تحدثت اوساط التيار الوطني الحر عن اتصالات ولقاءات جرت الليلة الماضية، في اطار مناقشة الملاحظات على الصيغة التأهيلية، في ضوء مطالبة الوزير جبران باسيل معرفة الملاحظات ومسبباتها، وما يمكن ان تؤول اليه.
الا أن مصادر المعلومات التقت على اهتزازات رئاسية، يرجح ان تظهر في الساعات الـ72 المقبلة، بسبب التصريحات التي صدرت عن رئيس التيار الوطني الحر برئاسة باسيل، بعد اجتماع تكتل الاصلاح والتغيير في الرابية، لا سيما لجهة اعلانه ان لا اجتماعات لمجلس الوزراء.. الامر الذي يعني تعطيل الحكومة بعد تعليق جلسات المجلس النيابي لمدة شهر كامل.
وعلم ان صدى سلبياً ترتب على كلام باسيل، ونقل صدى الاستياء الى بعبدا، من زاوية ان تعطيل مجلس الوزراء، لا يمكن القبول به، إنطلاقاً من الحاجة، الى تسيير مصالح الناس.
وعلم انه في ضوء موقف رئيس الجمهورية، سيدعى مجلس الوزراء الى جلسة الاسبوع المقبل، يوم السبت، لان لا شيء يمنع من عقد جلسات الحكومة، وان تعطيلها لا يكون بتصريح من هنا او من هناك، ومن اراد ان يقاطع الجلسات، فليتحمل هو التبعات الناجمة عن ذلك.
ولم يخف مصدر واسع الاطلاع، ان البلاد تمر اليوم «باهتزاز كبير»، اذ عاد منطق تعطيل المؤسسات الى الواجهة.
وفي اشارة، توقفت عندها الاوساط العونية، نسب الى مصادر الرئيس بري ان مشاورات مكثفة تجري بين الكتل بغية التوصل الى صيغة قانون انتخاب جديد قبل انتهاء المهلة المعطاة للحكومة وفقاً للمادة 59 من الدستور التي لجأ اليها الرئيس ميشال عون قبل اسبوع.
وفي موقف، وصف بأنه تصعيدي، قالت هذه المصادر القريبة من عين التينة ان صيغة المختلط على أساس المناصفة بين النظامين النسبي والأكثري، تخطاها الوقت، وان الشعار اليوم هو «النسبية ثم النسبية».
ويعرب قيادي مسيحي عن مخاوفه من ان يؤدي التجاذب الحاصل حول قانون الانتخاب الى تجاذب حول مصير الحكومة، التي اطلق عليها تسمية «استعادة الثقة» بحيث ان ربط مصيرها بقانون الانتخاب يعتبر انزلاقاً الى منطق اللاسلطة، بعد تعليق عمل السلطة الاشتراعية والذي، وان قبله رئيسها على مضض، الا انه في اساريره لا يخفي استياءه من هذا الإجراء..
وباستثناء اللقاء الذي جمع مساء امس، الرئيس الحريري والنائب عدوان في «بيت الوسط»، بعد لقاء النائب عدوان مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، فانه يمكن القول ان السياسة، بمعنى ما يتصل بالاتصالات حول قانون الانتخاب، غابت كلياً عن نشاط السراي الحكومي، وكذلك قصر بعبدا، فيما استحوذت مواقف الرئيس نبيه بري على الاهتمام السياسي والرسمي، لجهة ما اشار اليه بالنسبة الى تقدم النسبية الكاملة على ما عداها من صيغ، وتأكيده ان جلسة التمديد ما تزال قائمة كأهون الشرور.
على ان ذلك، لا يعني ان الامور باتت مقفلة بالنسبة للقانون الانتخابي العتيد، على رغم التشاؤم الذي خيم امس على الاجواء السياسية، بقرب التوصل الى اتفاق قريب على القانون، على اساس ان الاتصالات تراوح مكانها بعد سقوط مشروع القانون التأهيلي في القضاء على اساس طائفي، من دون طرح اي صيغة جديدة للحل، باستثناء طرح الرئيس بري للنسبية الكاملة في دوائر موسعة او متوسطة (6 او 10 محافظات) وعودة طرح مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي للبحث (النسبية في 13 دائرة) اضافة الى عودة الحديث عن طرح المشروع المختلط بين الاكثري والنسبي، والذي تؤيده «القوات اللبنانية»، رغم ما تعترضه من عراقيل بسبب تضارب المواقف السياسية منه، مع ان اي طرف لم يتبن صراحة اعادة طرح اي من هذه المشاريع بصورة رسمية للبحث بها بسبب المواقف المسبقة منها سلباً او ايجاباً.
غير ان اللافت في هذا الشأن موقفان او ربما ثلاثة:
الاول: اعلان مصدر نيابي في كتلة المستقبل للمرة الاولى استعداد الكتلة للسير بالنسبية الكاملة، وفق اي دوائر يتم الاتفاق عليها، ورفضها المطلق مشروع الوزير جبران باسيل للتأهيل المذهبي.
والثاني: تأكيد مصادر قصر بعبدا ايضاً ان وتيرة الاتصالات المتعلقة بقانون الانتخاب ستتسارع في الأيام المقبلة، عبر لقاءات ثنائية أو ثلاثية ورباعية تعقد لهذه الغاية، مشيرة إلى مساع جدية للوصول إلى صيغة متفق عليها، وأن النقاط المشتركة اضحت أكثر من تلك المختلف عليها.
وأعادت هذه المصادر التأكيد بأنه فور إنجاز نص لمشروع القانون سيلتئم مجلس الوزراء لمناقشته، لافتة إلى ان الرئيس ميشال عون يتابع تطورات الملف الانتخابي، من دون ان يفرض أو يسعى لفرض صيغة معينة.
اما الموقف الثالث، فهو خشية مصادر نيابية في كتلة بارزة من ان يؤدي استمرار الخلاف إلى الوصول إلى مهلة الشهر التي حددها قرار الرئيس عون بتعليق جلسات المجلس النيابي، من دون الوصول إلى اتفاق على صيغة حل، ما قد يوصل البلاد والطبقة السياسية إلى اجراء الانتخابات على أساس قانون الستين بعد تعديله بما يتصل بالمهل، على الرغم من ان كل القوى السياسية ترفضه علناً، ولكن يسعى البعض إليه لأسباب انتخابية تخصه، مشيرة إلى احتمال ان يرفض الرئيس عون هذا الخيار، أو ان يكون لديه في اللحظة الأخيرة مشروع حل أو مخرج يطرحه على القوى السياسية، منعاً للفراغ أو التمديد أو الستين وهي اللاءات الثلاث التي سبق رفعها منذ شهور.