تسبب قصف جوي بغازات سامة لمدينة خان شيخون في محافظة ادلب بشمال غرب سوريا بمقتل 58 مدنياَ على الاقل اختناقاً بينهم 11 طفلاً، في هجوم أثار تنديداً واسعاً من عواصم العالم التي وجه عدد منها، بينها واشنطن، اصابع الاتهام الى النظام السوري.
لكن الجيش السوري نفى "نفياً قاطعاً" استخدام أسلحة كيمائية في المدينة. وسيعقد مجلس الامن جلسة طارئة اليوم للبحث في الهجوم بناء على طلب فرنسا وبريطانيا.
وفي أحد مستشفيات خان شيخون، ارتمى المصابون وبينهم أطفال على الاسرة وهم يتنفسون بواسطة أجهزة أوكسيجين.
وقال أحد أفراد الطاقم الطبي إن أعراض المصابين شملا "حدقات دبوسية واختلاجات وخروج اللعاب من الفم وارتفاعاً في النبض".
وأفاد مراسل "وكالة الصحافة الفرنسية" أنه خلال وجوده في المكان، تجدد القصف الجوي ليطاول المستشفى ذاته، الأمر الذي ألحق به دماراً كبيراً.
وأحصى "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له مقتل "58 مدنياً على الاقل بينهم 11 طفلاً صباح الثلثاء جراء اصابتهم بحالات اختناق، اثر تنفيذ طائرات حربية قصفاً بغازات سامة لخان شيخون".
وأضاف ان القصف تسبب باصابة نحو 170 شخصاً آخرين بالاختناق.
ولم يتمكن المرصد من تحديد نوع الغاز المستخدم وما اذا كانت الطائرات التي أطلقته سورية أم روسية.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية ان طائراتها "لم تشن أي غارة في منطقة بلدة خان شيخون".
كما نفى الجيش السوري في بيان "نفياً قاطعاً استخدام أي مواد كيميائية أو سامة في بلدة خان شيخون"، قائلاً إن القوات المسلحة "لم ولن تستخدمها في أي مكان أو زمان لا سابقاً ولا مستقبلاً". وأضاف ان "المجموعات الارهابية ومن يقف خلفها تتحمل مسؤولية استخدام المواد الكيميائية والسامة".
ويسيطر ائتلاف فصائل اسلامية أبرزها "جبهة فتح الشام" ("النصرة" سابقاً) على محافظة ادلب التي غالباً ما تتعرض لقصف سوري وروسي.
وأعلنت لجنة التحقيق التابعة للامم المتحدة حول حقوق الانسان في سوريا انها "تحقق حالياً في الظروف المحيطة بهذا الهجوم بما فيها المزاعم عن استخدام اسلحة كيميائية".
وقال مصدر في الحكومة الأميركية إن الحكومة تعتقد أن غاز السارين قد استخدم في الهجوم وإن من "شبه المؤكد" أن الهجوم شنته قوات موالية للرئيس بشار الأسد.
ووافقت الحكومة السورية عام 2013 على تفكيك ترسانتها الكيميائية، بعد اتفاق روسي- اميركي أعقب تعرض منطقة الغوطة الشرقية، أبرز معاقل المعارضة قرب دمشق، لهجوم بغاز السارين في 21 آب 2013 وتسبب بمقتل المئات. وتم التوصل الى الاتفاق بعد تهديد واشنطن بشن غارات على دمشق.
ويعد هجوم خان شيخون، استناداً الى المرصد، ثاني اكبر اعتداء بسلاح "كيميائي" منذ الغوطة.
المعارضة
ورأى كبير المفاوضين في وفد الهيئة العليا للمفاوضات الى جنيف محمد صبرا ان "الجريمة تضع كل العملية السياسية في جنيف في مهب الريح، وتجعلنا نعيد النظر بجدوى المفاوضات" بعد أيام من انتهاء جولتها الخامسة في رعاية الامم المتحدة.
وفي تغريدة بموقع "تويتر"، قال المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب ان "مجزرة خان شيخون دليل آخر على أنه لا يمكن التفاوض مع نظام أدمن الإجرام، ولا قيمة لهدنة يشارك فيها الضامن بالجريمة".
ردود عالمية
وأثار الهجوم ردود فعل منددة من عواصم العالم التي وجه عدد منها أصابع الاتهام الى قوات النظام.
ووصف البيت الابيض الهجوم "الكيميائي" بأنه "مشين". وصرح الناطق باسمه شون سبايسر بان "هذا العمل المروع لنظام بشار الاسد هو نتيجة ضعف الادارة السابقة وانعدام التصميم لديها"، وان واشنطن "تقف الى جانب حلفائها في انحاء العالم للتنديد بهذا الهجوم الذي لا يمكن القبول به".
وبدا ان واشنطن اتخذت موقفاً أكثر حزماً من الاسد الثلثاء بعد أيام من تصريحات أميركية جاء فيه ان رحيله لم يعد أولوية لواشنطن التي ستركز على مكافحة تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش).
وأمس، أكد سبايسر ان "من مصلحة" السوريين عدم بقاء الاسد.
وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند: "كما حصل في الغوطة... يهاجم بشار الاسد مدنيين مستخدماً وسائل يحظرها المجتمع الدولي".
وعلى حسابه على "تويتر"، كتب وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون ان القصف "يحمل كل سمات هجوم نفذه النظام الذي استخدم مراراً الاسلحة الكيميائية".
وصرح المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستافان دو ميستورا ان المنظمة الدولية تسعى الى "تحديد واضح للمسؤوليات" و"محاسبة" مرتكبي الهجوم. وقال: "بناء على ما فهمناه، انه هجوم كيميائي شنّ من الجو".