مواجهة بين التمديد والتسويف والتهديد والتعطيل والبلد على كف عفريت
النهار :
انه سباق الساعات الأخيرة "بين المستحيلات واللاءات " فيما لو تمترس الجميع وراء لعبة تبادل رمي الكرة الملتهبة في هذا المرمى أو ذاك، في حين ان الانسداد بلغ مرحلة لا رجوع معها في مواجهة الخيار الوحيد الحقيقي وهو كيف سيجري ترتيب تسوية اللحظة الأخيرة التي تمنع نشوء فراغ غير مسبوق في مجلس النواب.
لم يكن مفاجئاً ان يصطدم مجلس الوزراء بما سبق لمجلس النواب أن اصطدم به والذي أحيل عليه مع تراكم السنين نحو 17 مشروع قانون للانتخاب انشغلت في صياغتها لجان متعاقبة ولم يؤد كل هذا الجهد الى أي نتائج. ثم جاءت مع العهد الجديد ظاهرة لجنة رباعية من خارج البرلمان ومجلس الوزراء لتجرب حظها فاصطدمت هي أيضاً بالاخفاق التسلسلي الذي اسقط ثلاثة مشاريع وضعها وزير الخارجية جبران باسيل. والبارحة، وضع مجلس الوزراء يده على الأزمة لينتهي بعد اقل من ثلاث ساعات من المناقشات الى الزوغان والدوران في الحلقة المفرغة، فلم يكن أمامه سوى الوسيلة التقليدية الاكثر تعبيرا عن العجز والقصور بتشكيل لجنة وزارية يراد لها في أقل من 72 ساعة ان تجترح الحل السحري الذي استعصى على القوى السياسية منذ عام 2008.
والحال ان الوقائع سارت بوتيرة لاهثة عقب جلسة مجلس الوزراء في سباق بين محاولات اللحظة الأخيرة للتوصل الى صيغة توافقية ارتفعت معها اسهم النسبية في شكل ملحوظ، والاعداد للتمديد الثالث لمجلس النواب في مهلة أقصاها الخميس المقبل قبل ان تسقط مهلة التمديد بدورها سقوطاً مدوياً وتنفتح أبواب الأزمة على الغارب. وتمثل المسار الأول في اجتماع انعقد بعد جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا وضم الوزير باسيل ووزير المال علي حسن خليل ومدير مكتب رئيس الوزراء نادر الحريري كان استكمالا لاجتماع مماثل عقده الثلاثة ليل الأحد واستمر حتى ساعات الفجر. وكان تأليف اللجنة الوزراية برئاسة رئيس الوزراء سعد الحريري اعتبر بمثابة تمهيد لتسوية تمنع نشوء الفراغ المجلسي وبدت ترجمة لاجتماع قصر بعبدا الاحد بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووفد "حزب الله" بعدما بدا واضحاً ان المشروع المختلط الاخير للوزير باسيل لقي مصير المشروعين السابقين. كما علمت "النهار " ان اجتماعا رباعيا عقد في عين التينة بين باسيل وحسن خليل ونادر الحريري وممثل لـ"حزب الله " مساء امس وسبق جولة الحوار بين "المستقبل" و"حزب الله " لاستكمال البحث في مخرج في صيغة تلحظ اعتماد النسبية وفق تقسيمات تصل الى عشر دوائر مع التأهيل على اساس طائفي. لكن باسيل اصر على ان أن يكون سقف التأهيل بانتخاب مرشحين عن كل مقعد فيما تمسك الثنائي الشيعي و"تيار المستقبل " بان يصل عدد المؤهلين الى ثلاثة. واكدت مصادر معنية لـ"النهار" ان الاجتماعات المتعاقبة التي انعقدت الاحد والاثنين لم تؤد الى أي اختراق جدي اذ تمسك الثنائي الشيعي بالنسبية الكاملة على اساس الدائرة الواحدة او المحافظات، وتمسك باسيل تدعمه "القوات اللبنانية " بالمشروع المختلط، أما "المستقبل " فبرز موقفه من خلال ابلاغ الرئيس الحريري الافرقاء المعنيين انه يسير بالنسبية على مستوى المحافظة.
أما المسار الثاني للسباق، فبرز بسرعة ايضا مع توجيه رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوة الى هيئة مكتب المجلس للاجتماع في الاولى بعد ظهر اليوم "للبحث في امور مجلسية" وسط معلومات مؤكدة ان الاجتماع سيتركز على الاحتمالات التي قد يرتبها اخفاق مجلس الوزراء عن اقرار قانون انتخاب جديد والوسائل الحتمية لتجنب الفراغ قبل فوات المهلة اللازمة لاقرار التمديد للمجلس. واذ توقعت اوساط نيابية التوافق في اجتماع هيئة المكتب على تحديد موعد لجلسة تشريعية الخميس المقبل يطرح فيها مشروع قانون معجل مكرر بالتمديد، قالت إن ثمة دفعاً نحو مخرج يأتي بطلب التمديد من الحكومة. ولكن في الوقت نفسه تحدثت معلومات عن ان النائب نقولا فتوش ينتظر مجريات اليومين المقبلين وانه قد يكون اعد صيغة مشروع القانون المعجل المكرر بالتمديد تحسبا لأي احتمال. واشارت المعلومات الى ان الثنائي الشيعي أبلغ الجميع انه لا يقبل بالفراغ في اي شكل، فيما اثار اتجاه الاحزاب المسيحية "التيار الوطني الحر " و"القوات اللبنانية " والكتائب الى مقاطعة جلسة التمديد مخاوف من اكتساب الازمة طابعاً طائفياً الامر الذي يحتم تسوية تحول دون تفاقم المأزق بتوافق على طبيعة المخرج.
