في رحاب قوله تعالى ( وَفِى هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ) الحج / 78
جعل الله تعالى للرسول الاكرم محمد صلى الله عليه وآله خصائص ومقامات يمتاز بها عن غيره من الناس، والقرآن تحدث عن هذه الخصائص، ومن هذه الخصائص أن الله تعالى جعل مقام الشهادة للنبي على أعمال أمته، وأشار الله الى هذا المقام في الآية المتقدمة، قال تعالى : ( وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم )، ومفردة الشهيد في اللغة العربية مشتقة من الشهود، والشهود معناه الاطلاع على الغير، والشاهد لا يكون شاهدا على غيره الا اذا اطلع على هذا الغير، وشهد بنفسه عليه وعليه فالنبي شاهد على أمته، وهذه الشهادة لا تختص في حياة النبي بل تشمل النبي بعد مماته، ولا غرابة في الأمر في ان يكون النبي مطلع على اعمال امته بعد موته، فالانسان العادي يشهد على اعمال الناس حتى ولو كانوا في اقصى الارض وتفصل بينه وبينهم مسافات شاسعة، فيراهم ويسمعهم بالصوت والصورةعبر وسائل الاعلام، والله تعالى قادر على اطلاع النبي على اعمال امته، بل اعمال اهل الارض جميعا، حيث يمكن ان يكون المقصود بالخطاب في ضمير المخاطبة في (عليكم) موجه للناس جميعا، وليس بالضرورة ان يكون مختصا بأمة النبي صلى الله عليه واله وسلم، ويؤكد اطلاع النبي على اعمال امته حديث عرض الاعمال على النبي، ويندرج موضوع التوسل تحت عنوان شهادة النبي على اعمال امته بعد موته ، لان التوسل بالنبي هو في نهاية الامر عمل، وهو طلب الدعاء من النبي لقضاء حاجة ما، كما ان الاية المتقدمة تفيد بأن عرض الاعمال غير مختص بالنبي، بل ان هناك غيره ايضا مَن سيشهد على الناس، وهذا مفاد قوله تعالى في الاية : ( وتكونوا شهداء على الناس) والسؤال هنا مَنْ المخاطب( بتكونوا) ؟ هل المقصود ان كل الامة ستشهد على بعضها البعض ؟، لا شك انه لا يصح ان يكون المقصود كل الامة، لانها ستصبح شاهدة ومشهودة على نفسها، فلا بد من المغايرة بين الشاهد والمشهود، فالشهادة لا بد وان تأتي من غير المشهود، ومقام الشهادة للنبي لا يصح ان يكون الا في الحجج أي أوصياء النبي الذين يرثونه ويكونون خلفاءه في حفظ الرسالة، وهؤلاء هم أهل البيت عليهم السلام الذين تواترت النصوص حول امامتهم وخلافتهم للنبي صلوات الله عليهم أجمعين. وعليه فاهل بيت النبي يشهدون على اعمال الامة بل اعمال الناس جميعا بما فيها اعمال التوسل بهم.
الشيخ حسين إسماعيل