الوقت بدأ يضيق جداً، وسيكون السؤال الكبير في جلسة مناقشة الحكومة غداً ليس حول مصير قانون الانتخابات، بل حول مصير المجلس النيابي وبالتالي البلد كله، وتؤكد مصادر مطلعة، ان الايام المقبلة ستكون حبلى بتطورات ومواقف متسارعة في ضوء التحذير الذي اطلقه حزب الله بعد الرئيس بري «الممنوعات الثلاث» لا فراغ، لا تمديد، لا ستين، لكن الابرز تبقى «قضية الفراغ» وما اعلنه حزب الله حول رفضه للفراغ وشكل ذلك رسالة ثانية لمن يعنيه الامر بان الفراغ ممنوع ويبقى السؤال، كيف يمكن معالجة هذه المشكلة، حتى الآن، لم ينقشع المشهد، لكن الامور تنذر بمزيد من التجاذبات والسجالات، وستبدأ غداً مع جلسة مناقشة الحكومة وما يمكن ان يثار خلالها من قضايا سياسية كبرى وخلافات خصوصاً ان جلسات المناقشة منقولة تلفزيونياً.
الرئيس نبيه بري اكد امام زواره، «نحن وحزب الله موقفنا معروف وواضح، نحن مع النسبية الكاملة، لكننا كنا وما زلنا منفتحين على مناقشة كل الاقتراحات في سبيل الوصول الى قانون جديد للانتخابات»، واضاف: ما يجري في ملف القانون «بلغصة».
واوضح بري ردا على سؤال انه يعارض طرح قانون الانتخاب على التصويت في مجلس الوزراء، كما في مجلس النواب، معتبرا انه من الضروري ان تناقش الحكومة المشاريع المقترحة، للوصول الى توافق حول احدها، وليس لتغليب خيار على آخر بالتصويت الذي لا يتناسب مع الحساسية الفائقة لقانون الانتخاب، مشددا على ان الاولوية هي دائما للتوافق في مجلس الوزراء.
وعندما يُسأل عن موقفه من مشروع الوزير جبران باسيل، يجيب بري: أنا كرئيس لمجلس النواب، أفضّل ان أعطي رأيي في النهاية.
«الديار» استطلعت اراء القوى السياسية حول القانون، وكشفت ان الامور مقفلة كلياً حتى الآن، والمتاريس الانتخابية قد تتحول طائفية في ظل توافق مسيحي عوني - قواتي على المختلط مقابل ثنائي شيعي متمسك بالنسبية الكاملة فيما الحريري «بين - بين» رغم ميله للستين بالتوافق مع جنبلاط.
لا شيء جديداً بالنسبة للقانون، لكن التجاذبات والضغوطات ستتصاعد. ويبقى الرهان من كل القوى على موقف الرئيس ميشال عون لتدوير الزوايا والخروج من هذه المعمعة.
وعلم ان الاجواء مقفلة حول قانون الانتخاب الا ان المفاوضات بين كل القوى السياسية مستمرة لان هناك اتفاقاً سياسياً على عدم احداث فراغ على صعيد السلطة التشريعية.
على الارجح، سيكون بديل الفراغ هو التمديد التقني لمجلس النواب حتى التوصل الى اتفاق حول قانون انتخابي يرضي القوى السياسية. ويشار الى ان كتل «امل» و«حزب الله» و«تيار المستقبل» مالوا الى اعتماد خيار النسبية في اي قانون جديد، وهؤلاء الثلاث يشكلون جزءاً كبيراً من القوى الرئيسية في البلاد فهل نصل اذا الى قانون نسبي ام تميل الدفة الى «اقتراح بري»؟
في غضون ذلك، تقول مصادر سياسية ان الثنائي المسيحي يرفض النسبية ولا يقبل بطرح الرئيس نبيه بري، وذلك يشكل عاملاً سلبياً في الاتفاق على قانون انتخابي في وقت قريب. والحال ان هذه المصادر كشفت ان الوزير جبران باسيل وضع ملاحظات على طروحات مشروع حزب الله - امل ابرزها انتقاده لاعتماد النسبية الكاملة في وقت ابدت ايضاً حركة امل وحزب الله من جانبهما ملاحظات على طروحات باسيل.
