من كنائس الاقباط في مصر، حيث ضرب الإرهاب في طنطا والاسكندرية واسقط ضحايا وجرحى في أحد الشعانين، إلى جبل الحليب واحياء مخيم عين الحلوة الفقيرة والنازفة، حيث خيمت سحب الدخان الأسود على هذه الاحياء امتداداً إلى مدينة صيدا وضواحيها، وقطعت المدخل الشرقي إلى الجنوب من عاصمته واليها، بإجراءات من الجيش اللبناني الذي عزّز استحكاماته الدفاعية في محيط المخيم الذي يعيش فيه أكثر من 54 ألف لاجئ فلسطيني، بعدما ارتفع عدد القتلى إلى ثمانية في اليوم الثالث على التوالي، بدا ان الاهتمام الأمني تقدّم على ما عداه، فإذا بالرئيس نبيه برّي الذي يواجه موقفاً (لا يحسد عليه) في ما خص الحؤول دون الوقوع في الفراغ النيابي، يولي اشتباكات المخيم اهتماماً غير مسبوق، متسائلاً: «لما سفك الدماء ولمصلحة من، فيما القضية الفلسطينية معرضة للضياع؟»، في حين تنشغل على المقلب الآخر، السلطة التنفيذية سواء في قصر بعبدا أو السراي الكبير في التحضير لجلسة مجلس الوزراء قبل ظهر اليوم، حول قانون الانتخاب، حيث تجري – عبثاً – محاولة للتوافق على صيغة تكتب تحت شكل مشروع قانون، وتحول على عجل إلى المجلس النيابي لتحديد جلسة الخميس المقبل لوضع يد المجلس على هذا الملف إذا ما خرج من يد الحكومة.

وبين هذه الانشغالات كان الحدث الأبرز أمس، استقبال الرئيس ميشال عون وفداً قيادياً رفيعاً من «حزب الله» ترأسه نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والمعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا.

وشارك في الاجتماع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل.

«حزب الله» في بعبدا

في بداية الاجتماع، نقل الوفد تحيات الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله للرئيس عون، لا سيما في ما خص مواقفه الأخيرة وكلمته امام القمة العربية في البحر الميت، ثم جرى التطرق إلى الأوضاع المحيطة بلبنان، سواء بعد الضربة الأميركية لمطار «الشعيرات» في حمص، وقرار تحالف روسيا، إيران، سوريا، حزب الله، بالرد على أي اعتداء أميركي أو غير أميركي جديد، بما في ذلك الأوضاع المتفجرة والاشتباكات المتمادية في مخيم عين الحلوة والتعليمات المعطاة للجيش اللبناني لمنع امتداد الاشتباكات إلى محيط المخيم، فضلاً عن التصدّي شبه اليومي للجيش اللبناني للجماعات المسلحة في جرود عرسال.

ومن هذه الزاوية، جرى بحث الأوضاع المحيطة بالانتخابات النيابية، بدءاً من جلسة مجلس الوزراء التي تعقد اليوم، وموقف الحزب من الصيغ الانتخابية المطروحة على الطاولة، سواء صيغ المختلط والنسبي اوالنسبية الكاملة، أو المعايير التي طرحت لصحة التمثيل وانصاف الجميع.

وقدم حزب الله ملاحظاته والأجوبة التي كان ينتظرها الوزير باسيل، انطلاقاً من:

1- التمسك بالتحالف والتفاهم المعقود مع التيار والذي هو خيار استراتيجي لا يتأثر بالتباينات والاختلافات حول الشؤون الداخلية، لا سيما وأن «حزب الله» أيد وصوت لصالح مرشّح «التيار الوطني الحر» لنقابة المهندسين ضمن التفاهمات المعقودة بين الطرفين بصرف النظر عن النتيجة.

2- ان الثقة بالرئيس عون ما تزال قوية، وأن الملاحظات سواء في اجتماعات اللجنة الرباعية، أو اللقاءات الثنائية على الصيغ التي قدمها الوزير باسيل لا تفسد في الود قضية.

3- لخصت أوساط مطلعة ملاحظات الحزب التي سمعها الرئيس عون بالتالي: مع النسبية الكاملة ولا بأس من التفاهم على الدوائر إلى حدّ 15دائرة وأن لا حاجة للتصويت في مجلس الوزراء، لأن مثل هذه الخطوة لا تخدم قضية التوافق على صيغة قانون الانتخاب، وانه مع التمديد لمجلس النواب لعدم الوقوع في الفراغ، وبالتالي لا حاجة لجلسات مفتوحة تطيح بالمهل، وتعرض البلد إلى مخاطر هو بغنى عنها في هذه المرحلة. وأن تركيبة لبنان لا تقوم إلا على التوافق، مع الأخذ بعين الاعتبار التنوع والهواجس وصحة التمثيل المسيحي، وأن المناصفة يجب ان تكون كاملة بين المسلمين والمسيحيين فيما لو أخذت بقاعدة النسبية لقانون الانتخاب.