ولوحظ في هذا السياق ان الرئيس عون بادر في جلسة مجلس الوزراء امس الى تبديد المخاوف من الفراغ، مؤكدا انه لا يسير بالتمديد، لكنه لا يروج للفراغ، ولفت الى ان الدستور لا يسمح بالفراغ وكذلك المجلس الدستوري.
العقوبات
الى ذلك اكتسبت المعلومات عن اقتراب فرض الولايات المتحدة مزيدا من العقوبات المالية والمصرفية على "حزب الله " بعدا رسميا جديا لدى طرح الموضوع امس في مجلس الوزراء. وبينما تناول النقاش الوسائل الاستباقية الممكنة لاحتواء الموجة الجديدة من العقوبات وتداعياتها تقرر اجراء اتصالات ديبلوماسية عاجلة مع السلطات الاميركية المعنية في واشنطن ونيويورك، كما بدأ الرئيس الحريري البحث في هذا الموضوع مع وفد من الكونغرس الاميركي وصل مساء امس الى بيروت.
المستقبل :
دقّت ساعة التوافق على قانون انتخابي جديد وحان وقت التضحية لتأمين هذا التوافق. على توقيت هذه الساعة العابرة للتمديد والستين والفراغ، شمّر مجلس الوزراء عن ذراعه التنفيذية بالأمس معلناً الاستنفار الانتخابي حتى التوصل إلى صيغة قانون انتخاب جديد وإحالته على المجلس النيابي لإقراره مع مفاعيله التطبيقية زمنياً وتقنياً. وبالحديث عن مجلس النواب، فقد برزت أمس دعوة الرئيس نبيه بري هيئة مكتب المجلس إلى الاجتماع ظهر اليوم «لبحث أمور مجلسية»، وهو عنوان أثار توجّساً عونياً عكسته مصادر «التغيير والإصلاح» لـ«المستقبل» بالتعبير عن تخوفها من أن تشكل «الأمور المجلسية» المنوي بحثها «بوابة عبور نحو التمديد للمجلس في إطار لعبة شد الحبال على الحلبة الانتخابية بين الفراغ والقانون العتيد»، وسط تقاطع أكثر من مصدر نيابي عند التأكيد لـ«المستقبل» أنّ النظام النسبي بات متقدماً على ما عداه من الصيغ الانتخابية، سيما في ضوء إعلان أكثر من مكوّن سياسي وازن القبول به مع الإبقاء على باب النقاش مفتوحاً إزاء خارطة تقسيمات الدوائر وكيفية احتساب الصوت التفضيلي.
بالعودة إلى جلسة مجلس الوزراء أمس، فعلى وقع إبداء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اطمئنانه إلى كون «الفراغ لن يحصل»، وتشديد رئيس الحكومة سعد الحريري على وجوب «أن يضحي كل فريق في مكان ما» بغية التوصل إلى قانون جديد «يرضي رغبات اللبنانيين» وإجراء الانتخابات على أساسه، وسط تأكيده قبيل انعقاد الجلسة الاستعداد للذهاب إلى صناديق الاقتراع «تحت سقف أي قانون»، قرر المجلس إثر انعقاده في قصر بعبدا برئاسة عون وحضور الحريري تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة لوضع مسودة توافقية لصيغة القانون الجديد ضمن مهلة زمنية قصيرة، مع إبقاء مجلس الوزراء جلساته مفتوحة لمتابعة الملف والوصول به إلى الخواتيم المنشودة.
وأوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ اللجنة الوزارية التي تضم ممثلين عن مختلف المكونات الحكومية ستُباشر أعمالها بعد ظهر اليوم بوتيرة متسارعة محدودة الزمن بغية التوصل إلى صيغة توافقية بين مختلف الأفرقاء حيال القانون الانتخابي العتيد، مشيرةً في سياق استعراضها «السقوف السياسية» التي عبّر عنها عدد من الوزراء خلال جلسة الأمس إلى أنها تراوح بين استمرار الوزير جبران باسيل في الدفاع عن مشروعه الأخير القائم على صيغة المختلط، قبل أن يعود لاحقاً إلى إعلان استعداد «التيار الوطني الحر» للقبول باعتماد النسبية في الانتخابات النيابية مع إقرار مجلس شيوخ على أساس القانون الأرثوذكسي، وبين تجديد وزيري «حزب الله» التمسك بالنسبية الكاملة على أساس لبنان دائرة واحدة مع الاستعداد للقبول بدوائر أصغر، بينما طالبت كتلة «اللقاء الديموقراطي» الوزارية باعتماد النظام المختلط بين الأكثري والنسبي وفق معايير موحّدة بالتوازي مع إقرار انتخاب مجلس للشيوخ حسبما ينصّ اتفاق الطائف.
وكان رئيسا الجمهورية والحكومة قد عقدا خلوة قبيل انعقاد جلسة بعبدا، التي استهلها عون بإبداء ملاحظة لافتة للانتباه ربطاً بمجريات جلسات المساءلة النيابية استغرب فيها إقدام عدد من النواب المنتمين إلى كتل ممثلة في الحكومة على «توزيع الاتهامات والانتقادات» للعمل الحكومي، متمنياً في المقابل أن يُصار إلى بحث المواضيع المثارة من خلال جلسات مناقشة حكومية، وليقل كل مكون حكومي ما عنده «داخل مجلس الوزراء وليس أمام الكاميرات» كما نقلت المصادر الوزارية عن عون متوجّهاً إلى الوزراء.
