دخل الروس إلى سوريا لا للتنزه فلا شيء في هذا البلد ما يدعو إلى الإستجمام خاصة بالنسبة لبلد سياحي يقصده السائحون الباحثون عن مُتع الليل وآثار النهار ولم يأت الجيش الروسي ليوقف حمامات الدم بطلب من الأمم المتحدة بل جاء ليسهم في تدمير سورية لأن سلاحه المستخدم لا يفيد إلاّ في التدمير وزيادة عدد القتلى فهو موجه الى مسلحين متواضعي الإمكانيات العسكرية وهو لا يواجه دولة تملك بعض ما تملكه الدولة الروسية.
روسيا التي هربت من أوكرانيا ولم تقاتل هناك رغم حجم المصالح المتروكة مخافة مواجهة الغرب تهرع الى سوريا نافخة عضلات بوتين لتدافع عن نظام سقط عندما لم يتمكن من الدفاع عن وجوده واحتاج إلى إيران ومن معها ليقاتلوا عنه في معركة بقاء الأسد واحتاج إلى روسيا وما معها من سلاح تدميري لتأكيد دور النظام في مستقبل سوريا.
إقرأ أيضًا: جعجع حكيم لبنان دون منازع
هذا الدور الروسي المدمر والممسك بورقة النظام وبرقبة الأسد تحديداً لم يتم التعاطي معه من قبل العرب والمعارضة السورية كما تم التعامل من قبلهم مع إيران وهذا ما يؤكد وجود خلفيات أخرى غير التي يظهرها العرب والسوريون المعارضون ضدّ إيران فلو كان الموقف من إيران هو نتاج دخولها الحرب في سوريا لجانب النظام لكن الموقف نفسه يطال كل من يتدخل في الحرب لصالح الأسد ومن بينهم الروس.
لقد قاطع العرب والمعارضون السوريون دعوات إيران لحل الوضع في سورية نتيجة أن إيران دولة متورطة في الحرب وليست محايدة وهي طرفاً قوياً في الأزمة والخلاف والحرب وهذا موقف مبرر ولا غبار عليه ولكن ما معنى أن لا يرفض العرب والسوريون دعوات روسيا للحل ويستجيبون لها بمشاركة قوية من قبل كل أفرقاء المعارضة المحسوبة عل الدول العربية ويتعاطون مع الدعوات الروسية كدعوات صادقة في حين انهم تعاطوا مع دعوات إيران كدعوات كاذبة ومُضلة.
إن الخلل في النظر الى كل من دور إيران وروسيا في سورية من قبل المرصدين العربي والسوري يسهم في تعزيز مناشط أخرى للصراع ويغذي من قبلية المعركة المفتوحة إذ لا تبرير لتجاوب العرب للدعوة الروسية تحت سقف الطيران والصواريخ الروسية التي هزّت أركان البلاد والعباد وفرضت واقع الأسد في مستقبل الحلّ.
إقرأ أيضًا: زي ما هني جايين
لم نشهد إجتماعاً عربياً مندداً بالدولة الروسية وداعياً الى مقاطعتها وإتخاذ التدابير المطلوبة إقتصادياً وسياسياً لفرض ضغوط جبّارة تُثني الروسي عن غيّة وشره في حين أن كل التشكيلات العربية قد إتخذت حزمة حازمة من التدابير على إيران وتم وصفها بالعدو الأول والأخير للأمة العربية فلا يوجد بيت عربي إلاّ وله موقف من إيران المعتدية على العرب من خلال تدخلاتها في بلادهم ولم يطال هذا الأمر الدولة الروسية المسؤولة الآن عن موت كبير وتدمير أكبر في سورية.
ما فعلته روسيا في سورية لا تفعله إيران لا لأسباب أخلاقية ولكن لأسباب أخرى فالقتل المفتوح والتدمير المباح وإطلاق يد النظام في إستخدام السلاح المحرم هي من بركات الفعل الروسي فإيران موجودة قبل روسيا في سورية ولم تفعل ما فعله الروس ومع ذلك ثمّة من يرى في القتل والتدمير قتلاً مبرراً وتدميراً مقبولاً طالما أن يد الجاني روسية وليست إيرانية.
إن ما تملكه روسيا أكبر وأكثر بكثير مما تملكه إيران في دفاعهما عن النظام السوري لذا من المعيب على العرب التنديد بإيران فقط دون التنديد الفعلي بروسيا فها هي إيران خارج التغطية الفعلية في سورية وروسيا وحدها داخل التغطية ولو لها لما كان الوضع النظام على ما هو عليه الآن من قبول إقليمي ودولي.