ترامب يردّ على مجزرة خان شيخون ويؤكد أن الاسد وحلفاؤه إرتكبوا مجازر بحق الانسانية
النهار :
بعد يومين من الهجوم الكيميائي على خان شيخون بمحافظة أدلب بشمال سوريا، تصاعدت الضغوط على نظام الرئيس بشار الأسد، إذ يدرس البيت الأبيض خيارات عسكرية عرضتها عليه وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون"، بينما قالت موسكو إن دعمها له ليس غير مشروط. وأفادت تركيا ان فحص عينات من المصابين في الهجوم الذي أودى بحياة أكثر من 86 شخصاً، أظهرت تعرضهم لغاز السارين، وقت بدأت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تحقيقات في الهجوم، الذي جدّد النظام نفيه استخدام أسلحة كيميائية.
وصرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لصحافيين رافقوه على متن طائرة الرئاسة الى فلوريدا حيث سليتقي الرئيس الصيني شي جينبينغ، إنه "يجب أن يحصل شيء" مع الأسد بعد الهجوم بالغاز السام في سوريا، لكنه لم يصل إلى حد القول إن على الأسد ترك السلطة. وأضاف: "أعتقد أن ما فعله الأسد شيء مروع". ورأى ان "ما حصل في سوريا عار على جبين الإنسانية وهو موجود هناك وأعتقد أنه يدير الأمور ولذا يجب أن يحصل شيء". وأشار الى إنه لم يبلغ المشرعين عن خيارات عسكرية في سوريا.
وأفاد البيت الابيض أن ترامب لن يكشف قراراته أو خياراته في شأن سوريا قبل أن يتخذها. وأوضح ان ترامب تحدث مع زعماء عدة عن إقامة مناطق آمنة في سوريا.
الى ذلك، صرح وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في مؤتمر صحافي لدى وصوله الى فلوريدا بأن ليس لدى الحكومة الأميركية شك في أن الأسد مسؤول عن الهجوم الكيميائي. وقال إن "من المهم جداً أن تفكر الحكومة الروسية مليا في دعمها المتواصل لنظام الأسد... لا يساورنا شك والمعلومات التي لدينا تؤكد أن سوريا والنظام السوري تحت قيادة الرئيس بشار الأسد مسؤولان عن هذا الهجوم"، معتبراً أنه لا دور للأسد في سوريا في المستقبل. وختم: "ندرس رداً مناسباً" على الهجوم الكيميائي.
وكشف مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية أن تيلرسون تحدث هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الأربعاء عن الهجوم الكيميائي في سوريا.
خيارات الرد
وقال مسؤول أميركي آخر إن "البنتاغون" يجري مناقشات تفصيلية في شأن خيارات عسكرية للرد على هجوم الغاز السام في سوريا. وتوقع أن يناقش وزير الدفاع جيم ماتيس تلك الخيارات عندما يلتقي الرئيس دونالد ترامب في منتجعه في مار-إي-لاغو بفلوريدا.
وكان مقرراً أن يصل ماتيس إلى فلوريدا أمس الخميسفي إطار رحلة مقررة سلفاً.
ورأى المسؤول أن المحادثات في شأن الردود المحتملة جارية فعلاً بما في ذلك محادثات بين ماتيس ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض إتش.آر ماكماستر.، ةأن "البنتاغون" والبيت الأبيض يجريان مناقشات تفصيلية في شأن خيارات عسكرية يمكن أن تشمل منع الطائرات التي تستخدمها قوات الأسد من التحليق. وقد تشمل هذه الخيارات أيضاً استخدام صواريخ كروز مما يسمح للولايات المتحدة بضرب أهداف من دون نشر طائرات مأهولة فوق سوريا.
ولم يعلق المسؤول على مدى ترجيح العمل العسكري ولم يقل أي الخيارات قد يوصي به "البنتاغون".
مجلس الامن
وفي ظل توتر بالغ وواضح عززته التقارير الواردة من واشنطن عن خيارات عسكرية محتملة، حاول ديبلوماسيون من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا اقناع نظرائهم من روسيا والصين بمشروع القرار الغربي في مجلس الأمن الذي يطالب السلطات السورية بالتعاون التام مع لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وتزويدها كل المعلومات عن طلعات الطيران الحربي والهليكوبتر التابعة للجيش النظامي السوري وأسماء الضباط المسؤولين عنها، وخصوصاً في صبيحة 4 نيسان الماضي، حين نفذت الغارات الجوية على خان شيخون في محافظة إدلب. وفيما دارت الشبهات حول تورط المسؤولين السوريين في هذا الهجوم، سعت الديبلوماسية الروسية الى حذف هذه المطالب من المشروع الغربي وإزالة أي إشارة الى المحاسبة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وذهبت موسكو الى اقتراح مشروع قرار مضاد يكتفي بالدعوة الى اجراء تحقيق في الحادث. وكرر الديبلوماسيون الروس اتهام مجموعات المعارضة المسلحة بأنها أعدت منشأة لتصنيع المواد الكيميائية استهدفتها طائرات حربية تابعة للجيش السوري.
بوتين
وندد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"اتهامات لا أساس لها" في شأن الهجوم.
