أشلاء الأطفال المتناثرة على الأرض وصرخات الأمهات وآهات الرجال في حلب بالأمس جراء التفجير الإنتحاري الإرهابي الذي تعرض له مهجري كفريا والفوعة لا يحل ولا يعالج بالإدانات فقط.
فلا شك أن حجم الجريمة الإرهابية والتي سبقها جريمة أخرى في خان شيخون بإدلب ومئات المجازر في الجغرافيا السورية لمدة سبع سنوات هي وصمة عار في جبين هذا المشرق، ولكنها في الوقت نفسه " تجربة " إضافية وللأسف باللحم الحي لتؤكد أن الأزمة السورية دخلت في مراحل متطورة من الجنون والإرهاب من كافة الأطراف.
إقرأ أيضا : شهداء الفوعا وكفريا برسم الضمير الإنساني العالمي
الإدانات لا تكفي:
هذا الجنون والإرهاب يواجه اليوم في سورية إما بمزيد من الإرهاب المقابل أو ببيانات إستنكار وإدانات من أجل رفع العتب.
لكن الواقع يقول بأن الإجرام والإرهاب يزدادان يوما بعد يوم وقتل الأبرياء مستمر في ظل عدم وجود حلول واقعية للأزمة ومراوغة وإلتفاف على كل مقترح قد يحمل بارقة أمل لإنهاء المأساة السورية.
واليوم يدفع المدنيون في سورية فواتير لعبة السلطة والمعارضة والحكم وتحولت الأطراف السياسية إلى دمى تحركها مشاريع إقليمية عربية وإسلامية لتحقق أهدافا بعيدة كل البعد عن ما يطمح إليه الشعب السوري من بدايات الثورة حتى الآن.
إقرأ أيضا : بالصورة: ميليشيات النظام السوري قتلت أهله في الفوعة وكفريا وساعد أطفالهم في التفجير
التدخل الدولي:
وشهدت سورية في مراحل متقدمة من النزاع تدخلا دوليا من قبل روسيا وأميركا، حافظت فيه كل من الدولتين على مصالحهما الخاصة.
ولكن وحدها المجازر التي لم تغب عن حياة المواطن السوري اليومي والسبب أن إحدى القوتين وهي روسيا قد تدخلت كحليف للنظام السوري أما الأخرى أي أميركا فتدخلت لوراثة أراضي داعش خصوصا في المنطقة الحدودية بين سورية والعراق ودعمت لأجل هذا الهدف الأكراد.
لذلك لم تحسم أميركا الأزمة السورية وهي قادرة على ذلك لعدة إعتبارات منها ما هو مرتبط بأمن إسرائيل ومنها ما هو مرتبط بالطموح الكردي لإقامة دولة أو بالحد الأدنى فيدرالية.
لكن في ظل الواقع اليومي الذي تعيشه البلاد بات ضروريا على المجتمع الدولي وبطليعته أميركا الحسم النهائي لهذه الأزمة لما ترتب عليها من سقوط أخلاقي لا مثيل له منذ الحرب العالمية الثانية.
مبررات الحسم :
فنظرة سريعة على الأزمة السورية تجعل الحسم أمرا بل واجبا إنسانيا لكن هناك بعض المبررات التي تجعل من الحسم أمرا وجوديا للشعب السوري ومحيطه العربي وهي التالية:
1- حماية المدنيين العزل داخل الأراضي السورية من القصف والقتل والإستهداف.
2- المجازر الشبه يومية بحق المدنيين( معظم ضحايا الصراع السوري هم من المدنيين).
3- حماية الأطفال السوريين من العنف والإستغلال( جميع أطراف النزاع يشركون الأطفال في المعارك ).
4- ثقافة الإرهاب والتطرف التي باتت تنتشر في المجتمع السوري( الشماتة المتبادلة بالقتلى والجرحى هي عامل نفسي يعبر عن ثقافة التطرف والإرهاب بين النظام والمعارضة).
5- إزدياد حجم الجنون والعنف والحقد بين كافة المكونات السورية ( إستخدام السلاح الكيماوي والنابالم والتفجيرات الإنتحارية والذبح).
إقرأ أيضا : هكذا علقت ديما صادق على مجزرة مهجري كفريا والفوعة
6- إرتفاع نسبة اللجوء السوري نحو الخارج.
7- سياسات التغيير الديمغرافي وآخرها إتفاق الأربع مدن.
8- الدمار الهائل الذي حل بالبنية التحتية السورية.
9- فقدان الثقة بالجيش السوري وتحوله إلى طرف في الصراع السوري وأداة للقتل والإجرام.
10- عدم وجود معارضة مستقلة ذات مشروع سياسي بديل.
11- ضعف في الكوادر السياسية السورية التي من الممكن أن تحكم( ضعف على مستوى التدريب والمشروع السياسي والحكم والنظرة لسورية).
12- فقدان الثقة بين مكونات الشعب السوري ( السنة والشيعة والعلويون والأكراد والمسيحيون) وبين المناطق السورية ( الشمال والساحل والشرق والغرب ).
13- تورط جميع القوى الإقليمية ( عربية وإسلامية ) بالدم السوري وبالتالي لا يمكن ان تقدم حلول إيجابية لصالح هذا الشعب.
هذه المبررات تثبت أن السوريين عاجزون اليوم عن إدارة بلدهم لوحدهم في ظل ما ذكر، فالثقة مفقودة وحجم العنف والحقد لا يستهان بهما.
إقرأ أيضا : أتباع النظام السوري يستغلون مجزرة مهجري كفريا والفوعة ليبرروا ضربة الكيماوي
شكل هذا الحسم:
وبسبب هذه المبررات فإنه لا بد من تدخل دولي يحسم الأمور وينهي الأزمة السورية.
وهذا الحسم يكون في البداية عسكريا يوقف جميع أطراف النزاع عند حدودها ويؤسس لاحقا لمرحلة إنتقالية تكون فيه سورية تحت الوصاية الدولية حتى يتمكن السوريون من إنتخاب ممثليهم بديمقرطية كما حصل سابقا في اليابان ويحاسب مجرمي الحرب.
إقرأ أيضا : ضربة ترمب على سوريا ... بين حسابات القانون الدولي ووظيفة أميركا في العالم
في ظل هذه الوصاية، تجرى مفاوضات بين كوادر سياسية مدربة ومؤهلة تمثل جميع فئات الشعب السوري وتكون هذه الكوادر غير متورطة بالدم السوري فتتفق على دستور جديد ونظام جديد بعيد عن الموجودين حاليا في المعارضة والنظام ومختلف عنهم.
فهؤلاء لن يستطيعوا أن يحكموا سورية بعد الآن ، هم فقط قادرون على تدميرها.