الاعتداء الاميركي الصاروخي على الاراضي السورية والجيش العربي السوري لن يمر كما يتصور البعض وستكون له تداعيات كبيرة على مجمل الملفات في الشرق الاوسط والعالم الذي يعيش اجواء حرب باردة جديدة، خصوصاً ان القصف الاميركي الذي استهدف مطار الشعيرات في ريف حمص موجه ايضا الى روسيا في ظل وجود قوات روسية في المنطقة. وكانت القوات الروسية قد شاركت في تحرير المطار منذ اسابيع من المسلحين وسقط لها 3 قتلى اثر انفجار لغم في جيب عسكري روسي، كما ان جنوداً روس وخبراء في نزع الالغام موجودون في المنطقة بشكل اساسي.
وحسب المعلومات المنطقة المستهدفة كانت هدفا لغارات اسرائيلية منذ اسابيع لمنع الجيش السوري من التقدم لفك الحصار عن دير الزور وصولاً الى مدينة القائم على الحدود السورية - العراقية وتلاقي الجيشين السوري والعراقي وصولا الى فتح طريق طهران - بغداد - دمشق - بيروت. وسيؤدي هذا الهدف الاستراتيجي في حال تحقيقه الى تحولات كبرى لا يمكن ان توافق عليها الادارة الاميركية وهذا ما ابلغته واشنطن للرئيس العراقي العبادي. حتى ان ترامب طلب عدم استهداف عناصر داعش الموجودين في اراض صحراوية بين سوريا والعراق. واكد انه لن يسمح بفتح الطريق وحدوث تبدل استراتيجي في الحرب لمصلحة روسيا وايران، وحلفائهما. وهذا ما يؤكد ان الهجوم الاميركي هدفه احداث توازنات في هذه المنطقة لمصلحة المسلحين والتي تحوي اراضيها اكبر مخزون للنفط في العالم وهذا ما يفتح شهية ادارة ترامب لابقاء المعارك في المنطقة. وكانت لافتة مبادرة عناصر داعش الى شن هجوم واسع لاستعادة بعض النقاط الحساسة في المنطقة بالتزامن مع القصف لكنها فشلت نتيجة جهوزية الجيش السوري.
واشارت معلومات الى ان الولايات المتحدة الاميركية ابلغت دولا عديدة بالغارة قبل وقوعها بـ12 ساعة، وهذه المعلومات وصلت الى دمشق التي اتخذ جيشها اجراءات وقائية في معظم مناطق انتشاره تجنبا للخسائر.
الاعتداء الاميركي على سوريا اذا كانت تداعياته العسكرية محدودة لكنه يؤشر الى تعاط اميركي جديد مع الملف السوري مغاير للادارة السابقة، وهذا ما يجعل الملف السوري مفتوحاً على كافة الاحتمالات خصوصاً ان الرد الروسي جاء عنيفاً اذ وصف الرئيس الروسي الغارة بالعمل الارهابي، واوقف العمل باتفاقية التعاون بين البلدين لتجنب اي احتكاك جوي في سوريا. كما دانت الصين الهجوم فيما دانته ايران بأشد العبارات وأكدت عدم السكوت عما يجري بالتعاون مع روسيا. في المقابل حظي الاعتداء بترحيب عربي، وتحديداً من المملكة العربية السعودية. وكذلك من الدول الاوروبية وفي مقدمها بريطانيا وفرنسا. اما المانيا فدعت الى الاطاحة بالاسد ديموقراطياً وليس عسكرياً، اما المعارضة السورية طالبت بشمولية الغارات لان قصف مطار واحد لا يكفي مع ترحيبها بالهجوم.
لكن السؤال الاساسي : كيف سترد روسيا وايران وسوريا وحزب الله على العدوان، وهل سيكون الرد عبر ضرب المصالح الاميركية في المنطقة؟ وقد اخذت السفارات الاميركية اجراءات استثنائية في معظم دول العالم، ولكن الرد سيحصل لمنع واشنطن من تنفيذ اعتداءات جديدة؟ فهل تذهب الامور الى مواجهة شاملة. ام تشكل مقدمة لتفعيل الحوار من اجل الاسراع في الحل السياسي.
العملية العسكرية
وقد أطلقت الولايات المتحدة عشرات من صواريخ كروز على قاعدة جوية سورية قالت إن هجوما مميتا بأسلحة كيماوية انطلق منها هذا الأسبوع وذلك في تصعيد للدور العسكري الأميركي في سوريا سرعان ما فجر توترا مع روسيا.
وبعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه أمر بالهجوم، قال متحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الضربة أضرت بشدة بالعلاقات بين واشنطن وموسكو.
وقال مسؤولون أميركيون إن سفينتين حربيتين أميركيتين أطلقتا 59 صاروخ كروز من شرق البحر المتوسط على القاعدة الجوية التي تسيطر عليها قوات الرئيس بشار الأسد ردا على هجوم بالغاز السام في منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة.
ونسبت وكالات أنباء إلى ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين قوله إن الرئيس الروسي، وهو حليف وثيق للأسد، يعتبر أن التحرك الأميركي «عدوان على دولة ذات سيادة» بناء على «ذريعة مختلقة» ومحاولة لصرف انتباه العالم عن القتلى المدنيين في العراق.
وهذا أعنف تحرك أميركي مباشر حتى الآن في الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ ست سنوات في خطوة تضع ترامب في مواجهة أكبر أزمة تتعلق بالسياسة الخارجية منذ تنصيبه في 20 كانون الثاني ما زاد خطر حدوث مواجهة مع روسيا وإيران أهم داعمين عسكريين للأسد.
وقال مسؤولون أميركيون إنهم أخطروا القوات الروسية بأمر الضربات الصاروخية قبل حدوثها وإنهم حرصوا على تفادي إصابة جنود روس في القاعدة. وأضافوا أنه لم تقع ضربات على أجزاء من القاعدة كان جنود روس موجودين فيها. لكنهم قالوا إن الإدارة الأميركية لم تسع لنيل موافقة موسكو.
وقال ترامب وهو يعلن الهجوم من منتجع مار الاجو في فلوريدا حيث كان يجتمع مع الرئيس الصيني شي جين بينغ «المحاولات السابقة على مدى أعوام لتغيير سلوك الأسد فشلت كلها فشلا ذريعا».
وأمر ترامب بالهجوم بعد يوم من إلقائه المسؤولية على الأسد في الهجوم الكيماوي الذي وقع هذا الأسبوع وأدى الى مقتل 70 شخصا على الأقل بينهم كثير من الأطفال في بلدة خان شيخون. ونفت الحكومة السورية مسؤوليتها عن الهجوم.
وانطلقت الصواريخ، وهي من طراز توماهوك، من السفينتين الحربيتين بورتر وروس حوالى الساعة 0040 بتوقيت غرينتش أمس وأصابت عدة أهداف بينها مدرج الطائرات ومحطات للتزود بالوقود في قاعدة الشعيرات الجوية التي تقول وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) إنها استخدمت لتخزين أسلحة كيماوية.
وأبلغ مسؤول دفاعي أميركي رويترز بأن الهجوم هجوم «مُفرد» مما يعني أنه من المتوقع أن يكون ضربة واحدة وأنه لا توجد خطط حاليا للتصعيد.
وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إن الضربة لا تعني تغير السياسة الأميركية الأشمل بشأن سوريا.
وأضاف قائلا للصحفيين «هذا يدل بوضوح على أن الرئيس مستعد لاتخاذ تحرك حاسم عندما يتطلب الأمر... لن أحاول بأي شكل أن أفسر ذلك بأنه تغير في سياستنا أو موقفنا في ما يتعلق بأنشطتنا العسكرية في سوريا حاليا. لم يحدث تغيير في هذا الوضع».
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية كابتن جيف ديفيز «المؤشرات الأولية هي أن هذه الضربة ألحقت أضرارا بالغة أو دمرت طائرات سورية والبنية التحتية الداعمة وكذلك معدات في قاعدة الشعيرات مما يقلص قدرة الحكومة السورية على استخدام أسلحة كيماوية».
وذكر التلفزيون الرسمي السوري أن «العدوان الأميركي» استهدف القاعدة «بعدد من الصواريخ» ونقل عن مصدر عسكري قوله إن الضربات أحدثت خسائر.
وسعى ترامب لتصوير الهجوم، الذي كان يحدث بينما كان يوشك على الانتهاء من العشاء مع الرئيس الصيني، على أنه محاولة لردع سوريا عن استخدام أسلحة كيماوية في المستقبل.
وقال في وقت لاحق «شن الدكتاتور السوري بشار الأسد هجوما مروعا بالأسلحة الكيماوية على مدنيين أبرياء... واليوم أمرت بضربة عسكرية موجهة للقاعدة الجوية السورية التي انطلق منها الهجوم الكيماوي».