وقال الكرملين في بيان إن الرئيس الروسي "شدد خصوصاً على عدم قبول توجيه اتهامات بلا أساس الى أي كان قبل اجراء تحقيق دولي دقيق ومحايد".
ووصف الرئيس الروسي الهجوم بانه "حادثة باسلحة كيميائية".
وكان وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان صرح في وقت سابق بانه متأكد بنسبة "مئة في المئة" من أن الرئيس السوري بشار الاسد أمر مباشرة بشن الهجوم.
وسبق للناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن شدد قبل ساعات على ان الاميركيين لا يملكون معلومات "موضوعية" عما وصفه بانه "جريمة فظيعة".
وفي مقابلة مع وكالة "الاسوشيتدبرس" قال بيسكوف "إن الدعم غير المشروط ليس ممكناً في العالم الحالي". لكنه أضاف أنه "ليس صحيحاً القول إن في امكان موسكو اقناع السيد الأسد بفعل كل ما تريده موسكو. هذا خطأ تام".
اردوغان
وفي أنقرة أبلغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع قناة "كانال 7" التركية :"لقد تحدثت مع بوتين لكنه قال +هل الأسد وراء ذلك أم لا؟+ وإذا كان لا يفهم هذا منذ يومين، فإن ذلك يؤلمنا".
وأضاف: "يجب علينا تجاوز هذا في أسرع وقت ممكن، نحن في حاجة الى اتخاذ قرار. من هم حلفاؤنا؟ من هم أعداؤنا"؟
وأعلنت وزارة الصحة التركية أن نتائج الاختبارات الأولية التي أجريت على عشرات المصابين السوريين في تركيا تشير إلى احتمال تعرضهم لغاز السارين.
وأفادت منظمة حظر الاسلحة الكيميائية ان هناك تحقيقاً جارياً في الهجوم. وأوضحت أنها "اتصلت بالسلطات السورية" وطلبت تبادل المعلومات "المتعلقة بمزاعم عن اللجوء الى اسلحة كيميائية في خان شيخون" وذلك في اطار مهمة تحقيق لاعداد تقرير عن الهجوم.
المستقبل :
التاريخ الذي وثّق عام 2011 اسم محافظة درعا باعتبارها مهد الثورة السورية، قد يُسجّل عام 2017 اسم إدلب بوصفها المحافظة التي قد تقصم ظهر الأسد وتضع حداً لتفلته من العقاب على جرائم نظامه الوحشية والدموية المستمرة منذ ستّ سنوات من دون أي رادع دولي أو وازع أخلاقي. فنظام بشار الأسد الذي استخدم على مدى السنوات الست الأخيرة مختلف أنواع الأسلحة لإخماد شرارة الثورة السورية، من البراميل المتفجرة إلى الغارات الكيماوية، مستفيداً من الصمت الدولي المخزي إزاء جرائمه والحشد الإيراني الميليشوي والغطاء الروسي الجوي لدمويته، وجد نفسه خلال الساعات الأخيرة تحت مجهر صحوة دولية وإدارة أميركية جديدة عازمة على تقليم مخالبه الكيماوية بعد مجزرة «خان شيخون» الثلاثاء الفائت، والتي لم يكن ليتجرأ على الإقدام على ارتكابها لولا أن تغاضت إدارة باراك أوباما عن هجومه الكيماوي الشهير على الغوطة الشرقية عام 2013، يوم تراجع أوباما عن «الخط الكيماوي الأحمر» الذي كان قد رسمه للنظام السوري فكانت «الجريمة الحقيقية»، وفق ما لفت رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس داعياً في مقابل مجزرة «خان شيخون» الكيماوية، روسيا إلى «لجم الأسد»، والأسرة الدولية إلى «مراجعة حقيقية» لتغاضيها عن جرائم نظامه.
الحريري، وفي تصريح له أمس، قال: «كل يوم يمرّ يظهر بما لم يعد يرقى إليه الشك أن نظام بشار الأسد الذي يرتكب يومياً الفظائع بشعبه مستخدماً البراميل والحديد والنار، عاد منذ يومين إلى ارتكاب المجازر الكيماوية مستخدماً غاز السارين في خان شيخون في إدلب»، وأضاف: «إن هذا التصعيد في الإبادة يثبت أن تراجع الرئيس الأميركي السابق عن الخط الأحمر الذي كان قد رسمه عند استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية المحظورة عالمياً، كان جريمة حقيقية بحق سوريا وشعبها ومستقبلها، وهو يدعو المجتمع الدولي إلى مراجعة حقيقية لمغبة غياب أي حساب فعلي على كل ما ارتكبه هذا النظام بحق شعبه». وختم: «إنّ روسيا، وبحكم تواجدها العسكري على الأراضي السورية والدور الذي تلعبه في مجلس الأمن الدولي في هذا السياق، عليها أن تلجم بشار الأسد ونظامه عن مواصلة ارتكاب جرائم الحرب لا بل هذه الجرائم بحق الإنسانية».
