فشل ذريع وخيبة أمل بالسلطة السياسية اللبنانية
المستقبل :
صعّدت الولايات المتحدة بشدة من لهجتها ضد إيران على لسان وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي اعتبرها خطراً على الولايات المتحدة والعالم وانتقد دعمها للحوثيين ولنظام الأسد «الدموي» ولتمويلها الارهاب في لبنان والعراق، وكذلك من خلال تصريحات لوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الذي يزور الرياض، من حيث أشاد بالدور الذي تؤديه المملكة في الشرق الأوسط، مؤكداً عزم الولايات المتحدة على التصدي لجهود إيران في «زعزعة استقرار» المنطقة. وفي واشنطن، أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمراجعة الاتفاق النووي مع طهران ومدى ملاءمة رفع العقوبات عنها للأمن القومي الأميركي.
ففي الرياض التي هي أولى محطات الوزير الأميركي في جولته الشرق أوسطية، قال ماتيس بعد لقائه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، «أينما تنظرون» في الشرق الأوسط «وحيث هناك مشاكل هناك إيران».
وفي المقابل أشاد الوزير الأميركي بما تبذله المملكة من جهود «لإعادة الاستقرار الى هذه المنطقة الحيوية من العالم». وقال للصحافيين «من مصلحتنا وجود قوات مسلحة واستخبارات سعودية قوية»، لكنه لم يشأ توضيح ما إذا كانت الإدارة الأميركية تعتزم زيادة الدعم العسكري لعمليات التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن، وهو اكتفى بالقول إن «هدفنا هو دفع هذا النزاع الى مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة للتأكد من انتهائه في أسرع وقت»
والمسؤولون في البنتاغون مقتنعون بوجوب زيادة الضغط العسكري على الحوثيين لإعادتهم الى طاولة التفاوض، كما لم توضح الإدارة الأميركية مثلاً إذا كانت ستعود عن قرارها تعليق تزويد السعودية قنابل دقيقة التوجيه، الأمر الذي بادرت اليه إدارة باراك أوباما في كانون الأول الماضي.
ورداً على سؤال من أحد الصحافيين حول دور إيران في اليمن والمنطقة، قال ماتيس إنه «في كل مكان تنظر إليه، إذا كانت هناك مشكلة في المنطقة فتجد إيران». وأضاف: «نحن نراقب دور إيران في المنطقة»، وتابع أن الوجود الإيراني في سوريا «يساعد على بقاء الأسد في السلطة».
واعتبر ماتيس أن «ما نشاهده الآن هو أن دول المنطقة ودولاً أخرى تحاول وقف إيران وكمية الاضطراب وعدم الاستقرار التي تسببها». وقال: «يجب أن نتغلب على مساعي إيران لزعزعة استقرار بلد آخر وتشكيل ميليشيا أخرى في صورة حزب الله اللبناني، لكن النتيجة النهائية هي أننا على الطريق الصحيح لذلك».
والى جانب اليمن وإيران، يُفترض أن يكون تناول ماتيس في لقاءاته مع القادة السعوديين الموقف الأميركي المستجد من نظام الأسد بعد الضربة الأميركية الأخيرة ضد قاعدة الشعيرات الجوية غداة هجوم كيميائي قتل فيه نحو مئة شخص، واتهمت واشنطن قوات الأسد بالوقوف خلفه.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد يضيف زيارة إلى السعودية لجولة أوروبية في أيار المقبل، في ما قد تكون أول رحلة خارجية له منذ تولى الرئاسة. وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه إن مثل هذه الرحلة «نوقشت».
ويعتزم ترامب بالفعل حضور قمة لحلف شمال الأطلسي في بروكسل في 25 أيار المقبل، والسفر إلى صقلية لحضور قمة قادة مجموعة السبع المقررة في الفترة من 26 إلى 28 من الشهر عينه.
أميركياً كذلك، أعلن البيت الأبيض أن ترامب أمر الوكالات بمراجعة الاتفاق النووي مع إيران لمعرفة ما إذا كان تعليق العقوبات في مصلحة الولايات المتحدة.
وذكر المتحدث باسم الرئيس الأميركي أن ترامب اتخذ خطوة «حصيفة» عندما وجه الوكالات لمراجعة تستمر 90 يوماً بشأن إن كان رفع العقوبات من خلال الاتفاق النووي مع إيران سيصب في مصلحة الأمن القومي الأميركي.
وعندما سئل إن كان ترامب يشعر بالقلق من أن إيران ربما لا تفي بالتزاماتها طبقاً للاتفاق، قال شون سبايسر للصحافيين خلال إفادة صحافية يومية، «إنه يقوم بالتصرف الحصيف عندما يطلب مراجعة الاتفاق الراهن».
وكان ترامب قال في وقت سابق رداً على إطلاق إيران صاروخاً باليستياً «كان عليهم أن يكونوا ممتنين للاتفاق المريع الذي أبرمته الولايات المتحدة معهم!». وفي تغريدة ثانية على تويتر قال «كانت إيران على شفا الانهيار حتى جاءت الولايات المتحدة وألقت لها بطوق النجاة في شكل اتفاق: 150 مليار دولار».
وانتقد ترامب الاتفاق النووي الإيراني مراراً، ووصفه بأنه ضعيف وغير فعال.
ووجه وزير الخارجية ريكس تيلرسون رسالة إلى رئيس مجلس النواب الأميركي بول راين، قال فيها إن إيران ما زالت ملتزمة بالاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015، لكنه أبدى قلقه من دورها كدولة راعية للإرهاب.
وقال تيلرسون في بيان إن الوزارة أكدت لراين «أن إيران كانت تنفذ حتى 18 نيسان التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة»، مضيفاً أن ترامب وجه «الوكالات بإشراف مجلس الأمن القومي لإجراء مراجعة لخطة العمل الشاملة المشتركة، لتقويم ما إذا كان تعليق العقوبات ضد إيران سيكون أمراً حيوياً لمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة».
وفي مؤتمر صحافي في وزارة الخارجية الأميركية هاجم تيلرسون، إيران بقوة لأنها تستمر بدعم الحوثيين في اليمن وتهدد الملاحة في الخليج العربي.