وشددت هذه المصادر على ان حزب الله يريد النسبية على صعيد وطني لكنه في الوقت ذاته منفتح على تقسيم الدوائر بشكل يراعي متطلبات الاحزاب الاخرى.
ولفتت المصادر السياسية الى ان النسبية لا تعطي حزب الله بقدر ما تأخذ منه، اي بكلام آخر، ان النسبية ستسمح بظهور شخصيات ذات رؤية سياسية داخل الطائفية الشيعية ليس بالضرورة موالية لحزب الله او امل.
وهنا، اوضحت هذه المصادر ان من يرفض النسبية متذرعاً بأن حزب الله سيستغل ذلك لوضع قبضته على البلاد برمتها انما هو يتلطى خلف ذلك، لان النسبية في الحقيقة تضر بمصالحه. وعلى سبيل المثال، كانت هذه القوى تتذرع بحجة انه لا يمكن اجراء انتخابات في ظل وجود سلاح حزب الله، رغم ان هذه الحجة لا صلة لها بالمنطق والحقيقة.
واعادت المصادر السياسية الى الاذهان ان الرئيس ميشال عون وقبل انتخابه كان دوماً يطالب بالنسبية كونها تؤدي الى تمثيل صحيح للمسيحيين وكذلك كانت معظم القوى السياسية تصرح ايضاً بميلها الى النسبية ولكن ما ان بدأت المفاوضات حول قانون انتخابي جديد يتضمن النسبية، تبدلت مواقف الكثير من هذه القوى في هذا المجال.
التيار الوطني الحر
اما التيار الوطني الحر فحسب مصادره فانه ينتظر رد حزب الله على اقتراح الوزير جبران باسيل الاخير، والرد سيأتي غداً. واشارت المصادر الى ان التيار الوطني يريد اجماعاً حول القانون، ويعلم موقف القوات اللبنانية المعارض للنسبية الكاملة وكذلك الاشتراكي المعارض بالمطلق.
اللقاء الديموقراطي
اجواء اللقاء الديموقراطي كشفت ان لا جديد على صعيد قانون الانتخابات، ولم تقدم اي عروض باستثناء عرض الوزير باسيل الاخير المرفوض من الحزب التقدمي الاشتراكي، كما كشفت بأن الاتصالات مجمدة، واللقاء الديموقراطي بانتظار اي شيء جديد، وعلى ضوء ما سيطرح سنعلن موقفنا مع تمسكنا بالستين.
لكن اجواء اللقاء الديموقراطي تعكس الاستياء من طريقة ادارة جلسات مجلس الوزراء، وحظوة بعض الوزراء، وكأنه الوزير الملك. ومصدر القرار، والايحاء بامتلاكه لكلمة السر، وابدت استغرابها لطريقة اخراج خطة الكهرباء، وعدم مناقشتها بالتفاصيل الى امور اخرى، حتى في ملف النقاش في سلسلة الرتب والرواتب لم تؤخذ بملاحظات الوزير مروان حماده لجهة انصاف افراد الهيئة التعليمية، الذين اخذوا وعوداً خارج مجلس الوزراء بتصحيح اوضاعهم، وهذا ما دفع الوزير مروان حمادة الى التفكير جدياً بالاستقالة كونه ممتعضاً جداً من اجواء جلسات الحكومة، لكن جنبلاط ابلغ حماده قراره بضرورة «الصمود والتصدي» مهما كانت العقبات والوقوف ضد اي خلل، وعدم التراجع والتنسيق مع وزيري الرئيس بري ووزراء اخرين.
وقال النائب علاء الدين ترو، لا ادري لماذا وزير الخارجية يهتم بقانون الانتخابات في حين يلتزم وزير الداخلية الصمت والمسؤولية في قانون الانتخابات تبدأ من الوزير نهاد المشنوق، في حين يكون دور الوزير جبران باسيل كغيره من ضمن العمل الحكومي ككل، ووصف قانون الستين بالوطني وغير المذهبي.
واللافت ان نواب اللقاء الديموقراطي والنائب ترو يغمزون من قناة الوزير جبران باسيل ورفضهم لطريقة ادارته للامور، وهل يعقل ان يجمد البحث بقانون الانتخاب بانتظار عودة الوزير جبران باسيل من رحلته الخارجية.