وفي المعلومات، ان أقصى ما يمكن القبول به بالنسبة للحزب هو مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يتركه له للتوافق، وهي النقطة الثانية التي شدّد عليها الوفد، على اعتبار ان قانون الانتخاب هو القانون الوحيد الذي لا يجوز التصويت عليه، ويجب ان يتم بالتوافق.

وبحسب مصادر الوفد، فإن الرئيس عون، أبلغه بأن لا مانع لديه بجعل جلسات مجلس الوزراء مفتوحة إذا صدقت نوايا السياسيين وتأكدت رغبة القوى السياسية في التوصل إلى صيغة انتخاب توافقية، وتعهد بأن تكون النسبية هي القاعدة الأساسية لأي قانون يتم التوافق عليه، إلا ان الرئيس عون لم يُحدّد صيغة معنية، تاركاً هذا الأمر لمجلس الوزراء.

وتوقعت المصادر أن يتم الاتفاق بنهاية جلسات مجلس الوزراء على قانون جديد قبل نهاية الأسبوع، لكنها لاحظت إن الخلاف ما زال قائما حول مسألة التمديد منعاً للفراغ النيابي، خصوصا إذا لم يتم التوافق على القانون الانتخابي.

ومع انه لم يصدر عن قصر بعبدا أي تعليق أو أي معلومات رسمية عن زيارة الوفد، الا انها توقعت أن تكون جلسة مجلس الوزراء اليوم محكاً لكشف النيات لجميع الفرقاء السياسيين، وأن الرئيس عون سيخاطب الوزراء، ومن خلفهم القوى السياسية، الذين يمثلون، بأنه مضى علينا 8 سنوات ونحن نحاول ان يكون لدينا قانون جديد للانتخابات، فلو كانت هناك نية صافية، لكنا توصلنا إلى هذا الأمر منذ زمن، فهل تريدون قانوناً جديداً؟ فإذا كان جوابكم نعم فليكن ذلك واضحاً لكل النّاس ولكل العالم.

ولفتت المصادر، إلى ان الجلسة لن تخرج عن العموميات، وبعد ان يضع الرئيس عون المجلس في أسباب وضع الحكومة يدها على ملف القانون ، سيُصار إلى تبادل وجهات النظر، مقرونة بدراسات أعدت حول مشاريع القوانين التي ستطرح على الجلسة.

ونفت المصادر أن يعقد مجلس الوزراء جلسات يومية، لكنها استدركت بأن الجلسات ستكون متتالية، ولا داعي للخوف من ضغط الوقت أو حديث المهل، طالماً ان المجلس النيابي يستطيع أن يشرع حتى 18 حزيران المقبل، مشيرة إلى ان هناك كمية من التخويف في غير محلها للضغط النفسي بالحديث عن الفراغ، مذكرة بأن المجلس سبق أن مدد لنفسه في العام 2013 قبل 3 أيام من انتهاء ولايته.

وبإنتظار جلسة مجلس الوزراء وما سينجم عنها، غابت المعلومات الانتخابية عن نشرة O.T.V عند الثامنة الا عشر دقائق، ونشرة قبيل منتصف الليل، فيما علمت «اللواء» ان حركة المشاورات التي سبقت لقاء الحزب مع الرئيس عون، سواء على مستوى أطراف اللجنة الرباعية أو اللقاءات الثنائية، استؤنفت بين الوزير باسيل وفريق «المستقبل»، فيما تولى حزب الله اطلاع الرئيس برّي على ما آل إليه الاجتماع مع الرئيس عون، وأن الهم الأساسي كان التفاهم على قانون انتخاب من دون تعريض البلاد إلى أية اهتزازات سواء في ما خص هيبة العهد أو هيئة المجلس النيابي أو ما تضمنته وعود الحكومة.

وإلى جانب الاتصالات المكوكية الليلية، لفتت مصادر إلى أن الحديث أظهر أن ما من نص معين إلا إذا كان هناك توافق حوله.