وأعرب تيلرسون عن قلقه إزاء دعم إيران لنظام الأسد في سوريا والذي وصفه بالدموي، وإرسالها لمقاتلين إلى سوريا للمشاركة بالعمليات القتالية، وأيضاً إلى العراق لدعم الميليشيات العراقية، وكذلك لتمويلها الإرهاب في لبنان.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي في واشنطن أن طهران تستمر في تقويض السلام ولديها الملف الأسوأ في مجال حقوق الإنسان، كما أن طموحاتها النووية خطر على السلام العالمي. وقال تيلرسون إنه يجب النظر إلى تهديد إيران للمنطقة والعالم، مشيراً إلى أن العقوبات على إيران لا تتكافأ مع خرقها للقوانين الدولية.
الديار :
لم تعد المسألة مسألة خلاف حول قانون الانتخاب وحسب، بل هي أصبحت تتصل بطبيعة سلوك الطبقة السياسية، المفتقر الى الكثير من النضوج والمسؤولية. وعليه، فان أخطر ما سيرتبه الفشل المتمادي في انتاج القانون ليس فقط التمديد او الفراغ، وإنما السقوط المدوي لأهلية النظام في ادارة شؤون الدولة وشعبها.
سيكون من المعيب والمهين حقا ألا تستطيع القوى الداخلية التوافق على قانون انتخابي بعد هذا الوقت الطويل الذي استهلكته في التجارب والمحاولات، لان معنى ذلك ببساطة ان الطبقة السياسية مصرة على البقاء تحت سن الرشد الوطني، وعدم مغادرة مرحلة المراهقة في التعاطي مع الشأن العام.
ان الاخفاق المستمر في وضع قانون انتخاب عادل يشكل ادانة صارخة، بالدليل القاطع والجرم المشهود، لهذا الطاقم السياسي الذي بات عليه ان يدرك ان مضيه في العبثية السياسية الى ما بعد حافة الهاوية هو نوع من انواع الانتحار، لا التشاطر.
بناء على ذلك، فان الطريقة الوحيدة التي تسمح للطبقة السياسية بان تنقذ نفسها وما تبقى من سمعتها، تكمن في انجاز القانون قبل نهاية ولاية المجلس الحالي، وإلا فانها ستصاب بالتحلل الطبيعي والتلقائي، إذا كان اسقاطها بالضربة القاضية في الشارع متعذرا، بفعل التوازنات الطائفية الحاكمة.
هذا «العقم»، لم يعد مقبولا ولا مُحتملا، وهو بالتأكيد لا يليق بشعب قدم التضحيات في سبيل القضايا الوطنية وصنع الانجازات في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، إلا اذا كان المطلوب ان نستعين مجددا بوصاية خارجية، اقليمية او دولية، تتولى تدبير امورنا وتفصيل الدوائر الانتخابية كما حصل في الدوحة عام 2008 وقبلها في عواصم أخرى.
عند انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، بارادة داخلية وازنة نسبيا وبتدخل خارجي أقل، اعتقد كثيرون ان اللبنانيين بدأوا وللمرة الاولى منذ زمن طويل باستعادة المبادرة وتشجيع «الصناعة الوطنية» للقرارات السيادية، وبالتالي كان يفترض ان يُبنى على هذه التجربة لاستكمال حالة «الفطام» عن العوامل الاقليمية والدولية التي اعتادت التحكم بأزرار اللعبة الداخلية.
بهذا المعنى، فان عجز الاطراف المحلية عن التفاهم على قانون للانتخاب سيؤدي الى اعادة انتاج الاحباط الذي سيسري هذه المرة على الجميع وليس على المسيحيين فقـط. والأسوأ ان اي سيناريو كهذا سيضرب مفاعيل انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيكون الضحية الاولى للأمر الواقع المُر الآخذ في التشكل.
استراتيجية عون
من هنا، يمكن فهم الحاح عون على ضرورة انجاز القانون ورفضه الشديد لخياري التمديد و«الستين» اللذين ستصيب شظاياهما قصر بعبدا بالدرجة الاولى. وانطلاقا من تلك الاولوية سلك الجنرال، ولا يزال، كل خطوط «المترو السياسي» التي من شأنها ان تقود الى اجراء الانتخابات النيابية، مبديا انفتاحه على اي صيغة يمكن ان تلقى قبولا من القوى الاساسية، سواء كانت «مختلطة» او «تأهيلية» او معتمدة على النسبية الكاملة.
يتجنب عون- كما يوضح المقربون منه- ان يطرح مباشرة مشروعا باسمه، مفترضا ان هذا ليس دوره كرئيس للجمهورية، لاسيما انه يرى امام عينيه كيف ان المشاريع المقترحة تحترق الواحد تلو الآخر، من دون ان ينفي ذلك انحيازه على المستوى الشخصي الى النسبية التي طرحها قبل انتخابه، وأدرجها في خطاب القسم لاحقا، وخصص لها مكانا في الموقع الالكتروني لرئاسة الجمهورية الذي لا يزال يحوي تغريدات رئاسية عن مزاياها.
ويشدد عون- وفق ما يؤكد المقربون منه ل«الديار»- على ان ما يهمه هو الالتزام بمعيارين محوريين في اي قانون وهما، البعد الميثاقي وصحة التمثيل، وبالتالي فهو يبدي الاستعداد للتجاوب مع اي طرح يحترم هذين الشرطين ويحظى بتوافق وطني.
ويلفت المحيطون بالرئيس الانتباه الى انه سيتدخل لرفع البطاقة الحمراء في وجه اي مشروع يخالف المعياريين المشار اليهما، ولكنه لن يضغط على اي فريق لاعتماد هذه الصيغة الانتخابية او تلك، تاركا للاطراف المتحاورة ان تسعى الى الالتقاء في مساحة مشتركة، تحت سقف الضوابط المحددة.
وعملا بهذه القاعدة، يتفادى عون- تبعا لأوساطه- ان يمارس ضغطا على التيار الوطني الحر او على اي طرف آخر، لاعتماد مشروع بعينه، لكنه يعتبر في الوقت ذاته انه من غير المسوح الاستقواء بموقع الرئاسة من اجل تغليب ارادة على اخرى.
ومع عودة الكلام حول تقدم مبدأ النسبية الكاملة في النقاشات، يوضح المحيطون بعون انه لا يمانع بتاتا في اعتمادها، في حال حصل تفاهم عام حولها، وهو يرى انها من الطروحات الواردة والممكنة، على ان يتم الاتفاق في شأن تفاصيلها وضوابطها ( حجم الدوائر، الصوت التفضيلي..) بين القوى السياسية.
