أريد قبل أن أبدأ الحديث عن الموضوع الذي أنا بصدده اليوم أن أسجل أنني أؤيد برنامج إيران النووي العسكري، وأطالب مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ببدء برامج نووية عسكرية مماثلة. أيضا أؤيد إيران وحزب الله وحماس ضد إسرائيل.
ما سبق، لا يلغي أنني أعارض أطماع إيران في الخليج، خصوصا تأييدها المعارضة والخارجين ضد النظام في البحرين، ودعمها الحوثيين في اليمن ومغامرتها في سوريا. إيران لا تحتاج إلى كل هذا بل إلى علاقات طيبة مع الدول العربية للوقوف ضد الأطماع الخارجية.
نعرف جميعا أن دونالد ترامب أعلن معارضته الاتفاق النووي بين الدول الست وإيران. وهو كان بدأ خطوات لإلغائه إلا أن حلفاءه الأوروبيين لن يقبلوا ذلك. ماذا كان رده؟ وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت عقد صفقة سلاح كبرى مع البحرين تشمل طائرات مقاتلة من نوع أف-16، والولايات المتحدة ستعطي السعودية والإمارات كل سلاح تطلبانه ردا على مواقف إيران، فقد أعلن ترامب أنها خالفت الاتفاق النووي باختبار صواريخ باليستية، وهو بالتالي وضع إيران في «حالة إنذار» لا أعرف كيف سينفذه إذا أطلقت إيران صواريخ أخرى.
لا أعتقد أن دونالد ترامب يريد مواجهة عسكرية مع إيران على رغم التحريض الإسرائيلي المعلن والخفي. هذا التحريض يصل إلى روسيا أيضا، فقبل سنتين اتفقت إسرائيل مع روسيا على تنسيق عملياتهما العسكرية في سوريا، لتتجنبا إطلاق نار بين قواتهما. ومجرم الحرب بنيامين نتانياهو زار موسكو وقابل الرئيس فلاديمير بوتين لتحريضه على إيران والنظام السوري.
إسرائيل شنت غارات كثيرة داخل سوريا، وزعمت أنها استهدفت سلاحا ترسله إيران إلى رجال حزب الله المقاتلين في سوريا. هي أيضا استهدفت شحنات سلاح أرسلت بحرا. ربما زدت من عندي أن العلاقات بين روسيا وإسرائيل أعمق كثيرا مما يتصور ترامب وإدارته.
الرئيس الأمريكي يداه مقيدتان في التعامل مع إسرائيل لأن الكونغرس يؤيدها ضد كل رئيس أمريكي،وهو لا يريد مواجهة عسكرية مع روسيا، مباشرة أو في بلد ثالث؛ لأنه يعرف أن لدى الروس أسلحة أخرى ضده، أو فضائح برسم النشر.
الصورة بالتالي معقدة جدا، فهناك «تعاون» بين العدوين إيران وإسرائيل ضد المنظمات الإرهابية من نوع داعش، وهناك علاقة إسرائيلية وثيقة مع روسيا تنتهك علاقتها الأساسية مع الولايات المتحدة التي تعطيها مساعدات عسكرية بمبلغ 3.8 بليون دولار في السنة، وتحميها بالفيتو في مجلس الأمن من الإدانة بعد قتل الفلسطينيين شيوخا ونساء وشبابا وأطفالا.
ثم إن إيران مقبلة على انتخابات رئاسية الشهر المقبل، وكنت أعتقد أن حسن روحاني سيفوز بولاية ثانية (هو أيضا زار الرئيس بوتين وعقد صفقة معه الشهر الماضي)، غير أنني أقرأ أن آية الله متشددا هو إبراهيم رئيسي رشح نفسه للرئاسة، والمعروف عنه أنه حليف مقرّب من المرشد آية الله علي خامنئي.
أغرب من ذلك أن محمود أحمدي نجاد الذي شغل الرئاسة الإيرانية بين 2005 و2013 رشح نفسه للرئاسة مرة أخرى على رغم معارضة آية الله خامنئي.
أحمدي نجاد قال إن معارضة خامنئي ترشيحه «مجرد رأي» وليست قرارا، وقد نسي على ما يبدو ما جرّ حكمه على إيران من صعوبات ومشاكل.
باختصار، إيران أمام وضع سياسي خارجي صعب ومتشابك، وأمام وضع سياسي داخلي أصعب وأكثر تشابكا، وكل الاحتمالات واردة.