لم يعد خافياً ان ثمة تباعدا بين رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل وبين حزب الله حول الصيغة الانتخابية التي تفضّلها الضاحية لإجراء هذا الاستحقاق الدستوري وكان رسم إطارها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مرات عدة في إطلالاته.
وبدا واضحاً بأنّ الجانبين يضخان المواقف المعبّرة عن خياراتهما وفق خط متوازٍ لا يدل على إمكانية تلاقيهما حول صيغة مشتركة وكان اخرها مداخلة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله في جلسة المحاسبة.
وعكس تناقض المواقف حالة انزعاج لدى حزب الله على ما تقول اوساط على صلة به، بحيث ان باسيل يطرح صيغ تتضارب كليا لتفاهم استراتيجي سابق قبيل انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وهو الموضوع الذي كان محور النقاش في بعبدا مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد منذ نحو اسبوعين. 
وان كان رئيس التيار الوطني الحر يعمل على تقديم صيغ لا تشكل كسراً او تحدّياً لاي فريق من منظاره بان رئيس الجمهورية عليه ان يرى من منظارين لكونه رئيس البلاد عدا ان المواقف السياسية احياناً كما كان الحال قبل الانتخابات الرئاسية تتضمن مواقف سياسية عالية السقف بهدف التفاوض على ما دون هذه الدرجة من الالتزامات والشعارات.
لكن حزب الله حسب الاوساط ذاتها يعتبر بأنّ ثمة التزاماً مع عون قبيل انتخابه رئيساً للجمهورية حول اعتماد النسبية الشاملة، وترجم الامر يومها ابان تواجد تكتل التغيير والاصلاح في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وشهدت تلك المرحلة مواقف لحزب الله من بكركي تمحورت حول النسبية مع ما تبع الامر من مناقشات جانبية حول عدة دوائر ، فما يحصل حالياً هو أنّ حزب الله يجد عدم الالتزام معه حتى ان اجتماع المصارحة بين باسيل والنائب الان عون وبين نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي ابلغ رئيس التيار الوطني الحر برفض فريقه للصيغ التي قدّمها وتمسكه بالنسبية الكاملة ورفضا المختلط تبعه مواقف متكررة لباسيل بأنّه تبلغ ثمة ملاحظات، فأتى وقع هذا الكلام على حزب الله وكأنّه يتكلم لغتين، بما أوجد حالة إنزعاج قوية كانت مفترض ان تكون محور نقاش في الاجتماع مع الرئيس عون في حضور باسيل ووفد حزب الله، قبل ان يلغي حزب الله الموعد، بعد ان طالب رئيس الجمهورية بجلسة حكومية يوم الاثنين المقبل لاقرار قانون الانتخاب دون التنسيق مع حليفه السيد نصرالله، والذي طالما كرر بان القانون اهم من الرئاسة.
ويأخذ حزب الله على باسيل حسب الاوساط بأنّه بدأ يعد العدة للانتخابات الرئاسية خلفا لعمّه رئيس الجمهورية، ولذلك يرسم صيغ انتخابية تتضمن الغاءً سياسياً لغريمه الرئاسي سليمان فرنجية وتبقي لرئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع كتلة نيابية متواضعة تجعله ملتزماً معه في المستقبل. ويعمل في الوقت ذاته الى إلغاء الآخرين وكذلك المستقلين وتوجيه كلام قاس لهم لاستفزازهم وبينهم كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، فيما يهدف لان يكون شبيهاً لهما في بيئته.
ويعيد الكلام عن اللجوء للتصويت من جانب التيار الوطني الحر حزب الله بالذاكرة الى مرحلة المواجهة الرئاسية بين المرشحين يومها عون والنائب سليمان فرنجية ورفض حينه حزب الله اعتماد التصويت لانه سيؤدي لدخول رئيس المردة الى قصر بعبدا بدلا من رئيس تكتل التغيير والإصلاح، الا ان حزب الله اراد هذا الامر بالتوافق مذكرا كل من بري وفرنجية بأنهما التزاما معه بالانتخاب عون، ولم يقدما على انتخابه، الا ان العملية شهدت اوراقا بيضاء بعد ضمان الغالبية لصالح عون، ولذلك فان الامر ذاته ينسحب على قانون الانتخاب المفترض ان يحظى بالتوافق ولا باللجوء الى التصويت لانه لا يكون لصالح الرئيس اذا ما تبنى صيغة باسيل -جعجع 
وما رفع من درجة استفزاز حزب الله تتابع الاوساط، هو أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري تفاهم مع وفد حزب الله الذي ضمّ النائب علي فياض والمعاون السياسي لامين عام حزب الله الحاج حسين الخليل ابان زيارتهما له مؤخراً على اعتماد المحافظات الخمس كدوائر انتخابية تطبق عليها النسبية الكاملة لكن على قاعدة اعتبار الشوف وعاليه محافظة اضافية لكونه ملتزماً مراعاة جنبلاط، وعندها أتت مواقف باسيل لتنسف هكذا اتفاق بين هذه القوى وكأن شيئاً لم يحصل.بما يترك الباب مفتوحا على الأيام المقبلة لمعرفة مدى التمايز بين عون وباسيل او حسم رئيس الجمهورية الامر لصالح تطبيق التفاهم المعقود مع حزب الله حول صيغة قانون الانتخاب .

سيمون ابو فاضل ـ الديار