ولئن كان موعد 15 ايار المقبل يشكل محطة مفصلية بالنسبة الى قطار المهل الدستورية، إلا ان اوساط رئيس الجمهورية تعتبر ان بالامكان توسيع الهامش حتى 31 أيار، تاريخ انتهاء العقد التشريعي، متى توافرت نواة توافق على طرح معين.
وتوضح الاوساط انه في حال جرى التفاهم حول صيغة محددة، على حافة هاوية الوقت، سيبادر عون عندها الى فتح دورة استثنائية، بعد 31 أيار، على ان تكون محصورة ببند اقرار قانون الانتخاب.
مشروع التأهيل
وماذا عن مصير مشروع «التأهيل الطائفي»؟ هل سقط كليا تحت وطأة الاعتراض عليه من جهات عدة، ام لا يزال صامدا؟
مصادر قيادية في 8 آذار أبلغت «الديار» ان هذا الطرح بات بحكم المنتهي عمليا، وهو في حالة الاحتضار التي تُمهد لنعيه رسميا، ومن ثم دفنه في «المقبرة الجماعية» للمشاريع الانتخابية، فيما قالت مصادر مقربة من قيادة «التيار الحر» ل«الديار» ان الامر ليس بهذا السوء، مشيرة الى ان الاجتماعات والاتصالات التي تمت امس وامس الاول بعيدا من الاضواء حققت تقدما لامس حد البدء في الصياغة الخطية للاتفاق على بنود القانون المفترض.
وبمعزل عن مدى دقة هذا التقدير او ذاك، بات واضحا ان حجم الرفض للمشروع التأهيلي أكبر من ان يُعالج بتعديلات ثانوية او بوقت قصير، وحتى حزب الله الذي بدا من اوائل الموافقين عليه، تبين لاحقا انه قبل به على مضض ومن دون قناعة كافية، كأنه كان يراهن ضمنا على ان تتكفل معارضة الاطراف الاخرى بالاجهاز عليه، من دون ان يوتر العلاقة ب«التيار البرتقالي».
جلسة «البياضة»
ومشروع التاهيل الطائفي وُلد خلال لقاء جمع ممثلين عن تيار المستقبل وحزب الله وحركة أمل والتيار الحر في منزل الوزير جبران باسيل في البياضة غداة اللقاء بين الرئيس عون ووفد حزب الله في بعبدا. في منزل وزير الخارجية، جرى نقاش مستفيض حول التاهيل الطائفي الذي لقي بداية تجاوبا اوليا من معظم الحاضرين مع طلب ادخال بعض التعديلات عليه، خصوصا من قبل نادر الحريري. لكن، سرعان ما تدحرج البحث في اتجاهات اخرى عندما خاض باسيل في ملف مجلس الشيوخ لجهة المطالبة بان يحظى بصلاحيات وازنة وان يتولى ارثوذكسي رئاسته. حينها «تخربطت» الجلسة وانفضت من دون ان يتم التفاهم الرسمي والنهائي على التأهيل. في ما بعد، تعرض مشروع باسيل ل«نيران صديقة» من معراب، كما برزت اعتراضات جوهرية من وليد جنبلاط وأخرى من «المستقبل»، بحيث اصبح صعبا رتق الرقع في الثوب الممزق.
الثنائي الشيعي
امام هذا الواقع، وجد انصار النسبية الشاملة فرصة لتنشيطها وضخ جرعة جديدة من الاوكسيجين في رئتها. ولم يتأخر الرئيس نبيه بري أمس في الاعلان امام نواب لقاء الاربعاء عن عودة هذا الطرح الى التقدم على غيره، علما ان مخيلته السياسية لا تكف عن محاولة ابتكار حلول ترتكز على النسبية.
اوساط الثنائي الشيعي أكدت ل«الديار» ان النسبية الكاملة تبقى افضل الخيارات، لافتة الانتباه الى ان وفد الحزب شرح لرئيس الجمهورية كيف انها تفيد المسيحيين ولا تضرهم، كما تفترض بعض الاجتهادات والتفسيرات.
وتعتقد تلك الاوساط ان الوقت ضاق جدا، الى درجة انه لم يعد ممكنا ربط اقرار النسبية الشاملة بشروط ثقيلة من قبيل تأسيس مجلس الشيوخ والتوافق على صلاحياته وطائفة رئيسه، «خصوصا ان ما يطرحه باسيل على هذا الصعيد يصعب هضمه»، مشيرة الى ان عون سبق له ان ايد النسبية وكذلك فعلت بكركي التي كانت قد قبلت بها على اساس 10 دوائر، «علما ان هناك انفتاحا على مناقشة حجم الدوائر.»
وتعتبر اوساط الثنائي الشيعي ان بالامكان عبر النسبية على قاعدة الدوائر العشرة طمأنة المسيحيين والدروز، لان هذه المعادلة تفضي الى تقسيم كل من المحافظات الخمس الى دائرتين، اي ان محافظة جبل لبنان ستتوزع بين دائرة تغلب عليها الاكثرية المسيحية وأخرى تسودها أكثرية درزية.
ولا تخفي هذه الاوساط خشيتها من ان يكون هدف البعض تقطيع الوقت وصولا الى فرض اجراء الانتخابات وفق قانون الستين بذريعة انه اقل سوءا من التمديد والفراغ.
الجمهورية :
باق من الزمن 22 يوماً على انتهاء شهر التعطيل المجلسي وفقاً للقرار الرئاسي الصادر عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مساء الاربعاء 12 نيسان الجاري. ومع ذلك، وبدل ان يفرض هذا الاجراء استنفاراً على كل المستويات لمحاولة صوغ مخرج للازمة الانتخابية - السياسية، تبدو المحركات الانتخابية وكأنّها اصيبت بالصدأ، وصارت محكومة بجمود مريب يزنّر كل المستويات السياسية والرسمية المعنية بهذا الملف، بعلامات استفهام عن سرّ هذا الجمود، وهذه البرودة في التعاطي مع استحقاق بالغ الحساسية، وينذر بوضع البلد على شفير اشتباك سياسي مفتوح على شتى الاحتمالات السلبية.
