قرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بتأجيل انعقاد مجلس النواب مدة شهر واحد ضمن العقد التشريعي العادي، والذي ينتهي في 31 ايار القادم، اثارت مجموعة من التداعيات النوعية في مسار الحركة السياسية المعقدة في لبنان. وهي المرة الاولى التي يقدم فيها رئيس على مثل هذه الخطوة، منذ تأسيس الجمهورية، وفي زمن يحسب على انه من الحقبات الصعبة التي مرت على لبنان، نظرا للإنسداد الكبير الذي يواجه انسياب الحركة السياسية والدستورية اللبنانية.
قرار الرئيس دستوري 100%، ولا تشوبه شائبة من حيث الشكل، وهو حق كفلته المادة 59، لكن توقيته مكلف، ومخيف، وقد يكون له بعض الآثار غير المتوقعة، خصوصا ان الكثيرين يعتبرون: انه جاء لتسديد ضربة في مرمى فريق سياسي لصالح فريق سياسي آخر، ولم يحصل القرار بسبب تحديات داهمة تعني الشعب اللبناني برمته، مما قد يؤسس في المستقبل الى إعادة توزيع جديد للقوى السياسية، وقد يحسب فيها رئيس الجمهورية الى جانب اصطفاف ضد اصطفاف آخر.
وخطوة رئيس الجمهورية جنبت البلاد مشهدا انقساميا قاسيا كاد يتبلور من جراء خطوة مجلس النواب بالتمديد لنفسه مدة سنة، ولكن التمديد، كان مبررا كونه أهون الشرور، تلافيا لسقوط الجمهورية برمتها إذا ما حصل الفراغ في البرلمان. والبرلمان في لبنان هو أبو السلطات، كما هو مبين في الدستور. ولأن مؤيدي التمديد، هم معارضو التمديد بالاساس، ولكن الضرورات تبيح المحظورات، ذلك أن مهل اصدار قانون التمديد في ايامها الأخيرة، لأن القانون يحتاج الى اكثر من شهر لإعادة التأكيد عليه إذا ما رده رئيس الجمهورية وفقا للمادة 57 من الدستور، او إذا ما طعن فيه امام المجلس الدستوري.
قرار رئيس الجمهورية دستوري، ولكن عدم التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على أساس أن القانون القائم، مخالف للدستور وفقا لمطالعة المجلس الدستوري في القرار رقم (7) تاريخ 28/11/2014. الذي اعتبر فيه «ان عدم الاتفاق على قانون جديد للانتخابات، لا يبرر عدم إجراء الانتخابات على اساس القانون النافذ».
المخيف في قرار عون، أنه قد يتسبب في أزمة وطنية كبرى، إذا لم يحصل اتفاق على قانون جديد للإنتخابات ضمن مدة الشهر، لأن صلاحية المجلس الحالي تنتهي حكما في 20 يونيو القادم ومهل الرد، او الطعن وإعادة التأكيد، تحتاج الى اكثر من المدة المتبقية له، كما ان المجلس يحتاج الى فتح دورة استثنائية بعد 31/5/2017، وهذا متعذر بطبيعة الحال.
علما ان الخلافات حول مندرجات القانون الجديد قائمة منذ اكثر من خمس سنوات، والمؤشرات التي ظهرت في كواليس اللجان المتعددة التي كانت تبحث في الإقتراحات، قاتمة، لأن التزاوج بين النظام الطائفي والنظام النسبي في الانتخابات وراءه صعوبات كبيرة، كما أن الحفاظ على المناصفة في عدد اعضاء مجلس النواب، يحتاج الى بعض المرونة للحفاظ على الاولى، ولتطبيق الثانية، نظرا للتغييرات الديمغرافية التي حصلت في البلاد خلال السنوات الماضية، بينما سمة التشدد هي الغالبة عند اغلبية الفرقاء.
كلفة قرار الرئيس باهظة جدا، ولو انها دستورية. لأن تعطيل مجلس النواب شهرا في هذا الوقت بالذات، يعني تعطيل إقرار الموازنة التي لم تصدر منذ 12 عاما، وضمنا تعطيل سلسلة الرتب والرواتب التي ينتظرها الموظفون والأساتذة منذ سنوات عديدة.
الانباء الكويتية