نشرت مجلة "سمنتراس" الفرنسية، تقريرا سلطت من خلاله الضوء على أبرز الطرق التي من شأنها أن تحدّ من تأثير الحساسية على صحة الإنسان، والتي ستؤمّن لك الوقاية من المواد المسببة لها داخل المنزل وخارجه على حد سواء.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الباحثين في مجال مقاومة الحساسية يعملون في الوقت الراهن على تطوير "بروبيوتيك" بهدف حماية الأطفال من التهاب الجلد، مشيرة إلى أن هذا الـ"بروبيوتيك" يحتوي على السكريات التي تتغذى عليها بكتيريا الحساسية، كما أنه يكفل تعزيز عمل جهاز المناعة بالنسبة للنساء الحوامل.
وشدد التقرير على ضرورة الحرص على أن يكون الهواء داخل الأماكن المغلقة نقيا، "فقد اتضح أن معظم الفضاءات الداخلية ملوثة بنسبة 100 بالمئة بعنصر الفورمالديهايد، فيما تحتوي على نسبة 30 بالمئة من العفن، وذلك يؤكد أننا أصبحنا نتنفس هواء أكثر تلوثا بنسبة خمس إلى سبع مرات مقارنة بالخارج.
ومن هذا المنطلق؛ من المهم للغاية فتح النوافذ بشكل يومي، وذلك للحد من نسبة تفشي محفزات الحساسية. وعلى الرغم من أن حساسية التبغ لا وجود لها، إلا أنه يُنصح بعدم التدخين داخل المنزل، ذلك أن المواد الموجودة في دخان السجائر من شأنها أن تتسبب في تهيّج الشعب الهوائية، وتؤدي إلى تفاقم أعراض التهاب الأنف والربو.
وأضاف التقرير أنه "في حال كان الشخص يعاني من الحساسية أو الربو؛ فمن الضروري أن يتجنب استعمال معطر الجو، وذلك وفقا لدراسة أجراها الباحثون في قسم طب الأمراض الصدرية التابع للمستشفى الجامعي بمدينة ستراسبورغ في عام 2015، موضحا أن الباحثين لجأوا إلى قياس تركيز "المركبات العضوية المتطايرة" و"الليمونين" في الهواء، إثر رش خليط من الزيوت العطرية، وقد لوحظ أن معدلات "الليمونين" في الهواء قد تجاوزت النسبة المسموح بها، الأمر الذي قد يتسبب في نوبة ربو.
وأشار التقرير إلى أن النباتات التي من المفترض أنها تقاوم التلوث؛ تمثل في الحقيقة "مصدرا للرطوبة والعفن، كما أن بعضها، على غرار نبتة التين، سبب رئيس في الإصابة بالحساسية"، وذلك وفقا لما أفادت به المستشارة في مجال البيئة الداخلية بمارسيليا، كريستال سباير.
وأضاف أنه "عادة ما يعتمد الأشخاص الذين يعانون من حساسية شديدة؛ أجهزة لتنقية الهواء"، مستدركا بأنه "لا بد من أن يكون الجهاز مزودا بمصفاة أو فلتر يسمح بتصفية الجزيئات الهوائية بطريقة فعالة".
وبيّن أن "من الضروري اعتماد مواد تنظيف معينة في المنزل"، ناقلا عن الطبيبة المختصة في أمراض الحساسية، إيزابيل بوسي، قوله إنه "يفضّل عدم اللجوء إلى المنتجات التي تعتمد على خاصية الرش، حيث إن الرذاذ الصادر عنها من شأنه أن يلوث الهواء لوقت طويل".
وتابع التقرير: "بالإضافة إلى ذلك؛ يُنصح باستخدام ممسحة رطبة بدلا من المكنسة، بهدف الحد من تطاير الغبار. كما أنه يجب تنظيف الفراش بشكل كامل على الأقل مرة واحدة في السنة، فضلا عن غسل الشراشف مرة في الأسبوع في درجة حرارة لا تقل عن 60 درجة مئوية؛ من أجل القضاء على القراديات".
ولفت إلى أن إصابة الأطفال بالحساسية ليست مرتبطة حصريا بالبيئة التي يعيشون فيها، "وبالتالي لن تستطيع حماية أطفالك بمجرد الحرص على أن يكون المنزل خاليا من أي مسببات للحساسية، وهو ما أكده الباحثون بالمعهد الوطني للصحة والبحوث الطبية الفرنسي في دراسة أُجريت سنة 2016، حيث أثبتوا أن الأطفال في سن الخامسة، الذين تعاني أمهاتهم من الحساسية، بالإضافة إلى ارتفاع مسببات الحساسية في حليبهن؛ يصابون في أغلب الأوقات بالربو والتهاب الأنف".
وفي هذا السياق؛ تنصح كريستال سباير الوالدين "بتجهيز غرفة الطفل بأثاث مستعمل، حيث إن الأثاث الجديد تنبعث منه المركبات العضوية المتطايرة، أو بإمكانهم تركه في غرفة التخزين، مع الحرص على تهويتها، وذلك قبل استخدامه".
وقال التقرير إن من الضروري أيضا التثبت من المعلومات الموجودة على أغلفة المواد الغذائية، التي عادة ما تشير إلى وجود مسببات الحساسية على غرار الغلوتين والبيض والفول السوداني والصويا، ضمن تركيبة المنتج، مشيرا إلى أن المصنّعين يميلون في الغالب إلى استخدام عبارة "قد يحتوي على آثار..." حين يتعلق الأمر بمادة قد تسبب الحساسية بشكل عرضي، ولذلك يجب الانتباه لهذه المؤشرات.
والجدير بالذكر أن مستحضرات التجميل تحتوي هي الأخرى على عناصر تسبب الحساسية، وفي الغالب يتم ذكر ذلك على علبة المنتج. فعلى سبيل المثال يوجد عنصر "الفينوكسييثانول" الذي يهيج الحساسية، في معظم منتجات المناديل الرطبة للأطفال.
وذكر التقرير أن تناول الطعام العضوي لا يعني بالضرورة أنك محمي تماما من التعرض للحساسية، فقد يصاب الشخص بحساسية غذائية بسبب تفاعل جهاز المناعة مع بروتين طبيعي. وعلى الرغم من أن منتجات التجميل الطبيعية تحتوي على نسبة أقل من المواد الحافظة مقارنة بغيرها، إلا أنه ينبغي الحذر من تلك التي تحمل إشارة "تم اختبار تأثيرها على الجلد" فهذه العبارة تدل على أن الاختبارات قد أجرتها الشركة المصنّعة بنفسها، وليس مركزا مستقلا.
وفي الختام؛ نوهت المجلة إلى أن عدة شركات مصنعة تعتمد على قوارير يتم إفراغها من الهواء، وذلك بهدف تجنب إضافة المواد الحافظة، مشيرة إلى أن هذه التقنية تسمح بتعقيم المنتجات من خلال منعها من التعرض للبكتيريا أو الكائنات الحية الدقيقة، وهذا الأمر يصب في مصلحة الأشخاص المصابين بالحساسية، أو المعرضين للإصابة بها.