بلغت من الوعي ما أهلها كيّ تكون عنواناً وطنياً متصلاً بمصالح الفلسطينيين بعد أن عطلت من دورها كجهة مأجورة لذهنية إيديولوجية مجنونة ولممول خارجي يراهن عليها لتحقيق مكاسب سياسية تُثمن من خطوة التعاطي الإيجابي مع الولايات المتحدة الأمريكية للحيازة على دور إقليمي متقدم كما كان دورها التاريخي كضابط إيقاع في منطقة مضطربة.
بدون سابق إنذار عكس التيّار المعتدل في حركة المقاومة الإسلامية – حماس – رؤية مضمرة في تأسيسات الحركة على بُعد وطني واقعي يرى في الجهاد الفلسطيني محطة لإنتاج مشروع الدولة المستقلة لا كما هو الواقع البارز في الحركة كأداة محطمة لقواعد السلطة الفلسطينية على خلفية فتح النار على فتح وعلى إسرائيل كمزاولة مهنة نضالية إحترفتها حركات المقاومة العبثية منذ ولادة الإحتلال في عالمنا العربي.
إقرأ أيضًا: قمة حكام أم قُمّة شعوب ..؟
لقد خرجت حركة حماس من محور مصطنع أراده الممول مشروعاً لتغذية منطق الصراع المُستثمر وفق جدولة مصالح وفرت لها فرص السيطرة والإمساك بأوراق قوّة تلعب بها في مهب الرياح الإقليمية وأعلنت الحركة عن دور مخالف لقواعد اللعبة التي أتقنتها منذ البدء بحملة تسليح الإنتفاضة الفلسطينية وإنتهاج منهج ثوري عنفي وضع الفلسطينيين في فوّهة الآلة الإسرائيلية وتحت المطرقة الدولية التي رأت في السلاح الفلسطيني خدمة مجانية لتحرير مواقفها المنددة بممارسات الإحتلال بحق الإنتفاضة الشعبية والنظر الى ردود الفعل الفلسطيني كوسائل عنفية تقارب الإرهاب ولا تتماهى مع مشروعية النضال ضدّ المحتل.
هذا الفهم القائم لدى فلسطينيين وعرب رحب بفهم حماس الجديد والذي يشبه المفاهيم التي تعتمدها منظمة التحرير الفلسطينية الأمر الذي يجعل من الحركة إبنة للمنظمة الممثلة الوحيدة للشعب الفلسطيني ويضيق من مساحات الإختلاف بين الإتجاهات الفلسطينية وبين حماس ويعيد فتح ملفات الوحدة الفلسطينية بجدية ومسؤولية أكبر وهذا ما يساعد على خلق ظروف أفضل للمصالحة المنتظرة والمرتقبة بين فصيلي السلطة الوطنية حركتيّ فتح وحماس وعلى دفع عجلة الحوار الفلسطيني – الإسرائيلي الى الأمام لحشر المحتل المختبىء في الخلاف الفلسطني لتسويف فرص التسوية وتعطيل مفاعل الحلول المتفق عليها وبإقرار دولي.
طبعاً هناك نظرة أخرى لجديد حماس من قبل من شارك الحركة مرّ الجهاد وسفك معها دماء التأكيد على مشروعية النضال ضدّ المحتل إلى ما لا نهاية على قاعدة الرفض المطلق لوجود إسرائيل وضرورة إزالتها كي يكون الجهاد الفلسطيني جهاداً إسلامياً يحظى برضا الله ورسوله لا وطنياً يحظى برضا قطر وتركيا والمملكة العربية وباقي الدول التي تعبد إله إسرائيل وهي تعتبر أن ما برأس حماس من تغيير خدمة عالية للشيطان.
إن وقوف حماس على تل الخلافات القائمة في المنطقة وإنسحابها التنظيمي من دور الإخوان المجنون في مصر وإعترافها بالحدود مع العدو وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع الجميع دون إستثناء لشر مستطيرغايته الذهاب بالحركة كجهة جهادية والإتيان بحزب سياسي ناشط يقاسم ويحاصص ويلعب دوراً في السياسة العربية الرسمية وبهذا تنهي حماس لا دورها فحسب بل أدوار أي جهة مقاومة للإحتلال بالعقلية القديمة والتي تخدم العدو أكثر مما تخدم القضية الفلسطينية.
إقرأ أيضًا: حزب الله وكذبة الضاحية
لهذا ثمّة بذل كبير لثني حماس عن دورها الجديد عن طريق دفع التناقضات داخل جسم الحركة إلى صراع يؤدي الى تمزيقها والإنشقاق عنها بواسطة داخلية يقوم بها المتطرفون في حماس والذين يبحثون عن سبب لإعلان ولادة لقيادة مقاومة ترفع الشعارات التي أذت القضية ونالت رضا العدو.
طبعاً ثمّة مخاض في الداخل الفلسطيني وفي الخارج لجعل نهج حركة حماس في المستقبل السياسي الفلسطيني أو في الماضي المعيق للشعب وحرمانه من الوصول الى حقوقه والاتصال بأرضه تلبية لرغبات غير وطنية بالتاكيد، بين هذا وذاك تبقى حركة حماس رهن المسؤولية التاريخية فإمّا أن تبقى بندقية موجهة على حركة فتح أكثر مما هي بندقية مزروعة في صدر العدو وإمّا أن تقود مرحلة كاملة من النضال الوطني الفلسطيني تحت سقف المنظمة والسلطة لتحسين شروط الدولة المستقلة.