في لبنان يجري النزاع بين الأحزاب الحاكمة على وضع قانون إنتخاب يناسب حجمها ويضمن وصولها للسلطة ودون أي إنتقاد من الرأي العام تحت حجة أنهم أتوا بإرادة الشعب بالإنتخاب، ولكن بعد أن نفذت كل الأوراق من أيديهم ووسط هذا التخبط وفي ظل السجال السياسي والذي لم يوصل بعد إلى أي نتجية ووسط مخاوف كل فريق على حجمه السياسي برزت إقتراحات وأفكار وصيغ مختلفة، كل يقارب قانون الإنتخابات من وجهة نظره، حتى تخطت الإقتراحات والصيغ ال 17 إقتراحًا ومشروعًا وكلها لم يتم الإتفاق عليها.
إقرأ أيضًا: ١٥ أيار القادم... عُرقوب يخجل من هذه الطبقة السياسية
حتى برز قانون الإنتخاب التأهيلي الذي إقترحه باسيل وهو قانون يقوم على التمثيل الطائفي حسب المناطق أولاً فتقوم كل طائفة بإنتخاب عدد النواب الموضوع لها حسب عددها أمّا في المرحلة الثانية فيتأهّل عدد منهم للتنافس وفق لوائح ونظام نسبي على دوائر أوسع، ولكن لكل نظام نقاط ضعف وتوابع سيئة وهذا النظام له مشكلة وهي مشكلة إلغاء عدد كبير من أصوات اللبنانيين بسبب عدم توفر مقاعد تمثل طائفتهم في القضاء الذي سينتخبون بها (مثلاً: في حال وجود ناخبين مسلمين في أقضية لا يوجد فيها مقاعد للطوائف المسلمة، أو العكس) مما سيؤدي إلى إلغاء مشاركة الشعب بالحياة السياسية كما يجب، فإن (إلغاء الأصوات) إذا طبق القانون التأهيلي وهي الحالة التي ستحصل التي ستحصل في 12 قضاءً من أصل 26 قضاءً لبنانياً وسيفقد من جرائها هذا العدد من المصوتين حقهم في الإنتخاب، وفق أرقام سجل القيد لعام 2017:
-بنت جبيل: 16,409 ناخبين مسيحيين.
-النبطيّة: 5,554 ناخباً مسيحيّاً.
-البترون: 4,851 ناخباً مسلماً.
-صور: 12,108 ناخبين مسيحيين.
-كسروان: 2,311 ناخباً مسلماً.
-صيدا: 3,791 ناخباً مسيحيّاً.
-الكورة: 10,317 ناخباً مسلماً.
-زغرتا: 10,214 ناخباً مسلماً.
-جزين: 14,440 ناخباً مسلماً.
-المتن: 11,725 ناخباً مسلماً.
-المنية – الضنيّة: 15,921 ناخباً مسيحيّاً.
-الدائرة الأولى في بيروت: 9,963 ناخباً مسلماً.
وبالتالي فإن عدد الناخبين الذين سيحرمون من حق الإنتخاب في كل المناطق سيكون "117.604"، متوزعين بين مسيحيين (53.783 صوت)، و مسلمين(63.821 صوت).
وإضافة إلى هؤلاء يفقد الناخبون الذين شطبوا الإشارة إلى المذهب عن سجلّاتهم الحق في التصويت في المرحلة الأولى بفعل العامل نفسه.
يقول العضو المؤسس في المركز المدني للمبادرة الوطنيّة طلال الحسيني إنّه "لا يوجد تقدير دقيق لعدد الذين قاموا بشطب الإشارة إلى المذهب عن سجلّاتهم منذ 2008 ولغاية اليوم، إنّما عدد الذين لا يوجد إشارة إلى طوائفهم في السجلّات كان يتجاوز 10 آلاف منذ 2006.
إقرأ أيضًا: زي ما هني جايين
بالتالي، سيتجاوز العدد الإجمالي للناخبين الذين لن يتمكنوا من الإدلاء بصوتهم في المرحلة الأولى من الإنتخابات في حال اعتماد القانون التأهيلي 127 ألف ناخب، أي ما نسبته نحو 3.5%، من أصل 3,685,786 ناخباً، بينما سيشاركون في مرحلة الانتخابات الثانية من دون أن يكون لهم دور في تقرير هويّة المرشّحين الذين تأهّلوا إلى هذه المرحلة.
ويعتبر الباحث في الشأن الإنتخابي وليد حسين أن "النظام التأهيلي المقترح على أساس مذهبي وليس طائفيّاً يرفع هذا الرقم إلى 352 ألف ناخب، أي نحو 10% من الناخبين، لاسيما أن جميع الدوائر فيها إختلاط مذهبي من دون وجود مقاعد لجميع المذاهب، ففي بشري مثلاً هناك نحو 40 ناخباً سنيّاً و60 كاثوليكيّاً ونحو 20 أرمن أرثوذوكس.. وهكذا".
ومن عيوب هذا النظام أيضاً أنه يحتكر التمثيل النهائي بالطائفة فقط بسبب السناريو العوني المقترح في المرحلة الثانية (تأهيل اثنين للتنافس على كل مقعد).
إذ بإمكان الثنائيّات أو القوى المهيمنة داخل كل طائفة التنافس بلائحتين حزبيّتين في المرحلة الأولى، لضمان إحتكار التأهّل عن مقاعد الطائفة من دون أدنى منافسة على مقاعدها في المرحلة الثانية. كمثال على ذلك، يكفي لحزب الله وأمل في بنت جبيل، أو القوّات اللبنانية والتيّار في البترون، تشكيل لائحتين حزبيّتين في أي من الدائرتين، للتمكّن من احتكار التأهّل عن مقاعد الدائرتين للمرحلة الثانية، وتأهيل كل أعضاء لوائحهم. بالتالي، تصبح النسبيّة في المرحلة الثانية شكليّة، طالما أنّ المنافسة (أو المحاصصة) ستكون محصورة بين الثنائيّات أو القوى المهيمنة داخل كل طائفة.
وبالتالي سيبدأ الصراع داخل الطوائف على الحكم مما سيعزز لغة الخطاب الشعبي الطائفي داخل الطائفة وإلغاء الوطنية والتحالفات السياسية كبرى.
ويجب الإشارة إلى رفض تيار المستقبل اليوم جاء بعد ضعط القوات على حليفهم السني من أجل تطيير قانون باسيل. كما أن الضغط القواتي لم يكن وحيداً بل رافقه ضغط إشتراكي من تحت الطاولة بسبب تسريبات سرية تقول أن الإنتخابات في الجبل لن تحصل على أساس قانون باسيل.