فجأة صار النائب عن حزب الله، حسن فضل الله، يتحدّث بلسان عماد بزي وأسعد ذبيان وبقية الجوقة المدنية، بات يتحدث عن الفساد و"الغرف السوداء في الوزارات"، وعن "وزير توقيعه بعشر ملايين دولار" وعن "الهدر" وغيرها الكثير من كليشيهات المجتمع المدني.
صراحة، عليكم ان تفركوا عيونكم جيدًا قبل أن تكملوا الإستماع إلى أطرف كلمة في تاريخ المجلس النيابي، قالها فضل الله. فضل الله الذي يعرف كلّ لبناني أنّه ينطق بلسان حزب يُدخل إلى البلاد ما يشاء ومن دون حساب، عبر ممرّات "المقاومة"، التي كانت مخصّصة للعتاد والأجهزة والسلاح والمؤن، وعلى ذمة الراوين، باتت تتّسع لكلّ أشكال "التهريب"، المعقول والممنوع... على ذمة الراوين، إن في المرفأ أو في المطار أو في المعابر غير الشرعية.
وربما تكون أكبر "تهريبة" قادها حزب الله، الذي يمثّله فضل الله في مجلس النواب، هي تهريب عشرات آلاف المقاتلين من وإلى سوريا، للمشاركة في إحتلال بلد آخر، وفي حرب أهلية خارج حدود لبنان.
إقرأ أيضًا: حزب الله والضاحية معقل تجار المخدرات.. رفع غطاء وتساؤلات عن إستشهاد العريف جعفر
فضل الله نفسه الذي يأتي من حزب رموز أساسية فيه تبيّن إما ارتباط أقرباء لها في فضائح مخدّرات وكبتاغون وسرقة ونهب، أو في العمالة الجاسوسية المباشرة لدول أجنبية، منها أميركا وإسرائيل.. حزب كامل يقوم على "المأكل والملبس والمال والسلاح من إيران"، بشهادة أمينه العام السيد حسن نصر الله، وبالصوت والصورة.
فجأة يصير فضل الله واحداً من كليشيهات المجتمع المدني ويريد انتحال صفة "مدنية"، هو الحليف الأساسي لعهد الوصاية السورية الذي "صنع" الفساد وربّاه، وهو الذي يسلّح آلاف اللبنانيين، من طوائف مختلفة، خارج كلّ قانون ودستور ومنطق. وهو الذي تضمّ بيئته الحاضنة أبشع أنواع الجرائم والمجرمين الخطرين وترويج المخدرات ومختلف أنواع الجرائم الأخرى.
فجأة يريد إقناعنا أنّه يحارب "الفساد" و"الغرف السوداء".
إقرأ أيضًا: حزب الله الشيوعي
أليس حزب الله هو الغرفة السوداء الأكبر في الشرق الأوسط، التي تدير وتشارك في حروب أهلية تمتد من اليمن إلى العراق مرورًا بلبنان وسوريا وفلسطين...
أما حزب الكتائب، حزب سجعان قزّي وبشير الجميّل، وحزب العائلة والمسيحيين وحقوق الموارنة، والحزب الذي لم يخرج من السلطة، في العهود كلها، إسرائيلية كانت أو سورية، إيرانية أو أميركية، ولا خرج من الوزارات ولا من مجلس النواب، وكان يفاوض على وزارة العدل، ورفض وزارة البيئة.. بات فجأة "مجتمع مدني".
هذا اسمه "انتحال صفة"، الموضة اليوم "مجتمع مدني"، وهو كليشيه سيكبر، قبل أن ينطفىء، وهذان الحزبان يحاولان "السيطرة" عليه، كما فعلت الوصاية السورية وأزلامها مع النقابات العمالية، وربما بدأ نجاحهما يظهر...
إنتحال صفة، لا يوجد اسم آخر. فيما الأحزاب الأخرى لم تنتبه بعد.
علي كاويكا