القوات اللبنانية
مصدر في القوات اللبنانية أكد انه في ظل اصرار حزب الله على النسبية الكاملة، فالامور ستبقى بدون حل، والازمة قائمة، لكن التطور الجديد يتمثل بموقف الرئيس نبيه بري الذي اعاد احياء «المختلط» بعد ان جمده وهذا مؤشر ايجابي بأن الثنائية الشيعية مستعدة للبحث عن تسوية انتخابية، كون الرئيس بري لا يمكن ان يتحدث بالمختلط دون التنسيق مع حزب الله المتمسك بالنسبية الكاملة.
واضاف: موقف القوات اللبنانية بات واضحا وحاسما لجهة رفض النسبية الكاملة، في الدائرة الواحدة او الدوائر الـ5، او 15 دائرة، والنسبية الكاملة تتناقض مع الميثاق اللبناني والفكر اللبناني والعيش المشترك. واكد ان القوات اللبنانية متمسكة بالمختلط الذي يتزاوج بين الاكثري والنسبي.
وجدد التأكيد على اتفاق القوات اللبنانية مع التيار الوطني الحر على قانون الوزير جبران باسيل الاخير الذي يعكس التمثيل الصحيح ويكون مقدمة للانطلاق الى نظام المجلسين.
وجزم بان القوات اللبنانية ترفض التمديد للمجلس دون الاتفاق المسبق على قانون الانتخاب والخوف من ان يتحول التمديد الاول الى ثان وثالث من اجل ان تسلم بقرار حزب الله بالنسبية الكاملة واستطرد بالقول «ان طرح المختلط من قبل الرئيس بري قد يشكل مساحة مشتركة لكننا نرفض «مختلط» الرئيس السير بالصوت التفضيلي لانه صوت عددي ووجه اخر للنسبية الكاملة.
وكشف عن وجود ازمة حقيقية مع بدء العد العكسي لانهاء ولاية المجلس ولا بد من العمل جميعاً لانجاز القانون الافضل، والعمل على منع حزب الله فرض قانونه من اجل الامساك بكل مفاصل الدولة.
وجدد القول «ان النسبية الكاملة تنهي المسيحيين. واذا وافقنا عليه، كأننا نطلق النار على انفسنا»، وهي تعيدنا الى مرحلة اسوأ من مرحلة ما بعد 1992. ولذلك الامور معقدة وتراهن على موقف رئيس الجمهورية ميشال عون. ونحن في تحالف مع التيار الوطني الحر، وموقف الوزير جبران باسيل ممتاز جداً، ولن يتراجع عن حقوق المسيحيين واللبنانيين، معلنا تأييد القوات اللبنانية لخيار التصويت على القانون في الحكومة والمجلس النيابي وهذا ما يرفضه الرئيس نبيه بري.
وحذر من الاوضاع الصعبة ولننتظر الايام القادمة، دون وجود اي مخرج للازمة حتى الان.
نائب في كتلة المستقبل
نائب في تيار المستقبل اكد انه لا علم لديه بما يجري على صعيد قانون الانتخابات، «علمي علمك» الرئيس الحريري يتابع الموضوع مباشرة او عبر فريقه «المصغر». وهم على اطلاع بالتفاصيل.
واستغرب كلام احد نواب التيار الوطني الحر بان القانون «سيمشي»، والانتخابات بعد شهر ونصف واصفا هذا الكلام بالشعبوي واكد ان التمديد حتمي واي مجنون يصدق ان الانتخابات في شهر حزيران، حتى المرشحون والناخبون يحتاجون الى فترة 6 اشهر لكي يفهموا القانون الجديد، فكيف بالموظفين، واشار الى ان التمديد يمكن ان يكون لستة اشهر واكثر، علما ان لا اتفاق على القانون حتى الان، وكل من يصرح بأنه ضد التمديد غير صادق وهدفه الشعبوية.
وجدد القول لا اعرف متى سيصدر القانون ومتى سيتفقون، وقال المختلط هو مشروع تيار المستقبل وطرحناه مع الاشتراكي والقوات. منذ البداية بعكس الذين يعلنون مشروع قانون كل 4 او 5 ايام.
