شكلت الضربات الأمريكية والتي استهدفت قاعدة الشعيرات العسكرية في محافظة حمص، رسالة قوية للعالم ولروسيا ونظام إيران الداعمين للأسد تحديدا، مفادها أن إدارة الرئيس دونالد ترامب حاضرة بالمشهد السوري، كما أكدت أنها تختلف جذريًا عن سياسة سلفه السابق باراك أوباما. وأكد محللون وسياسيون لـ«اليوم» أنها «أعطت ترامب مزيدًا من الثقة من قبل حلفائه الإقليميين والدوليين للانخراط في مشروعه من أجل محاربة الإرهاب»، مشددين على ان «الضربة هي إعلان تصفير للمرحلة الروسية».
دور أمريكي جديد
يرى العميد المتقاعد نزار عبدالقادر في تصريح لـ«اليوم» أن «أفكار الأسد التي يعتمدها لحل الأزمة السورية قدمت للرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرصة ذهبية ليستغلها، أولاً لفض المقاربة السلبية التي كان يعتمدها الرئيس السابق باراك أوباما، ولاستعادة الدور الأمريكي في السياسة الدولية ثانياً».
ويشير عبدالقادر الى «ان الضربة أرسلت لفلاديمير بوتين رسالة صريحة بعد معارضته التي يتبعها في مجلس الأمن مستعملا حق النقد مرارًا ضد أي قرار يدين النظام ، وهي توضح أن المسرح السوري ليس حكرًا على موسكو وحدها، فهناك شريك لا يمكن تجاوزه وهو واشنطن». ويلفت عبدالقادر الى «انها أيضا رسالة للنظام مفادها اننا لا يمكن بعد الآن ان نتسامح معك، وهناك خطوط حمراء تعني لنا ما لم تعنه لإدارة أوباما، وسنحاسبك ونمنعك من قتل الشعب السوري وارتكاب المجازر وتهجير المزيد من المدنيين السوريين نحو بلاد الجوار أو الى أوروبا والولايات المتحدة التي لم تعد تتحمل هذه الأزمة المتناهية». مضيفا: «كما وجه ترامب رسالة الى إيران بأنه لا يمكن بعد الآن التساهل وغض الطرف عن دعمها ورعايتها وإرسالها للميليشيات للقتال في دول الجوار والسعي خرابا في منطقة الخليج أو العبث بأمنها واستقرارها، ورفض خططها التوسعية من خلال عمليات التغيير الديموغرافي في سوريا والعراق». وفي إطار التطورات السياسية ما بعد الضربة العسكرية، يعتبر عبدالقادر أن «هذا الموضوع سيؤدي الى خيار من اثنين إما أن يتلقى الأطراف الثلاثة أي روسيا وسوريا وايران هذه الرسائل ليدرسوها جيداً»، مشدداً على ان «الضربة خدمت ترامب داخليا حيث أظهرت أنه قادر على التصرف كقائد أعلى للجيش الأمريكي، كما أنها خدمته دوليا بعد التأييد العارم الذي حصل عليه من أوروبا والدول العربية، وهذا سيعطيه أيضاً المزيد من الثقة من قبل الحلفاء الإقليميين والدوليين للانخراط في مشروعه من أجل محاربة الإرهاب».
تصفير للمرحلة الروسية
السياسي المعارض لـ«حزب الله» مصطفى هاني فحص أكد في تصريح لـ«اليوم»، أنه «لا يمكن للعالم الحر مهما بلغ من تسويف للأسباب أن يقبل بمشهد خان شيخون»، وقال«للمرة الأولى تتم مشاهدة عملية إبادة جماعية مباشرة، وشخصية ترامب انفعالية، ولهذا أتت ردة فعله سريعة، بخلاف سلفه أوباما». موضحا ذلك بأن «ردة فعل ترامب سبقت السياسة وشجعته على اتخاذ القرار».
ويشدد فحص على ان «الضربة لم تكن في عدد الصواريخ بل في محتواها السياسي، وتوضيح أن المجرم الأسد لا يجب إعادته الى الطاولة لأنه قد انتهى، كما ان ترامب وجه من خلالها دعوة الى الروس ونظام ايران بالجلوس على الطاولة والتفكير في حل دون بشار». ويلفت الى ان «روسيا وايران تحاولان منذ بداية الأزمة السورية وقبيل ست سنوات خرق السياسة الدولية، ولكن تحركا بسيطا من الولايات المتحدة أعلن عودتها القوية».
وحول تهديد «حزب الله» للمنطقة بعد الضربة، يجيب فحص: «لقد لمست الميليشيا منذ اللحظة الأولى ان الاسد قد رحل، وعند ما يرحل لن يعود هناك أي وجود لإيران أو للحزب في سوريا ولهذا هو يعتبر نفسه الآن في معركة للدفاع عن النفس».
جنيف لإزاحة الأسد
أما الكاتب والمحلل السياسي عماد قمحية فقد أوضح في تصريح لـ«اليوم» انه «دونالد ترامب جاء ليقول إن بلاده هي الدولة العظمى وقائدة العالم، ولها الدور في حلحلة جميع الأزمات الموجودة»، قائلاً: «لقد أراد من خلال الضربة العسكرية توجيه رسائل أولى لنظام إيران بأنه سيضع حداً لنفوذها في المنطقة، والثانية لروسيا بأن الوضع في الساحة السورية سيتبدل، أما الرسالة الثالثة فتوضح أن العدالة ستنتصر على ظلم ووحشية الأسد خاصة بعد مجزرة خان شيخون».
ويشدد على ان «الولايات المتحدة بعد الضربة العسكرية تجاوزت الدخول الى الساحة السورية، لتصل الى إيران وروسيا»، مضيفا «ترامب بين للروس والايرانيين أن عليهما الذهاب الى جنيف بشروط أمريكية وفق ما تخطط له إدارته بإزاحة الأسد، وهي أبرز الشروط التي صرح بها وزير خارجيته ريكس تيلرسون».
صحيفة اليوم