"حسم الأمر. اجتثاث بلال بدر ومجموعته من مخيم عين الحلوة"، بثقة متناهية يقول مسؤولون فلسطينيون لـ"المدن". لكن من اتخذ قرار الحسم؟ يجيب هؤلاء "توافرت شروط الاجماع الفلسطيني"، و"هناك مطلب لبناني بانهاء حالات شاذة".
رُفع الغطاء عن بدر إذاً، وكانت أبرز المواقف تلك المنسوبة إلى الناطق باسم عصبة الأنصار الإسلامية أبو شريف عقل، وفيها "سلم نفسك يا بلال وبسرعة قبل الندم. نحن لا نريد مزيداً من الدم في عين الحلوة. وآخر العلاج الكي".
وبلال بدر، وهو في العقد الثالث من عمره، وافد إلى الأصولية من تنظيم يساري فلسطيني كان يؤمن فيه قبل سنوات بتحرير فلسطين ولا شيء سوى ذلك، فأغراه التشدد وإقامة حكم الخلافة. يقول أبو شريف إن "انتشار القوة الأمنية المشتركة كان برعايتنا وحمايتنا، وتفاجأنا بما حصل من اطلاق النار علينا". لكن، هل يتطابق حساب الميدان مع توافر الشروط الموضوعية والاجماع اللبناني– الفلسطيني؟
بدأت الاشتباكات بعيد السادسة من مساء الجمعة، في 7 نيسان، بعد منع جماعة بلال بدر عناصر القوة الأمنية المشتركة من الانتشار أمام مقر الصاعقة عند مدخل سوق الخضار في الشارع الفوقاني. أرسل بدر شروطه: "لا انتشار في مناطق محاذية لنفوذي ومربعي، وأريد مالاً". فأخذت عصبة الأنصار، التي انتشرت في هذه المنطقة قبل يوم تحسباً من تصرفات طائشة، على عاتقها حماية عناصر القوة بالقوة. لم يدرك بدر جيداً معنى قرار نزول العصبة إلى الأرض، وإلا لما أطلق النار على عناصرها في تحد واضح، قبل أن يتوسع الاشتباك ويصبح بين مجموعته وعناصر القوة المشتركة، التي تضم كل الفصائل، وعمادها الأساسي حركة فتح.
"الكلام المفيد هو للميدان"، يقول قائد فتحاوي ميداني لـ"المدن". "قمنا بحشد قواتنا، ونملك خططاً كافية لترجمة الحسم واسقاط مربع بدر". أما الأهم بالنسبة إلى هذا القائد الميداني فهو "اصطياد بدر مبكراً"، مؤكداً "التنسيق مع الجيش اللبناني. فإذا احتجنا إلى غطاء أو مساعدة لن يتأخر الجيش بتوفيرها لنا".
بعيد التاسعة والنصف مساءً ازدادت حدة المعارك، وتردد أن فتح باشرت هجوماً من جبل الحليب في اتجاه معقل بدر في الطيره، بعد استهدافه بقذائف الهاون وقذائف مدفع مباشر 106 منصوب على محمولة عسكرية مع تغطية نارية كثيفة من رشاشات ثقيلة نشرت في الجبل. يراهن قادة عسكريون في فصائل وطنية وإسلامية على سرعة الاختراق للوصول إلى بدر، و"بذلك تنهار مجموعته، بينما إطالة أمد المعركة وصمود بدر أكثر من ساعات سيعقد الأمور".
لكن المعركة قد لا تكون بهذه السهولة، خصوصاً أن حي الصفصاف الملاصق لحي الطيره يعتبر بؤرة يسيطر عليها متشددون، وقد ينتقل إليه بدر ومجموعته في حال خسارتهم السريعة للطيره. وسيقاتل بدر حتى الرمق الأخير، خصوصاً أنه لم يعد لديه ما يخسره وخياراته ضيقة جداً.
وبينما كانت حصيلة الخسائر البشرية ترتفع داخل المخيم، مع سقوط قتيل واصابة ما يزيد عن 10 جرحى، واحتراق منازل ومحال وسيارات، كانت أصداء القذائف تسمع بشكل قوي في أرجاء مدينة صيدا، التي طال الرصاص أحياءً فيها.
خالد الغربي