بعد يومين من الهجوم الكيميائي على خان شيخون بمحافظة أدلب بشمال سوريا، تصاعدت الضغوط على نظام الرئيس بشار الأسد، إذ يدرس البيت الأبيض خيارات عسكرية عرضتها عليه وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون"، بينما قالت موسكو إن دعمها له ليس غير مشروط. وأفادت تركيا ان فحص عينات من المصابين في الهجوم الذي أودى بحياة أكثر من 86 شخصاً، أظهرت تعرضهم لغاز السارين، وقت بدأت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تحقيقات في الهجوم، الذي جدّد النظام نفيه استخدام أسلحة كيميائية.
وصرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لصحافيين رافقوه على متن طائرة الرئاسة الى فلوريدا حيث سليتقي الرئيس الصيني شي جينبينغ، إنه "يجب أن يحصل شيء" مع الأسد بعد الهجوم بالغاز السام في سوريا، لكنه لم يصل إلى حد القول إن على الأسد ترك السلطة. وأضاف: "أعتقد أن ما فعله الأسد شيء مروع". ورأى ان "ما حصل في سوريا عار على جبين الإنسانية وهو موجود هناك وأعتقد أنه يدير الأمور ولذا يجب أن يحصل شيء". وأشار الى إنه لم يبلغ المشرعين عن خيارات عسكرية في سوريا.
وأفاد البيت الابيض أن ترامب لن يكشف قراراته أو خياراته في شأن سوريا قبل أن يتخذها. وأوضح ان ترامب تحدث مع زعماء عدة عن إقامة مناطق آمنة في سوريا.
الى ذلك، صرح وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في مؤتمر صحافي لدى وصوله الى فلوريدا بأن ليس لدى الحكومة الأميركية شك في أن الأسد مسؤول عن الهجوم الكيميائي. وقال إن "من المهم جداً أن تفكر الحكومة الروسية مليا في دعمها المتواصل لنظام الأسد... لا يساورنا شك والمعلومات التي لدينا تؤكد أن سوريا والنظام السوري تحت قيادة الرئيس بشار الأسد مسؤولان عن هذا الهجوم"، معتبراً أنه لا دور للأسد في سوريا في المستقبل. وختم: "ندرس رداً مناسباً" على الهجوم الكيميائي.
وكشف مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية أن تيلرسون تحدث هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الأربعاء عن الهجوم الكيميائي في سوريا.
خيارات الرد
وقال مسؤول أميركي آخر إن "البنتاغون" يجري مناقشات تفصيلية في شأن خيارات عسكرية للرد على هجوم الغاز السام في سوريا. وتوقع أن يناقش وزير الدفاع جيم ماتيس تلك الخيارات عندما يلتقي الرئيس دونالد ترامب في منتجعه في مار-إي-لاغو بفلوريدا.
وكان مقرراً أن يصل ماتيس إلى فلوريدا أمس الخميسفي إطار رحلة مقررة سلفاً.
ورأى المسؤول أن المحادثات في شأن الردود المحتملة جارية فعلاً بما في ذلك محادثات بين ماتيس ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض إتش.آر ماكماستر.، ةأن "البنتاغون" والبيت الأبيض يجريان مناقشات تفصيلية في شأن خيارات عسكرية يمكن أن تشمل منع الطائرات التي تستخدمها قوات الأسد من التحليق. وقد تشمل هذه الخيارات أيضاً استخدام صواريخ كروز مما يسمح للولايات المتحدة بضرب أهداف من دون نشر طائرات مأهولة فوق سوريا.
ولم يعلق المسؤول على مدى ترجيح العمل العسكري ولم يقل أي الخيارات قد يوصي به "البنتاغون".
مجلس الامن
وفي ظل توتر بالغ وواضح عززته التقارير الواردة من واشنطن عن خيارات عسكرية محتملة، حاول ديبلوماسيون من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا اقناع نظرائهم من روسيا والصين بمشروع القرار الغربي في مجلس الأمن الذي يطالب السلطات السورية بالتعاون التام مع لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وتزويدها كل المعلومات عن طلعات الطيران الحربي والهليكوبتر التابعة للجيش النظامي السوري وأسماء الضباط المسؤولين عنها، وخصوصاً في صبيحة 4 نيسان الماضي، حين نفذت الغارات الجوية على خان شيخون في محافظة إدلب. وفيما دارت الشبهات حول تورط المسؤولين السوريين في هذا الهجوم، سعت الديبلوماسية الروسية الى حذف هذه المطالب من المشروع الغربي وإزالة أي إشارة الى المحاسبة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وذهبت موسكو الى اقتراح مشروع قرار مضاد يكتفي بالدعوة الى اجراء تحقيق في الحادث. وكرر الديبلوماسيون الروس اتهام مجموعات المعارضة المسلحة بأنها أعدت منشأة لتصنيع المواد الكيميائية استهدفتها طائرات حربية تابعة للجيش السوري.
بوتين
وندد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"اتهامات لا أساس لها" في شأن الهجوم.
وقال الكرملين في بيان إن الرئيس الروسي "شدد خصوصاً على عدم قبول توجيه اتهامات بلا أساس الى أي كان قبل اجراء تحقيق دولي دقيق ومحايد".
ووصف الرئيس الروسي الهجوم بانه "حادثة باسلحة كيميائية".
وكان وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان صرح في وقت سابق بانه متأكد بنسبة "مئة في المئة" من أن الرئيس السوري بشار الاسد أمر مباشرة بشن الهجوم.
وسبق للناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن شدد قبل ساعات على ان الاميركيين لا يملكون معلومات "موضوعية" عما وصفه بانه "جريمة فظيعة".
وفي مقابلة مع وكالة "الاسوشيتدبرس" قال بيسكوف "إن الدعم غير المشروط ليس ممكناً في العالم الحالي". لكنه أضاف أنه "ليس صحيحاً القول إن في امكان موسكو اقناع السيد الأسد بفعل كل ما تريده موسكو. هذا خطأ تام".
اردوغان
وفي أنقرة أبلغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع قناة "كانال 7" التركية :"لقد تحدثت مع بوتين لكنه قال +هل الأسد وراء ذلك أم لا؟+ وإذا كان لا يفهم هذا منذ يومين، فإن ذلك يؤلمنا".
وأضاف: "يجب علينا تجاوز هذا في أسرع وقت ممكن، نحن في حاجة الى اتخاذ قرار. من هم حلفاؤنا؟ من هم أعداؤنا"؟
وأعلنت وزارة الصحة التركية أن نتائج الاختبارات الأولية التي أجريت على عشرات المصابين السوريين في تركيا تشير إلى احتمال تعرضهم لغاز السارين.
وأفادت منظمة حظر الاسلحة الكيميائية ان هناك تحقيقاً جارياً في الهجوم. وأوضحت أنها "اتصلت بالسلطات السورية" وطلبت تبادل المعلومات "المتعلقة بمزاعم عن اللجوء الى اسلحة كيميائية في خان شيخون" وذلك في اطار مهمة تحقيق لاعداد تقرير عن الهجوم.