المساءلة النيابية
داخلياً، مشهد جديد على خشبة انتظام الحياة الدستورية والمؤسساتية تجلى أمس مع مثول الحكومة أمام مجلس النواب في جلسة مُخصصة لمساءلتها عن إنجازاتها وإخفاقاتها منذ توليها الثقة، بحيث استُهلت مجريات الجلسة التي انعقدت برئاسة رئيس المجلس نبيه بري بكلمة لرئيس الحكومة فنّد فيها الإنجازات التي تحققت في وقت قياسي نسبةً إلى عمرها القصير منذ ولادتها مع ولادة العهد الجديد، مستعرضاً القفزات الحكومية المتقدمة سواءً على صعيد القطاعات والملفات الحيوية كالنفط والغاز والموازنة والكهرباء والتعيينات والتجهيزات الأمنية، أو على مستوى تصحيح العلاقات اللبنانية – العربية، والرؤية الجديدة التي أعدتها الحكومة في مواجهة أزمة النزوح.
أما عن ملف قانون الانتخاب، فكشف الحريري أنّ مجلس الوزراء سيعقد جلسة الاثنين المقبل لمناقشة هذا الملف تمهيداً لإقرار مشروع قانون جديد وإرساله إلى المجلس النيابي، مشدداً على أنّ «هذا الأمر وصل إلى خط النهاية»، ومؤكداً أنّ مسألة قانون الانتخاب «مسؤولية وطنية بمثل ما هي مسؤولية حكومية»، سيما وأنّها موضوعة في «عهدة القوى السياسية الممثلة جميعها في مجلس النواب وأكثريتها موجودة في الحكومة»، وسط إشارته إلى استمرار الرهان على تحقيق «توافق سياسي تتم ترجمته في مجلس الوزراء» حيال القانون العتيد.
وكانت المساءلة، قد شهدت في جلستيها الصباحية والمسائية أمس سلسلة كلمات عبّر فيها النواب الذين توالوا على منبر الهيئة العامة عن جملة عناوين وشعارات تحاكي مكافحة الفساد وتحقيق الصالح الوطني العام، بينما طُرحت على ساحة النقاش ملفات حيوية كالسلاح غير الشرعي وسلسلة الرتب والرواتب والضرائب والكهرباء، في حين حضر ملف قانون الانتخاب من باب التشديد على ضرورة منع الفراغ التشريعي والإسراع في الاتفاق على قانون جديد قبل فوات المهل، وسط بروز نقاش عوني – جنبلاطي حول مسألة التصويت على مشاريع القوانين المطروحة في مجلس الوزراء، بين تأكيد النائب ابراهيم كنعان دستورية التصويت في حال تعذّر التوافق ورفض النائب وائل أبو فاعور إخضاع مشروع القانون للتصويت وتمسكه بوجوب «أن يبقى التوافق هو العنوان، لأنّ التصويت هو انقسام».
وكان قد سبق الجلسة اجتماع بين بري والحريري تم الاتفاق خلاله على أن تبدأ الحكومة يوم الإثنين المقبل بدرس قانون الانتخاب. علماً أنّ رئيس المجلس رفع المساءلة النيابية بُعيد التاسعة ليلاً على أن تُستأنف عند الرابعة من بعد ظهر اليوم.
الديار :
كسرت المشادة الكلامية بين النائب نواف الموسوي ورئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة، في الجلسة المسائية لمساءلة الحكومة في المجلس النيابي، رتابة المشهد «المكرر المعجل» في ساحة النجمة، لكن حتى هذا «الاكشن» لن يتجاوز في تداعياته القاعة العامة للمجلس النيابي الذي سينتهي الى كلام لا «يثمن ولا يغني» عن جوع... في هذا الوقت عادت «المحركات» الخاصة بقانون الانتخاب الى الدوران، ومن المقرر ان تشهد الاتصالات بين حزب الله والتيار الوطني الحر تزخيما خلال الساعات القليلة المقبلة، ومن المرجح ان يزور وفد قيادي من الحزب بعبدا اليوم، فيما تجري التحضيرات لعقد لقاء موسع بين قيادة الحزب والتيار الوطني الحر لوضع «النقاط على الحروف»... لكن المشكلة تبدو في مكان آخر حيث نجح «النكد» السياسي لتيار المستقبل في ايصال «التيار البرتقالي» الى الحائط المسدود، ووضعه امام الخيارات الصعبة..
ولا بد من كشف جزء من تفاصيل هذا «الكباش» واسبابه، فخلال الساعات القليلة الماضية تردد على لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري اتهامه «لمجهول» بالرغبة في الوصول بالبلاد الى الفراغ، اي بمعنى آخر ثمة من لا يريد الوصول الى قانون جديد للانتخابات... هذا الاستنتاج لم يأت من فراغ والرجل اعلم الناس بما يدور في «الكواليس»... ولعل السؤال الابرز الذي يطرح علامات استفهام وطرحه بالامس النائب وائل ابو فاعور في جلسة المجلس النيابي، هو لماذا لم يقدم وزير الداخلية نهاد المشنوق باعداد قوانين انتخابية؟ ولعل السؤال الحقيقي هو لماذا لا يبدو تيار المستقبل مباليا في ابتداع مخارج للمأزق السياسي القائم في البلاد؟ ولماذا يظهر رئيس الحكومة غير معني في البحث عن القانون الامثل للانتخابات؟
الاجابة على هذه الاسئلة موجودة عند اوساط معنية واكبت الاتصالات التي افضت الى التسوية السياسية الكبرى في البلاد، وهي تكشف ان ما يحصل هو جزء من «نكد» سياسي يمارسه رئيس الحكومة وفريقه السياسي ردا على مخالفة التيار الوطني الحر لوعده السابق ابان التفاوض بان يقبل بتمديد ولاية المجلس النيابي سنة على الاقل، واجراء الانتخابات بعد ان يكون «المستقبل» جاهزا لخوضها، او اجراء الانتخابات في موعدها، ولكن على قانون الستين...
