أطلقت شاماميان ألبومها الرابع "لونان... بحر وإنسان" نهاية العام الماضي مع الفنان غوكسيل باكتاغير في اسطنبول، وأحيت حفلات في السويد وألمانيا - دريسدن. أما الحفلات المقبلة فستكون في العاصمة البريطانية لندن وفرنسا بالإضافة لهامبورغ بألمانيا، حيث ستقدم حفلاً خاصاً بعنوان "الموانىء القديمة"، وسيتضمن محطة مع التراث البحريني، ووجود للنهام (مغني السفينة خلال زمن الغوص) وفرقة تقليدية بحرينية.
بحر وإنسان؟
"أنا أحب البحر كثيراً والماء، وسأعمل على إدخال تراث البحر من أكثر من منطقة بحرية في العالم العربي في هذا الحفل، من سوريا، الإسكندرية، تونس، ويجب أن يكون الخليج حاضراً لأنه فعلياً، هو ثقافة البحر في العالم العربي، التي لا نعرف عنها الكثير، لذلك أنا معنية كثيراً بالتراث البحري البحريني"، تضيف شاماميان.
بالنسبة للفنانة، إطلاق الألبوم يجب أن يكون من دمشق، لكن لأنها لا تستطيع إقامة حفلات في دمشق، ستظل تغني أغاني الألبوم في حفلاتها، وستوقع الألبوم في كل المدن التي ستزورها وتغني فيها.
وقالت شاماميان إن فكرة العبور والانتقال استحوذت على ألبوم "لونان": "في ألبوم غزل البنات كان حديثي أكثر عن الغربة والألم والحرب والفقدان، بينما "لونان" يركز على فكرة العبور إلى الحياة، تحدثت فيه عن الناس الذين عبروا بالبحر، من مات منهم ومن وصل منهم، وعن تجربتي الشخصية ومرحلة العبور بحياتي، وترويض الواقع وقبوله، والتصالح مع فكرة أن الحياة مستمرة، من النجاة إلى الحياة".
ستغني الفنانة السورية في مهرجان الحمامات في تونس، وستنجز بعض الأعمال التونسية المتعلقة بالبحر وتطورها موسيقياً. وتؤكد: "كل بلد أذهب لأغني فيه، أحب أن أقدم شيئاً من البلد نفسه، كشكل من أشكال التحية له، كما أنني أتعلم من السفر وزيارة هذه البلدان وأعيش ثقافتها وأغني إيقاعاتها وألحانها، ولهجتها تثريني موسيقياً، فهي جميلة بالنسبة لي تماماً كما هي جميلة بالنسبة للحضور".
ما هي نظرة الأوروبيين لفنك؟
ترى شاماميان أن المستمع الأوروبي عادة ينصدم من المستوى الفني الذي تقدمه، فغالبية الناس في أوروبا لديها صورة نمطية عن الشرق بأنه لا يمكن لامرأة فيه أن تنجز فناً بهذا المستوى، وتجوب العالم لتقديمه، كما يتوقعون أنهم سيلاقون أشخاصاً متخلفين وأغبياء ويتعاملون معهم بدونية. "أن يروا فنانة تقدم هذا الأداء على المسرح بهذا المستوى الفني يسبب صدمة لهم، وهو أمر يسعدني لأنه يدفعهم إلى إعادة حساباتهم عن منطقة الشرق الأوسط ونسائها".
تسعى شماميان حالياً لإطلاق الألبوم في مدينة أخرى مهمة غير اسطنبول لإيصال الألبوم للعالم العربي ولمحبيها في أرجاء العالم.
ما دخل السياسة بالفن؟
الفن كغيره من القطاعات فيه تجمعات ولوبيات كما أن للسياسة يداً فيه أيضاً، تؤكد لينا. وتقول: "أنا أقدم الموسيقى والفن لمحبي الموسيقى والفن، وليس لأجل المصالح المادية والسياسية، لأن من يريد مصالح سياسية مني، لن يجدها، ما أقدمه هو لأشخاص يؤمنون بما أؤمن به".
تؤمن شاماميان أن هناك ما يسمى بالبروباغندا التي تخلق حول بعض الفنانيين لخلق نجوم منهم: "أنا لا أشتري متابعين ولا أشتري إعجاباً على صفحتي، كل من يتابعني ويحضر حفلاتي هم أناس حقيقيون مثلي، أحب أن أكون حقيقية وأن أعرف حجمي الحقيقي والطبيعي. لا يقاس عدد المتابعين أو المعجبين من خلال صفحة الفيسبوك أو اليوتيوب، فما هو موجود على أرض الواقع أهم وأكثر حقيقية".
