انتهت عطلة عيد الفصح الطويلة، ولم تنته «دراما» الخلافات المستحكمة حول قانون الانتخاب، والتي أخذت في طريقها جلسة لمجلس الوزراء كان مفترض ان يدعى إليها قبل نهاية هذا الأسبوع، وحتى اللجنة الوزارية التي شكلت لدراسة الصيغ الانتخابية المطروحة، لم تعقد، واقتصرت المشاورات الجانبية على بعض اللقاءات التي يُشارك فيها وزير الخارجية جبران باسيل، والذي أدلى بمطالعة مطولة، بعد اجتماع تكتل «الاصلاح والتغيير»، توزعت بين الاستعراض والتبرير، متنصلاً من مسؤوليته عن تعطيل السياق، والتي فاض من غالبيتها ضباب من التحريض والطائفية والمذهبية، والفرز والنحيب على التمثيل المسيحي باسم الميثاقية والشراكة.
نعى باسيل صيغته الأخيرة التي طرحها، وتبنى مشروع التأهيل والتفضيل الذي لم يقترحه فريقه، بل صدر من عند طرف آخر (في إشارة إلى الرئيس نبيه برّي).
وفي عودة إلى نغمة التعطيل، قال باسيل: «ليس هناك من أمر أهم من قانون الانتخاب، ومن إقراره، ولا تعيين ولا تشريع ولا مجلس وزراء، ولا أي أمر له الأولوية اليوم على قانون الانتخاب، لأننا نريد أن ننتهي من التمديد… وهذا الأمر لا يحتمل الانتظار شهراً».
وفيما كان باسيل يشرح عملية التأهيل على الأساس الطائفي والمذهبي، بحيث ينتخب عن كل مقعد شخصان، ثم تأتي المرحلة الثانية حيث ينتخب النائب على أساس النسبية، كانت المواقف تنهال تباعاً رفضاً لهذا المشروع الجديد – القديم، بدءاً من الحزب التقدمي الاشتراكي حيث رأى النائب في كتلة «اللقاء الديمقراطي» غازي العريضي من عين التينة ان «التحريض والعناد لن يكرسا الشراكة»، واصفاً التحريض الطائفي والمذهبي وإثارة النعرات «بالجريمة الكبرى».
وقال: أخطر ما يمكن ان نواجهه ان نرى أي مسؤول في إدارة شأن عام يصبح أسير الموقف والكلمة على طريقة: «أنا قررت، أنا قلت».
وتوقفت كتلة «المستقبل» النيابية عند ما وصفته «بالاجواء المحتقنة التي عمل البعض على اشاعتها في البلاد، وهي تتناقض مع عيش اللبنانيين المشترك»، محذرة من «الفراغ المؤسساتي»، ومطالبة بصيغة وطنية لقانون الانتخاب تستند إلى اتفاق الطائف، أي الوصول إلى قانون يدفع باتجاه الوحدة الوطنية واحترام العيش المشترك، ويتجنب الانزلاق نحو صيغ تعيد البلد إلى الوراء، وتزيد من حدة الاحتقان، وتدعو إلى الفصل والانقسام الطائفي والمذهبي الذي دمر لبنان».
وما لم تقله الكتلة، قاله مصدر نيابي فيها، إذ لاحظ رداً على سؤال لـ«اللواء»، فهو (أي البيان) كان واضحاً حيال مشروع التأهيلي، وإن لم يقل ذلك صراحة، فالكتلة ليست مع التأهيل المذهبي لأنه يؤسّس لفيدرالية الطوائف، وهذا ما نرفضه، معرباً عن اعتقاده بأن المشروع سيفرط مثلما فرطت المشاريع الأخرى قبله، لافتاً إلى ان اطرافاً أخرى سبق ان رفضت المشروع غير النائب وليد جنبلاط الذي كان موقفه منه واضحاً وصريحاً.
وبحسب المصدر فإن الوضع ما زال على حاله، بدليل ان مجلس الوزراء لم يدع إلى الاجتماع حتى الساعة، مما يؤشر إلى وجود خرق ما، وهذا لم يحصل.
الا ان مصادر في تكتل «الاصلاح والتغيير» رأت ان الأجواء ليست مقفلة، وأن العمل يتواصل بغية التوصّل إلى نتائج.
وبنت هذه المصادر استنتاجاتها على انها لم تلمس من الوزير باسيل في اجتماع التكتل في الرابية بعد ظهر أمس، أية تعقيدات، وكشفت ان رئيس التيار أبلغ المجتمعين ان هناك أجوبة لم تصل بعد، وأن أجوبة جاءت بملاحظات مرفقة.
وكشف عضو التكتل النائب سليم سلهب لـ«اللواء» ان باسيل سيكثف اتصالاته لإنهاء التفاهم على صيغة قانون جديد في بحر أسبوع.
وأكد سلهب: لن ننتظر إلى حين انقضاء الشهر أو حتى اللحظة الأخيرة، ملوحاً بكشف من يعرقل، ووضع كل الحقائق امام الرأي العام، كاشفاً ان الصيغة المقترحة حول التأهيل ما زالت قابلة للبحث، وأن نتيجة الاتصالات الأولى تبدو مشجعة.
في المقابل، قال النائب في كتلة «اللقاء الديمقراطي» هنري حلو لـ«اللواء» ان طرح باسيل رفض منذ البداية، وأن لا شيء جديداً في ملف قانون الانتخاب.