الى أن يثبت العكس، تبقى القوى السياسية على اختلافها في قفص الاتهام بالعجز او التردّد او التقاعس عن التعاطي مع هذا الاستحقاق بما يتطلبه من مسؤولية تضع في اولوياتها ضرورة الاستيلاد السريع والجدي لصيغة انتخابية توافقية تراعي كل المكونات والعائلات اللبنانية، خصوصاً انّ الوقت صار ضاغطاً بقوة ولا يحتمل مزيداً من المماطلة والتعطيل.
واذا كان شهر التعطيل الرئاسي للمجلس شكل فرصة أخيرة تحفّز السياسيين على ابتداع المخرج، الا انّ ما شهده اللبنانيون في عطلة عيد الفصح وما بعدها وصولا الى يوم امس، من غياب صارخ لحركة المشاورات والاتصالات التي يفترض ان يحركها استحقاق حساس من هذا النوع، لا يشجعهم على التفاؤل في امكان تمكّن أولي الأمر السياسي في هذا الجو، من الاقتراب من لحظة البناء الجدي لمساحة انتخابية مشتركة.
ما يثير استغراب المواطن هو انّ المرحلة الراهنة لا تُقارب كمرحلة فعل حثيث ومتواصل للانتاج الانتخابي، بل تُقارب وكأنّ البلد دخل فعلاً زمن التمنيات بأن يتمكن من تجاوز هذه المحنة، لا زمن الافعال التي تلامس عمق المشكلة وسبل حلحلة عِقَدها، وتقدم صيغاً انتخابية جديدة وجدية تتلاءم مع صورة لبنان وتقوم على انقاض الصيغ الخلافية المجرّبة.
هذا الجو يُسقط على المشهد الداخلي اسئلة بديهية قلقة تتردد على لسان كل لبناني وتتطلب اجوبة سريعة:
ماذا بعد انقضاء مهلة الشهر في حال تعذر الوصول الى قانون انتخابي جديد؟
ما هو مصير الجلسة التشريعية التي يتصدر جدول أعمالها الاقتراح المقدم من النائب نقولا فتوش بالتمديد سنة لمجلس النواب؟
هل ستنعقد الجلسة فعلاً؟
هل سيعود الحراك في الشارع ضد انعقادها تحت بند التمديد، وأيّ اطراف ستشارك فيه؟
هل سيكون هذا الحراك بالزخم الذي كان عليه عشية جلسة 13 نيسان التي عطّلها القرار الرئاسي قبل انعقادها بيوم واحد؟
ماذا لو أقرّت الجلسة التشريعية اقتراح فتوش؟
هل سينتهي الامر عند اقرار اقتراح فتوش بالتمديد، وبالتالي يسلم كل الاطراف بما قرره مجلس النواب؟ ام انّ إقرار هذا الاقتراح سيفتح البلد على ازمة سياسية يكون مفتاحها حراكاً شارعياً واعتراضات؟ ماذا لو تعذر انعقاد الجلسة التشريعية في 15 ايار؟
ماذا لو انتهت ولاية مجلس النواب في 20 حزيران المقبل من دون الوصول الى قانون جديد ومن دون تمديد تقني او تمديد لسنة للمجلس؟
أيّ صورة للبنان ستظهر اعتباراً من 21 حزيران في ظل فراغ مجلسي؟ كيف سيعاد بناء المجلس النيابي مجدداً؟ وأيّ سبيل سيعتمد لتحقيق هذه الغاية؟ هل عبر قانون جديد، وهذا مستحيل في هذه الحالة؟ أم عبر قانون الستين بوصفه قانوناً نافذاً؟ ولكن هنا ماذا عن موقف رئيس الجمهورية الذي دفن هذا القانون برفضه توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على اساسه؟ ما هو مصير الحكومة؟ هل ستستمر في الحكم متمتعة بكامل صلاحياتها ام انها ستتحول حكماً حكومة تصريف أعمال، وفي ظل هذا التصريف كيف ستسيّر امور الدولة ومصالح المواطنين؟
أجواء بعبدا
في وقت كرر فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري القول انّ النسبية تبقى الخلاص، وتحذيره من الفراغ الذي يعني في رأيه الموت وذهاب البلد الى المجهول، وتأكيده ان لا مصلحة لأحد في أن نصل الى جلسة 15 أيار من دون وجود قانون انتخاب جديد، إستخلصت «الجمهورية» من اجواء بعبدا أنّ الملف الانتخابي يتصدر اولوية المتابعة لدى رئيس الجمهورية، مع التأكيد على موقفه الثابت من رفض التمديد.
ورداً على المتسائلين عن خياراته بعد انقضاء مهلة شهر تعطيل مجلس النواب، فإنّ أجواء بعبدا تؤكد انّ المسألة ليست مسألة خيار بالنسبة الى رئيس الجمهورية، بل مسألة قرار يتشارك فيه مع جميع المسؤولين في البلد، حيث يتأكد ان لا أحد يريد التمديد بدليل موقف رئيس مجلس النواب الذي بادر الى التجاوب مع قرار الرئيس عندما استخدم حقه المنصوص عليه في المادة 59 من الدستور، وكذلك قول الرئيس بري يومياً إنه ليس عاشقاً ولا مغروماً بالتمديد وسيسعى مع الجميع لتجنّب هذه الكأس، وايضاً موقف رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يتجاوب مع كل صيغة تطرح. لذلك المسألة ليست البحث عن خيارات، بل هناك قرار وطني عند الجميع بالوصول الى صيغة جديدة لقانون يؤمن ميثاقية الانتخاب وفعالية التمثيل وحسنه.
وتفيد اجواء بعبدا بأنّ رهان الرئيس هو على هذا الامر، وهو يرى ان الاتصالات التي تحصل، رغم انها تتعثر احياناً، الّا انها تؤكد ارادة الجميع بالوصول الى قانون. والرئيس يجري اتصالات يومية مع القوى من دون اعلام او صدور بيانات، وذلك للحضّ والتشجيع. مع الاشارة الى انه كل مرة تكون هناك منشآت مبدية على صيغة معينة الّا انها تعود وتتعقد في التفاصيل.
