تنتظر جلسة المناقشة العامة في مجلس النّواب اليوم، نقاشاً حاداً بين مختلف الكتل السياسية حول قانون الانتخاب، في ظلّ غياب الاتفاق على قانون انتخابي جديد، والاحتمالات المتصاعدة للوصول إلى أزمة سياسية مفتوحة بوقوع فراغٍ في المجلس النيابي لم يحصل قبله مثيل في تاريخ لبنان. وأكد موقف «كتلة التنمية والتحرير» أمس حول جلسة اليوم، وتأكيد الكتلة بعد اجتماعها أنَّ «قانون الانتخاب سيكون نجم الجلسة»، عمق القلق الذي يعتري الرئيس نبيه برّي من جراء احتمال الوصول إلى الفراغ وسقوط مؤسسات الدولة.
وكرّر برّي أمس في لقاء الأربعاء النيابي، قوله إن «الذهاب إلى الفراغ هو تطيير للبلد، لذلك فإن أي تفكير لدى البعض أو استسهال لهذا الأمر يعني المزيد من السقوط والانهيار للمؤسسات»، مشدّداً على «ضرورة الإسراع في الاتفاق على قانون جديد للانتخاب اليوم قبل الغد، بدل الاستمرار في حالة التخبط والمراوحة».
كلام رئيس المجلس النيابي، يترافق مع معلومات عن نيّة وفد من حزب الله، زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون في الساعات أو الأيام المقبلة، لمحاولة الوصول مع عون إلى تفاهم ينتج منه اتفاق على قانون الانتخاب، بعد أن بات الوصول إلى اتفاق مع الوزير جبران باسيل متعذّراً، مع تمسّك باسيل باقتراح القانون الطائفي المفصّل على قياس التحالف بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية.
واستمر أمس حزب القوات اللبنانية بتضليل الرأي العام، من خلال التنصل من مواقفه السابقة المؤيدة للنسبية، معتبراً، على لسان رئيسه سمير جعجع، أن النسبية الكاملة تضرب صحة التمثيل. وكرر جعجع مقولة أن ناخبي بنت جبيل سيحددون، بالنسبية الشاملة، من سيكون نائباً عن كسروان، علماً بأن سيناريو كهذا سيكون ساقطاً حتماً إذا اعتُمِدَت النسبية في دوائر متوسطة، كما في مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، أو في المشروع الذي اتفقت عليه القوى المسيحية، ومن بينها القوات، في بكركي قبل أكثر من سنتين. وحينذاك، كان نائب القوات جورج عدوان ينظّر لمشروع النسبية «الكاملة»، لجهة حؤوله دون تحكّم ناخبي منطقة بنتيجة الانتخابات في منطقة أخرى، لأن لبنان سيكون مقسّماً إلى 15 دائرة. وكان لافتاً في كلام جعجع أمس، إلى قناة «أم تي في»، تركه باب تحالف حزبه مفتوحاً على كل الاحتمالات في الانتخابات المقبلة. وأبرز ما يمكن التوقف عنده في هذا الإطار، تلويح جعجع بورقة ضغط يمكن استخدامها في وجه الوزير جبران باسيل، من خلال عدم إقفال رئيس القوات الباب أمام إمكان التحالف مع النائب بطرس حرب في البترون، وجعله هذا الخيار مساوياً لخيار التحالف مع باسيل.
وقالت مصادر بارزة في قوى 8 آذار لـ«الأخبار» إن «الأيام القليلة المقبلة مفصلية لجهة ضرورة الاتفاق على قانون للانتخاب يقدّم فيه الجميع تنازلات معيّنة من دون السير بقانون طائفي، لكن الهدف هو الحفاظ على البلد من التهديد الجدّي للفراغ في المؤسسات، لأن الفراغ ممنوع». وقالت المصادر: «نشعر بأنَّ هناك من لا يقدّر حجم الخطر الذي نحن فيه، والمرحلة الحرجة التي يمرّ بها لبنان».
وقال الشيخ نبيل قاووق في خلال احتفال تأبيني لحزب الله، إن «الأيام القليلة القادمة هي الفرصة الأخيرة لإخراج لبنان من أزمة خطيرة، لأن عدم الاتفاق على قانون انتخابي جديد، يعني إشعال فتيل أزمة سياسية خطيرة، ولا سيما أن هامش المناورة أمام القوى السياسية قد انتهى، ولم يعد هناك وقت لمزيد من المناورات السياسية، ولا خيارات إلا الخيار الأوحد الذي ينقذ البلد، وهو الاتفاق على قانون انتخابي جديد يضمن صحة وعدالة التمثيل، لأن الفراغ والتمديد وقانون الستين هي وصفة لأزمة جديدة». وأكد أن «حزب الله لن يختلف مع حلفائه على قانون انتخابي جديد، ولن يكون هذا القانون سبباً لأي تباعد بين حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، ولا سيما أن النقاش الانتخابي اليوم بات ينحصر في حجم ودوائر النسبية في القانون الانتخابي الجديد الذي يضمن صحة وعدالة التمثيل».
