رأت الكاتبة في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية آنيا سيزادلو أنّ الرئيس السوري بشار الأسد استخدم غاز السارين في خان شيخون في إدلب لإثارة الرعب في نفوس السوريين، داحضةً التحليلات القائلة بأنّ الهجوم شكّل ذريعة تبرّر التدخل الأميركي العسكري في سوريا، على رغم ردّ الولايات المتحدة بقصف قاعدة الشعيرات بـ59 صاروخاً من طراز "توماهوك" ومطالبة إدارتها برحيله.


في مقالها، أوضحت الكاتبة أنّ الأسد غير مهتم بلفت انتباه الغرب بل الشعب السوري، إذ سعى بسلاحه الكيميائي إلى تخويف المعارضة وتوجيه رسالة لها بأنّ الحرب ستُحسم الصالحه في ظل عمله على استعادة السيطرة على ما تبقى من أراضيها، لا سيّما أنّ خان شيخون شهدت اشتباكات متقطّعة في الأيام التي سبقت الهجوم.

في هذا الصدد، لفتت سيزادلو إلى أنّ الهجوم بغاز السارين تزامن مع إحراز الأسد تقدّماً ملحوظاً على الأرض، مشيرةً إلى أنّ السلاح الكيميائي زهيد الثمن و"فاعل" في الميدان. كما اعتبرت أنّ تكتيك استخدام الغاز الكيميائي لتخويف عناصر المعارضة والمدنيين وثنيهم عن التوجه إلى القتال في آخر الجيوب الخاضعة لها يوفّر على الأسد عاملاً أهم من المال، وهو الوقت؛ ما يخوّله بالتالي تكديس مبالغ أكبر من الأموال التي تعهّد بها المانحون والمستثمرون الدوليون لـ"إعادة إعمار" سوريا.

توازياً، شدّدت سيزادلو على أنّ تجربة الأسد ووالده تؤكّد أنّه لن يواجه بإقدامه على شن هجوم كيميائي عواقب وخيمة، مشيرةً إلى أنّ التاريخ السوري يظهر أنّه يتمتّع بكلّ المقوّمات للفوز. في هذا الصدد، ذكّرت الكاتبة بأنّ الخبراء توقّعوا رحيل الأسد بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري في العام 2005، ولفتت إلى أنّ مسؤولي البيت الأبيض عززّوا آنذاك جهودهم لعزل الأسد، وإلى أنّ الرئيس الفرنسي جاك شيراك ضغط لمثول المتورّطين بهذه الجريمة أمام محكمة دولية وإلى أنّ الأمم المتحدة فتحت تحقيقاً بالاغتيال، مستدركةً بالقول إنّه ما زال مفتوحاً حتى يومنا هذا ولكن شبه منسي. في السياق نفسه، اعتبرت الكاتبة أنّ الاستراتيجية ذاتها نجحت في العام 2013، الذي ارتُبكت خلاله مجزرة الغوطة الشرقية، شارحةً بالقول إنّ الأسد بموافقته على تسليم أسلحته الكيميائية وخوض مفاوضات سلام عقيمة اشترى ما يكفي من الوقت لنسيان الذاكرة ما حصل.

ختاماً، رأت سيزادلو أنّ حافظ الأسد حقّق فوزاً في العام 1982 من دون أن يدفع ثمن مجرزة حماة التي راح ضحيتها ما بين 10 آلاف و30 مدنياً، فقمع ثورة "الإخوان المسلمين"، وبات حليفاً استراتيجياً قيّماً لعدد من البلدان ومنها الولايات المتحدة، وحكم حتى وفاته وخلفه ابنه من بعده.

(Washington Post)