وفي سياق مجريات الجلسة بعيداً عن الاستحقاق الانتخابي، أفادت المصادر أنّ وزير المال علي حسن خليل أثار مسألة مشروع قرار الكونغرس الأميركي الهادف إلى فرض عقوبات على لبنانيين داعياً إلى استباق هذا المشروع من خلال بذل جهد حكومي يتمثل بضم ممثلين عن مجلس الوزراء إلى الوفد النيابي – المصرفي الذي ينوي زيارة الولايات المتحدة في محاولة لتطويق أية تداعيات سلبية للقرار الأميركي على لبنان. كذلك أشارت المصادر الوزارية إلى أنّ وزير «الحزب السوري القومي» علي قانصو حاول إثارة موضوع القصف الأميركي على مطار الشعيرات الحربي التابع للنظام السوري من زاوية مطالبة الحكومة بإدانة هذا القصف، غير أنّ هذا الموضوع لم يلقَ تجاوباً حكومياً خصوصاً في ضوء رفض رئيس الحكومة إثارته باعتباره من المواضيع الخلافية المتفق على عدم طرحها على طاولة مجلس الوزراء، وهو ما أيده فيه وزير «القوات اللبنانية» ملحم رياشي وعدد من الوزراء.
الديار :
«دوامة» قانون الانتخاب «مكانك راوح»، ثمة متاهة عنوانها لجنة برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، ستنتهي حكما الى مخرج وحيد عنوانه التمديد بعد ان وصل الجميع الى «حائط مسدود»، لم تنجح محاولات خرقه بعد سقوط رهان البعض على موقف «نوعي» من رئيس الجمهورية ميشال عون الذي اكتفى في جلسة الحكومة امس بتبديد هواجس الفراغ... لكن الثابت حتى الان وفق المعلومات ان لا جديد عمليا، فالماكينات الحزبية التقنية المكلفة دراسة اقتراحات جديدة لا تزال معطلة، ولم تتسلم اي جديد للدراسة، فيما السقوف السياسية للجنة الوزارية محكومة بالمواقف المعلنة وغير المعلنة لقوى سياسية بعضها متورط في «لعبة المراوغة»...
في هذا الوقت تقف البلاد امام استحقاقات امنية داهمة، واحد في مخيم «عين الحلوة» حيث تكبر الهواجس من تحول الموقف الى «جرح نازف» يدمي الجميع اذا ما خرجت الامور عن السيطرة، وهو ما اضطر السلطات اللبنانية المعنية بالملف الى توجيه «رسائل» بالغة الدلالة الى الفصائل الفلسطينية، فيما تتحضر القوى الامنية لمواجهة تحديات امنية متعاظمة مع اقتراب عيد الفصح المجيد حيث تزداد المخاطر في ظل وجود قرار واضح لدى التنظيمات التكفيرية وفي مقدمها «داعش» للقيام بعمليات نوعية تثبت قدرته على التحرك للرد على محاصرته في سوريا والعراق...
اوساط معنية بهذا الملف، لا ترى سببا للهلع، ولكنها ترى ان «اليقظة» ضرورية في ظل ما يحيط لبنان من حرائق وتعقيدات سياسية وعسكرية، وفي هذا السياق علم ان اجتماعات تعقد بعيدا عن الاضواء لتنفيذ خطة امنية شبيهة بتلك التي تم انجازها بنجاح خلال عيدي الميلاد ورأس السنة، ورفع مستوى التنسيق بين الاجهزة الامنية، مع التركيز على تعزيز العمل الامني الاستباقي من خلال تكثيف عمليات الرصد والمتابعة لبعض «البؤر» وتشديد الرقابة الحدودية سواء البرية او الجوية، مع تكثيف عمليات الدهم ومطاردة المشبوهين... بالتزامن مع تكثيف الانتشار الامني في الاماكن الحساسة.
وبحسب المعلومات، فان هذه التدابير لا علاقة لها بما حصل من تفجيرات في طنطا والاسكندرية، وهي اجراءات احترازية بدأت قبل مدة في ضوء معلومات استخباراتية عن توجه واضح لتنظيم داعش لتفعيل عملياته الامنية «الخارجية»... ووفقا لتلك الاوساط، الاجهزة الامنية اللبنانية تعمل بكل طاقاتها حتى الآن لا تزال متقدمة «بخطوة» على تلك التنظيمات الارهابية وتسعى للمحافظة على هذا التقدم.
«رسائل» «عين الحلوة»
استمرار المواجهات العسكرية لمدة تجاوزت الحدود المسموح بها لبنانيا في مخيم عين الحلوة، دفعت الاجهزة المعنية بهذا الملف الى ابلاغ القوى الفلسطينية المشتركة، بأن «المراوحة» العسكرية في المخيم ممنوعة، واستمرار النزيف من «بوابة» الجنوب «خط احمر» لبناني لا يمكن القبول به قطعياً واذا كان لا بد من خيارات لحسم المواجهة فيجب ان يحصل الامر سريعا، سواء كان الحسم سياسيا او عسكريا... كما ابلغت هذه القوى ان القيادة السياسية والعسكرية اللبنانية غير معنية بالتورط في أي حرب «مخيمات» جديدة، ولا نية للجيش اللبناني للتدخل في مجريات المواجهات داخل المخيم، لكن هذا الامر لا يعني التخلي عن حماية امن مدينة صيدا وجوارها... ولذلك فان اقفال هذا الملف الامني يجب ان يحصل خلال ساعات وليس ايام، لان التنظيمات المتشددة لديها اجندات «خبيثة» لاستدراج القوى الامنية اللبنانية الى الصدام معها، وعمليات اطلاق النار العشوائية باتجاه محيط المخيم تصب في هذا الاتجاه...
