ربما لم يكن المصلون في كنيسة مار جرجس بمدينة طنطا وفي كنيسة مار مرقس بالاسكندرية في أحد الشعانين، يعرفون أنها ستكون صلاتهم الاخيرة، لأن يد الارهاب قررت مجدداً أن تختارهم هدفاً لها موقعة العشرات منهم بين قتيل وجريح.
وسجل احد أعنف الهجمات التي تستهدف الأقباط، قبل ثلاثة اسابيع من زيارة البابا فرنسيس لمصر.
ووقع الأنفجار الأول أوقع عن 27 قتيلاً و78 جريحاً في كنيسة مار جرجس قبيل الساعة العاشرة صباحا (8,00 بتوقيت غرينيتش) في بداية "أسبوع الآلام" الذي يسبق عيد الفصح. وتبعد طنطا نحو 100 كيلومتر عن القاهرة.
وأوقع الانفجار الثاني 17 قتيلاً و48 جريحاً بينهم ثلاثة من رجال الشرطة قرابة الساعة 12 ظهراً مستهدفاً الكنيسة المرقسية في مدينة الاسكندرية على البحر المتوسط شمال القاهرة. وكان بطريرك الأقباط الارثوذكس والكرازة المرقسية في مصر الأنبا تواضروس الثاني داخل الكنيسة لدى حصول الانفجار، لكنه لم يصب بأذى.
وأعلنت وزارة الصحة أن حصيلة الضحايا في الإسكندرية تشمل مقتل أربعة شرطيين وإصابة 14 آخرين.
وقد أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حال الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر بعد اتخاذ الإجراءات القانونية والدستورية. كما اعلن تشكيل مجلس قومي أعلى لمكافحة التطرف.
وقرر"الدفع بعناصر من وحدات التأمين الخاصة بالقوات المسلحة بشكل فوري لمعاونة الشرطة المدنية في تأمين المنشآت الحيوية والهامة بكل محافظات الجمهورية".
وندد السيسي بالهجوم في بيان جاء فيه: "هذا الإرهاب الغادر يستهدف الوطن بأقباطه ومسلميه ولن ينال أبداً من عزيمة المصريين وإرادتهم الحقيقية في مواجهة قوى الشر بل سيزيدهم إصراراً على تخطّي المحن والمضي قدماً في مسيرتهم لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية الشاملة".
وأصدرت مشيخة الأزهر بيانا جاء فيه أن "المستهدف من هذا التفجير الإرهابي الجبان هو زعزعة أمن واستقرار مصرنا العزيزة ووحدة الشعب المصري"، مؤكداً تضامنه مع الكنيسة المصرية.
وأعلنت مصر الحداد ثلاثة أيام على ضحايا التفجيرين.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ" المصرية عن الأنبا تواضروس الثاني في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء المصري شريف اسماعيل أن "هذه الأعمال الآثمة لن تنال من وحدة هذا الشعب وتماسكه. فالمصريون في خندق واحد في مواجهة هذا الإرهاب الأسود حتى القضاء عليه".
وعقب الهجوم قرر وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار تعيين مدير جديد للأمن في محافظة الغربية التي تعتبر طنطا عاصمتها.
وتجمع الآلاف خارج كنيسة مار جرجس المستهدفة بعد الانفجار وأجهش البعض في البكاء وقد ارتدوا الملابس السود.
وقالت امرأة مسيحية في طنطا :"نشعر بالاستهداف بالطبع. عثر على قنبلة هنا منذ أسبوع ولكن أبطل مفعولها. لا يوجد أمن".
وعبر وهبي لمعي الذي قتل قريب له وأصيب آخر في الانفجار الذي حصل في طنطا عن غضبه من تزايد عدد الهجمات. وقال إن "أي شخص مختلف عنهم الآن يعتبرونه كافراً سواء كان مسلماً أو مسيحياً".
"داعش"
واعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في بيان أن اثنين من أفراده نفذا تفجيري الكنيستين المصريتين بسترتين ناسفتين وتوعد المسيحيين بمزيد من الهجمات. وقال إن تفجير كنيسة مار مرقس بالإسكندرية نفذه مسلح تابع له عرفه التنظيم باسم أبو البراء المصري، في حين نفذ تفجير كنيسة مار جرجس في طنطا متشدد اسمه أبو إسحق المصري.
وكان انتحاري فجر نفسه في كانون الاول بالكنيسة البطرسية الملحقة بالكاتدرائية المرقسية في القاهرة مما أسفر عن مقتل 25 شخصاً على الأقل.
تنديد دولي
وندد مجلس الأمن في بيان بأشد العبارات بالهجومين ووصفهما بأنهما "هجومان إرهابيان شائنان".
وقال الناطق باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط في بيان: "إن مما يدعو للحزن والأسى استمرار الإرهاب الأسود في استهداف الأبرياء بما في ذلك أثناء أدائهم للشعائر الدينية، وهو ما يأتي ليؤكد مجددا أن من يقفون وراء مثل هذه الجرائم الشنيعة لا يراعون حرمة أي دين ولا يتورعون عن سفك دماء ضحاياهم وإزهاق أرواحهم بشكل أعمى ودون رحمة أو شفقة".
ونددت الولايات المتحدة بالتفجيرين في بيان صادر عن سفارتها بالقاهرة جاء فيه: "تدين السفارة الأميركية الهجمات الإرهابية الشنيعة والشائنة التي استهدفت المصلين المصريين اليوم في كل من كنيسة مار جرجس بطنطا وكاتدرائية مار مرقس بالإسكندرية في أحد أقدس الأعياد المسيحية".
وقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه لأسر الضحايا وقال في برقية وزعتها وكالة "تاس" للأنباء: "من الواضح أن الإرهابيين لا يسعون فقط لترويع الناس بل لإظهار وجود خلاف بين أبناء العقائد المختلفة".
وفي الفاتيكان، قال البابا فرنسيس المقرر أن يزور مصر هذا الشهر: "أصلي من أجل القتلى والمصابين. لعل الرب يهدي قلوب من شهدوا الإرهاب والعنف والموت وحتى قلوب من أنتجوا الأسلحة ونقلوها".
وقدمت سوريا تعازيها لعائلات ضحايا التفجيرين. وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين إن سوريا "تدين بأشد العبارات الأعمال الإرهابية التي وقعت هذا اليوم".
وأعربت قطر عن استنكارها الشديد لما حصل وقالت وزارة الخارجية في بيان: "نجدد التأكيد على موقف دولة قطر الثابت من رفض العنف والإرهاب أياً كانت الدوافع أو الأسباب".