وبحسب تلك لاوساط، فان القصة بدأت بعد ساعات من التفاوض بين الوزير جبران باسيل والرئيس سعد الحريري، وبعد التفاهم على المبادىء العامة للتسوية دخل الرجلان في التفاصيل الاخرى المرتبطة بالحكومة والانتخابات النيابية وغيرها من الملفات الرئيسية في البلاد، وجرى تثبيت هذه الاتفاقات لاحقا في لقاءات الحريري مع الرئيس ميشال عون، الذي وعد الحريري ايضا بان يبقى رئيسا للحكومة في عهده طالما انه يمثل غالبية السنة...
طبعا لامبالاة رئيس الحكومة وتيار المستقبل في انضاج قانون جديد للانتخابات، جاء بناء على هذا التفاهم، لكن المفاجاة كانت في خروج التيار الوطني الحر عن الاتفاق واندفاع الوزير باسيل في «انتاج» القانون تلو الاخر، وجاءاعلان رئيس الجمهورية انه يفضل الفراغ على التمديد، ورفضه توقيع مراسيم دعوات الهيئات الناخبة، ليؤكد ان ما يجري ليس «مناورة» هذه الخطوات احرجت تيار «الازرق» ووضعته في خانة «التعطيل»، وقد حاول رئيس الحكومة والوزير نهاد المشنوق فهم حقيقة ما يحصل، دون الحصول على اجوبة «مقنعة» في هذا السياق... فكان قرار المستقبل «بالمواجهة الكيدية»...
وتتلخص هذه الاستراتيجية، بالعمل على ايصال التيار الوطني الحر الى «الحائط المسدود»، دون تقديم اي مساعدة جدية لتفكيك الالغام امامه، وفي هذا السياق انفتح تيار المستقبل على كافة الطروحات دون ان يقدم قرارا حاسما، لا سلبا ولا ايجابا، تاركا الوزير باسيل يخوض نقاشاته «وحروبه» في ملعب «الحلفاء» دون ان يكون لديه ضمانة بموافقة المستقبل على طروحاته، وشعار الحريري كان «لست مجنونا لاقبل بالقانون المختلط، لكن لماذا ارفضه انا فليرفضه الاخرون»..
ولهذا «يلعب» «المستقبل» على حافة الهاوية ويترك للتيار الوطني الحر ان «يغرق» وحده بعد ان ربط بين نجاحه في اقرار قانون انتخابات جديد وبين نجاح العهد، كما ان الوقت كشف نقاط ضعف بينه وبين حليفه حزب الله، «وهذا امر جيد»... والمفارقة ان «الخبث» السياسي لم يتوقف عند هذا الحد، فبعد ان عمم الوزير باسيل انه اقترب من اقناع الغالبية «بالمختلط» سرب الرئيس الحريري انه يقبل بالنسبية الكاملة، مع فتح «باب النقاش» على حجم الدوائر... وكانت واحدة من «الرسائل» «المسمومة» التي «فرملت» اندفاعة قانون رئيس التيار الوطني الحر، مع العلم ان «المستقبل» كان يقول ان لا نسبية في ظل وجود «السلاح غير الشرعي» فما الذي تغير؟
لا شيء، انه جزء من «مسلسل» المناكفات الذي لن ينتهي يوم الاثنين في جلسة الحكومة، لا احد يعرف كيفية الخروج من مفاعيل هذا «الكباش» «الصامت» بين فريق سياسي يعتبر نفسه انه خدع، وفريق آخر يرى انه امام فرصة حقيقية وجدية لاستعادة حقوق المسيحيين، وبحسب اوساط سياسية مسيحية مطلعة، فان التيار الوطني الحر امام خيارات احلاها مر، فاما يوافق على ملاحظات حزب الله ويحرج المستقبل بالقانون المختلط، او يوافق على النسبية في الدوائر الوسطى، وهنا يضع الرئيس الحريري امام تحدي السير بالنسبية، او رفضها علنا...او يقبل بالتمديد وهو اصعب الخيارات التي ستضرب «هيبة» العهد..
حزب الله في بعبدا...
في هذا الوقت من المرجح ان يحصل اللقاء اليوم في قصر بعبدا بين رئيس الجمهورية ووفد يضم المستشار السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين خليل ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا، فيما التحضيرات تجري على «قدم «وساق» لعقد اجتماع قيادي قريبا بين التيار الوطني الحر برئاسة الوزير جبران باسيل، ونائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، وهو لقاء يفترض ان يعقد قبل جلسة مجلس الوزراء الاثنين المقبل، لوضع «النقاط» على «الحروف» وازالة كافة الالتباسات المتعلقة بهذا الامر....