وأضاف قائلا «من مصلحة الأمن القومي الأميركي منع ودرء انتشار واستخدام الأسلحة الكيماوية الفتاكة».
الجيش السوري
أعلنت القيادة العامة للجيش السوري عن سقوط 12 شهيدا واكدت ان الرد على العدوان «هو المزيد من التصميم على مواصلة واجبه الوطني في الدفاع عن الشعب السوري وسحق الإرهاب أينما وجد وإعادة الأمن والأمان إلى أراضي الجمهورية العربية السورية كافة».
وأضافت القيادة العامة للجيش إن «هذا العدوان الأميركي المدان يؤكد استمرار الاستراتيجية الأميركية الخاطئة ويقوض عملية مكافحة الإرهاب التي يقوم بها الجيش العربي السوري ويجعل الولايات المتحدة الأميركية شريكاً لـ «داعش» و«النصرة» وغيرهما من التنظيمات الإرهابية التي دأبت منذ اليوم الأول للحرب الظالمة على سوريا على مهاجمة نقاط الجيش والقواعد العسكرية السورية».
وذكرت السفارة الروسية في دمشق أنها لم تتلق حتى الآن أي معلومات عن ضحايا روس جراء الضربة الأميركية على قاعدة الشعيرات.
الرئاسة السورية : تصرف أرعن
وصفت الرئاسة السورية ما قامت به الولايات المتحدة الأميركية، بأنّه عدوان جائر وسافر.
وفي بيان لها،أكدت الرئاسة السورية أن ما جرى هو تصرّف أرعن غير مسؤول، ولا ينمّ إلا عن قصر نظر، وضيق أفق، وعمى سياسي وعسكري عن الواقع، وانجرار ساذج وراء حملة وهمية دعائية كاذبة محمومة غذّت عنجهية هذا النظام للقيام بهذه العربدة السياسية والعسكرية الرعناء.
وأضافت أن إن إقدام الولايات المتحدة الأميركية على هذا الفعل الشائن عبر استهداف مطار لدولة ذات سيادة، يوضح بالدليل القاطع -مرة أخرى- ما كانت تقوله سورية وما زالت، من أن تعاقب الإدارات لهذا النظام لا يغيّر من السياسات العميقة لكيانه المتمثّلة باستهداف الدول، وإخضاع الشعوب، ومحاولة الهيمنة على العالم.
وختم البيان: إن كان النظام الأميركي يعتقد أنه بهذا الاعتداء قد تمكّن من دعم عملائه من العصابات والمنظّمات الإرهابية على الأرض، فإن الجمهورية العربية السورية تؤكد، وبصريح العبارات، أن هذا العدوان زاد من تصميم سورية على ضرب هؤلاء العملاء الإرهابيين، وعلى استمرار سحقهم، ورفع وتيرة العمل على ذلك أينما وجدوا على مساحة الأراضي السورية.
الطائرات الحربية ومرافق القاعدة دمرت بالكامل
قال أحد العاملين في قاعدة الشعيرات الجوية في حمص، أمس، إن صواريخ توماهوك الأميركية ألحقت خسائر جسيمة بقاعدة الشعيرات بحمص وبجميع محتوياتها.
ونقلت وكالة أنباء نوفستي عن مصدر في القاعدة الجوية أن «جميع الطائرات في القاعدة خرجت من الخدمة ويمكن القول إنها دمرت بالكامل».
إلى ذلك، نقلت وكالة أنباء سبوتنيك عن قائد ميداني تابع للجيش السوري أن مسلحي تنظيم «داعش» شنوا هجوما على إحدى نقاط الجيش السوري المكلفة حماية طريق حمص - الفرقلس في تدمر بالتزامن مع الضربة الأميركية على مطار الشعيرات بريف حمص، مضيفا أن قوات الجيش استعادت السيطرة على نقطة التفتيش بعد وقت قصير من السيطرة عليها.
الدفاع الروسية: 23 صاروخا أميركيا أصابت الشعيرات
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن 23 صاروخا فقط من أصل 59 أطلقها الجيش الأميركي، أصابت قاعدة الشعيرات السورية في ريف حمص، مضيفة أنه يجري حاليا البحث عن 36 صاروخا آخر.