ولفتت تلك الاوساط، الى ان ملف عين الحلوة لن يقفل بمجرد الانتهاء من «ظاهرة» بلال بدر ومجموعته «الداعشية، فالفصائل الفلسطينية مطالبة بتسليم جميع المتورطين في عمليات امنية على الساحة اللبنانية، وبعض المطلوبين متهمون «بتجهيز» انتحاريين أوقفتهم الأجهزة الأمنية اللبنانية قبل تفجير أنفسهم بأحزمة ناسفة، إضافة الى ضرورة اقفال ملف شادي المولوي وافراد مجموعته، وكذلك هناك متهمون بإرسال مقاتلين إلى الرقة للالتحاق «بداعش»، وهناك ايضا مطلوبون آخرون منهم هيثم الشعبي وهلال هلال وأسامة الشهابي الذي أبدى استعداده للتوسط مع بلال بدر خلال الساعات القليلة الماضية؟!
«جلجلة» قانون الانتخاب
يبدو احتمال نجاح اللجنة الوزارية في صوغ قانون جديد للانتخاب متعذرا بحسب اوساط وزارية ابلغت «الديار» ان الوقت بات ضيقا، وما يزال التباعد في مقاربة الملف بين مختلف القوى السياسية حيال المخارج الممكنة شاسعا، يكفي اعطاء نموذج لمقاربة جرت في جلسة الحكومة امس حيث شهدت مطالعة «طائفية» للوزير جبران باسيل الذي اكد ان المشكلة ليست سياسية بل تتعلق باستعادة المسيحيين لحقوقهم، فيما تحدث عدد من الوزراء وفي مقدمهم الوزيرة عناية عزالدين عن البعد الوطني لقانون الانتخاب... «واذا كان «الفراغ» ممنوعاً، والاتفاق شبه مستحيل، اذا لم تحصل تنازلات متبادلة على قاعدة النسبية، فان التمديد بات امرا واقعا، وهو كـ«كأس السم» الذي سيتجرعه الجميع عن سابق تصور وتصميم، فيما يدور البحث عن «بطل» يقدم على اخذ المبادرة»لانقاذ» الدولة من السقوط في المجهول...
وتشير اوساط في 8 آذار، الى ان بعض من سبق ورفض «السلة» المتكاملة التي دعا الرئيس نبيه بري الى الاتفاق عليها قبل التسوية الرئاسية، يعبر في جلساته الخاصة عن «ندم» شديد على عدم الاصغاء الى نصائح «ابو مصطفى»، يومذاك كان الجميع «محشورا» في الزاوية، الاحزاب المسيحية وفي مقدمها التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، كانوا يريدون انجاز «صفقة» الرئاسة بأي ثمن، وتيار المستقبل كان همه الاول والاخير عودة الرئيس الحريري الى السرايا الحكومي، وكان بالامكان التفاهم على القانون العتيد، عبر فرض «التواضع» على التيار الوطني الحر»والقوات»، وحرمان «التيار الازرق» سياسة المناورة التي تضع البلد اليوم بين خيارين احلاهما مر...
وبحسب اوساط وزارية، فان الوضع اليوم هو كالآتي: حزب الله باسم «الثنائي الشيعي «قال كلمته في بعبدا ومشى... تيار المستقبل لا يبدو مستعجلا لتقديم اي مخارج معقولة للازمة الحالية، هو اول المستفيدين من التمديد. النائب وليد جنبلاط لا يبدو معنيا بخوض معركة «طواحين هواء» وسط هذه «المعمعة» المتواصلة والتي تحمل «بذور فناء» اي طرح انتخابي جديد. الاحزاب المسيحية خارج «عباءة» الثنائي المسيحي تستمتع بمشاهدة «سقوط» محاولات اقصائها او تحجيمها دون ان تتكبد عناء خوض معركة ضد القانون «المختلط»... في هذا الوقت يبدو التيار الوطني الحر محاصرا بين «لاءات» حزب الله «ولاءات» القوات اللبنانية، والوزير جبران باسيل يعرف بحكم تجربة مسار الانتخابات الرئاسية انه لا يستطيع ان يتجاوز موقف حزب الله، ويدرك ايضا ان التراجع عن الاتفاق مع «معراب» على القانون المختلط سيعني «قطع شعرة معاوية» مع «الحكيم» في ظروف عصيبة تمر بها العلاقة الثنائية اثر الاهتزازت المتتالية التي بدأت في البترون، ولم تنته ارتداداتها بعد في انتخابات نقابة المهندسين...
ووفقا للمعلومات، فان ما زاد الامور تعقيدا في الساعات القليلة الماضية، ان من كان يراهن على «خرطوشة» انقاذ اخيرة يمكن ان تكون في جعبة رئيس الجمهورية خلال جلسة الحكومة، اصيب «بخيبة امل» ازاء عدم شعوره بوجود رغبة قوية لدى الرئيس في المضي قدما بقناعاته السابقة باعتماد القانون النسبي، وهو امر يشرع الابواب امام حتمية الذهاب الى التمديد، ما لم يفاجىء الرئيس الجميع بموقف «تاريخي» ينقل البلد من «ضفة» الى اخرى، عبر وضع الجميع، وخصوصا تيار المستقبل، امام «امتحان» المصداقية بعد اعلان الرئيس الحريري موافقته على القانون النسبي!
