في لقاء شارك فيه مختصون من أعضاء المجالس البلدية ومسئولون في البلديات نظمه منتدى الثلاثاء الثقافي ضمن برنامج ندواته الأسبوعية للموسم الثقافي السابع عشر، تحدث أستاذ التخطيط الحضري المشارك ومدير عام البرامج المالية والاقتصادية بمعهد الإدارة العامة بالرياض الدكتور أمير بن محمد العلوان حول موضوع "المراصد الحضرية ومستقبل المدن السعودية" وذلك مساء الثلاثاء 8 رجب 1438هـ الموافق 4 أبريل 2017م.
وقبل بدء الندوة تحدث المصور الفوتوغرافي عباس الخميس عن أعماله الفنية المعروضة في المنتدى وهي حصيلة رحلات تصويرية لمناطق متفرقة في العالم شملت قبائل افريقية وآسيوية للتعرف على عاداتها، وتحدث عن مغامراته في التصوير وعن تجاربه الفنية الثرية. كما شارك بطل سباق الجري العالمي الرياضي نور الصناع الذي تمكن من تحدي الإعاقة والفوز ببطولات عالمية في الجري وتحقيق أرقام قياسية، متحدثا عن تجربته في مواجهة التحديات والمعوقات التي وقفت أمامه.
أدار الأمسية عضو اللجنة المنظمة للمنتدى الأستاذ زكي البحارنة الذي تحدث في البداية عن أهمية ودور المراصد الحضرية في التخطيط الحضري والتنموي ومساهمتها في تحسين أداء المشاريع والبرامج الإنمائية، وعرف بالمحاضر بأن سيرته وخبرته الطويلة في المجال الأكاديمي والعملي تجعل وجوده في هذه الندوة إضافة نوعية تحقق رغبة المنتدى في تعزيز الحوار البناء حول قضايا التنمية بين الجهات المسئولة والمجتمع والإدارات المختصة كالمجالس البلدية وغيرها، مثمنا حضور العديد من أعضائها للندوة.
تحدث الدكتور العلوان في البداية عن مفهوم الرصد الحضري كجهاز يقوم بإدارة البيانات والمعلومات لإنتاج المؤشرات المعنية بالحيز المكاني لإعداد السياسات الحضرية ونظم الإدارة المحلية من تنفيذ ومتابعة وتقييم وتقويم، مشيرا إلى تاريخ نشأة المراصد الحضرية في المؤتمر الأول للموئل بمدينة فانكوفر بكندا عام 1976م والذي تطور إلى إنشاء المرصد الحضري العالمي في نيروبي بكينيا عام 1996م ليقوم بمساعدة الدول على انشاء المراصد الحضرية. وعدد المحاضر بعد ذلك أهداف المرصد الحضري والتي من بينها رصد الأوضاع والأنماط الحضرية، وتقييم سياسات التنمية الحضرية، ودعم صناع القرار بنتائج تحليل المؤشرات الحضرية، وتوحيد المعايير والمواصفات على كافة المستويات، وتعزيز الشراكة بين القطاعات الثلاث.
وأشار الدكتور العلوان إلى مستويات المراصد الحضرية والتي قد تكون محلية أو وطنية أو إقليمية أو عالمية، موضحا أن من أبرز مهام المراصد الحضرية هو إصدار مؤشرات حضرية تعبر عن ظاهرة أو مشكلة معينة وتوفر معلومات كمية أو نوعية تساعد في تحديد أولويات التنمية الحضرية. وبين أن أغراض المؤشر الحضري تشمل تقنين ومتابعة معدل الإنجاز في تنفيذ برامج التنمية، وتوفير المعلومات الشاملة عن حقيقة الوضع الراهن، ويعتبر كمرشد في تحديد الأهداف والأولويات، وتسهم في عمل المقارنات عن التجمعات العمرانية.
وانتقل المحاضر أمير العلوان للحيث عن المراصد الحضرية في المملكة التي تعد من أوائل الدول العربية التي بدأت في إنشاء المراصد الحضرية منذ عام 2002م حيث أنشأ المرصد الحضري بالمدينة المنورة ويجري العمل على إنشاء مراصد حضرية في جميع مناطق المملكة الثلاثة عشر، إضافة إلى مرصد حضري وطني ومقره الرياض. واستعرض حزم المؤشرات المقترحة للمراصد الحضرية في المملكة ومن بينها التنمية الاقتصادية والاجتماعية والنقل وإدارة البيئة والمحليات والإسكان والحج والعمرة مفصلا في الشرح نماذج عن كل مؤشر منها ضمن الحزمة المقترحة.