وأوضح اللواء إيغور كوناشينكوف، الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، أن الضربة الأميركية نُفذت بين الساعة 3.42 و3.56، انطلاقا من مدمرتين أميركيتين متواجدتين في مياه المتوسط قرب سواحل جزيرة كريت.
وسجلت وسائل المراقبة الإلكترونية الروسية سقوط 23 صاروخا من طراز «توماهوك» على قاعدة الشعيرات السورية، فيما تبقى أماكن سقوط الصواريخ الأخرى مجهولة حتى الآن.
وتابع كوناشينكوف أن الضربة أسفرت عن تدمير مستودع معدات وجناح دراسي ومطعم و6 مقاتلات «ميغ-23» كانت داخل حظائر إصلاح وكذلك محطة رادار.
ونقل عن قيادة القاعدة السورية أن الضربة أسفرت عن مقتل 4 عسكريين سوريين، فيما مازال عسكريان آخران في عداد المفقودين. بالإضافة إلى ذلك، أصيب 6 عسكريين آخرين بحروق أثناء مشاركتهم في إخماد الحرائق التي نشبت جراء سقوط الصواريخ الأميركية.
وشدد قائلا: «بذلك، تعد الفعالية القتالية للضربة الأميركية المكثفة على القاعدة الجوية السورية متدنية للغاية».
وأضاف: «في الوقت الراهن تجري السلطات السورية عمليات بحث لتحديد أماكن سقوط الصواريخ الـ36 المتبقية وتحديد الخسائر المحتملة في صفوف المدنيين».
ووصفت وزارة الدفاع الروسية الضربة الأميركية بأنها خرق فظ لمذكرة التفاهم الروسية الأميركية الموقعة في 2015 لضمان سلامة التحليقات في سماء سوريا والحيلولة دون وقوع حوادث غير مرغوب فيها.
وأكد كوناشينكوف قرار وزارة الدفاع الروسية تعليق التعاون مع البنتاغون في إطار مذكرة التفاهم المذكورة.
وشدد الناطق باسم الوزارة على أن الاتهامات التي وجهتها واشنطن إلى دمشق بخرق معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، لا أساس لها.
وتابع قائلا: «لقد أكدنا أن القوات الحكومية السورية لم تستخدم سلاحا كيميائيا. وننتظر من الولايات المتحدة إيضاحات حول وجود أدلة وصفتها بالدامغة على استخدام السلاح الكيميائي في خان شيخون من قبل الجيش السوري».
واعتبر أنه من الواضح أن واشنطن كانت تستعد لتوجيه ضربتها إلى القاعدة السورية مسبقا وبدأت التحضيرات قبل تنفيذ العملية بفترة طويلة. وأوضح أن توجيه مثل هذه الضربة تتطلب إجراء حزمة واسعة من عمليات الاستطلاع والتخطيط وتوزيع المهمات ووضع الصواريخ في حالة الاستعداد لاطلاقها».
وأضاف أنه من المخطط القيام قريبا بسلسلة من الإجراءات لتعزيز فعالية منظومات الدفاع الجوي للجيش السوري لضمان حماية المنشآت الحيوية للبنية التحتية في سوريا.
كما أكد كوناشينكوف أن منظومات الدفاع الجوي الروسية المنشورة في سوريا تضمن حماية المنشآت التابعة للأسطول الحربي الروسي في طرطوس وللقوات الجوية الفضائية الروسية في قاعدة حميميم الجوية. وأعاد إلى الأذهان أن منظومات «إس-400» و«بانتسير» تحمي حميميم، فيما تتولى هذه المهمة في طرطوس مجموعة دفاع جوي تضم منظومات «إس-300» و«بانتسير». وأكد أن أطقم الدفاع الجوية الروسية تتناوب على أداء مهمتها على مدار الساعة.
وقد عادت فرقاطة «الأميرال غريغوروفيتش» المزودة بصواريخ «كاليبر» المجنحة إلى مياه البحر المتوسط لتنضم إلى مجموعة السفن الحربية الروسية هناك، حسبما أفاد مصدر مطلع لـ«إنترفاكس».
المعارضة السورية: ضرب مطار واحد لا يكفي
بدورها قالت فصائل سورية معارضة إن الضربة الأميركية على عدد من الأهداف في مطار الشعيرات بريف حمص الشمالي لا تكفي، معربة عن أملها في استمرار مثل هذه الضربات للحد من قدرات النظام العسكرية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن القيادي في فصيل جيش الإسلام وعضو وفد المعارضة إلى مفاوضات جنيف محمد علوش قوله في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر «ضرب مطار واحد لا يكفي، فهناك 26 مطارا تستهدف المدنيين».
