أولاً: مُقتدى الصدر والأسد
لأول مرّة يُجاهر مقتدى الصدر كمرجع شيعي (يجمع بين الهيبة الدينية والموقع السياسي) بمطالبة الرئيس بشار الأسد بالاستقالة، والتّنحي عن المسرح الانتقالي السوري، ويعتبر ذلك خروجاً "فجّاً" على السياسة الإيرانية في المشرق العربي، والتي ما زالت مُتمسّكة بالنظام السوري باعتباره واسطة العقد في الهلال الشيعي الممتد من إيران حتى سواحل البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن أن الدعوة التي جاءت بعد الضربة الأميركية لمطار الشعيرات العسكري تُعتبر ضربة معنوية لها دلالاتها الهامة لموقع الأسد في الصراع الدامي على سوريا، ولدور إيران المحوري في دعمه، وهي تؤشّر من جهة ثانية على الأكلاف الباهظة التي بات بشار الأسد يُحمّلها للشيعة في المشرق العربي، فتاريخه وتاريخ والده حافلان بالمجازر والأدوار المخزية اتجاه فلسطين ولبنان والعراق، وها هي إيران بذلت المليارات والأرواح الغالية لتثبيت دعائم نظامه، وزجّت بالتنظيمات الشيعية العراقية واللبنانية الموالية لها في أتون الصراع الدامي ،لذا ربما رأى الصدر أن آن الأوان لوقف هذا النزف الهائل دفاعاً عن شخصٍ أو نظامٍ متهالك، وبات العالم ينتظر البرهة المناسبة للخلاص منه، فلماذا لا يُجاهر (الصدر) بدعوته للاستقالة؟ وهذا ما حصل.
إقرأ أيضا : الكلام الموزون .. في مذبحة خان شيخون
ثانياً: حزب الله والأسد
قبل الضربة الأميركية وبعدها، إيران في خضمّ الصراع السوري، وهي ما زالت تأمل (أو تحلم) بتثبيت أركان النظام المتهالك، لذا فهي تسعى جاهدة مع روسيا، شريكتها في هذه الدّوامة، لإعادة تنظيم المواجهة المستجدّة مع الولايات المتحدة التي انقلبت فجأة ضد الأسد، ومع تركيا التي هلّلت ورحّبت بالضربة الأميركية. أمّا حزبُ الله، فيبدو مُلحقاً بالاستراتيجية الإيرانية الغارقة في الوحل السوري، وفي حين يدعو الصدر الرئيس الأسد للاستقالة، يمضي حزب الله في محاولة دعم "صمود" رأس النظام المقاوم والممانع، وستستمر هذه المحاولة طالما لا يوجد "مقتدى صدر" في لبنان يمكن "الاقتداء" به لنسج سياسة استقلالية عن السياسة الإيرانية التوسُّعية في المنطقة العربية.
إقرأ أيضا : لماذا أمر ترامب بضرب سوريا؟