وبحسب المعلومات، فان حزب الله لا يزال عند ملاحظاته على القانون المختلط المقدم من باسيل، واذا كانت عقدة «مراعاة» الوزير سليمان فرنجية قد حلت، فان الحزب متمسك باجراء الجزء النسبي في القانون المقترح، على اساس لبنان دائرة واحدة، مع تحرير الصوت التفضيلي وعدم تقييده بالقضاء، وهو ينتظر رد التيار الوطني الحر على هاتين الملاحظتين، واذا كانت سلبية فهو لن يوافق على القانون... اما النقطة الثانية المحسومة لدى حزب الله فتتعلق برفضه المطلق لعرض اي قانون انتخابي على التصويت في مجلس الوزراء..اما الطرح البديل فهو النسبية الكاملة مع الانفتاح على النقاش في حجم الدوائر بما يؤمن التمثيل الحقيقي لكافة المكونات، مع التذكير هنا ان القيادات المسيحية في بكركي سبق لها ووافقت على النسبية مع مراعاة التقسيمات «المطمئنة» للجميع، وهذا ما سيذكر به حزب الله خلال جلسات النقاش...
«غسل قلوب» بين بري والحريري؟
وعلى هامش جلسة المجلس النيابي عقدت لقاءات جانبية بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، شارك في جزء منها وزير المالية علي حسن خليل، ولم يكن ملف الانتخابات وحده على «طاولة» البحث، وانما خصص جزء كبير من المحادثات لمعالجة ذيول التعيينات والمناقلات الامنية في قوى الامن الداخلي وفرع المعلومات، وكذلك رد فعل وزير المالية الذي اتخذ اجراءات «عقابية» في المقابل، وعلمت «الديار» ان الطرفين حرصا على معالجة هذا الملف بهدوء بعيدا عن التشنج، وسيتم استكمال الاتصالات خلال الساعات القليلة المقبلة لايجاد الاليات المناسبة لمعالجة الخلل الحاصل.
«كلمة السر»
وفي سياق استكمال التعيينات في المراكز الامنية، علم من اوساط معنية بهذا الملف ان «كلمة السر»بتعيين العميد طوني منصور مديرا جديدا لاستخبارات الجيش جاءت من قصر بعبدا، وقد جرى ابلاغ المعنيين بالامر قبل 72 ساعة، وقد بدأت الاجراءات العملانية لاتمام هذا التعيين حيث سيصدر القرار خلال ساعات عن المجلس العسكري، وسيوقعه وزير الدفاع يعقوب الصراف... ووفقا للمعلومات فان موقف الرئيس ميشال عون كان حاسما في هذا الاطار، وجاء التعيين مخالفا لطرح قدمه الوزير جبران باسيل لتعيين ضابط آخر في هذا المركز..!
ملف اللاجئين
على صعيد متصل بملف اللاجئين السوريين، اكدت اوساط مطلعة، ان الوفد اللبناني العائد من بروكسل لم يحمل معه اي وعود بالحصول على مساعدات اوروبية جدية تساعد لبنان على تحمل اعباء النزوح السوري. وفي سياق الكشف عن سوء ادارة الحكومة اللبنانية لهذا الملف علمت «الديار» ان عددا من النازحين السوريين ممثلين برؤساء عشائر ومشايخ كانوا قد فروا من مناطق في القلمون السوري، حاولوا التواصل مع السلطات اللبنانية المعنية للعمل على تسهيل عودتهم الى قراهم بعد دخول الجيش السوري اليها، لكن الجهات الرسمية اللبنانية تجاهلت مطالبهم، وكان الرد حاسما لجهة عدم التواصل الرسمي مع الحكومة السورية. وقد نجح هؤلاء في ايصال مطالبهم الى حزب الله الذي عمل على تأمين التواصل مع الدولة السورية، وجرى التفاهم على ترتيبات امنية ولوجستية تمكنت بعدها عشرات العائلات من العودة الى قراها... ووفقا للمعلومات ثمة اتصالات تجري الان لاعادة دفعة ثانية من هؤلاء، وقد اصبح هذا الملف في خواتيمه..
الجمهورية :
مع بدءِ العد العكسي لتاريخ 15 نيسان وتزايُد ضغط المهَل القانونية وارتفاع حظوظ التمديد النيابي في موازاة ارتفاع منسوب خطر دخول البلاد الفراغ بسبب عدم التوصل الى قانون انتخاب يرضي الجميع بعد لعُقمِ المناقشات، وفي انتظار ما ستتمخّض عنه جلسة مجلس الوزراء الاثنين المقبل في قصر بعبدا والمخصّصة لمناقشة هذا القانون، استبقَ الرئيس سعد الحريري الهجوم النيابي عليه في جلسة المناقشة العامة، بتأكيد التزام الحكومة إجراءَ الانتخابات النيابية، مبدياً حرصه على ان يعرض في جلسة الاثنين مشروع قانون يُرسل الى المجلس النيابي بعد إقراره. وإذ اعتبرت بعبدا وبكركي انّ عدم الوصول الى قانون بعد 12 سنة هو «أمر معيب». أعلنَ «حزب الله» في المقابل «أنّنا أقرب من أيّ وقتٍ مضى إلى إقرار النسبية في انتظار الاتفاق على بعض التفاصيل»، منبّهاً بلسان احد نواب كتلته نوّاف الموسوي، الى «أنّ أيّ قانون لن يمرّ من دون إقرار النسبية».
