يرصد المراقبون الأميركيون انتقال إدارة دونالد ترامب من مرحلة التصعيد الدبلوماسي ضد إيران إلى مرحلة عملية يجري فيها ترتيب الصفوف وبناء التحالفات لممارسة أقسى الضغوط على طهران.
وتكشف تصريحات كبار المسؤولين الأميركيين في إدارة ترامب عن فشل ما يسمى بمرحلة “الصبر الاستراتيجي” التي انتهجتها إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما مع إيران.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، أن بلاده بصدد مراجعة شاملة لسياستها تجاه إيران التي تضر بالمصالح الأميركية في العراق وسوريا واليمن وإسرائيل.
واعتبر أن طهران “تتزعم الدول الراعية للإرهاب في العالم، وهي المسؤولة عن تكثيف عدة صراعات، مقوضة بذلك المصالح الأميركية في بلدان مثل سوريا واليمن والعراق ولبنان، وتواصل دعم الهجمات ضد إسرائيل”.
ولفت الوزير الأميركي إلى أن “إيران ماضية دون رادع في الطريق نفسه الذي سلكته كوريا الشمالية من قبل، وستأخذ العالم معها في طريقها”.
وتكشف مراجع في واشنطن قريبة من البيت الأبيض أن تنسيقا تاما يجري بين كافة مؤسسات الإدارة الأمنية والعسكرية والدبلوماسية للعمل وفق وتيرة واحدة لإنضاج العناوين الرئيسية للسياسة الأميركية الجديدة المناهضة للنفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.
وقال ماتيس بعد لقائه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان “أينما تنظرون” في الشرق الأوسط “وحيث هناك مشاكل هناك إيران”.
وأكد بقوله “علينا منع إيران من زعزعة استقرار اليمن وإنشاء ميليشيا جديدة على غرار حزب الله في لبنان”.
ويدرج مراقبون للشؤون الإيرانية تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة ضد الدور الإيراني ضمن واقع تطابق الرؤى بين واشنطن وأنقرة في مجموعة من الملفات بما فيها القلق من سياسات طهران داخل دول الشرق الأوسط.
وقال أردوغان إن إيران تنتهج سياسة “توسع فارسية” في المنطقة، واصفا الحشد الشعبي في العراق بأنه منظمة إرهابية.
وأضاف أردوغان في حوار تلفزيوني مع قناة الجزيرة القطرية أن الإيرانيين “لديهم حساباتهم بخصوص سوريا والعراق واليمن ولبنان. يريدون أن يتغلغلوا في هذه المناطق من أجل تشكيل قوة فارسية في المنطقة. هذا أمر له مغزى، علينا أن نفكر فيه جيدا”.
غير أن دبلوماسيين أوروبيين رصدوا في تصريحات وزير الخارجية الأميركي مطالعة كاملة تعبر عن استراتيجية وعزم جدي لمكافحة النفوذ الإيراني بنفس مستوى الجدية المرتبط بمكافحة تنظيم داعش.
واعتبر هؤلاء الدبلوماسيون أن إعلان تيلرسون بأن “الصبر الاستراتيجي نهج فاشل”، يعكس انقلابا على نهج إدارة الرئيس السابق باراك أوباما في مقاربة إيران وكوريا الشمالية، لا سيما حين اعتبر الاتفاقية مع إيران هي “نفس النهج الفاشل” الذي أوصلنا إلى “الخطر المحدق” الذي باتت تمثله كوريا الشمالية.
وحذر تيلرسون من أن إدارة الرئيس الحالي لا تعتزم ترك الملف الإيراني لمن سيخلفها.
وكان الوزير الأميركي قد أشار إلى أن “سياسة شاملة مع إيران تدعونا إلى التعامل مع جميع التهديدات التي تشكلها طهران، ومن الواضح أن هنالك الكثير منها”.
وقال “إيران تدعم نظام الأسد برغم الفظائع التي يرتكبها ضد شعبه؛ بما في ذلك استخدامه للأسلحة الكيماوية”.
وأضاف أن إيران تقدم أسلحة ودعما ماليا إلى سوريا، وتساعد على تدفق المقاتلين الأجانب إليها، كما ترسل أعضاء في الحرس الثوري لقيادة عمليات مسلحة في سوريا.
أما في العراق فلفت تيلرسون إلى أن إيران تقدم دعما لبعض الجماعات المسلحة العراقية، بشكل أساسي عبر فيلق القدس، والذي لطالما قوض الأمن في العراق”.
وبين أن طهران “تستمر في دعم محاولات الحوثيين في قلب نظام الحكم، بتقديم المعدات العسكرية والأسلحة والتدريب، بالإضافة إلى تهديد الحدود الجنوبية للسعودية”.
وكشف أن قوات إماراتية في اليمن، وقوات التحالف في بحر العرب، توصلت إلى وجود شبكة إيرانية لتسليح الحوثيين.
وأعاد تيلرسون التذكير بأن “إيران قامت بهجمات إلكترونية ضد الولايات المتحدة ودول الخليج، وواصلت قيامها بعمليات إرهابية في مختلف أنحاء العالم”.
ويقرأ مراقبون للشأن الإيراني تعيين إيراج مسجدي أحد كبار ضباط الحرس الثوري سفيرا في العراق بصفته مؤشرا على القلق الذي يعتري طهران من السياسة الأميركية في العراق، كما يرصدون قلقا في صفوف حزب الله في لبنان من مغبة ما ستصدره واشنطن من عقوبات جديدة تهدف إلى تحجيم دوره في لبنان وسوريا.