ليست المرة الاولى التي يُستهدف فيها اقباط مصر قتلاً وذبحاً وترويعاً واضطهاداً، فقد ضرب ارهاب «داعش» امس بتفجيرين استهدفا كنيستين للاقباط في مدينتي طنطا والاسكندرية في يوم احد الشعانين الذي يحتفل به المسيحيون لدخول المسيح الى القدس وقيام اهالي القدس  باستقباله بسعف النخيل واغصان الزيتون، غير ان احد الشعانين للاقباط تحول الى يوم دام حيث سقط 46 شخصا على الأقل وأصيب نحو 127 آخرين بجروح جراء التفجيرين، حيث اعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن التفجيرين وحذر المسيحيين من هجمات اخرى.
وأعلنت مصر الحداد ثلاثة أيام على ضحايا التفجيرين في وقت طلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الدفاع الوطني، واعلن حالة الطوارىء  في البلاد لمدة 3 اشهر.
كما اجرى اتصالا بالبابا تواضروس وعزاه، واكد له ان «الدولة لن يُثنيها مثل هذه الحوادث الارهابية، عن مواجهة الجماعات المتطرفة والارهابية».
كما اوعز السيسي بفتح مستشفيات الجيش لعلاج المصابين.
وتجدر الاشارة الى ان الانفجارين وقعا قبل 10 أيام من زيارة سيقوم بها بابا الفاتيكان لمصر في 28 و29 نيسان الجاري.
وهذان التفجيران اظهرا ثغرات كبيرة في الاجراءات الامنية التي تتحمل مسؤوليتها وزارة الداخلية في  تأمين حماية لاماكن  العبادة و الحيوية ويفتح الجرح القبطي المصري مجددا باستهدافهم بشكل متكرر. وشهدت القاهرة، استنفارا أمنيا وانتشارا سريعا لقوات الأمن، نظرا للأحداث التي جرت امس كما فرضت الأجهزة الأمنية بالأقصر إجراءات أمنية مشددة بمحيط المناطق الأثرية والسياحية والكنائس وبالقرب من المنشآت الحيوية وأماكن تجمع المواطنين متزامناً مع صلوات اسبوع الآلام.
هذا وقد عبرت الكنيسة القبطية عن تزايد القلق في اوساط المصريين القبطيين الذين يطالبون الدولة المصرية بمحاسبة المقصرين بحق امنهم حيث لم يعد يخف اقباط مصر غضبهم من الاستهانة بانهم خاصة ان موجة الارهاب تستهدفهم منذ فترة طويلة. ويرى المستشار القانوني للكنيسة المصرية نجيب جبرائيل أن مسؤولية وقف الإرهاب في مصر لا تقتصر على أجهزة الدولة فقط لكنها مسؤولية مشتركة تتضمن الإعلام وقادة الرأي وأنه بات من الضروري وقف الأبواق التي تحرض الشباب على العنف.
بموازاة ذلك، دعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جميع دول العالم للتعاون مع السلطات المصرية لمعاقبة المسؤولين عن الهجومين الإرهابيين اللذين ضربا مصر، واصفا إياهما بـ«الوحوش والجبناء». وشددت الدول الأعضاء في المجلس على ضرورة «تقديم منفذي ومدبري وممولي هذين العملين المدانين إلى المحاكمة»، كما «دعت بإلحاح جميع الدول إلى  التعاون النشيط مع الحكومة المصرية وكل الأجهزة المعنية الأخرى في إطار هذه القضية، وذلك بالتوافق مع التزاماتها إزاء القانون الدولي والقرارات المعنية الصادرة عن مجلس الأمن».
 

 تفاصيل الانفجارين


وفي التفاصيل، ان التفجير الأول الذي نجم عن «جسم غريب» وصف لاحقا بالقنبلة، هز كنيسة مار جرجس بشارع النحاس في طنطا بمحافظة الغربية بدلتا النيل، على بعد 120 كيلومترا شمال القاهرة، أودى في الحصيلة الرسمية الاخيرة التي اكدتها وزارة الصحة والسكان المصرية، حتى مساء امس، بحياة 30 شخصا وأسفر عن وإصابة 78 آخرين. 
وافاد مصدر أمني ان عبوة ناسفة تحت مقعد في الكنيسة سببت الانفجار، لكن مصادر اخرى نقلت عن شهود ان انتحارياً، في الثلاثينات من العمر، وراء التفجير.
اما التفجير الثاني الذي وقع بعد ساعات من الانفجار الاول، فضرب محيط الكنيسة المرقسية في قسم العطارين بالاسكندرية، عندما تصدّى ضابط شرطة لانتحاري، ولكنه فجر نفسه مما أدى إلى مقتل 16 شخصا، بينهم الضابط وإصابة 41 آخرين.
وعلى اثر ذلك، رفعت وزارة الصحة  درجة الاستعداد إلى الدرجة القصوى بجميع مستشفيات المحافظة كما شكل وزير الصحة المصري أحمد عماد الدين راضي، مؤلفة من مستشار الوزير للرعايات شريف وديع ورئيس هيئة الإسعاف المصرية أحمد الأنصاري ورئيس قطاع الطب العلاجي محمد شوقي لتوفير كافة الرعاية الطبية للمصابين والتأكد من توفر أكياس الدم.  وارسلت وزارة الصحة 14 سيارة إسعاف مجهزة  إلى موقع الحادث، وتم نقل المصابين والمتوفين إلى مستشفيات، مصطفى كامل والعسكرى والميري الجامعي. 
 