ولكن في النهاية ستصل الى نتيجة، إن لم يكن قبل 15 ايار بل بعده، إذ ما زال هناك وقت لنهاية العقد النيابي الاول الذي ينتهي في 31 ايار، وايضاً هناك إمكانية حتى ما قبل 20 حزيران اذ في الامكان فتح دورة استثنائية لمجلس النواب يكون جدول اعمالها محدداً بإقرار قانون جديد للانتخابات. هذه هي قراءة رئيس الجمهورية، امّا كل التسريبات حول اللقاءات التي عقدها، فإنها تفتقد الى الدقة والمعرفة بالقوانين والاصول الدستورية.
وتعكس اجواء بعبدا «الرفض الحاسم لرئيس الجمهورية للتمديد، وكذلك النفي القاطع في ان يكون توجّهه هو نحو العودة الى قانون الستين»، مشيرة الى انه «لم يقل ابداً انه يمشي بالستين، بل هو يحذّر وينبّه انه اذا ما وصلنا الى 20 حزيران، وبالتأكيد هنا لن يكون هناك فراغ في هذه الحالة، خصوصاً انّ الاصول الدستورية هي التي تحكم ادارة شؤون البلاد بحسب المادة 74 من الدستور التي تفرض على الحكومة في هذه الحالة الدعوة الى اجراء الانتخابات فوراً، بالتالي ستكون الانتخابات قائمة بموجب القانون النافذ. وهذا لا يعني انّ الرئيس يقول ذلك، بل هو يحذر من الوصول الى هذا الواقع المحكوم بالأصول الدستورية وتحديداً بالمادة 74».
وتضيف هذه الاجواء «انّ الذين لا يعرفون الاصول الدستورية والقواعد القانونية يقولون انّ الرئيس مع الستين، كلا، هو يحذّر من الوصول الى حالة تنطبق عليها المادة 74 من الدستور، وهذا أمر مرفوض».
شهيب لـ«الجمهورية»
وحول سيناريوهات عدم الوصول الى قانون قبل 15 ايار قال النائب اكرم شهيب لـ«الجمهورية»: «الامر واضح وحق الرئيس بري واضح والمؤسسات منتظمة بالدستور». أضاف: «فخامة الرئيس استعمل صلاحياته واعتقد ان المجلس سيستعمل صلاحياته».
واكد انه «اذا لم يتنازل الجميع ويتواضعوا ويعملوا بشكل جدّي من اجل شراكة حقيقية معناه انّ هناك مشكلة واضحة. وللأمانة، نحن قدّمنا أكثر من مبادرة للجمع والحل والشراكة انما يظهر ان هناك فريقاً معيناً لديه حسابات اخرى».
الجميّل
وقال رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل لـ«الجمهورية»: «لا قيمة دستورية لتاريخ ١٥ ايار، والحزب الذي يعتبر الدستور المرجع والحكم يشدد على انّ الحكومة أسقطت المهل الخاصة بالانتخابات قبل اشهر وهي تتحمل مسؤولية تعطيل مبدأ تداول السلطة وحرمان اللبنانيين من حقهم في اختيار ممثليهم والمشاركة من خلالهم في تحديد خياراتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأنها لم تكلّف نفسها عناء إدراج قانون الانتخاب على جدول اعمالها حتى انّ اللجنة الوزارية المصغرة التي شكلتها بعد فوات الأوان لا تجتمع للبحث في القانون».
واوضح الجميّل «انّ الحزب يخوض معركة سيادة الدولة وانقاذ المؤسسات والعودة الى الدستور، وهي معركة بدأت منذ مدة طويلة وهي لن تنتهي في ١٥ ايار أيّاً تكن التطورات الانتخابية».
واكّد نية الحزب «المضي قدماً في معارضة كل انواع الصفقات يداً بيد مع الشعب اللبناني والمجتمع المدني وقادة الرأي الحر فيه». واعتبر «انّ معركة استعادة الحرية والسيادة والاستقلال وقيام الدولة - المرجعية هي معركة طويلة وصعبة لكنها معركة حق، وحزب الكتائب لم يتعود التراجع امام مثل هذه المعارك مهما بلغت التضحيات».
فياض
وأكد النائب علي فياض لـ«الجمهورية» انّ الاتصالات الثنائية بين القوى السياسية مستمرة على اكثر من مستوى، امّا الاجتماعات الرباعية او المتعددة فلا تعقد. وتذليل العقد أمام التأهيلي عند غيرنا وليس عندنا». ودعا الى حثّ الجهود في سبيل الوصول الى قانون الانتخاب.
وقال: «الرئيس بري دعا الى جلسة في 15 ايار وعدم الاتفاق من الآن وحتى 15 ايار على قانون انتخاب جديد يضعنا امام الخيارات الاشكالية المعروفة مرة اخرى ويبقى أسوأها على الاطلاق هو خيار الفراغ».
وعما اذا كان «حزب الله» سيطرح مبادرة ما، قال فياض: «الاسبوع الماضي أبدينا مرونة كبيرة تجاه مروحة من الخيارات بما فيها 6 خيارات نسبية أبدينا الاستعداد للموافقة عليها اذا كان لدى المعنيين ايّ فكرة فنحن على استعداد للنقاش لكن من وجهة نظرنا الواضح تماماً انّ الخيار الأسلم بالمقارنة مع كل الخيارات المطروحة هو النسبية الكاملة مع مرونة كبيرة لدينا في مناقشة حجم الدائرة».
اللواء :
في الشكل، تنظر القوى السياسية بقلق ملموس، خشية الوقوع في شرك الفراغ النيابي.
وفي الشكل ايضاً، تظهر هذه القوى نفسها، كأنها لا تنام الليل، وهي تبحث عن صيغ مقبولة لتجنب الازمة الوطنية المحدقة في البلاد بين 15 ايار و20 حزيران، اذا لم يتم التوصل الى مشروع قانون انتخاب تحيله الحكومة مجتمعة الى المجلس قبل جلسة مجلس النواب المقررة للنظر في اقتراح التمديد للمجلس النيابي سنة كاملة، وان حظيت الجلسة بادراج سلسلة الرتب والرواتب على جدول الاعمال.
المتفق عليه ان المشروع التأهيلي، وقبل ان يولد، وفقاً لما أشارت اليه «اللواء» في عددها امس، بفعل ملاحظات قوية، رفضت ما عرف بمشروع الوزير جبران باسيل، من الثنائي الشيعي حركة امل وحزب الله، وتيار المستقبل والقوات اللبنانية وأحزاب 8 آذار.