وذكرت قناة «أو. تي. في.» أن «عون تواصل مع رئيس الحكومة سعد الحريري واتفقا على عقدِ جلسةٍ لمجلس الوزراء في بعبدا، يوم الاثنين المقبل»، وأن «الجلسة تكون مخصصة لطرح موضوع القانون على بساط البحث، وصولاً إلى حصر الصِيغ المقبولة له، مع عدم استبعاد أن يُصار إلى طرح التصويت، بحيث تنتهي الجلسة بمشروعٍ واحد، يملك أكثريةً وزاريةً ونيابيةً وسياسية وميثاقية، كافية لإقراره قانوناً جديداً وبحيث يذهب الناخبون على أساسه، وبعد نحو مئة يوم على نشره، لاختيار نوابِهم الشرعيين الجُدد، بعد ثمانيةِ أعوامٍ ونيّف على آخِر استحقاق نيابي». وأكدت أن «كل الاستعدادات باتت متّخذة لتجنُّب أي فراغ، بما في ذلك كل ما يُتيحه الدستور من صلاحيات».
ويفتح الحديث عن التصويت داخل جلسة مجلس الوزراء، الباب أمام إمكانية حدوث انقسام كبير بين الوزراء، خصوصاً لجهة عدم حسم حصول أي اقتراح على أكثرية الثلثين من الوزراء.
من جهة ثانية، أكّد النائب آلان عون أنه «قمنا بواجباتنا في أكثر من اقتراح لقانون الانتخابات، مشيراً إلى أن المطلوب من الأفرقاء التحرك»، وأننا «ننتظر أن نحسم في الـ 24 ساعة المقبلة توجهاً ما يتبين على أساسه إذا كانت الأمور ستحل أو سنذهب إلى بدائل أو أزمة في البلد حسب ما نسمع»، لافتاً إلى أنه «من أجل تجنيب البلد أزمة لا حل غير الاتفاق على قانون انتخاب ولو كان بالربع الساعة الأخير».
على صعيد آخر، استمرت «المعركة» بين حركة امل وتيار المستقبل، مع استمرار الحركة بـ«الرد» على قرار المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، تعيين قائد لمنطقة الشمال في وحدة الدرك الإقليمي من خارج الآلية السياسية المتبعة في هكذا قرارات. وأصدر وزير المال علي حسن خليل قراراً أمس بإعفاء أمينة السجل العقاري في بعبدا، نايفة شبّو، من منصبها، وتعيين يوسف شكر في مكانها. وتجدر الإشارة إلى أن شبّو محسوبة على تيار المستقبل، فيما يُعد منصب أمين السجل العقاري في بعبدا من أهم مراكز السجل العقاري في لبنان. وكان خليل قد أصدر قراراً بوقف دفع النفقات السرية إلى قوى الأمن الداخلي، فضلاً عن إجرائه تبديلاً طاول موظفَين محسوبَين على المستقبل في وزارة المال. وقالت مصادر في فريق 8 آذار لـ«الأخبار» إن «الانتقام» سيستمر إلى حين التوصل إلى تسوية بين الرئيسين بري وسعد الحريري.
من جهة أخرى، التقى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وزير الداخلية السعودي محمد بن نايف على هامش مؤتمر مجلس وزراء الداخلية العرب في دورته الـ34 الذي افتتح ظهر أمس في العاصمة التونسية. واقترح المشنوق في خلال المؤتمر «تشكيل نواة أمنية معلوماتية عربية بقيادة ابن نايف لمواجهة تحديات المنطقة». واتُّفق في خلال الاجتماع على استضافة لبنان لمؤتمر وزراء الداخلية العرب التالي في العاصمة بيروت العام المقبل، وهو ما عدّه مشاركون في المؤتمر استكمالاً لـ«الانفتاح العربي» على لبنان، الذي بدأ بزيارة الرئيس ميشال عون للرياض، واستُكمل في عدم الاعتراض على بند التضامن مع لبنان في القمة العربية في الأردن الأسبوع الماضي، وزيارة الرئيس سعد الحريري للسعودية، مرافقاً الملك سلمان بن عبد العزيز على متن طائرته الخاصة.