علمت «الجمهورية» أنّ دوائر القصر الجمهوري حددت امس موعداً لوفد من حزب الله مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، سيلتقيه فور عودة الوزير جبران باسيل من اوستراليا، والمرجح ان ينعقد هذا اللقاء غداً السبت.
وفي المعلومات انّ وفد الحزب الذي ابدى الحرص على حضور باسيل اللقاء المنتظر مع عون، سيحمل الى رئيس الجمهورية صيغةً لقانون الانتخاب، قالت مصادرُه انّها «صيغة تلمّ البلد وتحفظ حجم «التيار الوطني الحر» وتصحّح التمثيل من دون ان تخرّب البلد».
ولفتت الى انّ هناك اكثر من طرف سياسي اجمعَ على انّ الصيغة التي قدّمها باسيل تنطوي على «نفَس» إلغائي لبعض القوى السياسية. وكشفت انّ بالاضافة الى الملاحظات التي قدّمها «الحزب» لباسيل ستكون هناك ملاحظات أُخرى. وتوقّعت ان يكون عون «إيجابياً في تلقّيها».
تحضيرات في بعبدا
وعلمت «الجمهورية» أنّ التحضيرات بدأت في القصر الجمهوري للبحث في قانون الإنتخاب الذي سيكون على طاولة مجلس الوزراء الإثنين المقبل، وأنّ التعليمات صدرت الى الأمانة العامة للمجلس لتعميم الدعوة الى هذه الجلسة اليوم او غداً على ابعد تقدير، عقب التفاهم الذي تمّ بين رئيسي الجمهورية والحكومة وأُبلغ الى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي وضَع امكاناته في التصرف للإسراع في التوافق على قانون انتخابي جديد.
وكشفت مصادر لـ«الجمهورية» انّ جلسة الاثنين ستناقش كلّ صيغ قوانين الانتخاب الاكثر تداولاً. واستبعدت ان يتمّ الاتفاق على ايّ منها في الجلسة نفسها.
وقالت ان موعد 15 نيسان الجاري الذي بدأ الجميع يضع المؤسسات الدستورية بالعمل تحت ضغطه هو في السياسة حاسمٌ لكنّه لا يسقِط المهل، فما لم تستطع الدولة انجازَه خلال اكثر من 20 عاماً وهذه الحكومة خلال 4 أشهر لا احد ينتظر ان ينجزه مجلس الوزراء في جلسة واحدة. وتوقّعت ان يكون هناك جلسات متتالية تُستكمل بعد عطلة عيد الفصح.
وسألت المصادر مَن قال انّ هناك جلسة لمجلس النواب للتمديد في 15 أو 17 نيسان؟ فهذه اولاً فترة اعياد، ثانياً ما دامت المناقشات مستمرة وهي ستزخم مطلع الاسبوع المقبل، وما دامت النيّة موجودة لاقرار قانون جديد، فموضوع المهل يصبح ثانوياً.
وعلمت «الجمهورية» انّ لقاءات جانبية حصلت اثناء انعقاد جلسة المناقشة العامة كان محورها الحديث عن قانون الانتخاب وتمّ الاتفاق على تكثيف اللقاءات خلال الايام المقبلة لإحداث خرق في جدار ازمة القانون.
من سيطلب التمديد
وذكرت المعلومات انّ بري تمنى على عون والحريري ان تبادر الحكومة الى طلب تمديد ولاية مجلس النواب بالصيغة الدستورية لأنّ صدور مثل هذا الطلب من الحكومة متى تقرّر توقيته يعني توافقاً شاملاً على الخطوة.
وإنّ طلباً من هذا النوع سيكون مدعوماً، لا بل متسلّحاً بأكثرية وزارية متمثلة بثلثي اعضاء الحكومة، وهو ما يعطي دفعاً معنويا قوياً للعملية بدلاً من الطلب هذه المرّة من نائب او مجموعة نواب تقديم اقتراح قانون بالتمديد.
وعليه رجّحت المصادر اللجوء الى مخرج يعزّز التوافق على هذه الخطوة كأن ترفق الحكومة مشروعها لقانون الإنتخاب العتيد بطلب التمديد للمجلس النيابي لأسباب تقنية في مقدّمة القانون الجديد أو في الأسباب الموجبة أو في أيّ مادة من مواده يصار الى تحديدها لاحقاً وفق ما يقول به الدستور.
وقالت مصادر دستورية لـ«الجمهورية» انّ اتخاذ الحكومة مثل هذه الخطوة وخصوصا في جلسة تعقد برئاسة عون ستلغي الحديث عن مهلة الشهر التي يمكن ان يستخدمها رئيس الجمهورية للطعن بطلب التمديد امام المجلس الدستوري والتي كان البعض ومنهم رئيس مجلس النواب يحتسبها مشدداً على اهمية طلب التمديد ضمن مهلة تزيد على الشهر قبل نهاية ولاية المجلس في 20 حزيران المقبل لإعطاء الرئيس مهلة ليمارس الحق في الطعن إن أراد ذلك قبل العودة الى مجلس النواب لتأكيد مثل هذا الأمر.