وسلمت اوساط التيار الوطني الحر بهذه النتيجة، الا انها تحدثت عن اتصالات ولقاءات جرت الليلة الماضية، في اطار مناقشة الملاحظات على الصيغة التأهيلية، في ضوء مطالبة باسيل معرفة الملاحظات ومسبباتها، وما يمكن ان تؤول اليه..
الا ان مصادر المعلومات التقت على اهتزازات رئاسية، يرجح ان تظهر في الساعات الـ72 المقبلة، بسبب التصريحات التي صدرت عن رئيس التيار الوطني الحر برئاسة باسيل، بعد اجتماع تكتل الاصلاح والتغيير في الرابية، لا سيما لجهة اعلانه ان لا اجتماعات لمجلس الوزراء.. الامر الذي يعني تعطيل الحكومة بعد تعليق جلسات المجلس النيابي لمدة شهر كامل.
وعلمت «اللواء» ان صدى سلبياً ترتب على كلام باسيل، ونقل صدى الاستياء الى بعبدا، من زاوية ان تعطيل مجلس الوزراء، لا يمكن القبول به، إنطلاقاً من الحاجة، الى تسيير مصالح الناس.
وعلمت «اللواء» انه في ضوء موقف رئيس الجمهورية، سيدعى مجلس الوزراء الى جلسة الاسبوع المقبل، يوم السبت، لان لا شيء يمنع من عقد جلسات الحكومة، وان تعطيلها لا يكون بتصريح من هنا او من هناك، ومن اراد ان يقاطع الجلسات، فليتحمل هو التبعات الناجمة عن ذلك.
ولم يخف مصدر واسع الاطلاع، ان البلاد تمر اليوم «باهتزاز كبير»، اذ عاد منطق تعطيل المؤسسات الى الواجهة.
ولاحظ النائب في كتلة المستقبل عقاب صقر ان منطق التعطيل المعتمد من حزب الله والتيار الوطني الحر سرب امس الى «القوات اللبنانية» حيث كان نائب رئيس الحزب النائب جورج عدوان زار الرئيس الحريري وبحث معه في الملاحظات على مشروع باسيل التأهيلي، فضلا عن الحاجة الى استئناف جلسات مجلس الوزراء.
ومن ملامح الاهتزاز الرئاسي، اعلان الرئيس نبيه بري في احاديث نقلت على هامش لقاء الاربعاء النيابي، وعبر زوار واوساط ان مشروع سلسلة الرتب والرواتب وُضع على جدول الجلسة النيابية في 15 ايار، الامر الذي يعني ان من سيقاطع هذه الجلسة، فإنه لا يكترث لإقرار السلسلة التي يطالب بها الموظفون والعسكريون والمتقاعدون.
وفي اشارة، توقفت عندها الاوساط العونية، نسب الى مصادر الرئيس بري ان مشاورات مكثفة تجري بين الكتل بغية التوصل الى صيغة قانون انتخاب جديد قبل انتهاء المهلة المعطاة للحكومة وفقاً للمادة 59 من الدستور التي لجأ اليها الرئيس ميشال عون قبل اسبوع.
وفي موقف، وصف بأنه تصعيدي، قالت هذه المصادر القريبة من عين التينة ان صيغة المختلط على أساس المناصفة بين النظامين النسبي والأكثري، تخطاها الوقت، وان الشعار اليوم هو «النسبية ثم النسبية».
ويعرب قيادي مسيحي عن مخاوفه من ان يؤدي التجاذب الحاصل حول قانون الانتخاب الى تجاذب حول مصير الحكومة، التي اطلق عليها تسمية «استعادة الثقة» بحيث ان ربط مصيرها بقانون الانتخاب يعتبر انزلاقاً الى منطق اللاسلطة، بعد تعليق عمل السلطة الاشتراعية والذي، وان قبله رئيسها على مضض، الا انه في اساريره لا يخفي استياءه من هذا الإجراء..
وباستثناء اللقاء الذي جمع مساء امس، الرئيس الحريري والنائب عدوان في «بيت الوسط»، بعد لقاء النائب عدوان مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، فانه يمكن القول ان السياسة، بمعنى ما يتصل بالاتصالات حول قانون الانتخاب، غابت كلياً عن نشاط السراي الحكومي، وكذلك قصر بعبدا، فيما استحوذت مواقف الرئيس نبيه بري على الاهتمام السياسي والرسمي، لجهة ما اشار اليه بالنسبة الى تقدم النسبية الكاملة على ما عداها من صيغ، وتأكيده ان جلسة التمديد ما تزال قائمة كأهون الشرور.
على ان ذلك، لا يعني ان الامور باتت مقفلة بالنسبة للقانون الانتخابي العتيد، على رغم التشاؤم الذي خيم امس على الاجواء السياسية، بقرب التوصل الى اتفاق قريب على القانون، على اساس ان الاتصالات تراوح مكانها بعد سقوط مشروع القانون التأهيلي في القضاء على اساس طائفي، من دون طرح اي صيغة جديدة للحل، باستثناء طرح الرئيس بري للنسبية الكاملة في دوائر موسعة او متوسطة (6 او 10 محافظات) وعودة طرح مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي للبحث (النسبية في 13 دائرة) اضافة الى عودة الحديث عن طرح المشروع المختلط بين الاكثري والنسبي، والذي تؤيده «القوات اللبنانية»، رغم ما تعترضه من عراقيل بسبب تضارب المواقف السياسية منه، مع ان اي طرف لم يتبن صراحة اعادة طرح اي من هذه المشاريع بصورة رسمية للبحث بها بسبب المواقف المسبقة منها سلباً او ايجاباً.
غير ان اللافت في هذا الشأن موقفان او ربما ثلاثة:
الاول: اعلان مصدر نيابي في كتلة المستقبل للمرة الاولى لـ «اللواء» استعداد الكتلة للسير بالنسبية الكاملة، وفق اي دوائر يتم الاتفاق عليها، ورفضها المطلق مشروع الوزير جبران باسيل للتأهيل المذهبي.