وقالت إن معظم الوزراء سيبدون رأيهم وقد تكون هناك أفكار جديدة -قديمة تطرح وان مناخ جلسة اليوم سيحدد توجه الأمور وسط ارجحية بعقد جلسة أخرى هذا الأسبوع أو التأجيل للأسبوع المقبل وهو أمر مرهون بهذه الجلسة. وأضافت: يجب ألا يتوقع أحد أن تخرج جلسة الاثنبن بنتائج فورية، غير أن الرئيسين عون والحريري متوافقان على فكرة حماية مجلس الوزراء والوصول إلى تفاهم منعا لأي خيارات غير محبذة لدى بعض الافرقاء تم الإعلان عنها في مواقفهم مؤخرا.

انتخابات نقابة المهندسين

وإذا كانت نتائج انتخابات نقيب المهندسين قد أوجدت واقعاً سياسياً جديداً مع انها انتخابات نقابية، فإن مصادر مطلعة رأت فيها رسالة من أطراف عدّة مسيحية وإسلامية «للتيار الوطني الحر» ان لا إمكانية لقبول نزعة التفرد والهيمنة من قبله.

وكشف حزب الكتائب اللبنانية ان مهندسيه صوتوا لصالح المرشح المستقل جاد ثابت، فيما اندلعت على مواقع التواصل الاجتماعي اشتباكات كلامية بين مناصري «التيار الحر» وحزب «القوات اللبنانية» الذي ترك الحرية بعد مساء الجمعة الماضي لانصاره ومصلحة المهندسين في الحزب في التصويت لمن يرونه مناسباً، الأمر الذي فهم عنه انه ضوء أخضر لانتخاب المهندس تابت.

في المقابل، كشف رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط ان مهندسي الحزب التقدمي ساهموا في إنجاح تابت نقيباً للمهندسين ووصفه بأنه عاصم سلام آخر.

وإذا كان الفارق بين ما ناله النقيب الفائز (4079 صوتاً) والمرشح العوني الذي لم يحالفه الحظ بول نجم (4058) 21 صوتاً، فإن مصدراً نقابياً في تيّار «المستقبل» رفض أية اتهامات بعدم الالتزام بدعم نجم، واعتبر ان إدارة «التيار الوطني» للمفاوضات هي المسؤولة عمّا آلت إليه النتائج.

عين الحلوة

8 قتلى و40 جريحاً

وكتب الزميل هيثم زعيتر التقرير التالي عن اشتباكات عين الحلوة، لم تكن اشتباكات مخيم عين الحلوة: منذ يوم الجمعة، كسابقاتها، جولة جديدة من الجولات التي يشهدها المخيم منذ فترة طويلة، بل إن استمرارها لثلاثة أيام، كان من أجل قطع دابر محاولات استمرار خطف المخيم وتحويله ليحاكي تجارب إرهابية واستخدامه «صندوق بريد» ينفذ لـ«أجندات» خارجية.

فقد تجاوز اعتداء مجموعة المتشدد بلال بدر على «القوة الفلسطينية المشتركة» كل الخطوط الحمر، التي وصلت بتشظياتها إلى خارج حدود المخيم، وشلت الحياة في مدينة صيدا والطريق من وإلى الجنوب.

الاشتباكات الدامية بين «مجموعة بدر» و«القوة المشتركة» المؤلفة من مائة عنصر التي تركزت لاحقاً مع «قوات الأمن الوطني الفلسطيني»، أسفرت عن سقوط 8 قتلى و40 جريحاً، بعدما استهدفت «مجموعة بدر» «القوة» أثناء تنفيذها الانتشار بعد ظهر الجمعة، خلال مرورها في سوق الخضار، وسط المخيم، بإتجاه نقطة تمركزها الثالثة في مقر «الصاعقة» – سابقاً، على تخوم حيّ الطيري، حيث تواجد بدر، الذي كان قد هدّد «القوة» بمنع تموضعها في تلك النقطة، وهو ما جرى رفضه من قبل القيادة السياسية الفلسطينية.

وعقدت القيادة السياسية للفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية صباح أمس، اجتماعاً لها في مقر الاتحادات والمنظمات الشعبية الفلسطينية في مدينة صيدا، بمشاركة ممثلين عن كافة الفصائل والقوى تمّ خلالها التأكيد على ضرورة تفكيك حالة بلال بدر الشاذة، وتسليم الذين اطلقوا النار على القوة المشتركة لحظة انتشارها في المخيم إلى الجهات الأمنية اللبنانية المختصة.

وأمهل المجتمعون بدر ومجموعته تسليم أنفسهم للقوة المشتركة خلال مهلة 6 ساعات (انتهت مساء أمس) وإلا سيبقى مطارداً باعتباره مطلوباً للقوة الفلسطينية المشتركة.