرى نزحت الى لبنان في فتراتٍ زمنيّةٍ لاحقة؟ وبعد، كيف يمكن تصنيف اللبنانيين بين لبنانيٍّ درجة اولى ولبنانيٍّ درجة ثانية، فيما معظم الشّرائح الطائفيّة والمجتمعيّة تتشارك التاريخ نفسه، منهم من نزح الى لبنان في الأمس القريب ومنهم في الأمس البعيد، وجلّهم نزح بفعل عوامل الظّلم والقهر والاضطهاد ذاتها. لا فضل للبنانيٍّ على آخر إلاّ بالعمل والكدّ والمثابرة في سبيل الأفضل لوطنه، فالفضل ليس بدرجة الأقدميّة في هذا الوطن، وإنّما بدرجة "الآدمية" والالتزام والعطاء".
وأفاد انه "إذا كانت ارمينيا هي ارض الميعاد التي تتوقون اليها، فإنّ لبنان هو ارض النضال الذي كتبه الله لنا حتّى نبقى صامدين ومستمرّين. نجاهد ونناضل حتى يبقى لبنان واحةً للحريّة والإنسان. نجاهد ونناضل حتى يعود الحقّ الى أصحابه مهما طال الزمن، نجاهد ونناضل حتّى تتحقق العدالةعلى الرّغم من العراقيل، نجاهد ونناضل حتّى تبقى الحريّة شمساً ساطعة، نجاهد ونناضل حتى نصلح ما افسدته دهور الوصاية، نجاهد ونناضل ليبقى لبنان قبلة أنظار كلّ المتعطّشين للأمل والحريّة في هذا الشرق ونردّد مع قداسة أبينا الكاثوليكوس آرام الأول كيشيشيان :" إنّ شعباً لا يموت إذا كان يملك الإيمان بالحياة والوفاء لماضيه ورؤيةً واضحة نحو مستقبله، وتحديداً إذا كان هذا الشعب منخرطاً في حربٍ روحية وثقافية وقانونية وسياسية من أجل حقوقه المشروعة". ارمينيا ستبقى لشعبها ولبنان سيبقى لنا جميعاً".