والثاني: تأكيد مصادر قصر بعبدا لـ «اللواء» ايضاً ان وتيرة الاتصالات المتعلقة بقانون الانتخاب ستتسارع في الأيام المقبلة، عبر لقاءات ثنائية أو ثلاثية ورباعية تعقد لهذه الغاية، مشيرة إلى مساع جدية للوصول إلى صيغة متفق عليها، وأن النقاط المشتركة اضحت أكثر من تلك المختلف عليها.
وأعادت هذه المصادر التأكيد بأنه فور إنجاز نص لمشروع القانون سيلتئم مجلس الوزراء لمناقشته، لافتة إلى ان الرئيس ميشال عون يتابع تطورات الملف الانتخابي، من دون ان يفرض أو يسعى لفرض صيغة معينة.
اما الموقف الثالث، فهو خشية مصادر نيابية في كتلة بارزة من ان يؤدي استمرار الخلاف إلى الوصول إلى مهلة الشهر التي حددها قرار الرئيس عون بتعليق جلسات المجلس النيابي، من دون الوصول إلى اتفاق على صيغة حل، ما قد يوصل البلاد والطبقة السياسية إلى اجراء الانتخابات على أساس قانون الستين بعد تعديله بما يتصل بالمهل، على الرغم من ان كل القوى السياسية ترفضه علناً، ولكن يسعى البعض إليه لأسباب انتخابية تخصه، مشيرة إلى احتمال ان يرفض الرئيس عون هذا الخيار، أو ان يكون لديه في اللحظة الأخيرة مشروع حل أو مخرج يطرحه على القوى السياسية، منعاً للفراغ أو التمديد أو الستين وهي اللاءات الثلاث التي سبق رفعها منذ شهور.
بري: الفراغ يعني الموت
وكان الرئيس برّي حذر خلال لقائه الأسبوعي مع النواب، من الوصول إلى الفراغ، حيث نقل عنه نواب الأربعاء ان «لا مصلحة لأحد في ان نصل إلى جلسة 15 أيّار من دون وجود قانون جديد للانتخابات، وحض الحكومة مرّة أخرى على متابعة جلساتها لإنجاز وإقرار مشروع القانون واحالته على المجلس.
وأكد أن «أي قانون يحتاج الى التوافق، والنسبية تبقى الخلاص»، مجددا القول إن «الفراغ يعني الموت وذهاب البلد الى المجهول».
وحسب المصادر النيابية القريبة من عين التينة، فإن كل التحرك الذي حصل لم يحدث خرقاً ولا تزال عجلة التوصل الى صيغة انتخابية خجولة وتراوح مكانها، بعد وضع الصيغة المختلطة جانباً – وتأكيد بري عبر نوابه على عدم التمسك بصيغة 64 – 64 التي كان تقدم بها، على قاعدة ان «النسبية الكاملة» تتقدم على ما عداها من صيغ، اما ما يتعلق بجلسة التمديد، فهي قائمة كأهون الشرور».
ورغم تجميد انعقاد المجلس شهراً، فإن عمل المجلس قائم ومستمر عبر اللجان النيابية، وهو ما أبلغه الرئيس برّي إلى النواب أمس بعد تسلم مشروع قانون الموازنة، حيث احاله فورا على لجنة المال والموازنة لمباشرة درسه. مؤكداً ان الموازنة لا تتضمن سلسلة الرتب والرواتب، والسلسلة مدرجة اصلاً على جدول أعمال جلسة 15 أيّار المقبل.
وفي سياق متصل، دعا رئيس لجنة المال الموازنة النائب ابراهيم كنعان الى جلسة اولى تعقد الثلاثاء المقبل للإستماع الى وزير المال حول السياسة المالية للوزارة تمهيدا لمناقشة مشروع الموازنة العامة للعام 2017 .
ومن ناحيتها، تقول مصادر نيابية ان جلسة 15 ايار ستكون مفصلية، بما قبلها وما بعدها: ففي حال تم الإتفاق على القانون الجديد سيكون التأجيل التقني امراً واقعاً، وفي حال أقرّ التمديد يبقى أمام رئيس الجمهورية ثلاث احتمالات: يرد القانون المعجل المكرر ضمن مهلة الخمسة أيام فإما يُعيد المجلس التصويت عليه بأكثرية 65 صوتاً او يأخذ بأسباب الرد، أو لا يوقع على القانون ويعتبر نافذاً حكماً بعد نشره في الجريدة الرسمية، والاحتمال الأخير ان يطعن بالقانون بعد نفاذه.
جلسات الحكومة
وعلى الصعيد الحكومي، رأت مصادر حكومية ان مجلس الوزراء لا ينعقد قبل التوصّل إلى توافق مبدئي على صيغة انتخابية ما، متوقفة في هذا المجال عند كلام الوزير باسيل أمس الأوّل بعد اجتماع تكتل «الاصلاح والتغيير» بأن لا استقرار في البلد ولا شيء سيتم من دون قانون انتخاب جديد، وفسرت المصادر هذا الكلام بأنه يعني ان «لا جلسات لمجلس الوزراء، وربما لا جلسات للمجلس النيابي قبل التفاهم على قانون الانتخاب، ما يعني شل المؤسسات مجدداً، على غرار ما حصل أثناء فترة الفراغ الرئاسي.
غير ان مصادر وزارية أبلغت «اللواء» ان عدم انعقاد أي اجتماع حكومي هذا الأسبوع، لا يعني ان ما من جلسات لمجلس الوزراء، فأولوية قانون الانتخاب يجب الا تحول دون معالجة قضايا تهم المواطنين. ولذلك فإن احتمال عقد جلسة الأسبوع المقبل وارد على ان يكون جدول الأعمال متضمناً ربما لقانون الانتخاب وبنود أخرى.
وفي هذا السياق، قال وزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصو لـ«اللواء» انه كان يفضل ان يناقش الملف الانتخابي خارج الحكومة وينأى بالحد الأدنى من الاختلافات عنها، مبدياً اعتقاده انه في إمكان مجلس الوزراء ان ينعقد لبحث جدول الأعمال بالتوازي مع قانون الانتخاب.
ولم يمانع قانصو، ان تسترد الحكومة مشروع قانون حكومة الرئيس ميقاتي وإدخال تعديلات عليه وإرساله مجدداً إلى مجلس النواب، متوقفاً عند كلام الرئيس برّي والذي دعا فيه القوى السياسية إلى ترك الصيغ الأخرى ومناقشة صيغة النسبية، لافتاً إلى ان هناك مروحة واسعة من القوى السياسية تؤيد هذا الخيار، كما ان الرئيس عون لم يبد معارضة له.
