حذرت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة نيكي هايلي أمس من أن بلادها "قد تضطر" الى الرد بلا تفويض من مجلس الأمن على استخدام الأسلحة الكيميائية مجدداً في سياق الحرب السورية، موجهة مع نظرائها الغربيين وغيرهم أصابع الإتهام الى نظام الرئيس بشار الأسد في هجوم خان شيخون. فيما ترقب العالم الموقف النهائي لروسيا والصين في ظل شبح ممارستهما حق النقض، (الفيتو) ضد مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الى المجلس.
وبلغت الجلسة العلنية الطارئة ذروتها في نهايتها حين وقفت المندوبة الأميركية التي تتولى رئاسة مجلس الأمن للشهر الجاري، رافعة صور ضحايا من الأطفال قضوا اختناقاً بسبب ما يعتقد أنه أسلحة كيميائية استهدفت خان شيخون بمحافظة إدلب. وحملت بشدة على روسيا التي رأت أنها "فقدت انسانيتها"، متسائلة: "كم مزيد من الأطفال ينبغي أن يموتوا قبل أن تهتم روسيا؟... لا يمكننا أن نغض النظر عن هذه الصور. لا يمكننا أن نغلق عقولنا عن مسؤولية التصرف". وأضافت: "نعلم أن الهجوم يحمل كل بصمات استخدام نظام الأسد الاسلحة الكيميائية...نعلم أن الأسد استخدم هذه الأسلحة ضد الشعب السوري قبل ان يؤكد ذلك فريق المحققين المستقل الذي شكله هذا المجلس". وهددت بصورة مبطنة بأن الولايات المتحدة وحلفاءها ربما ردت على استخدام السلاح الكيميائي من خارج مجلس الأمن، قائلة: "حين تخفق الأمم المتحدة باستمرار في واجبها العمل الجماعي، ثمة أوقات في حياة الدول تضطرنا الى أن نقوم بعملنا".
وكانت الجلسة استهلت بإحاطة من الممثل السامي للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح كيم وان سو الذي قال إن تفاصيل الحادث في إدلب "لا تزال غير معروفة تماماً"، مشيراً الى التقارير عن أنه "هجوم كيميائي حصل وأدى الى وفاة 70 مدنياً على الأقل وإصابة أكثر من مئتين آخرين".
وقال المندوب الفرنسى السفير فرنسوا دولاتر: "إننا نتحدث عن جرائم حرب". وحض روسيا على "ممارسة ضغوط أقوى على النظام" ولكن "بصراحة نحن أيضاً في حاجة الى أميركا ملتزمة جديا حلاً فى سوريا وتضع كل ثقلها وراءها".
ووجه المندوب البريطاني السفير ماثيو رايكروفت سؤالاً الى مندوب روسيا: "ما خطتك، ما خطتك لوقف هذه الهجمات المروعة التي لا معنى لها؟ لدينا خطة، وحصلنا على الدعم ورفضتها لحماية الأسد".
ونفت روسيا أن تكون القوات السورية مسؤولة عن الهجوم الكيميائي. واتهم نائب المندوب الروسي فلاديمير سافرونكوف القوى الغربية بممارسة حملة "ايديولوجية" تهدف الى تقويض المحادثات الديبلوماسية التي تقودها روسيا وتركيا مع ايران، والى اسقاط نظام الأسد. وقال إن الطائرات السورية استهدفت مخزناً في خان شيخون أعده المسلحون لإنتاج اسلحة كيميائية. وأكد أن بلاده "لا ترى حاجة" الى قرار جديد عن الاسلحة الكيميائية السورية، ذلك أن آلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة والتي تألفت عام 2014 للتحقيق في تقارير عن استخدام غاز الكلور، قادرة الآن على إجراء تحقيق. وليس لهذه البعثة ولاية أن تنسب المسؤولية عن استخدام هذه الأسلحة.
ورد سافرونكوف على تساؤلات زميله البريطاني، مؤكداً أن لدى روسيا أكثر من خطة، لكن الأولى هي لمكافحة الإرهاب، مطالباً نظيره البريطاني بالكف عن مشاريع القرارات الهادفة الى اطاحة النظام.
وأكد المندوب المصري لدى الأمم المتحدة تأييد بلاده لأي تحرك جاد في مجلس الأمن، داعياً "كل الأطراف الى التعاون الوثيق مع بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية للوقوف على حقيقة" هجوم خان شيخون.
ونفى نائب المندوب السوري منذر منذر الإتهامات لحكومته، وقال: "نحن نرفض رفضاً قاطعاً الادعاءات الكاذبة عن استخدام القوات المسلحة السورية أسلحة كيميائية ضد المدنيين". وأضاف: "الجيش السوري ليس لديه أي شكل من أشكال الأسلحة الكيميائية. لم نستخدمها قط ولن نستخدمها أبداً".
وعلمت "النهار" من مصدر ديبلوماسي رفيع في مجلس الأمن ان روسيا قدمت مشروع قرار مضاد للمشروع الغربي، وأن المفاوضات متواصلة لإيجاد لغة وسطية، وخصوصاً للفقرة العاملة الخامسة التي تتضمن إشارة الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ولاحظ ان الولايات المتحدة تدفع بقوة الى التصويت على مشروع القرار صباح هذا اليوم (الخميس) بتوقيت نيويورك.
وفي موقف اميركي عالي النبرة حيال سوريا، اكد الرئيس الاميركي دونالد ترامب ان الهجوم الكيميائي المفترض غير موقفه حيال الرئيس بشار الاسد، واعدا برد اميركي على ما اعتبره "اهانة للانسانية".
وقال ان "هذا الهجوم على اطفال كان له تأثير كبير علي"، واضاف ان "موقفي من سوريا والاسد تغير بوضوح ... ما حصل غير مقبول بالنسبة لي"، رافضا ان يكشف ما يعتزم القيام به.
مؤتمر بروكسيل
وفي بروكسيل (الوكالات) ندد المشاركون في مؤتمر بروكسيل حول مستقبل سوريا بالهجوم الذي يعتقد انه كيميائي في خان شيخون، وقطعوا وعدا بتقديم مساعدات انسانية بقيمة ستة مليارات دولار الى السوريين خلال 2017.
واعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الذي شارك في رئاسة المؤتمر عن "ثقته" بأن مجلس الأمن "سيتحمل مسؤولياته" بتبني قرار عن الهجوم.
وقالت الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني إن اكثر من 70 بلدا ومنظمة دولية شاركت في المؤتمر نددت بـ"استخدام الحكومة وداعش (تنظيم "الدولة الاسلامية") الاسلحة الكيميائية" وبـ"الهجمات على خان شيخون".
في غضون ذلك، التزم المشاركون في المؤتمر تقديم مساعدات انسانية خلال 2017 بقيمة ستة مليارات دولار الى السوريين من سكان ولاجئين والى المجتمعات التي تستضيفهم.