وفي تصريحات أخرى دعا علوش إلى أن «تكون الضربات مشتركة من جميع أنحاء دول العالم في كل المطارات» التي يتم استهداف السوريين منها.
ردود الفعل الدولية
في الوقت التي أدان فيه عدد من الدول الضربة الجوية الأميركية التي استهدفت مطارا عسكريا في سوريا، عبرت دول أخرى عن ترحيبها بهذه الضربة ودعمها لها.
اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن الهجوم الأميركي على أهداف في سوريا يضر بالعلاقات الروسية-الأميركية، والمعركة المشتركة ضد الإرهاب.
وأعلن دميتري بيسكوف، الناطق الصحفي باسم الكرملين، أن الرئيس الروسي يعتبر الضربات الأميركية على سوريا محاولة لتشتيت الأنظار عن سقوط ضحايا في العراق، وهي ستضر بالعلاقات مع روسيا، وستعرقل بشكل كبير إنشاء تحالف لمكافحة الإرهاب.
كذلك أدانت وزارة الخارجية الإيرانية، القصف الأميركي. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، في تصريح صحفي: «إن إيران تدين الهجمة العسكرية الأميركية على مطار الشعيرات من قبل البوارج العسكرية الأميركية». واكد ان ايران وروسيا لن تقفا صامتتين امام ما جرى.
وتابع: «نعتقد أن هذه الهجمة تمت في وقت يقف فيه المنفذون والمستفيدون من ضرب خان شيخون وراء الستارة، ما سيؤدي إلى تقوية الإرهاب وتعقيد الأمور في سوريا أكثر».
من جانب آخر، رحبت كل من بريطانيا، وفرنسا، واليابان، وتركيا، والسعودية، وإسرائيل، بالضربة الصاروخية الأميركية التي استهدفت قاعدة جوية للجيش السوري.
إلى ذلك اعتبر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، اعتبرا أن الرئيس السوري بشار الأسد وحده المسؤول عن الضربة الأميركية التي استهدفت قاعدة جوية.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، في قوت سابق أن الولايات المتحدة أبلغت فرنسا مسبقا بالضربة الصاروخية على مواقع عسكرية سورية.
ومن ناحيته، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالضربة العسكرية الأميركية، وقال نتياهو إن ترامب بعث «بالأقوال وبالأفعال رسالة قوية وواضحة مفادها أن استخدام الأسلحة الكيماوية ونشرها لا يطاقان»، آملا في «أن تتردد أصداء هذه الرسالة الحازمة إزاء الأفعال الفظيعة التي يرتكبها نظام الأسد ليس فقط في دمشق بل في طهران وبيونغ يانغ وأماكن أخرى أيضا».
وأما عربياً، فأعلنت السعودية، تأييدها الكامل للضربات العسكرية الأميركية على أهداف في سوريا.
ووصف مسؤول في وزارة الخارجية السعودية قرار ترامب بالـ «شجاع»، موضحا أن القصف جاء «ردا على جرائم هذا النظام تجاه شعبه في ظل تقاعس المجتمع الدولي عن إيقافه عند حده».
كما رحبت وزارة الخارجية البحرينية بالعملية التي نفذتها الولايات المتحدة، مؤكدة أن هذه الخطوة كانت ضرورية لحقن دماء الشعب السوري ومنع انتشار أو استخدام أي أسلحة محظورة ضد المدنيين الأبرياء.
لوبان تنتقد
واثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقادا نادراً من مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان.
كما اعتبرت وزارة الخارجية السويدية ان القصف الأميركي يثير تساؤلا حول مدى انسجام مثل هذه التصرفات مع القانون الدولي. فيما دعت المستشارة الأميركية ميركل الى تركيز الجهود السياسية للاطاحة بالاسد ديموقراطياً.
جدال روسي غربي بمجلس الأمن
على صعيد آخر، ساد الجدل والتوتر جلسة مجلس الأمن الدولي المخصصة لبحث الأوضاع في سوريا بعد الضربة الأميركية، فبينما دعمت بريطانيا وفرنسا تلك الضربة هاجمها مندوبو سوريا وروسيا وبوليفيا بشدة واعتبروها انتهاكا للقانون الدولي.