الراعي في بعبدا
وقد حضر الملف الانتخابي في قصر بعبدا في لقاء رئيس الجمهورية مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي قال: «لا يمكن ان نقبل الوصول بعد 12 عاما إلى الاستحقاق الانتخابي بلا قانون، وهذا أمر معيب والرئيس يرفضه كليا». وناشد المجلس النيابي «القيام بواجبه وإجراء انتخابات عادلة وشاملة تبيّن اننا بلد ديموقراطي تتمثل فيه القوى اللبنانية جمعاء».
وأضاف «نوجه النداء مجدداً، لعدم الوصول إلى الاستحقاق بلا قانون لأننا لا يمكن ان نقبل بهذا الأمر، ولا يكفي ترداد المقولة المثلثة لا للفراغ ولا للتمديد ولا لقانون الستين».
وعلمت «الجمهورية» انّ اللقاء كان شاملاً لم يوفر الملفات المتعددة الوجوه السياسية والأمنية والإقتصادية والنازحين السوريين، المطروحة على بساط البحث في الداخل والخارج، وإن كان التركيز على ملف قانون الإنتخاب قد حاز الوقت الاكبر، وذلك عندما بادر البطريرك الى التأكيد انّ المواقف التي تتحدث عن الإصرار والحاجة الى قانون جديد للإنتخاب يجب ان تترافق مع قرارات تنفيذية لمِثل هذه الوعود، فلا تكفي الإشارة الى سلسلة اللاءات من دون الإشارة الى «نعم» واحدة كبيرة وجدية تترجم بوضع القانون الجديد كما قال الراعي.
كذلك خصّص جزء من اللقاء للبحث في نتائج القمة العربية وحصيلة اللقاءات الثنائية التي عقدها عون مع الملوك والرؤساء العرب بالإضافة الى نتائج زيارته الفاتيكان وجرت مطابقتها مع نتائج الزيارات الأخيرة التي قام بها الراعي الى عاصمة الكثلكة وتحديداً حول توجهات البابا وما يقوم به في سبيل القضايا العربية، وخصوصا مواقفه من الأوضاع في لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة ومصير المسيحيين في المنطقة.
مصادر بكركي
من جهتها، اكدت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» انّ لقاء عون ـ الراعي الذي دام ساعة وطرح كلّ ملفات الوطن كان ايجابياً جداً خصوصا ان التفاهم يسود بين بكركي وبعبدا حول كل المواضيع، و«لا يجرّبنَّ احد دقَّ اسفين بيننا».
ولفتت المصادر الى انّ «الراعي دعا عون الى قداس الفصح نظراً لما لهذه المشاركة من اهمية، خصوصاً انه قداس القيامة الاول بعد انتخاب الرئيس وإنهاء الشغور».
واكدت «ان التوافق تام في ملف قانون الانتخاب وان البطريرك يعلق كل آماله على انتاج قانون جديد في ضوء اصرار رئيس الجمهورية عليه». واشارت الى «انّ الهم الاجتماعي حضَر في اللقاء وأكد الراعي دعمه توجُّه عون الى محاربة الفساد».
المواجهة مستمرة
وفي هذه الاجواء، يتابع مجلس النواب عصر اليوم فصول المواجهة مع الحكومة، بعد ثلاثة أشهر على منحِها الثقة، وهي المواجهة الاولى في العهد الجديد. وكانت المواقف النيابية في اليوم الاول من جلسة المناقشة دعت الحكومة الى تحمّل مسؤولياتها في ملفات عدة اثارَها النواب ابرزها قانون الانتخاب والوضع الاقتصادي والمعيشي وملفات الكهرباء وسلسلة الرتب والرواتب والموازنة العامة والنفايات ومكافحة الفساد والهدر والنفط.
بعبدا تراقب
وعلمت «الجمهورية» انّ الرئيس عون تابع لحظة بلحظة المواقف النيابية وسارع الى التدقيق في مضمون كثير منها فور اطلاعه على عناوينها طالباً المزيد من التفاصيل حول حيثيات بعض الكلمات ومقاصدها، وخصوصاً الحديث المباشر لبعضهم عن حجم الرشاوى وتلك التي شكّلت مسّاً بالمال العام.
الحريري
وكان الحريري، وبعد اجتماع عقَده مع رئيس مجلس النواب، افتتح اليوم الاول من جلسة المناقشة العامة بكلمة ذكّر فيها بالتزام الحكومة في بيانها الوزاري «بقانون جديد للانتخابات، وبإجراء الانتخابات النيابية وفقاً لهذا القانون»، لافتا الى انّ» مسألة القانون الجديد عمرُها سنوات وهي مسألة وضِعت في عهدة القوى السياسية الممثلة جميعها في مجلس النواب، واكثريتها موجودة في الحكومة».
