نجح الطيب أردوغان في توظيف ما تعرضت له تركيا من إعتداءات متتالية من قبل الكرد وغيرهم والتصويب نحو هدف كبير بالنسبة له ولتيار الاخوان في استرداد دور الخلافة الاسلامية كمركز مؤثر وفاعل في الأمتين العربية والاسلامية خاصة و أن الكثير من المسلمين يؤمنون بذهبية التجربة الاسلامية في المرحلة العثمانية لذا ثمّة حنين دائم للماضي وللتجربه التي يراها المسلمون أفضل بكثير من حاضرهم .
هذه الصورة الحلوة في أذهان المسلمين تجعلهم أسرى الاسلام السياسي والجهادي وهو يأخذهم الى حيث يريد دون جدل يُذكر وما الإستفتاء الذي حصل بعد الربيع العربي في تونس ومصر الاّ دليل على طواعية الأمّة لشيوخ الأحزاب الإسلامية وما يجري من حروب في سوريا وليبيا واليمن والعراق إلاّ نماذج حيّة على صحة هذا الإستفتاء .
يبدو أن تأثير الاسلام السياسي ليس محصوراً بالبيئات المتدينة أو تلك التي لها علاقة فقهية بالأحكام الشرعية التي تستوجب بيع العقل للفقيه والالتزام بأحكامه وبأوامر القتل فثمّة جمهور واسع وكبير للحركة الاسلامية وهو غير متدين وقد يكون علماني لا يؤمن لا بدين ولا بشرع وهو أخطر بكثير من الجمهور المتدين وقد برز هذا الاتجاه في الانتخابات المصرية والتونسية فالاخوان في كلا البلدين هم قلّة قليلية بالنسبة لغير" المأخونين " ومع ذلك حصد الاسلاميون الأخضر واليابس ولو استمر العمل بالتصويت الشعبي لسقط العالم العربي كله بيد الاسلاميين .
إقرا أيضا: العرب: الذبح الإيراني حرام والروسي حلال
لقد فاز أردوغان كسلطان جديد بتصويت مباشر من الشعب والشعب التركي غير متدين بالمعنى الإخواني وقد رأينا بأن المهللين لعودة تركيا الى الخلافة هم من غير الملتزمين فالفتيات اللواتي خرجن نصف عاريات لسن أخوات الإخوان تماماً كما أن السافرات اللواتي يقفن بجانب الاسلام السياسي وبشقيه الشيعي والسني هن غير ملتزمات بحجاب الحزب الديني ومع ذلك هنّ أصوات فعلية في الشارع وفي صندوقة الانتخابات بل هن ّعلى استعداد تام لفعل ما تريده الاتجاهات الاسلامية طوعاً وبإيمان أعمق بكثير من إيمان المحجبات الملتزمات بأوامر ونواهي فقيههن .
وهذا ينطبق أيضاً على الذكور ولكن ضرب المثل بالأنثى لأنه مثال واضح ولا يحتاج الى شرح لا تتحمله المقالة وهؤلاء كانوا من روّاد الأحزاب النقيضة للأحزاب الدينية وعلى خصومة دموية معها ومع ذلك نرى ماركسيين منهمكي ولاهثين وراء الإسلام السياسي وعابدين لرموزه .
إقرا أيضا: هُزمت الأحزاب وفرح المستقلون
خيراً فعل أردوغان عندما وظف الارهاب لصالح سلطان لا ينتج الاّ إرهاباً وهذه الأمّة بكل مذاهبها الدينية والالحادية لا تستطيع العيش الاّ داخل السلطنة فهي معادية لكل دعوة طلاق مع الاستبداد ويحاربون كل من يحارب المستبدين فهاهم يتكاثرون في سورية للدفاع عن الاستبداد و أوّل المدافعين هم من العلمانيين ذوات النزعة الإلحادية .
بورك للاسلام السياسي والجهادي عودة السلطان الى السلطنة وعودة السلطنة الى سلاطينها كيّ تسطيع الأمّة أن تكون منسجمة مع نفسها ومع ثقافتها وللأسف ثمّة مسيحيون يصطفون في طوابير الاسلاميين لنيل البركة والرضا من رجال الدين كهنة الهيكل.