الجمهورية :
هل دخل القانون الانتخابي مرحلة العدّ التنازلي لخروجه إلى النور؟ وهل صار التمديد لمجلس النواب على قاب قوسين أو أدنى من فرضِه أمراً واقعاً؟ الجواب النهائي سيتبلوَر في الأيام المقبلة تبعاً لتطوّرات النقاش الجاري حول هذا الملف، وبالتالي لا يُعتدّ بالإيجابيات الشكلية التي ظهّرها انعقاد الحكومة في جلسة انتخابية انتهت إلى إحالة ملف القانون إلى لجنةٍ لاستيلاد صيغة انتخابية من بين الأنقاض السياسية من دون تحديد سقف زمني لمهمّتها. في وقتٍ بَرز في الساعات الأخيرة كلام ربط مهمّة اللجنة التي ستنعقد في السراي الحكومي بمحاولة صوغ الإخراج لهذا التمديد. وفيما بلغَ الهاجس الأمني حدّاً عالياً من السخونة والترقّب الحذِر جرّاء استمرار الوضع الشاذ في مخيّم عين الحلوة، وتداعياته على الأمن اللبناني بشكل عام وأمن مدينة صيدا وجوارها بشكل خاص، احتلّت مشاعر التضامن مع شهداء الشعانين في مصر، حيّزاً من الاهتمامات الداخلية، والرفض للإرهاب بكلّ مسمّياته التكفيرية والجاهلية المتخلّفة، وأساليبه الإجرامية التي تفتك بالأبرياء وبالأديان السماوية، وبالمسيحيين على وجه الخصوص.
إنتخابياً، يمكن القول إنّ طبخة البحص الانتخابية وضِعت على النار الحكومية، ولكن من دون أن تبرز مؤشرات من المصادر السياسية والحكومية بالشأن الانتخابي، حول ما إذا كان إنضاج البحص الانتخابي ممكناً في ظلّ التباينات الحادّة التي ما زالت تحكم هذا الملف، وكذلك حول المدى الذي ستستغرقه الطبخة.
على أنّ اللافت للانتباه في الساعات الماضية كان مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الدعوة لاجتماع هيئة مكتب المجلس اليوم، وهو ما بدا أنّه يعكس توجّهاً لدى رئيس المجلس لعقدِ جلسة عامة للمجلس تحت العنوان التشريعي بمعزل عن عمل اللجنة الوزارية التي شكّلها مجلس الوزراء.
وبحسب المعلومات فإنّ الجلسة العامة هي إجراء احترازيّ من قبَل رئيس المجلس في حال لم ترِده أيّ صيغة من الحكومة حول القانون الانتخابي الجديد في وقتٍ قريب جداً.
وهي في الوقت نفسه محاولة جدّية لحضِّ الحكومة على توليد القانون سريعاً جداً. وإذا ما عقِدت هذه الجلسة بعد غدٍ الخميس، وهو الموعد الأقرب لعقدها، ليس مستبعداً أن تناقش اقتراح قانون معجّلاً مكرّراً بمادة وحيدة أعدّه أحد النوّاب ممّن له تجارب سابقة في هذا المجال، لتمديد ولاية مجلس النواب.
وعلمت «الجمهورية» أنّ اقتراح القانون يُجيز لمجلس النواب تمديد ولايته 3 أشهر تمديداً تقنياً، على أن يُقرن هذا التمديد باتفاق مبدئي وتعهّد من كلّ القوى السياسية لإعداد قانون انتخاب خلال المدة الممدّدة. أي التمديد قبل القانون (راجع ص 4) إلّا إذا تمّ التوافق قبل جلسة الخميس على تصوّر لقانون الانتخاب، وهذا مستبعَد حتى اليوم في ظلّ الخلافات القائمة.
حركة الاتصالات
وكانت حركة الاتصالات قد تكثَّفت في الساعات الماضية، حيث عقِد في القصر الجمهوري أمس لقاءٌ قبل جلسة مجلس الوزراء بين رئيسَي الجمهورية والحكومة العماد ميشال عون وسعد الحريري والوزير جبران باسيل. تلاه اجتماع ثلاثي بعد الجلسة، وضمّ باسيل ووزير المال علي حسن خليل ومدير مكتب الحريري السيّد نادر الحريري، وشارَك فيه وزير الطاقة سيزار أبي خليل. وأفيدَ في هذا السياق أيضاً عن اجتماع آخر بمشاركة ممثّل عن «حزب الله».
وعلمت «الجمهورية» أنّ الاجتماع الثلاثي سجّلَ نقطةً تجاه الاتفاق على التخلّي عن الصيَغ المختلطة لكنّه أبقى على الخلاف المتعلق بصيغة القانون النسبي لجهة توزيع الدوائر من جهة وإعداد النواب على التأهيل من جهة ثانية بالإضافة إلى تفاصيل تقنية.
واستكمِل الاجتماع بعد الظهر بهدف التوصّل إلى صيغة أو صيغتين أو ثلاث، بحسب مصادر المجتمعين، يدعو على أساسها رئيس الحكومة أعضاءَ اللجنة الوزارية للاجتماع بعد ظهر اليوم في السراي الحكومي. وأفيدَ في هذا السياق أيضاً عن اجتماع آخر بمشاركة ممثّل عن «حزب الله».
3 مسارات
إلى ذلك، قالت مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» إنّ الحرارة التي دبَّت في النقاشات الانتخابية في الساعات الأخيرة، مرتبطة بنتائج الاجتماع الذي عقِد في القصر الجمهوري قبل يومين بين رئيس الجمهورية ووفد «حزب الله» في حضور باسيل الذي زار بعد الاجتماع بيتَ الوسط والتقى الحريري. وجرى البحث في صيغة التأهيل مجدّداً على الأكثري في القضاء، والنسبي في المحافظات.
