ونقلت الصحيفة على لسان الباحثة في جامعة باريس، سيليا بيلان، أن "هذا الهجوم يؤكد أن هناك تغيرا مفاجئا في سياسة ترامب الخارجية، نظرا لأن هذا التحرك لا يتماشى مع الشعار الذي نادى به سابقا والمتمثل في "أميركا أولا".
وأضافت بيلان قائلة: "أما الآن، فقد تراجع عن قراره، وعاد للحديث عن مطاردة تنظيم الدولة الاسلامية والدفاع عن مصالح الولايات المتحدة وحلفائها... فعلا إنه تحول جذري في سياسة ترامب الخارجية".
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب قد صرح سابقا بأن "مصير الأسد سيقرره السوريون". علاوة على ذلك، قامت نائبة أميركية، بالتنسيق مع ترامب، مؤخرا، بزيارة إلى دمشق حيث التقت الأسد.
والسؤال: هل تحرك ترامب الأخير نابع من موقف إنساني عاطفي؟ وهل يندرج هجومه الأخير ضد النظام السوري، الذي كان وقعه قاسيا نوعا ما على كل من بوتين والأسد، ضمن برنامج "عودة أميركا لعظمتها"؟ كل هذه الاحتمالات ممكنة مع الملياردير الأميركي الذي يصعب التنبؤ بأفعاله، مع العلم أنه يواجه صعوبات داخلية منذ أن فشلت محاولاته في إلغاء قانون الرعاية الصحية الأميركي المعروف باسم "أوباما كير".
وأوردت الصحيفة أن ترامب لم يشاور الكونغرس الأميركي قبل اتخاذه قرار الهجوم على مواقع النظام السوري في سوريا. في المقابل، ناقش ترامب هذه المسألة مع مستشاريه المقربين الذين أعطوا الضوء الأخضر لتنفيذ هذه العملية.
وأضافت الصحيفة أن دائرة التأثير المحيطة بالرئيس الأميركي، التي تضم عناصر جديدة، كان لها دور كبير في قراره الأخير. ومن أبرز الأسماء التي كان لها يد في العملية ضد نظام الأسد، الجنرال هربرت مكماستر، مستشار الأمن القومي الذي خلف مايكل فلين الذي أقيل على خلفية قضية تورطه مع روسيا.
وأضحى مكماستر رجلا هاما في صلب تشكيلة ترامب الجديدة التي تضم أيضا كلا من وزير الدفاع، الجنرال جيمس ماتيس، ومدير الأمن الداخلي، الجنرال جون كيلي. وقد ترك هؤلاء الجنرالات الثلاثة بصمتهم في قرارات ترامب، خاصة وأنهم يقفون وراء تغيير استراتجيته الخارجية.
ونقلت الصحيفة ما أوردته مجلة "نيويوركر" الأميركية،، حيث علقت على تدخل ترامب الأخير في سوريا، قائلة: "إلى حد هذه اللحظة، تظل رؤية ترامب القومية والمعادية للإسلام هي السائدة. وهذه الرؤية، التي يتبناها محور ترامب- بوتين، بإمكانها أن تقلب النظام العالمي، الذي تأسس على أنقاض الحرب العالمية، رأسا على عقب".
ونقلت الصحيفة عن سيليا بيلان أنه "في حال اكتفى ترامب بضربة واحدة ضد الأسد، فإن الرأي العام الأميركي سيسانده، وحتى ناخبوه سينظرون بعين الرضا إلى هذه الضربة باعتبارها استعراضا للقوة". وأوضحت بيلان، أن "هذه الضربة يجب ألا تتحول إلى تدخل أميركي رسمي في سوريا؛ نظرا لأن ذلك سيضع ترامب في مواجهة مباشرة مع كل من موسكو وطهران.. وقد تتحول تبعا إلى صدام عسكري وسياسي".
ونقلت الصحيفة قول أحد الأميركيين الذين صوتوا لترامب أنه "لا يملك ترامب خيارا آخر، فبشار الأسد تجاوز كل الخطوط الحمراء... وعلى الولايات المتحدة أن تبرهن على موقفها ووجودها". وأضاف: "منذ سنوات، والأزمة السورية تشهد منعرجات خطيرة، لذلك لا ينبغي أن ننتظر ما تمليه الأمم المتحدة أو قرارات حلفائنا، بل يجب أن نتصرف بسرعة".
(لوباريزيان ـ عربي 21)