في وقت تحفظت فيه الفصائل الإسلامية في الرّد على التصريحات الأميركية حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد، رحبت فصائل محسوبة على الجيش السوري الحر بتلك التصريحات، معتبرة أنّ الإدارة الأميركية جادة في التخلص منه.

وكان البيت الأبيض قد تحدث عن الرغبة بـ"إنهاء حكم عائلة الأسد" إثر القصف الصاروخي الأميركي على مطار الشعيرات بريف حمص، بعد قصف بلدة خان شيخون بالسلاح الكيماوي.

وارتفعت حدة التصريحات مع وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب؛ الأسد" بـ"الحيوان"، ما أثار عاصفة من الترحيب في صفوف معارضي الأسد، وتجاهل واضح من قبل مؤيديه.

وبالرغم من تحفظ مسؤول في فصيل إسلامي بارز في الشّمال السوري، رفض ذكر اسم فصيله، في الرّد على تلك التصريحات كون أن القيادة لم تصدر أي قرار بشأنها أو كيفية التعاطي معها، رأى قيادي في فصيل آخر محسوب على التيار الإسلامي أنّ التصريحات الأميركية جادة في إنهاء حكم عائلة الأسد، مشيرا إلى وجود اجتماعات على مستوى عال في هذا الخصوص.

لكن فصائل المعارضة المحسوبة على الجيش السوري الحر، رحبت بالتصريحات الأميركية، معتبرة أن مصير الأسد، قد قارب من نهايته، فيما رفض مسؤول في الجبهة الشامية التعليق على التصريحات الأميركية، مشيرا إلى أنّ الجبهة تنتظر ثمار تلك التصريحات على الأرض.

وفي سياق الترحيب بالغارة الأميركية على مطار الشعيرات، والتصريحات التي توالت بعدها بالرغبة بإنهاء حكم الأسد في البلاد، قال الملازم فاروق خليف، قائد الفرقة 46 العاملة في ريفي حماة وإدلب: "الولايات المتحدة، اتخذت القرار بإزالة بشار الأسد من السلطة الإجرامية، الذي قتل شعبه على مدى ست سنوات، وإنهاء الصراع في سوريا".

وبحسب خليف، فإنّ إدارات الحزب الجمهوري في أميركا مشهورة عبر السنين الماضية باستخدامة القوة العسكرية، وإعادة الهيمنة على المنطقة، وإعادة التوازن الدولي، بالتزامن مع إزالة تنظيم الدولة في منطقة الجزيرة.

وبالرغم من تفاؤل خليف بالتصريحات الأميركية، إلا أنّه يعي بأنّ المرحلة المقبلة لن تكون سهلة في البلاد، حيث يقول: "المرحلة المقبلة صعبة جدا، حيث إن البلاد أمام عدة خيارات، من بينها التدخل الدولي لاقتلاع حكم الأسد، أو الذهاب إلى التقسيم، مشيرا إلى اتفاق "المدن الأربع" (كفريا، الفوعة، الزبداني، مضايا)، الذي يعتبره أولى خطوات التقسيم.

وتوّقع القيادي في الجيش السوري الحر، أنّ يقصف الأميركيون مطار حماة خلال المرحلة القادمة؛ من أجل ضمان تقدّم الثّوار باتجاه ريف حماة وريفها الجنوبي، حتّى الوصول إلى مدينة الرستن، في ريف حمص الشمالي، مبديا في الوقت ذاته رفضه للتقسيم كونه يخرج عن مبادئ الثورة في نبذ الطائفية، كما قال.

من جهته، يرى بسام حاج مصطفى، عضو المكتب السياسي المستقيل من حركة نور الدين الزنكي، أنّ الولايات المتحدة ستحرص على إخراج إيران والقوات الموالية لها، كخطوة أولى لإيجاد حل في سوريا، وبالتالي سيضغط باتجاه ضرب تلك القوات، وهو ما سيحصل خلال الأيام القليلة القادمة، بحسب قول حاج مصطفى.

لكن الصحفي السوري فراس ديب، يقلل من أهمية التصريحات الأميركية حول إنهاء الأسد، معتبرا أنّه حتى لو صدقت واشنطن في الإطاحة بالأسد، فلن تشمل نظامه الوظيفي.

ويرى ديب أنّ التصريحات الأميركية الأخيرة هي تمهيد لمرحلة جديدة عمودها الفقري "الحرب على الإرهاب"، من خلال بلورة نظام بديل للأسد، قابل للاعتماد عليه في محاربة الإرهاب، وقادر على شد ولو جزء بسيط من "الحاضنة السنية إليه.

ورأى أن كل ذلك يأتي بسبب الفشل الأميركي في معركتي الموصل والرقة من الناحية العملياتية والعسكرية، إضافة إلى الكلفة المادية العليا التي تكبدتها دول التحالف بقيادة أميركا حتى الآن.

وبالرغم من التصريحات المتوالية للمسؤولين الأميركيين في البيت الأبيض حول تغير النظام السوري، فقد أفشل الروس في مجلس الأمن في وقت سابق، قرار أعدته الولايات المتحدة، ويقضي بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية في خان شيخون.

إلا أنّ القيادي في عملية درع الفرات، العقيد هيثم العفيسي، قلل من أهمية الفيتو الروسي في التأثير على القرارا ت الأميركية حول مستقبل سوريا.

ويقول العفيسي: "أغلب دول العالم تقف مع الموقف الأميركي، وهو ما تبيّن بعد رفض الصين الانضمام إلى الروس في استخدام الفيتو ضد المقترح الأميركي في مجلس الأمن الأخير، إضافة إلى رغبة الولايات المتحدة في إعادة هيبتها إلى المنطقة، وإصرارها على إخراج الإيرانيين منها، حتى لو تطلب الأمر الخوض في حروب شاملة"، وفق تقديره.

ويأتي ترحيب فصائل الجيش السوري الحر بالتصريحات الأميركية، وتحفظ الفصائل الأميركية على الرد على تلك التصريحات، وسط دعوات من قبل معارضين لاستغلال الموقف الأميركي الجديد، وتشكيل كيان معارض جامع، كبديل عن الكيانات الموجودة حاليا.

من جهته، دعا الدبلوماسي المنشق عن الأسد، بسام العمادي، إلى استغلال الموقف الأميركي الجديد، و"انتهاء زمن الغطرسة الروسية"، من خلال البدء بـ"تشكيل وفد مفاوض حقيقي يمثّل السوريين، وليس من أشخاص فرضتهم دول أخرى باسم السوريين".

وطالب العمادي مفاوضي المعارضة السورية، بالتراجع عن كل "التنازلات التي قدموها في جنيف من سلات ومنصات، وغيرها من رؤى وخطط، وخاصة في الخطة التي قدمت في لندن وفي خطة الخبراء التي وقع عليها رياض حجاب وغيره، والتي قبلت بتقاسم السلطة مع النظام"، كما قال.