وعلمت «الجمهورية» أنّ وفد الحزب طرح في اللقاء ثلاثة مسارات: الأوّل هو صيغة النسبية الكاملة مع دائرة واحدة أو 10 دوائر أو 5 دوائر، باعتبارها أفضل قانون للبلد. والثاني، هو العودة إلى التأهيل على القضاء والموافقة على أنّ أوّل فائزَين اثنين يتأهلان إلى النسبية في المحافظة.
والثالث مشروع باسيل لكن معدّلاً بعد الأخذ بالملاحظات التي وضَعها الحزب عليه. وبناءً على هذه الطرح لم يأخذ وفد الحزب جواباً إيجابياً، وفي الوقت نفسه لا يبدو له أنّ الجوّ كان مقفَلاً أو سلبياً.
وإذا كانت جلسة مجلس الوزراء قد عكسَت نيّة الحكومة في مقاربة هذا الملف بشكل أكثر جدّية من ذي قبل، فإنّ النقاش الانتخابي الذي سادها شكّلَ استنساخاً للنقاش والمواقف التي جرت من خلفِ المنابر والإعلام طيلة الأشهر الماضية، والتي أبرزَت التناقض في الرؤى والتوجّهات الانتخابية لدى كلّ الأطراف.
ومن هنا ارتؤيَ الذهاب إلى لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة لعلّها تتمكّن من التقريب بين الصيَغ المطروحة وتحقيق اختراقٍ ما في حائط التباينات، تصوغ من خلاله مسوّدةً تعود بها إلى مجلس الوزراء في وقتٍ قريب.
وقال مصدر وزاري لـ«الجمهورية»: «ما حصَل في مجلس الوزراء كان مجرّد عصفِ أفكار معروفة، وأمّا النقاش الحقيقي الذي يوصل إلى قرار حازم في الشأن الانتخابي فهو في مكان آخر». ولم يشأ المصدر تحديد «هذا المكان الآخر» واكتفى بالقول: «إنه عند الكبار».
وأضاف: «في الشكل حمل انعقاد الحكومة إشارةً إيجابية، وأمّا في المضمون فنصيحتي أن ننتظر. أنا شخصياً أريد أن أتفاءل، ولكن ما أستطيع قوله بناءً على ما أملك من معلومات ومعطيات، وعلى ما يعرَض أمامي من آراء وأفكار ومواقف فوق الطاولة وتحتها: «أنا مِش متفائل كتير.. وان شاء الله اكون غلطان».
مصادر وزارية
وبحسب مصادر وزارية، فإنّ الجلسة سارت بلا تشنّجات، إنّما طرَح كلُّ طرف تصوّرَه الانتخابي، وكانت تصوّرات متناقضة، وفي ضوء هذا التناقض ارتؤيَ تشكيل لجنة وزارية.
وأشارت المصادر إلى أنّ رئيسي الجمهورية والحكومة، شدّدا خلال الجلسة على ضرورة إيجاد قانون انتخابي حتى ولو استلزم الأمر عَقد جلسات مفتوحة لهذه الغاية.
قراءة بعبدا
وفي قراءة لنتائج جلسة مجلس الوزراء وصَف رئيس الجمهورية الجلسة بأنّها بالغة الأهمّية بمجرّد أنّ مجلس الوزراء استعاد البحث في قانون الانتخاب العتيد وباتت المبادرة في عهدته.
وقال أمام زوّاره إنّه من المفترض أن تضمّ اللجنة الوزارية التي شكّلها مجلس الوزراء مختلفَ الأطراف الممثلين في الحكومة ومجلس النواب بمجرّد أن تركت عضويتها لمن يطلب الانضمام إليها وإبلاغ رئيس الحكومة بهذه الرغبة. وطالما إنه ليس هناك أيّ استثناء فيبقى على الغائب عنها أن يؤكّد أنه استثنى نفسَه بنفسه من عضويتها. فعلى هذه اللجنة رهانٌ كبير وهي شُكّلت لتتولى مهمّة وضعِ القانون العتيد بأسرع وقت ممكن.
وإنه من الواجب على من يتولّى هذه المهمة أن ينهيَ النقاش في القانون الجديد الذي دام لأعوام خلت، وإنه لم يعد ممكناً التأخير في إصداره ليُحال إلى مجلس النواب وإتمام العملية ليتسنّى لنا التحضير للانتخابات وشرح الصيغة الجديدة التي سيعلن عنها.
وأكّد عون ارتياحه لِما سمعه من مختلف الأطراف الممثّلين في الحكومة لجهة وجود أجواء تعِد بالبحث الجدّي في القانون الجديد، والمسألة لا يمكن أن تستغرق أكثر من أيام من دون القدرة على تحديد موعد.
صيّاح
من جهةٍ ثانية، بقيَت العين شاخصةً في اتّجاه الحدث الإجرامي الذي تعرّض له الأقباط في مصر على أيدي المجموعات الإرهابية. وفي هذا الإطار، أكّد النائب البطريركي بولس صيّاح لـ«الجمهورية» أنه «لم يعد ينفع الاستنكار والإدانة للأحداث الإرهابية التي يسقط ضحيتها أبرياء، بل إنّ هذا الأمر يتطلّب أولاً من الدول والجماعات التي تموّل الإرهاب وقفَ هذه الأعمال، من ثمّ تحرّك المجتمع الدولي للقضاء على هذه الظواهر».
وقال صياح «إنّ شهداء مصر هم قدّيسون لنا في السماء، وهم البذور التي تنمو في الكنيسة»، داعياً الأقباط إلى عدم اليأس والانجرار إلى القتال، بل التمسّك بالأرض التي دفعوا ثمنها دماً مثلما دفعَ مسيحيو لبنان من تضحيات من أجل بقائهم أحراراً».