 البابا تواضروس ينجو


ويشار الى ان البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية كان يترأس قداس  الشعانين ولكنه لم يصب في التفجير الثاني، بحسب بيان لوزارة الداخلية، حيث كان قد أنهى قبل دقائق من الهجوم قداسا بكنيسة داخل المقر البابوي بالإسكندرية قبل أن ينتقل إلى موقع آخر يبعد عشرات الأمتار عن موقع الانفجار.
وتعقيبا على الانفجار، اكد البابا تواضروس خلال اتصال مع رئيس الوزراء المصري ان هذه الأعمال الآثمة لن تنال من وحدة هذا الشعب وتماسكه، فالمصريون في خندق واحد في مواجهة هذا الإرهاب الأسود حتى القضاء عليه.
 

 اقالة عدداً من القيادات  الامنية


وافادت مصادر اعلامية مصرية بأن وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، اصدر قرارا باقالة العديد من القيادات الأمنية بعد الانفجار الذي استهدف كنيسة مار جرجس بطنطا، الأحد.
وقالت المصادر ان وزير الداخلية المصري اقال اللواء حسام الدين خليفة مدير أمن الغربية، وعددا من قيادات الأمن الوطني المصري. من جهتها قالت صحيفة «الأهرام» ان اللواء مجدي عبد الغفار اصدر قراراً بتعيين اللواء طارق حسونة مديراً لامن الغربية، خلفاً للواء خليفة.
 

 استنكارات


وتوالت ردود الفعل المستنكرة، حيث ادان الازهر الشريف التفجيرين ووصفهما «بالخسيس».
وأكد بيان صادر عن مرصد الأزهر باللغات الأجبنية، على مواقفه الثابتة من تلك العمليات التي وصفها بالاجرامية، وأشار البيان الى مخالفة تلك العمليات التي تستهدف الابرياء واخوة الوطن لتعاليم كافة الديانات السماوية.
وأكد الأزهر تضامنه الكامل مع الكنيسة، كما اعرب شيخ الازهر الامام الاكبر احمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف عن تعازيه للبابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والكنيسة المصرية، وللشعب المصري، ولاسر الضحايا، متمنياً الشفاء العاجل للمصابين.
كما استنكرت سوريا بأشد العبارات الاعمال الارهباية التي وقعت في مصر وراح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى من الابرياء الذين كانوا يحتفلون بمناسبة «احد الشعانين».
وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية ان سوريا تدين بأشد العبارات الاعمال الارهابية التي وقعت هذا اليوم، واضاف المصدر بأن سوريا تعبّر عن تعازيها لعائلات الضحايا، وتؤكد بأن المجموعات الارهابية التي ترتكب مثل هذه الجرائم ضد الابرياء في جمهورية مصر العربية الشقيقة هي نفس المجموعات الارهابية التي تستهدف المواطنين في الجمهورية العربية السورية بدعم من الولايات المتحدة الاميركية وبعض دول الخليج وتركيا و«اسرائىل».
وأدانت الخارجية الايرانية استهداف الكنيستين مؤكدة ان ما جرى امر مرفوض وبربري.
وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية الايرانية، بهرام قاسمي، في تصريح صحافي، «ندين الهجمات على الكنائس في مصر والتي ادت الى مقتل العشرات من الذين كانوا يتعبدون بداخلها ونعزي اهالي الضحايا ونعرب عن تضامننا مع الدولة المصرية».
واضاف ان ما جرى هو «أمر بربري ومرفوض من قبلنا تماما، ونحن ندين وبشكل قاطع اي هجوم على اماكن العبادة وان ما جرى يأتي ضمن خطة اثارة الفتنة بين اتباع الاديان السماوية وان هذه الهجمات لن تتوقف اذا استمر عدم الانتباه لهذه الآفة من قبل حكومات المنطقة».