وفي بداية الجلسة، شدد جيفري فيلتمان مساعد الأمين العام للشؤون السياسية على أنه من المهم أن يبعث المجلس برسالة موحدة مفادها أنه لا حماية للأطراف التي تنتهك حقوق الإنسان، وطالب جميع الأطراف بتجديد الجهود لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
وقالت المندوبة الأميركية نيكي هايلي إن النظام السوري استخدم السلاح الكيميائي ضد شعبه عدة مرات، ويبدو أنه كان يعتقد أنه سيفلت من العقاب لأن روسيا ستقف وراءه كالعادة وهو مخطئ. وأضافت هايلي أن أعمال الأسد وجرائمه ضد الإنسانية لن تمر دون عقاب، مشيرة إلى أن وزر الجريمة لا يتحملها النظام السوري فقط بل كذلك النظام الإيراني الذي يدعمه والحكومة الروسية التي تستخدم الفيتو كل مرة يتجاوز فيها الأسد للتغطية على الجرائم.
وأشارت إلى أن روسيا ربما كانت تسمح عن علم باستمرار وجود السلاح الكيميائي في سوريا وربما كان الأسد يتلاعب بها ويضللها، مضيفة أن الولايات المتحدة لن تسكت بعد الآن عن تجاوزات النظام السوري وتجاوزاته، وقالت «أقدمنا على خطوة مدروسة ومستعدون لعمل المزيد».
وأبدى المندوب البريطاني دعم بلاده للضربة الأميركية قائلا إنها رد فعل متناسب على الجريمة المرتكبة في خان شيخون ورسالة ردع للنظام السوري، مضيفا أن روسيا ربما تعلمت الآن أن ضمان مجرمي الحرب عقوبته المهانة أمام العالم.
من جانبه دعم المندوب الفرنسي الهجوم الاميركي وانتقد روسيا بشكل حاد قائلا إنها لم تلتزم بتعهداتها ولم تستطع منع الأسد من استخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين، والمسؤولية ملقاة الآن على عاتق مجلس الأمن الدولي لأخذ زمام المبادرة.
في المقابل، قال المندوب السوري إن الولايات المتحدة ارتكبت عدوانا همجيا سافرا ضد قاعدة جوية لـ الجيش السوري ما أدى الى مقتل عدد من الأشخاص ما يشكل مخالفة خطرة لميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف أن الجيش السوري لا يمتلك أي أسلحة كيميائية ولم يستخدمها قطعياً، وأن من استخدم هذه الأسلحة وقام بتخزينها في عدد من المناطق السورية هو المجموعات «الإرهابية» المسلحة بالتعاون مع عدد من الدول.
كما هاجم مندوب بوليفيا بشدة الهجمة الأميركية قائلا إن الولايات المتحدة شنت هجومها الأحادي بينما كان مجلس الأمن يبحث طرق التحقيق في الهجوم البشع بالأسلحة الكيميائية على خان شيخون.
كما شن المندوب الروسي هجوما عنيفا على الولايات المتحدة التي قال إنها انتهكت القانون الدولي بمهاجمة سوريا، مضيفا أن مشروع القرار الأميركي - البريطاني - الفرنسي حول هجوم خان شيخون مغلوط ومخالف للحقيقة.
وقال أيضا إن الولايات المتحدة شنت عملا عدوانيا على بلد ذي سيادة وهو هجوم يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وللاتفاقات الموقعة مع روسيا بشأن سوريا «وهو هجوم يشجع الحركات الإرهابية».
وهاجم المندوب الروسي نظيره البريطاني قائلا «أحذرك لا تحاول أن تورطنا في نزاع مع العالم العربي، لأن جميع الدول العربية تتذكر نفاق المملكة المتحدة وتاريخها الاستعماري وربما لذلك أنتم قلقون».
أما السفير المصري فقال إن الخلافات والتنافس بهذا المجلس يساهم في إزهاق المزيد من الأرواح وليس هناك جهد دولي جاد حقيقي لفائدة الشعب السوري، ودعا إلى تنحية الخلافات والتجاذبات والعمل على حل جذري للأزمة السورية.
كما دعا المندوب الصيني إلى اتخاذ تدابير عاجلة والعودة إلى المفاوضات لمساعدة الشعب السوري للخروج من هذه الأزمة والعودة إلى الحياة الطبيعية وإعادة بناء بلادهم، مشددا على أن الحل السياسي هو المخرج الوحيد.