تزامناً مع تبادل الإهانات بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا حول الأسلحة الكيميائية السورية وضربة قاعدة الشعيرات، أكّد الكاتب في صحيفة هآرتس الإسرائيلية ديفيد روزنبرغ أنّ سبب تدخل موسكو في الشرق الأوسط لا يعود إلى عزمها على استئصال تهديد المتشدّدين الإسلاميين لتلافي بلوغ تأثيرهم الأقلية الروسية المسلمة، أو أمل الرئيس فلاديمير بوتين في أن يشغل قتاله تنظيم داعش الغرب عن مناوراته في أوكرانيا، أو حاجة بلاده إلى دعم الرئيس السوري بشار الأسد لضمان تمكّنها من مواصلة أعمالها في قاعدتها البحرية في طرطوس، بل إلى مصالحها الاقتصادية، على عكس كل صِيَغ الإجابة عن هذا التساؤل.
 

في مقالته، شدّد الكاتب على أنّ البند الأول على جدول أعمال بوتين تمثّل بإعادة مكانة بلاده كلاعب أساسي في الشرق الأوسط كما كانت سابقاً، لافتاً إلى أنّه تمكّن بعد مرور 18 شهراً على تدخله العسكري من ترجيح كفة الأسد والحصول على قاعدة جوية في اللاذقية وإشراك بلاده بكل جوانب الشأن السوري.

روزنبرغ الذي تحدّث عن قوة روسيا العسكرية وطائراتها الحربية وصواريخها وحاملة الطائرات العملاقة "الأدميرال كوزنيتسوف" المرابضة في البحر الأبيض المتوسط، نفى أن يكون لروسيا مصالح في الشرق الأوسط، معتبراً أنّ أنشطتها في هذه النقطة من العالم نابعة من اهتمامها بها فحسب.

في هذا الصدد، أشار الكاتب إلى أنّ اهتمامات روسيا الحقيقية تكمن في عقود البناء والبيع، معتبراً أنّ الجنرالات والسفن الحربية والقواعد الجوية تأتي بعدها لتساعد على حمايتها، ومستشهداً بجذب التجارة والاستثمارات في الشرق الأوسط قوى بعيدة عنه جغرافياً، مثل الولايات المتحدة أو أوروبا أو الصين.

إلى ذلك، تناول روزنبرغ اقتصاد روسيا النامي وغير القادر إلاّ على تزويد العالم بالأسلحة والتكنولوجيا النووية والطاقة والقمح، كاشفاً أنّ موسكو تقدّمت على الولايات المتحدة وباتت المصدّر الأوّل للقمح في العالم للمرّة الأولى منذ عقود وأنّ مبيعات السلاح الروسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بلغت 12.7 مليار دولار في الفترة الممتدة بين العامين 2006 و2015.

توازياً، أفاد الكاتب أنّ روسيا عقدت اتفاقات لبناء منشآت طاقة نووية في مصر والأردن وأنّ إيران تأمل في توسيع مفاعل بوشهر بتكنولوجيا روسية وأنّ شركات الطاقة الروسية ناشطة في مصر والعراق. وفيما استبعد روزنبرغ إمكانية ترجمة الاتفاقات النووية بين موسكو والقاهرة عملياً، زعم أنّ الأخيرة لم تعد بحاجة إليها بعد اكتشاف حقول شاسعة من الغاز الطبيعي بالقرب من شواطئها وأنّها ستفضّل التعاقد مع الشركات الغربية الأكثر تطوراً على مثيلاتها الروسية.

ختاماً، خلص روزنبرغ إلى أنّ الولايات المتحدة بلغت مرحلة أدركت فيها أنّ منافع كلفة تدخلّها في مشاكل المنطقة، موضحاً أنّ روسيا ستدرك أنّ القوة تنبع من حافظة النقود وليس البندقية عاجلاً أم آجلاً.

 

 

( "لبنان 24" - Haaretz)