وخول التجارب العربية في المراصد الحضرية، بين الدكتور العلوان أن أغلب المراصد في الدول العربية مرتبطة بجهات مركزية وهي ضعيفة بسبب قلة التمويل والدعم المؤسسي والسياسي الذي أسهم في تلاشي بعضها إضافة إلى أنها غير مكتملة لأغلب المدن. وأضاف أن من بين المشاكل التي تواجهها عدم وجود جهة تنسيق بين الجهات التي تجمع المعلومات وعدم جمع البيانات بطريقة موقوتة زمانيا ومكانيا، واتباع الأسلوب التقليدي لجمع البيانات. أما حول التجارب الدولية، فأوضح المحاضر أنها ترتبط بجهات مختلفة ومن بينها الجامعات، وأن عدد المؤشرات محدود وتركز على قضايا محددة، وأن آلية جمع البيانات الكترونيا، وأن 90% منها محلية و10% وطنية، وتتوفر لديها الدعم السياسي والإداري والمالي والفني، وأن جهاز المرصد الحضري يعمل باستقلالية.
بدأت مداخلات الحضور بسؤال من الأستاذ عبد الهادي الشمري عضو المجلس البلدي بحاضرة الدمام حول أساليب تحديث معلومات المراصد الحضرية والفترات الزمنية التي ينبغي ان يتم خلالها التحديث كي تكون متزامنة مع التغيرات الحضرية ومفيدة لواضعي السياسات من المسئولين. كما طرح المهندس إبراهيم الابراهيم عضو مجلس بلدي محافظة القطيف ضرورة تأهيل وتنمية قدرات العاملين في المراصد الحضرية بحيث يكونوا قادرين على إحداث التفاعل المطلوب، وأكد على أهمية إشراك القطاع الخاص في مشاريع المراصد الحضرية وبرامجها. ونوهت الأستاذة هدى القصاب بتجربة المرصد الحضري في المنطقة الشرقية في القيام بالتعاون مع مؤسسات اجتماعية باستبيانات لجمع معلومات قد تفيد في مشاريع التنمية وبرامجها، متسائلة عن الخطوات العملية الفعلية التي من المفترض أن تنتج بعد الحصول على المعلومات من الاستبيانات.
وتساءل عضو اللجنة المنظمة بالمنتدى الأستاذ عيسى العيد عن الدور الذي تقوم به المراصد الحضرية في المدن المقدسة في دراسة أعداد وأوضاع المتخلفين من الحج والعمرة والتي تشكل أحد معوقات التنمية الحضرية هناك. وتحدث الأستاذ حسين المقرن عن أهمية توفير المعلومات المناسبة عند دراسة أي مشروع أو برنامج تنموي ومن العبث أن يتم اعتماد مشاريع دون توفير معلومات دقيقة حولها. وأشار المهندس شاكر العليو عضو المجلس البدي بأمانة الأحساء إلى التداخل الحاصل بين جهات الرصد والإحصاءات في المملكة كهيئة الإحصاءات العامة ووزارة التخطيط والمراصد الحضرية مما يؤدي إلى التضارب في المؤشرات، مؤكدا على ضرورة إشراك الجامعات في العملية التنموية ورصد المعلومات الحضرية.
وأشار الأستاذ ميرزا الصالح إلى أهمية شمولية عمل المراصد الحضرية بحيث لا تقتصر على الحواضر فقط وانما تعنى أيضا بمناطق البادية، وما يحدث فيها من تطور وتحولات. وأشار الدكتور حسين الخباز إلى ضرورة نشر البيانات والمؤشرات التي تتوفر لدى المراصد الحضرية حتى تكون متاحة للجميع، حيث يمكن أيضا أن تستثمر هذه المعلومات بصورة تعود بالربح على المراصد ذاتها لتساهم في التمويل الذاتي لمشاريعها. أما المهندس عباس الزاير عضو المجلس البلدي بالقطيف فتحدث عن فكرة الزام انشاء مراصد حضرية في مختلف المدن بالمملكة حتى تكون رافدا حقيقيا لصانعي السياسات التنموية، وهو ما أكد عليه أيضا الأستاذ عبد الرسول الغريافي في مطالبته بتوسيع رقعة انتشار المراصد الحضرية في المملكة.
وطرح رئيس مجلس بلدي النعيرية الأستاذ مبارك السهلي تساؤلا عن دور المراصد الحضرية في تقييم ومتابعة المشاريع التنموية في المحافظات وما ينتج عنه من تحسين في الأداء والتطوير، كما طرح رئيس المجلس البلدي بمحافظة القطيف المهندس شفيق السيف عن نظام هيكلة المراصد الحضرية وموقعها في المنظومة الإدارية حيث أنها تقوم بشكل عام على مدى تجاوب وتفاعل المسئول وليس ضمن منظومة إدارية ثابتة ومهيكلة. وناقش المهندس زكي البريكي عن إشكالية المشاريع التي يتم تنفيذها في مناطق لا توجد فيها مراصد حضرية أو دراسات وأبحاث وافية، فهي لا ترقى لأن تكون ملبية لتنمية حضرية حقيقية. وفي المداخلة الأخيرة شكر راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب المحاضر وأعضاء المجالس البلدية والحضور على مشاركتهم وتفاعلهم مؤكدا على ضرورة تجاوز وتذليل عقبات إنشاء المراصد الحضرية وتوسيع دورها ومناطق عملها.
منتدى الثلاثاء الثقافي