عناصرُ عسكرية بثيابٍ مدنيّة سينتشرون بين الناس، سيَسيرون في درب الصليب كما يفعل المؤمنون، سيخيَّل لمَن يراهم أنهم يصلّون تماماً كأي شخص يدخل الكنيسة، آخرون سيقفون بعيداً متقصّين عن أيّ تحرّكات غريبة، ليفضح الفريقُ الثالث منهم هويّته من خلال بزّاته العسكرية وأسلحته المحمولة.هم عناصر أمنية من كلّ الطوائف سينتشرون في دور عبادة المسيحيين، لكنّ صلاتهم ستكون من نوعٍ آخر، حيث سيمنعون أيَّ إرهابيٍّ من تحويل كنائس لبنان الى كنيستَي طنطا أو الإسكندرية. كيف ستقف الأجهزة الأمنية في المرصاد لأيّ عملٍ إرهابيّ خلال الأيام المقبلَة؟ مصدرٌ معني يروي الخطة.
فرضت أحداثُ مصر من تفجير كنيستي مار جرجس في طنطا ومار مرقس في الإسكندرية واستفادة الإرهابيين من بعض الثغرات الأمنية، نفسَها على الوضع الأمني في لبنان والمخاوف من تكرارها، خصوصاً أنّ هذه الفترة تشهد ازدحاماً أكثر من العادي.
أما الأجهزة الأمنية فكانت لها تجربة مماثلة في عيد الميلاد يوم كان لبنان مستهدَفاً، واستطاعت من خلال عملها إحباط الهجمات التي كان يخطط لها، لكنّ الأمر الإضافي في عيد الفصح هو ورودُ معلومات عن ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر من خطر حدوث عملٍ إرهابي، بعد الحديث عن أنّ مفجّر كنيسة الإسكندرية كان موقوفاً في الكويت ومرّ في مطار بيروت الدولي قبل ذهابه الى مصر، وبالتالي فإنه تواجد في لبنان أو مرّ منه على الأقل، لذلك وضعت الأجهزة المعنية خططاً لمتابعة هذه الفترة، وتأمين سلامة الناس والتجمعات.
لكنّ مخاوف برزت لدى الناس في شأن الحماية الأمنية مع الحديث عن خلافاتٍ داخل فرع المعلومات وحصولِ تشكيلات جديدة في مديرية المخابرات
وحدوثِ تغييراتٍ أمنية وعسكرية، ورغم أنّ هذه الحقائق صحيحة في مكان ما، لكنها لا تؤثر على العمل الأمني كونه متابَعةً لما كان يحصل وليس وضعاً لخططٍ جديدة، خصوصاً أنه غير مرتبط بأشخاص إنما بآلية عمل، لذلك ما سيحدث اليوم وفي يومَي العيد سيكون تركيزاً على أن يلمس الناسُ هذا الحضور ويلاحظوا انتشارَ الجيش على الطرقات بهدف تبديد هذه المخاوف، وإن كان جوهرُ العمل الأمني سيبقى نفسه.
ما هي الخطةُ الأمنية؟
الإتفاق على رفع جهوزية الأجهزة الأمنية والعسكرية الى 90 في المئة لتكون جاهزة للتدخل عند حدوث أيّ طارئ، هو العنوان العريض الذي اتُّفق عليه خلال الإجتماع الأمني أمس الأول الذي عقده رئيس الحكومة سعد الحريري للأجهزة الأمنية للبحث في الخطة التي كانت ستُنفَّذ أمس لو حصلت تحركات في الشارع، والأخرى التي ستشمل أيامَ العيد، واتُفق أيضاً على أن يكون هناك تنسيق بين الأجهزة من دون أن تكون هناك غرفة عمليات مشترَكة هذه المرة، أي أن تكون لكلّ جهاز لامركزية في التحرك على أن تكون لدى كل منها خطة من ضمن الخطة العامة الكبيرة.
وفي هذا الإطار سينقسم منهجُ العمل الموضوع على ثلاثة مستويات:
أولاً، سينشط العملُ الإستعلامي الذي يتم من خلاله رصد حركة دخول الأجانب الى لبنان وخروجهم منه، وهو ما يحصل منذ فترة طويلة، إضافة الى أماكن كل منهم، وذلك لتجميع داتا معلومات عن هؤلاء الأشخاص، خصوصاً أنّ بعضهم دخل عن طريق مطار بيروت الدولي في السابق واختفى، فيما بعضهم الآخر نفّذ أعمالاً إرهابية في الخارج وتبيّن أنه مرّ من مطار بيروت في فترة ما.
الى ذلك، ستكون الفنادق مراقبة، بحيث لا يمكن لأيّ أجنبي أن يحجز غرفة إلّا وتُرسل صورة عن جواز سفره مباشرةً الى غرفة عمليات في الأمن العام، بالتوازي مع وجود دوريات تفتش الفنادق دورياً، بعضها عسكري وبعضها مدني، بهدف تقصّي حركة الناس، كما سيكون هناك رصدٌ لكلّ المؤتمرات والأحداث الفنّية، مع متابعة دقيقة لهذا الموضوع.
ثانياً، ستُراقب مخيمات النازحين السوريين والفلسطينيين والمسالك المحيطة بها بشكلٍ دقيق، ولا سيما أنّ الأجهزة الأمنية تملك داتا معلومات كبيرة عن الموجودين في المخيمات، كما أنّ العينَ ستكون مفتوحةً عليها 24 على 24.
أما ثالثاً، وهو ما سيلاحظه الناس ويشهدون على جزءٍ منه فقط، فهو الإنتشار الأمني على الطرق، بحيث ستكون هناك حواجز ثابتة وأخرى متنقلة، وستنتشر قوات إحتياط للتدخل في حال حصول أيّ طارئ أمني، إضافة الى مجموعات مدنية بكثرة في التجمعات داخل الكنائس وعلى مداخلها، وفي الزياحات وعلى الطرق التي سيسلكها دربُ الصليب، كما أنّ الطرق ستُقفل وستُمنع السيارات من الركن، علماً أنّ هذه الإجراءات ستُتّخذ بالتعاون مع المسؤولين في الكنائس.
أمنٌ إستباقي
ويلفت المصدر الى أنّ «المستوى الأوّل فُعّل منذ فترة وحُقّقت فيه إنجازات كبيرة مع العلم أنه يدخل ضمن إطار الأمن الإستباقي، وقد أُحبطت عمليات قبل تنفيذها، وهناك رصد ومتابعة لكل معلومة تتوافر حتى الشائعات منها، حيث تتخذ بجدية لعدم حصول أيّ إختراق، مهما كان حجمه صغيراً».
ويضيف: «كل المناطق لا سيما القرى الصغيرة منها ستشهد على وجود أمني وعسكري، حيث ستُمنع السيارات من الركن في المسالك التي يتواجد فيها الناس، فيما الدراجات النارية ممنوعة.
وبالنسبة الى رصد الإنتحاريين، فإلى جانب الخطة الموضوعة سيكون هناك تعاون مع أشخاص عاديين في كل المناطق لتحديد الوجوه الغريبة والمشكوك فيها، أما المطاعم فستُتّخذ إجراءات فيها أيضاً، والخطة الأمنية التي بدأت الأربعاء مساءً ستنتهي الثلثاء صباحاً وستكون على الوتيرة نفسها طيلة الوقت».
إذاً ستنتشر العناصر الأمنية من كل الطوائف في الكنائس ومحيطها، وسيدافع المسلمون قبل المسيحيين عن المدنيين والمصلّين، فالإرهابُ لا دين له.