فيما يلي المخاطر الخمسة الوشيكة:
الإفراط في التفاؤل
قد تنال هذه الضربات دعم الفاعلين الغربيين الرئيسيين، وتركيا، والقوى الإقليمية المنحازة للخط الأميركي. يلاحظ أن مثل هذه الوحدة والحماس من جانب هذه الأطراف أمر نادراً ما تحقق خلال هذه الحرب التي استمرت 6 سنوات، وفق ما ذكر موقع وكالة cnn الأميركية.
لكن الخطر الكبير في هذه الحالة هو الإفراط: قد تعتقد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وتركيا (وكلها تعاني من الاضطرابات السياسية المحلية العميقة) وغيرها من الحلفاء، أنه حان الوقت لإصلاح الوضع وإراحة الضمير العالمي من هذا العبء الأخلاقي والشعور بالاطمئنان، لكن هذا لن يحدث، و59 صاروخاً من نوع توما هوك لن تغير الكثير.
من طبيعة الأسد أن يرد
وهو يفعل ذلك دائماً، قد لا يكون ردّه بشكل سافر مثل توجيه هجمات مباشرة تستهدف الجيش الأميركي في المنطقة، لكنه قد يلجأ إلى وكلاء ينوبون عنه لاستهداف أهداف أميركية رخوة في مكان قريب، لا سيما إذا تذكرنا تاريخ سوريا الطويل وتورطها في لبنان المجاورة.
من المحتمل جداً أن يواجه دونالد ترامب تداعيات هذه الهجمات، وبطريقة غير متوقعة أو لا يمكنه التحكم فيها، ولنتذكر أيضاً أن الأسد ظل تحت حصار محكم لمدة خمس سنوات، لذا فإن نفس القرار البائس الذي يكون دفعه إلى شن ضربة بالأسلحة الكيميائية في إدلب، قد يدفعه إلى حماقات مماثلة أخرى.
روسيا لا يمكنها الظهور منهزمة، ولهذا قد ترد أيضاً
يمكن القول إن أبرز سبب للتدخل الروسي في سوريا هو شحذ همم موسكو على الساحة العالمية بعد ما لحقها من آثار مدمرة ناجمة عن العقوبات المفروضة على اقتصادها. أما الآن يتعين على موسكو الاهتداء إلى رد مناسب على ما تعرضت له قاعدتهم الجوية التي سُويت بالأرض بعد ضربة الولايات المتحدة.
قد لا يكون الرد عسكرياً، وربما لا يكون في سوريا، لكن سبق لبوتين أن برهن على قدرته الفائقة في قلب الطاولة على خصومه، مثلما يشهد على ذلك الوضع في ليبيا أو أوكرانيا.
دمشق لا تكترث
وهذا يعود إلى عقلية الحصار. لقد أساءت دمشق التقدير عندما امتحنت الرئيس الأميركي، عديم الخبرة الميدانية، من خلال شنّها هجمات إدلب بالأسلحة الكيميائية، وقد جانب تقدير الأسد الصواب عند اعتقاده أن ترامب منشغل جداً وغير مكترث بما يحدث خارج أميركا، بحيث لن يفكر في الرد على تلك الهجمات.
ومعلوم أن سوريا شنّت العديد من الضربات الجوية على مدار سنوات طويلة، ويرجح أنها خلفت مئات الآلاف من القتلى، واستخدمت تكتيكات التجويع كوسيلة للاستسلام، وقصفت المستشفيات بشكل متكرر ونفذت على الأقل اثنين من الهجمات الوحشية بالأسلحة الكيميائية.
لقد شنّت الدولة العظمى التي تزعم تجسيد الضمير الأخلاقي العالمي هجوماً مرة واحدة، وفقد نظام الأسد مطاراً، لكن بالنسبة للنظام السوري، قد يكون ذلك ثمناً مقبولاً.
لعنة سوريا مستمرة
يشكل هذا الجانب أخطر الآثار الجانبية لهذا الهجوم. تنتهي الحروب عادة نتيجة تعب الطرفين المقاتلين، أو استنفاد العناصر المقاتلة أو نفاد المال. لكن سوريا لها علاقة متميزة بطبيعة وكلائها، حيث يقوم غيرها بعمليات القتال بدلاً عنها، هناك دائماً مجموعة خارجية جديدة على استعداد للدخول في مسرح القتال من أجل دعم أحد الطرفين حين تبدو على هذه الأطراف إشارات الإعياء.
وجد النظام السوري دعماً من "حزب الله"، ثم إيران، ثم القوات العراقية، ثم روسيا، في حين استمد المتمردون دعمهم من تركيا، ثم الغرب، ثم بعض دول الخليج، ثم القاعدة، ثم من داعش (بآثار مدمرة)، ثم تركيا مرة أخرى.
والآن هناك خطر من أن يتواجد لاعب آخر وسط هذه الأزمة، ما لم تكن هذه الضربة حقاً هي الإجراء العسكري الوحيد الذي تتخذه الولايات المتحدة ضد النظام السوري.
يبدو واضحاً تحقيق دمشق حالياً انتصاراً ضد المتمردين، لكن مع أحداث إدلب التي تبدو مؤشراً على خطة الأسد المرتقبة، يخشى تصاعد وتيرة الحرب نحو نهاية مروعة ودموية، مروّعة لكنها على الأقل نهاية.
قد ينجم عن استمرار الهجمات الأميركية إضعاف نظام الأسد، وبعث الحياة في المتمردين من جديد لاستعادة الأراضي، ما سيطيل العنف مرة أخرى. وهذا يعني المزيد من الفوضى ليستغلها لـ"داعش"، والمزيد من اللاجئين، والمزيد من الأطفال الأبرياء القتلى، تماماً مثل الذين أجبروا ترامب على التدخل للرد.
(CNN - Huffington Post)