أربعة أشهر من غياب قانون الانتخاب عن طاولة مجلس الوزراء، ليحضر في آخر حشرة المهل، ويوضع في مقبرة لجنة وزارية، مع طروحات اللحظة الاخيرة التي قدمها «حزب الله»، على اساس التأهيل الطائفي والدوائر النسبية العشر، لكن على ما يبدو فإنّ هذا العرض رفضته «القوات اللبنانية» فيما لم يكن «التيار الوطني الحر» في مستوى الرفض نفسه، فوضعت الملاحظات، وهي جوهرية، من شكل الدوائر، الى عدد الفائزين للتأهيل الى الدوائر النسبية، الى توزيع الصوت التفضيلي.
عملياً يمكن استخلاص النتائج الآتية من كل هذا المسار الذي يتّجه حكماً إلى التمديد:
أولاً، حصل ارتباك كبير بين «التيار» و«القوات» جراء موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي قبل بالنسبية، وهذا ما استدعى سلسلة اتصالات بين الطرفين، حيث كادت «القوات» تبدو وحيدة في مواجهة النسبية، وحصل تعديل في موقف التيار سيترجَم بالنزول المشترك الى الشارع صباح غد الخميس.
ثانياً، لن يكون موقف «التيار» جذرياً في مواجهة التمديد، والنزول الى الشارع سيكون من باب الاعتراض الشكلي، الذي لن يستدعي تعطيلاً لعمل الحكومة أو للمجلس النيابي الممدَّد له، وأقصى ما يمكن أن يفعله رئيس الجمهورية هو رد قانون التمديد، الذي يمكن الغالبية في المجلس النيابي معاودة التصويت عليه، كون المهلة الزمنية تسمح بذلك قبل نهاية ولاية المجلس الحالي.
ثالثاً، لا يتوقع ثنائي «القوات» و«التيار» من تيار «المستقبل» كثيراً في موضوع التمديد. فالرئيس سعد الحريري موافق على التمديد، ولن تتغيّب كتلة «المستقبل» عن جلسة الخميس، وتقول المعلومات إنّ هذا الأمر متفق عليه على طاولة الحوار الثنائي مع «حزب الله» وحركة «أمل» في عين التينة، هذا فضلاً عن أنه يترجم ما يريد الحريري الذي يحتاج وفقاً لحساباته إلى سنة لإعادة لملمة شارعه.
رابعاً، سيحضر النائب وليد جنبلاط وكتلته جلسة التمديد وسيصوّت عليها، متضامناً مع الثنائي الشيعي وتيار «المستقبل»، فالتمديد سنة لن يكون سلبياً بالنسبة الى جنبلاط، الذي سيبقى محتفظاً بكتلته النيابية، بعيداً من ابتزاز كل صيغ القوانين الانتخابية التي تهدد حجمه النيابي.
ويبقى السؤال: ما هي توازنات القوى التي ستتحكّم بمرحلة ما بعد التمديد، وهل ستبقى العلاقة بين مكوّنات الحكومة والتسوية الرئاسية على حالها؟
الواضح أنّ تفاهماً عريضاً بين «المستقبل» والثنائي الشيعي أدّى الى التمديد، وهو التفاهم نفسه الذي سُجّل في محطات كثيرة منها التمديد لقائد الجيش الأسبق العماد جان قهوجي. وليس واضحاً بعد إذا ما كان هذا التفاهم سيصطدم بثنائي «القوات» و«التيار الوطني الحر»، فالأخير يسير في الاعتراض على التمديد شكلاً، ولن ينجرّ الى توسيع المشكلة مع «حزب الله»، ومن هنا يطلق السؤال عن جردة حساب ورقة التفاهم وما إذا كانت قد حققت التوازن الذي بشّر به كل من طرفي التفاهم، خصوصاً أنّ هذا التفاهم عجز عن الإتيان بقانون الانتخاب الذي يؤمّن المرتبة الأقرب الى المناصفة،
وأجهز «حزب الله» على كل القوانين التي قدّمها وزير الخارجية جبران باسيل، ما يؤشر الى أنّ مصير أيّ قانون خلال ولاية المجلس الممدّد له، لن يخرج عن الخطوط التي رسمها «حزب الله» وأدّت الى التمديد، وكلّفت عهد عون ثمناً باهظاً في أوّل ولايته، علماً أنّ هذه الخطوط الحمر التي رسمها الحزب ليس مرجّحاً أبداً أن تتغيّر بعد سنة، لأنّ قانون الانتخاب بالنسبة اليه بات ضرورة وضماناً يتخطى حسابات حليفه، لإرتباطها بالتطورات السريعة التي ستشهدها المنطقة.