وأكّد الحريري انّ الحكومة «عند التزامها بإجراء انتخابات نيابية وبرفضِ الفراغ في السلطة التشريعية»، معتبراً انّ «المدخل الى هذا الامر هو إنجاز قانون جديد، وأنا احرص في مجلس الوزراء على ان نعرض مشروع قانون قريباً إن شاء الله، يوم الاثنين المقبل سنعقد جلسة، وعندما نقرّه نرسله الى المجلس النيابي».
قوى الأمن
من جهة ثانية، وفي الخلاف الحاصل بين قوى الامن الداخلي وحركة «أمل» حول التعيينات الاخيرة، علمت «الجمهورية» انّ وزير المال علي حسن خليل ابلغَ الى الحريري نيتَه الإقدام على اجراءات مالية اضافية تتعلق بالمناقلات والمخصّصات، وأنّ الخلاف لن ينتهي إلّا بتغيير مَن عيَّنهم المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، ولا حلّ إلّا بعودته عن هذا التعيين
الاخبار :
لم يكن اليوم النيابي الطويل في جلسة المساءلة العامة في البرلمان، أمس، سوى فصل جديد يضاف إلى فصول الانقسام السياسي بين الكتل النيابية الرئيسية، على أعتاب أزمة دستورية مفتوحة تهدّد النظام اللبناني برمّته، مع غياب الاتفاق على قانون انتخابي جديد.
وإذا كانت كلمات النواب قد حذّرت من المرحلة المقبلة وضرورة الاتفاق على قانون قبل وصول المجلس النيابي إلى الفراغ، وتالياً المؤسسات الدستورية الأخرى، فإن ما حصل أمس يؤشّر إلى صعوبة التوصّل إلى أي اتفاق في جلسة الحكومة المخصصة لنقاش قانون الانتخاب الإثنين المقبل، ما لم يكن الاتفاق السياسي قد أُعدّ خلال عطلة نهاية الأسبوع خارج الجلسة الحكومية.
وفيما يجري الحديث حتى الآن عن ترحيل أزمة القانون إلى مجلس الوزراء، ليس واضحاً بعد ما هي الصيغ التي ستناقشها الحكومة، وما إذا كانت الخلافات المتوقّعة ستؤدي إلى تصويت الوزراء على مشروع معيّن، وإنتاج خلافات جديدة، أخطر هذه المرّة، في حال شعرت أطراف في الحكومة بأن استخدام التصويت سيكون سيفاً مصلتاً عليها، لا سيّما الحزب التقدمي الاشتراكي.
وبينما كان نوّاب التيار الوطني الحرّ يتحدّثون، خلال اليومين الماضيين، عن مهلٍ زمنية بين 24 ساعة و48 ساعة لسماع جواب حزب الله أو موقفه من مشروع قانون الوزير جبران باسيل، والحديث عن نيّة وفدٍ من الحزب زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون، أعطى النائب حسن فضل الله موقفاً شبه نهائي، مكرّراً موقف الحزب، لكن بصورة أوضح هذه المرّة: النسبية الكاملة مع ترك هامش للنقاش في الدوائر المتوسّطة أو غيرها، قاضياً بذلك على فكرة القانون المختلط. غير أن كلام فضل الله أكمله لاحقاً النائب نقولا فتّوش في مرافعة دستورية مهنية لكن ناريّة، نسف فيها فكرة القانون المختلط، فيما بدا موقفه تعبيراً عن موقف الكثير من القوى السياسية، بينها حركة أمل وحزب الله. ويأتي كلام فضل الله مع معطيات تمّ تداولها أمس على لسان أكثر من مسؤول في قوى 8 آذار، بأن حزب الله لن يقبل بغير قانون على أساس النسبية الكاملة، لكنه منفتح بشأن الدوائر بما يطمئن الآخرين، لا سيّما التيار الوطني الحر، ليبقى السؤال حول إمكانية موافقة التيار الوطني الحرّ على النسبية الكاملة التي يؤكّد عون أنه يفضّلها، في ظلّ معارضة رئيس حزب القوات سمير جعجع لها، وكيفية توفيق رئيس الجمهورية بين حليفيه، حزب الله والقوات.
الانقسام الحاد حول قانون الانتخاب، وخلاف حركة أمل وتيار المستقبل حول التعيينات في قوى الأمن الداخلي، لم يمنعا القوى السياسية من التوافق على اسم مدير المخابرات الجديد العميد أنطوان منصور (من دورة 1986)، الذي يتوقّع أن يصدر تعيينه خلال الأيام المقبلة، علماً بأن باسيل كان يفضّل اختيار العميد الياس ساسين للمنصب.
من جهة أخرى ، قرر «مجلس الوزراء العرب» عقد دورته العام المقبل في بيروت، بناءً على اقتراح وزير الداخلية نهاد المشنوق. كذلك تبنّى المؤتمر اقتراح المشنوق إنشاء «نواة صلبة أمنية معلوماتية عربية لمواجهة التحديات الإرهابية بقيادة ولي العهد السعودي وزير الداخلية محمد بن نايف». ورأى المشنوق أن «هذا الإجماع العربي دليل كبير على حجم الدعم العربي للدولة اللبنانية وإيمان العرب بمسار استعادة الدولة اللبنانية قرارها السياسي والأمني».