ليلة استعمال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للمادة 59، أعلن «وزير قوانين الانتخاب» جبران باسيل أنّ اتفاقاً أوّلياً قد حصل على قانون التأهيل ليتبيّن بعد أيام أن «لا اتفاق ولا مَن يحزنون»، وأنّ مَن يعطل قوانين باسيل وما زال هو «حزب الله»، الذي يسعى الى خياطة مختلفة، ونتائج مختلفة لقانون الانتخاب عن تلك التي يريدها باسيل.وعليه لا تزال الأزمة في مكانها، مع احتمالات ضئيلة للتوصل الى توافق على القانون، نظراً لأنّ صيغة باسيل التأهيلية هي قانون أُرثوذكسي مقنّع، أيده حزب الله في السابق على سبيل المناورة لإحراج رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ثم طواه الجميع بعد أن استنفدت المناورة نفسها.
عملياً التأخر في تحديد جلسة لمجلس الوزراء، يعني أنّ الأزمة أكبر من القدرة على تجاوزها.
فحزب الله الذي يبدو أنه اعطى موافقته مع الملاحظات على القانون ترك لحلفائه أن يجهزوا عليه، وهو بذلك يريد تجنّب اصطدام مباشر مع التيار الذي يتحوّل رغم محاولات إخفائه إلى اصطدام مع الرئيس ميشال عون، الذي تقول المعلومات إنه أبلغ الى حزب الله انه لا يتحمّل التمديد، الذي يعتبره انتكاسة لعهده. وتضيف المعلومات أنّ عون في صدد اتخاذ خطوات دستورية وسياسية لمواجهة التمديد، في إيحاء الى درس طبيعة علاقته بحزب الله، التي لم تتاثر منذ العام 2006.
من الخطوات العملية التي ترافق أزمة القانون، غياب انعقاد مجلس الوزراء واشتراط تحديد الجلسة بأن يكون قانون الانتخاب بنداً اساسياً على جدول اعمالها، بنداً للنقاش الفعلي واتخاذ القرار، وليس لـ»الثرثرة» وتشكيل اللجان الوزارية.
وبناءً عليه، تقول المعلومات إنّ عون سيضغط لعقد جلسة للحكومة لمناقشة القانون، كون مهلة الجلسة النيابية لم تعد تتحمّل التأخير، لكن ذلك لن يعني حكماً أنّ جلسة مناقشة القانون ستشهد طرح احد القوانين على التصويت نظراً لأنّ ذلك سيؤدي الى إيصال العلاقة مع حزب الله الى المأزق الذي لا عودة عنه.
على ايقاع الحملات الاعلامية التي شُنت ضد الثنائي المسيحي والتي فسّرها الطرفان على انها تهديد لباسيل و«القوات» ولكليهما معاً، تؤكد اوساط «القوات اللبنانية» أنّ القانون التأهيلي يحظى بموافقة «القوات»، وذلك على عكس ما سُرّب في الاعلام، وخصوصاً لجهة التمسّك بتأهيل مرشحين للمقعد الواحد، والتمسّك بحق الصوت التفضيلي في القضاء، وهما النقطتان اللتان يعترض عليهما حزب الله بشدة، نظراً لأنهما تتيحان للثنائي المسيحي أن يفرض في المرحلة الثانية، أي في الانتخاب النسبي، مرشحيه، فتصبح كتلة «القوات» و«التيار» الأكبر مسيحياً وتتخطى بسهولة سقف الـ43 نائباً، وهذا ما يضع الحزب عليه خطاً أحمر.
أمام هذا المشهد يبدو مأزق قانون الانتخاب متّجهاً اكثر إلى التصعيد. فموقف عون وباسيل أصبح موقفاً واحداً بعد أن تمايزا في المرحلة الماضية شكلاً، وعون مقبل على تحدٍّ من نوع آخر، لم يعد يمتلك أيّ ادوات دستورية لوقفه، باستثناء تلك التي لا فعالية لها أو تلك التي لا وجود لإجماع على تفسيرها كالمادة 59.
أما حزب الله فمشروعه القائم والجدي قانون النسبية، وهو يتنحّى اليوم عن المسرح موقتاً، مفسحاً في المجال لإعلامه وحلفائه لكي يجهزوا على التأهيلي. لكن ومع كل ذلك سيكون أمام الحزب أن يخوض معركة حصول التمديد في وجه رئيس الجمهورية إذا لم يستطع أن يمرّر النسبية، وعندها ستكون جلسة 15 أيار جلسة التمديد للمجلس النيابي برعاية بري وحضور قوى برلمانية باستثناء كتلتي الثنائي المسيحي.
ويبقى السؤال: هل يتراجع رئيس الجمهورية، عن الإصرار على التمسك بقانون باسيل؟ وهل يتجه الى القبول المبدئي بالقانون النسبي؟ وماذا عن اجتماعات الحكومة المجّمدة قبل الوصول الى التمديد وبعده، وهل سيطرح الثنائي اسلحة محرّمة كالاستقالة من الحكومة علماً انهما يمتلكان «الثلث المعطل» القادر على إقالة الحكومة؟