مصدر عسكري
وأمنياً، وفيما الاشتباكات في مخيّم عين الحلوة مستمرّة، أكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «قرار الجيش واضح وحازم، وهو لن يقبل أن تمتدّ الاشتباكات الى خارج المخيّم، لأنّ أمن مدينة صيدا والجوار خطّ أحمر».
وإذ نفى تدخّل «الجيش في الاشتباكات أو حتى المخابرات داخل المخيّم»، أوضح أنّ «الجيش سيتدخّل عندما يشعر بأنّ الخطر بدأ يخرج من المخيّم ويهدّد الجوار، عندها نكون قد تجاوزنا الخطوط الحمر»، مشدّداً على أنّ «الجيش لن يسمح بتكرار تجربة الصدام اللبناني - الفلسطيني وحرب 1975، لأنّ الانفلاش خارج المخيّم سيواجَه بردّ لا هوادةَ فيه».
وطمأنَ المصدر إلى أنّ «الوضع في كلّ المخيمات الجنوبية مضبوط، ولن يحدث أيّ صدام، أو محاولة لإشعال الفتنة السنّية - الشيعية عبر السلاح الفلسطيني». وأكّد أنّ «انتهاء القتال في عين الحلوة رهنٌ بحسم القوّة الفلسطينية المشتركة للمعركة».
الاخبار :
بعدما أعاد المجلس النيابي كرة قانون الانتخابات إلى ملعب الحكومة التي عقدت أمس أول اجتماعاتها لإيجاد مخرج وتفادي ما هو أصعب، يبدو سيناريو تأجيل الانتخابات عبر التمديد للبرلمان هو الأقرب إلى الواقع. لكن هذا الخيار يستبطن مشكلة كبيرة، طرفها الأول رئيس مجلس النواب، ومن خلفه حزب الله، وطرفها الثاني رئيس الجمهورية، ومن خلفه التيار الوطني الحر والقوات.
وكان بارزاً أمس حديث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، عن عدم وجود الفراغ في الدستور وفي قرارات المجلس الدستوري. وفيما فسّر البعض كلام عون بأنه رفض للفراغ، قال آخرون إن رئيس الجمهورية يرى في المواد الدستورية ما يؤمّن استمرار السلطة التشريعية بعد نهاية ولاية المجلس النيابي، وهو ما يعارضه الرئيس نبيه بري الذي يجزم بعدم وجود أي فتوى تتيح التشريع بعد انقضاء ولاية المجلس.
وفيما ألّف مجلس الوزراء أمس لجنة لبحث قانون الانتخاب، بقي بري متمسكاً بيوم الخميس المقبل كسقف زمني للتوصل إلى قانون جديد، أو على الأقل الاتفاق على مبادئ هذا القانون. ودعا بري هيئة مكتب المجلس للانعقاد اليوم والبحث في «أمور مجلسية» كما قيل. وأشارت مصادر عين التينة إلى أن «الهدف من هذه الدعوة دراسة إمكانية عقد جلسة للتمديد التقني، إذ إن برّي لن ينتظر طويلاً». ورجحت المصادر أن تنعقد الجلسة في خلال أيام، على أن تراوح مدة التمديد بين 3 أو 6 أشهر، وثمة احتمال لأن تقر الحكومة مشروع تمديد تقني مشروط بمبادئ عامة تحدّد شكل الصيغة الانتخابية»، ملمّحة إلى أن «مشروع التمديد بات جاهزاً، وقد مهّد له النائب نقولا فتوش في الجلسة الأخيرة». ويريد بري صدور قانون التمديد قبل يوم الجمعة المقبل، ليبقى المجال متاحاً أمام المجلس النيابي كي يعيد تأكيد صدور القانون إذا ردّه رئيس الجمهورية.
لكن هل يحظى التمديد بتوافق الجميع؟ تنقل المصادر حرص الرئيس برّي على التفاهم عليه مع الأكثرية، لكن حتى الآن «هناك تخوف من مقاطعة القوات والتيار الوطني الحر»، وبذلك «تفقد الجلسة ميثاقيتها، في ظل حديث عن عدم حضور الكتائب في ظل المقاطعة، ما يفتح الباب على احتمال رفض الرئيس الحريري المشاركة». وفي السياق، أكّد باسيل رفض الفراغ، إذ «لا أحد يسعى إلى الفراغ في بداية عهد جديد، ولا أحد يُريد أن يخرّب هذا المسار».
الثابت أن البلاد متجهة إلى أزمة كبرى. وبعد يومين من تكثيف الاتصالات واللقاءات التي توّجت بزيارة وفد من حزب الله أول من أمس لبعبدا، وأخرى للوزير جبران باسيل للقاء الرئيس سعد الحريري، لم ينجح مجلس الوزراء الذي عقد برئاسة العماد ميشال عون في التوصّل إلى اتفاق على مشروع قانون جديد، لإرساله إلى المجلس النيابي. النتيجة الوحيدة كانت تشكيل لجنة وزارية برئاسة الحريري يستطيع أي وزير الانضمام إليها، على أن تبقى منعقدة في جلسات مفتوحة. وتشكيل اللجنة هو اقتراح قدمه الوزير ملحم رياشي، وتتألف من الوزراء علي حسن خليل، طلال أرسلان، أيمن شقير، جبران باسيل، حسين الحاج حسن، بيار أبي عاصي وجمال الجراح، لدرس كل أوراق العمل المتعلقة بقانون الانتخاب والخروج بخلاصة لمواضيع النقاش، وستُعقد اللجنة اليوم أول اجتماعاتها في السرايا الحكومية.