مؤتمر بروكسل وقصة النازحين
على صعيد آخر، ووسط انطلاق مؤتمر دولي لدعم اللاجئين السوريين في بروكسل، تتجه الانظار الى فعالية هذا المؤتمر من ناحية تنفيذ حكومات غربية وعدها بتقديم المساعدات المالية للازمة الانسانية التي يعيشها اللاجئون السوريون وكذلك للاعباء التي تتحملها البلاد التي استضافت هؤلاء اللاجئين. ولبنا، المعني بأزمة اللاجئين السوريين بعدما وصل عددهم الى قرابة مليوني لاجئ ما يعادل نصف عدد السكان اللبنانيين، ويشارك لبنان في هذا المؤتمر بوفد موحد برئاسة الرئيس سعد الحريري، وعليه، يعول الوفد الحكومي على هذا المؤتمر بأن يحصل من المجتمع الدولي على الدعم اللازم لمساندة لبنان في تعامله مع ازمة النازحين مع التأكيد على ضرورة تأمين عودتهم الى بلادهم بشكل آمن وذلك عبر هبات او قروض ميسرة مع فوائد منخفضة.
مصادر بعبدا
مصادر بعبدا تؤكد ان الوفد الحكومي اللبناني الذي ذهب الى بروكسل كان مزوداً بخطة واضحة اعدتها لجنة وزارية وكان من المشرفين عليها الوزير الياس بو صعب وهذه الخطة تدعو المجتمع الدولي الى تقديم مساعدة مالية عاجلة الى لبنان لإعادة تأهيل البنى التحتية التي تأثرت سلبياً بموجة النزوج السوري، وتطلب الخطة تأمين عودة النازحين السوريين الى مناطق آمنة في سوريا تحت رعاية دولية او قيام المجتمع الدولي بانشاء مشاريع او استثمارات لاستيعاب هؤلاء النازحين في هذه المشاريع، لأن البطالة زادت بنسبة كبيرة بين اللبنانيين، وكانت المؤسسات اللبنانية مهيأة لاستقبال 4 مليون لبناني أما الآن فبات العدد 6 مليون من ضمنهم مليوني سوري، علماً ان النازحين السوريين في لبنان بمعظمهم ليسوا في المخيمات بل يسكنون ويعيشون في بلدات لبنانية والبعض منهم يستغل مساعدة الامم المتحدة ويذهب الى سوريا لانجاز اعماله والعودة الى لبنان كلاجئ مستفيدا من مساعدة الامم المتحدة.
وأشارت المصادر، ان لبنان يعمل على حفظ مواطنيه أولاً، وتأمين كل الخدمات لهم وهذا لا يعني انه غير حريص على النازحين السوريين وأمنهم، لكنه لا بد من معالجة هذا الموضوع وبرعاية دولية لأن موارد لبنان عاجزة عن تلبية احتياجات النازحين لان الاعباء باتت كبيرة وتحديداً على المستشفيات والمستوصفات والمدارس.
موقف بعض القوى السياسية
بعض القوى السياسية اللبنانية اعتبرت انه كان من الاجدى مناقشة ودراسة ملف النازحين في مجلس الوزراء قبل التوجه الى مؤتمر بروكسل لان هذا الملف وطني وليس سياسياً ولا يجب ان يستغله طرف سياسي مجدداً لان اعباء اللاجئين السوريين موزعة في كل انحاء البلاد.
ولفتت انه كان يتوجب على الحكومة اللبنانية التنسيق مع نظيرتها السورية حيال وضع اللاجئين في لبنان، فالمضحك المبكي بحسب هذه القوى، ان العالم يتفاوض مع الحكومة السورية لايجاد حلول حيال الأزمة، حتى أن المعارضة السورية تتفاوض مع الحكومة السورية سواء في استانا او جنيف في حين تمتنع الحكومة اللبنانية عن فعل ذلك. ويعود ذلك الى عناد البعض من الطبقة السياسية الحالية الذين لا يريدون التكلم مع الحكومة السورية، وهذا الأمر سيؤدي الى عدم التوصل الى نتيجة فعالة وملموسة حول ملف اللاجئين السوريين على أرض لبنان. وترى هذه القوى السياسية أنه حتى الماضي القريب، كان فريق 14 آذار يستخدم قضية اللاجئين كوسيلة ضغط على الحكومة السورية واظهارها بأنها تهجر وتشرد شعبها أما الآن فقد انقلب السحر على الساحر وتحولت قضية اللاجئين السوريين الى عبء ثقيل على الطبقة السياسية اللبنانية.