تمثل أغاني شاماميان الحقبة التي نعيشها والحروب والصراعات في سوريا والمنطقة، فهي تغني للحالمين بعالم أفضل، للأطفال، ومن أجل أن يكون لدينا مكان أفضل، لا يجبر فيه الأطفال على دفع ثمن قرارات الكبار.
وتواصل: "مررت بحرب تسببت في فقد جزء كامل من الحضن الذي كنت موجودة فيه والضرر النفسي والضرر الجسدي الناتج عن النفسي الذي تأثر بتوقفي عن العمل، ولكن أنا اليوم قادرة على استكمال مشواري وأنا بمكان أفضل بكثير من مكاني قبل فترة من الزمن وفخورة بأنني عرفت كيف أكون محظوظة واختار شركاء جيدين، فأنا مؤمنة بأن الإنسان يختار أن يكون محظوظاً".
ما رأيك بالجيل الجديد من المغنين؟
"لم أعرف أنني من جيل قديم حتى بدأت أرى نوع الموسيقى التي تخرج اليوم، فأنا لست من جيل السوشال ميديا، أنا من جيل تربى على معايير موسيقية مختلفة عن اليوم، بالنسبة إلي المغني ليس من يغني مقطعاً واحداً بغرفة النوم، أو بدورة المياه، أو أسفل البناية من أجل الصدى ويصبح مغنياً. من أجل صناعة الموسيقى يجب أن يقدم الشخص عرضاً لمدة ساعتين على المسرح لنتعرف على ما يمكن أن يقدمه، أن يشعل الجمهور، هذه هي المعايير التي تربيت عليها، لذلك صرت أصنف نفسي جيلاً قديماً، أو بالأحرى جيلاً حقيقياً".
وعن الموروث الموسيقي الذي تتركه خلفها، تقول: "ما قمت به كان إبداعاً لنوع جديد من الغناء يعتمد على التقنية الكلاسيكية، بحكم أنني درست كلاسيك وأوبرا، ويعتمد على غناء الجاز لأنني أحبه وتعملته بنفسي، ويعتمد على الغناء الشرقي، كما أن كوني أرمنية جعلني أعتمد الهارموني، لأنها من الثقافة الأرمنية وليست الشرقية، كما أن هناك خوفاً من النوتات العالية في الغناء، فالغناء الشرقي هو غناء نوتات منخفضة، لكنني لم آبه لذلك، وغنيت بالنوتتين".
وعن تقليد الآخرين لها تقول: "هناك من يقلد بطريقة الاستنساخ، من دون إضافة شيء، وهذا لا يضايقني لأن كونهم يقلدونني يعني أنني ناجحة، ولكن، أنصحهم/ن بعدم الاستنساخ، فكل شخص لديه ما يقدمه، وواجبه أن يجد نفسه وشغفه، وأن يقدموا أعمالاً خاصة بهم، فلو لم أقم بتقديم شيء خاص عندما بدأت، لما استطعت أن أصل للعالمية".
إلى أين اليوم؟
"ليست لدي خطط طويلة الأمد، أريد أن أسافر، أن أغني، إنسانياً واجتماعياً، أصبح في داخلي قوة أكبر ورغبة أكبر أن أغيّر وأنشر الحياة، وأنشر السعادة وألم وجع الناس، وأعطيهم إياه بطريقة ثانية، وأن أجعل الناس تسأل نفسها أسئلة، فهذه هي رسالة الفن، أن يثير لديك التساؤلات وليس أن يقدم لك الإجابات، أنا نفسي أواجه أسئلةيومية أضعها في أعمالي، طموحي في الحياة أن أعيش تجارب أكبر أستطيع تجسيدها في الأغاني، وأن تكون لدي القدرة للتواصل مع الناس أكثر وأن أصل لشريحة أكبر من محبي الفن".
ستشارك شاماميان في لجنة تحكيم أيام قرطاج الموسيقية التي تقام هذا الشهر (أبريل 2017) في تونس، إلى جانب موسيقيين ونقاد موسيقيين مهمين من العالم العربي، وستكون العنصر النسائي الوحيد إلى جانب كونها مختصة بالموسيقى المعاصرة.
ورغم أنها ليست المرة الأولى، إلا آن هذا الأمر عادة ما يجعل شاماميان سعيدة لأن هذه المسابقات "تشمل نمطاً موسيقياً معيناً، والعناية لا تتركز فقط على الأصوات، بل على معايير وقيم موسيقية متنوعة بين الكلاسيكية والشرقية التقليدية والموسيقى المعاصرة".