بَيْنَ الرسولِ محمدٍ عليه السلام وأقباطِ مصرَ قربى وصلةَ رحمٍ ومصاهرةً، لذا أوصى المسلمينَ بالأقباط خيراً، فقد تزوَّجَ النبيُّ امرأةً قبطية وأنجبَ منها ولداً وسمَّاهُ إبراهيم، وهاجرُ أمُّ إسماعيلَ كانت قبطيةً، وتعايش المسلمونَ والأقباطُ في مصرَ حياةً تسودُها المحبة والإحترام من عهد سيدنا إبراهيمَ إلى فترة النبوة المحمدية وزمن خلفاء وإلى الأمس القريب، إلا أنَّ السياسة أفسدَت وأحدثت خروقاتٍ في العلاقة القائمة بين شطري الأمة المصرية بمسلميها ومسيحييها، واقتَصَّ الخليفةُ عمرُ بنُ الخطّابِ للقبطي من عمرو بن العاص حاكم مصر وقال مقولته المشهورة " متى استعبدتُمُ الناسَ وقد ولدتْهُم أمهاتُهُم أحرارا ".
إقرأ أيضًا: الضرائبُ المجحفةُ والرواتبُ الظالمة
فالأقباطُ هم أقدمُ أمةٍ سياسيةٍ في التاريخ، ومصطلح ( قبط) لا تعني ديانةً بل هي هوية وطنية، وهذا ما أظهرتْه معاجمُ اللغةِ العربية، فكلُّ قبطيٍّ هو مصريٌّ والعكس صحيح، ومع مرور الزمن صارت كلمة (قبط) محصورةً بالمسيحية.
وإنَّ الاعتداء على الكنائس وأهلِها يساوي الاعتداءَ على عمامة الأزهر الشريف وعلى شخصية الرسول عليه السلام الذي أمر المسلمين الإحسان والتقرُّب منهم، وما تشهدهُ الكنائسُ القبطيةُ من تفجيرٍ لهوَ مدانٌ شَرْعاً وقانوناً وعقلاً، فالأمة المصرية مهلمة الحضارات والثقافات مصيرُها واحد، لذا فالطائفية نهجٌ دخيلٌ وطارئ عليها، ونحن نُعوِّل على حكمة أهلها وقادة الرأي العام فيها، فعزاؤنا لمصر المحروسة بما أصابَها من ألمٍ أفجعَنا كما أفجعتنا مجازرُ سوريا وأخوتُها في الوطن العربي، وقد انتابني خوفٌ وحذرٌ من الأصوات الداعية لإقامة دولة قبطية مستغِلَّةً الأحداثَ الإرهابية لتنشُرَ بذورَ الفُرقة لتقسيم الوطن إلى دول على أساسٍ عرقي وديني، فوحدة الصف والموقف المصري العقلاني هو أقوى رد على التفجير والأصوات الإنفصالية.