وفيما شدّد كل من عون والحريري على ضرورة إنتاج قانون جديد، كان لافتاً كلام رئيس الجمهورية لجهة رفضه وقوع البرلمان في الفراغ، إذ إنه أكثر من مرة أعلن تفضيله الفراغ على قانون الستين أو التمديد، فيما رأى رئيس الحكومة أنه إذا فشلت الأخيرة في إنجاز القانون، فكأنها لم تُنجز شيئاً.
وبحسب التسريبات التي تلت جلسة الحكومة، لم يتغيّر أي شيء في الجوّ العام. وأشارت مصادر حكومية إلى أن «العُقَد لا تزال هي نفسها، لكنها انتقلت إلى طاولة الحكومة مع تمسّك التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية بمشروع الوزير باسيل المرفوض من أغلب القوى السياسية، في مقابل تمسّك كل من حزب الله وحركة أمل بتطبيق النسبية الكاملة».
في المقابل، لفتت مصادر وزارية أخرى إلى أن الحكومة، بعد الجلسة الأولى، أصبحت بين حدّين: الأول رفض الفراغ، والثاني رفض خيار التصويت الذي طرحه كل من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، سواء في الحكومة أو في مجلس النواب». وأشارت إلى أن «المشروع المختلط سقط، والتوجه الآن نحو مناقشة النسبية الكاملة»، كاشفة أن «الصيغة الجديدة التي وضعت في عهدة اللجنة هي القانون التأهيلي في الطوائف والنسبية على أساس وطني». وأبدت المصادر تخوّفها من أن «يتلطّى التيار الوطني خلف موقف رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يرفض النسبية الكاملة لنسف هذا الطرح».
وبحسب المعلومات «جرى اتفاق عشية مجلس الوزراء بين التيار والقوات على التمسك برفض النسبية المطلقة والسير بمشروع الوزير باسيل»، وقد ترجم ذلك داخل الجلسة، حيث «رفض الطرفان ومعهما الوزير أيمن شقير النسبية، فيما دافع عنها حزب الله وحركة أمل والمردة». وأشار عدد من الوزراء إلى أن طرح مشروع القانون القائم على تأهيل الطائفي «جاء عرضاً ولم يكن مشروعا متقدماً في النقاش».
البلد :
عادت مهمة البحث عن قانون االنتخاب المفقود الى حلبة اللجان مجددا، فمجلس الوزراء الذي غاص في بحر خالفات الصيغ، ً بنيات ضرورة التوافق، قذف الكرة الى مرمى لجنة وزارية مظلال مصغرة برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري النجاز مهمة ّ ة على القوى السياسية، بقيت طوال اشهر، ال بل سنوات عصي النجازها في ايام، وسط تساؤالت عن الضمانات ومصير القانون واالستحقاق في ما لو لم تخرج اللجنة خالل االيام الثالثة المقبلة، بالتوافق المرجو لتثبت مأزق الخيارات الصعبة التي يواجهها مجلس النواب في حسم موقفه من اجراء االنتخابات، على وقع التلويح بشبح الفراغ، على رغم طمأنة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأن »الفراغ غير مطروح ولن يحصل«. وانهت حكومة »استعادة الثقة« جلستها المخصصة لبحث قانون االنتخاب بتشكيل لجنة وزارية مصغرة برئاسة الحريري ُ بقي جلساتها ستجتمع اليوم للبحث في القانون، على ان ت مفتوحة للوصول الى نتيجة، كما اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مطمئنا الى ان الفراغ لن يحصل في اي مؤسسة والعودة الى مواد الدستور وقرارات المجلس الدستوري تشير الى ذلك، فال داعي تاليا للحديث عنه«. ودعا وزير االعالم ملحم الرياشي الراغبين باالنضمام الى اللجنة الى تسجيل أسمائهم لدى رئيس الحكومة، مشددا على ضرورة ّ ز اللجنة الوزارية بأسرع وقت مشروع قانون تضعه على ان تجه طاولة مجلس الوزراء«. وبعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء عقد لقاء في بعبدا بين وزيري الخارجية والمغتربين جبران باسيل والمال علي حسن خليل ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري. وسئل عضو تكتل التغيير واالصـالح النائب أمل أبو زيد عن اتجاهات التيار الوطني الحر في حال اخفاق االتفاق فقال »سنناقش كل الخيارات في اجتماع التكتل اليوم. غير أنني أسأل: ماذا لو قاطعت القوى المسيحية األساسية )التيار الوطني الحر والقوات والكتائب( جلسة التمديد، هل تكون ميثاقية؟«. وتواصلت االشتباكات بوتيرة مرتفعة في مخيم عين الحلوة. وفي جديد التطورات في مــوازاة الميدان المشتعل، وضع االرهابي بالل بدر سلة من الشروط لوقف إطالق النار. ويطالب بدر بإفساح المجال أمامه للتواري عن األنظار، غير أن »فتح« المصرة على الحسم العسكري، اكدت على لسان قياداتها اصرارها على انهاء حالة بدر والقضاء على مربعه االمني في حي الطيرة، وأعطته مهلة لتسليم نفسه مع جماعته. وفي حصيلة االشتباكات حتى الساعة، سجل سقوط 7 قتلى و50 جريحا. وتركزت المعارك على محور حي الطيرة، جبل الحليب، مفرق سوق الخضار- الشارع الفوقاني ، وطاول الرصاص الطائش مستشفى صيدا الحكومي ما أدى الى تحطم زجاج طابقي العناية الفائقة واالطفال. وشهد المدخل الغربي للمخيم لجهة الحسبة، حركة نزوح كثيفة لألهالي.