نشب خلاف بين مصر والولايات المتحدة الأميركية حول عقد مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، جلسة خاصة لمناقشة حقوق الإنسان وعلاقتها بالصراعات المسلحة. فبينما أعرب مندوب مصر عن انزعاجها من تناول المجلس موضوعا "ليس من اختصاصه"، اعتبرت المندوبة الأميركية أن "انتهاك حكومات بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هو الذي يقود إلى انتشار العنف وعدم الاستقرار في العديد من الدول".
وعقد المجلس مساء الثلاثاء جلسة خاصة، بدعوة من الولايات المتحدة الأميركية، الرئيس الحالي الدوري لأعمال المجلس، تحت عنوان: "صون السلم والأمن الدوليين: حقوق الإنسان ومنع نشوب النزاع المسلح".
وفي إفادة إلى أعضاء المجلس، قال المندوب المصري الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عمرو أبو العطا، إن "مصر تبدي انزعاجها إزاء الالتفات المستمر من قبل مجلس الأمن إلى مهام وسلطات الجمعية العامة وغيرها من أجهزة الأمم المتحدة، لا سيما السعي إلى توسيع ولاية مجلس الأمن عبر تناول موضوعات تندرج وفق ميثاق الأمم المتحدة ضمن الاختصاصات الأصيلة لأجهزة أممية أخرى".
وأضاف مندوب مصر، العضو غير الدائم في المجلس: "نعرب عن قلقنا إزاء إصرار البعض على استخدام الهدف المشترك لتعزيز حقوق الإنسان كمدخل خلفي للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وإدراج حالات على جدول أعمال المجلس لا تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين".
وتابع أبو العطا بأن مصر "تنأى بنفسها عن محاولات إقحام مجلس الأمن الدولي في تأجيج الاستقطاب، والابتعاد بدور مجلس الأمن عن الولاية التي أوكلها له ميثاق الأمم المتحدة".
وأردف قائلا إن "ما يشهده العالم اليوم من استقطاب ونزاعات طال أمدها لسنوات وعقود، وانتشار الإرهاب، وازدياد أعداد اللاجئين، وتفاقم مشكلة الهجرة غير الشرعية، هو نتاج لتطبيق معايير مزدوجة، وانتهاك مبادئ ومقاصد وقواعد ميثاق الأمم المتحدة، وطرح تفسيرات مغلوطة؛ تغليبا لمصالح ذاتية ضيقة".
وكانت مندوبة الولايات المتحدة الأميركية لدى الأمم المتحدة، السفيرة نيكي هايلي، قالت في بداية الجلسة إن "حماية حقوق الإنسان ترتبط ارتباطا وثيقا وعميقا بالأمن والسلم الدوليين". وتابعت هايلي، في إفادتها إلى أعضاء المجلس، بأن "انتهاكات حقوق الإنسان ليست مجرد نتيجة جانبية عشوائية للنزاع، وإنما هي سبب النزاع؛ فحين تنتهك الحكومات والدول حقوق الإنسان بصورة منهجية، فهذه علامة حمراء.. هذا إنذار بأن عدم الاستقرار والعنف سينتشران".
وزادت بقولها: "فلننظر إلى كوريا الشمالية. الانتهاكات الممنهجة هناك تساعد على بناء برامج الدولة النووية والبالستية. وتجبر الحكومة العديد من مواطنيها، بمن فيهم سجناء سياسيون، على العمل في ظروف خطرة في مناجم الفحم وأماكن أخرى خطرة لتمويل قوى النظام العسكرية؛ لذلك يجب على هذا المجلس أن يكرس جهودا أكبر لمعالجة الخطر المتزايد الذي تمثله كوريا الشمالية على الأمن الدولي".
ومضت قائلة: "أما الوضع في سوريا، الذي بدأ في 2011 عندما كتبت مجموعة من المراهقين رسالة على جدران مدرستهم يطالبون فيها بإسقاط النظام، الذي احتجزهم على إثرها وعذبهم قبل أن يعيدهم إلى ذويهم، فأدى إلى مزيد من المظاهرات ومزيد من التضييق والتعذيب، إلى أن انفجر الأمر، ووقعت الحرب التي أدت إلى سقوط مئات الآلاف من الضحايا وتشريد ملايين اللاجئين".
واتهمت السفيرة الأميركية مجلس الأمن بالتردد في معالجة الأزمة السورية حين اندلعت شرارتها الأولى، قائلة إن "هذا المجلس كان مترددا في معالجة الأزمة.. حتى أصبح لدينا قضية أمنية نضطر الآن إلى معالجتها مرارا وتكرارا. إنه مثال قوي على أهمية التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان بجدية أكبر منذ البداية". كما تطرقت المندوبة الأميركية، في إفادتها، إلى الوضع في بوروندي وميانمار، مشددة على أن "السلطات في البلدين تقمع المتظاهرين والأقليات، وتستخدم العنف ضدهم، ويتعين التحقيق في جميع هذه المزاعم، وتفادي كوارث وانتهاكات أفظع".