ورأى ان أي كلام في قانون الانتخاب ينحصر باسس طائفية كالقانون التأهيلي لن يؤدي إلا إلى تخاصم، وكلما ابتعدنا عن الصيغ الطائفية كلما اقتربنا نحو إنجاز قانون جديد للانتخابات.
العقوبات الأميركية
على صعيد آخر، حضر أمس، قانون العقوبات الأميركية في حق «حزب الله» والمؤسسات التابعة له المرتقب صدوره مطلع أيّار المقبل في لقاء الرئيس عون مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إلى جانب الأوضاع المالية في البلاد، حيث أكّد سلامة ان لدى المصرف المركزي الإمكانات للمحافظة على الاستقرار النقدي.
وأكدت مصادر بعبدا ان هناك متابعة لموضوع العقوبات وان الملف تتم متابعته من قبل حاكمية مصرف لبنان، وأن سلامة يملك القدرة على التعاطي بهذا الملف، انطلاقاً من خبرته السابقة منذ صدور القانون الأوّل.
ومن جهتها كشفت مصادر مصرفية ان ملف العقوبات الأميركية استدعى تشكيل خلية أزمة في مصرف لبنان، مع مجموعة من المصارف لمناقشة تداعيات العقوبات ودرس كيفية تحييد المصارف اللبنانية عنها، من خلال التشديد على التزامها المعايير الدولية والقوانين المرعية في هذا الشأن.
وإذ أكّدت ان أجواء إيجابية خيمت على لقاء بعبدا اشارت إلى تكثيف الاتصالات على أعلى المستويات للنأي بلبنان عن تداعيات القرار الأميركي المنتظر.
وأعلنت السفارة الاميركية في بيروت، أن عضو الكونغرس، رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الاميركي رودني فرلينغهيوزن (الحزب الجمهوري- نيوجرسي) ترأس وفدا من الكونغرس الاميركي في زيارة إلى لبنان من 13 الى 15 نيسان الجاري.
وانضم الى فرلينغهيوزن زميله في اللجنة عضو الكونغرس داتش روبرسبرغر (الحزب الديمقراطي – ميريلاند).
والتقى الوفد خلال الزيارة الرئيس الحريري والوزير صراف وقائد الجيش الجنرال جوزيف عون وعددا من النواب، وبحثوا في فعالية البرامج والسياسات الأميركية ذات الصلة بالمساعدات المقدمة إلى لبنان وبلدان أخرى في المنطقة.
كما زار الوفد الجامعة الأميركية في بيروت، حيث شاهدوا تأثير الدعم الأميركي على الجامعة ومستشفى الجامعة الأميركية.
وأكد عضوا الكونغرس فرلينغهيوزن وروبرسبرغر خلال الاجتماعات التي عقدوها عزم الولايات المتحدة على الحفاظ على شراكة قوية مع شعب لبنان ومؤسساته وعلى أهمية أمن واستقرار لبنان وازدهاره.
الاخبار :
مرّ الأسبوع الأول من الشهر المخصص للاتفاق على قانون انتخابات، من دون إحراز أي تقدم يُذكر، باستثناء سقوط صيغة جديدة تبناها وزير الخارجية جبران باسيل، أي صيغة «التأهيل الطائفي». لا اللجنة الوزارية التي شُكلت اجتمعت، ولا الأفرقاء المعنيون تحملوا مسؤولياتهم. لا بل يمكن القول في خلاصة مباحثات أمس أن متاهة حقيقية أضيفت إلى متاهة قانون الانتخاب، اسمها مجلس الشيوخ. ففي وقت تعجز فيه القوى السياسية عن الاتفاق على قانون انتخاب للمجلس النيابي، خرج أرنب مجلس الشيوخ، ليضيف مشكلة جديدة إلى الأزمة المعقّدة.
وعليه يفترض تضييع المزيد من الوقت الآن في البحث المتعلق بمجلس الشيوخ غير الموجود على حساب البحث الجدي في قانون انتخاب مجلس النواب، ليصار إلى وضعه جانباً بعد أسبوع وإخراج أرنب آخر. والواضح في هذا السياق أن لا أحد يستشعر الخطر المحدق بالبلد في حال الاستمرار بتضييع الوقت، ما دام يؤيد فريق الفراغ، ويتمسك فريق آخر بالتمديد بدل الفراغ. علماً أن الفراغ والتمديد لا يهددان شيئاً أولاً وأخيراً أكثر من العهد الجديد. فالفراغ في السلطة التشريعية سيدخل العهد فوراً في النقاشات العبثية بشأن شرعية الحكومة قبل أن يأخذ البلاد بخلال ثلاثة أشهر إلى انتخابات نيابية وفق قانون الستين خلافاً لما ذكره الرئيس ميشال عون في خطاب القسم.
أما سيناريو التمديد فسيطيح كل الآمال ويؤدي إلى تصادم كبير بين رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي. وعليه، ثمة أزمة كبيرة تلوح في الأفق في حال عدم الاتفاق على قانون الانتخاب، لكن الوزير جبران باسيل يجد نفسه مرتاحاً إلى درجة القول إنه يريد كشف النيات. علماً أن اللبنانيين يعلمون جيداً نيات جميع سياسييهم ولا يحتاجون من يكشفها لهم، لكنهم يتطلعون إلى دبلوماسية سياسية تدوّر الزوايا بدل أن تزيدها حدة. والواضح أن الخطاب المذهبي الذي استُخدِم في التعبئة السياسية في الأسابيع الماضية، أظهر في اليومين الماضيين عدة حالات نافرة في عصبيتها لم تجد بعد من يضبطها، في ظل استفادة القوات اللبنانية من كل ما يحصل لإقناع جمهور التيار الوطني الحر بأن حزب الله يقف في وجه الحقوق المسيحية، من دون أن يخرج صوت واحد من التيار الوطني الحر ليعترض على الأداء القواتي.
أما الاجتماع الرباعي (التيار الوطني الحر، المستقبل، حزب الله، حركة امل) مساء أمس في وزارة الخارجية، فحددت قناة «أو تي في» هدفين له: «تركيز الأجوبة المعطاة لباسيل سابقاً بشأن التأهيلي وت<