السراي
وفي السراي الكبير، تركز الاهتمام بجانب رئيسي على قانون الانتخاب، وإمكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء في ضوء ما تمّ بحثه بين الرئيس سعد الحريري ونائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسّان حاصباني الذي وإن قدم إلى السراي لبحث الملف الذي سيحمله إلى واشنطن حيث سيعقد البنك الدولي اجتماعاً يبحث فيه المساعدات للنازحين السوريين، الا انه كشف ان البحث تطرق أيضاً إلى قانون الانتخاب، متوقفاً عند بعض الأفكار المطروحة التي قد تؤدي إلى حلول إيجابية، داعياً إلى الاستفادة من الوقت المعطى للحكومة من أجل الوصول إلى مشروع قانون.
واليوم، تكتمل حلقة مرور اسبوع على رسالة الرئيس ميشال عون التي قضت، وفقا لمنطق المادة 59 من الدستور، بتعليق عمل المجلس شهراً كاملاً، لم يبق منه سوى 24 يوما، تفصل البلاد والعباد عن الجلسة النيابية التي دعا اليها الرئيس بري في 15 ايار المقبل للتمديد للمجلس، في حال لم يتم التوصل الى مشروع قانون تحيله الحكومة الى هذا المجلس.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة عن اتصالات تجري لعقد جلسة لمجلس الوزراء او للجنة الوزارية، وربطت هذه المصادر بين عدم دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد وتعثر الاتفاق على الصيغ الانتخابية المطروحة.
ولاحظت هذه المصادر تباعداً في النقاشات الدائرة، معربة عن مخاوفها من تقطيع الوقت من دون التوصل الى اتفاق على صيغة لقانون انتخاب، على الرغم من تأكيد الرئيس عون في بكركي، بأنه سيكون للبنانيين قانون جديد للانتخاب.
المواقف مسيحياً وشيعياً
مسيحياً، وفيما لاحظ الرئيس امين الجميل انه ليس مهماً من يحصل على مقعد بالزائد او بالناقص بل تحصين الساحة لمواجهة كل المخاطر الداهمة والخطيرة، معرباً عن امله في انجاز قانون انتخاب في اسرع وقت، ترددت معلومات عن ان هناك صيغة ما يزال حزب «القوات اللبنانية» يتكتم عليها، بانتظار مصير المشروع التأهيلي الذي يتبناه الوزير باسيل ويروج له، والذي وضعت «القوات» ملاحظات عليه.
شيعياً، رددت اوسط عين التينة ان الرئيس بري يجري لقاءات مفتوحة مع الكتل والنواب والشخصيات لاستمزاج رأيهم حول الصيغ المطروحة.
وحذرت هذه الاوساط من مرور الوقت من دون انتاج اي شيء، فرئيس المجلس لا يمكن ان يقبل تحت اي اعتبار بالفراغ في المؤسسة الدستورية الأم وهو يحرص على عدم اضاعة الوقت في متاهات الصيغ التي تعزف على المذهبية والطائفية، مشيرة الى ان لا مانع من العودة الى بحث المختلط بشرط ان لا يتجاوز النسبية او يحدث خطوط تماس بين الطوائف.
اما بالنسبة لحزب الله، فقد لاحظت مصادر نيابية ان الحزب يجهد ما امكن الى ابقاء الخلاف مع «التيار الوطني الحر» داخل الجدران المقفلة وعدم تظهيره للعلن، وفي ضوء التباعد الحاصل بين قواعد طرفي تفاهم مار مخايل 2006.
وتنقل هذه المطلعين عن مطلعين على اجواء «حزب الله» انه ضاق ذرعاً باداء باسيل واقتراحاته، وهو يكتفي لغاية الآن بالرسائل النارية الاعلامية، سواء عبر كتاب او صحف محسوبة عليه، او هي على الاقل مطلعة على مواقفه، مشيرة الى ان الحزب وان كان بات اقرب الى خط تقديم تنازلات، منعاً لانفجار الازمة بعد 15 ايار، الا انه لن يقبل تحت اي اعتبار التعبئة المذهبية والطائفية.
دولياً، كشفت مجموعة الدعم الدولية لأجل لبنان، انها اخذت علماً برسالة الرئيس عون تأجيل انعقاد جلسة مجلس النواب شهراً، واعلان رئيس المجلس عن انعقاد الجلسة المقبلة منتصف الشهر المقبل، ودعت القادة اللبنانيين للاستفادة من الفترة الزمنية، وتكثيف جهودها من اجل التوصل الى اطار انتخابي متفق عليه يسمح باجراء انتخابات حرة ونزيهة وفقا للدستور.
وشدد اعضاء المجموعة على اهمية اجراء الانتخابات في حينها للحفاظ على العملية الديمقراطية في لبنان.
مؤتمر دار الفتوى
ومن دار الفتوى، دعا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الى دعم الرئيس الحريري في جهوده لايجاد قانون انتخابي جديد.
وجاء موقف دريان، في كلمة لمناسبة انعقاد مؤتمر حول دور المؤسسات الدينية الرسمية في تعزيز عملية السلام والحوار، بالتعاون مع مؤسسة بيرغهوف الالمانية.
وشارك في المؤتمر مفتي مصر الشيخ شوقي علام ومفتي الاردن الشيخ محمد الخلايله، ومثل النائب عمار حوري الرئيس الحريري، كما شارك الرئيس فؤاد السنيورة وممثلون عن الطوائف الاسلامية ووزراء ونواب وسفراء عرب واجانب.
واكدت الكلمات على ان اتهام الاسلام بالارهاب مردود، وان السلام الرسالة الاسمى لكل الاديان.
واكد المؤتمر على ثقافة الحوار والسلام، وشدد المفتي دريان على رفض وصف الاسلام بالارهاب والتطرف، ورأى انه لا ينكر سماحة الاسلام الا كل متجن ومفتر.