انتقلت أجهزة أمنية ومسؤولون غربيون من مجرّد الشكّ في وجود أنشطة إيرانية هادفة إلى ضرب الأمن وزعزعة الاستقرار في مملكة البحرين، إلى اليقين بشأن وجود تلك الأنشطة بعد الوقوف على تفاصيل بشأن ضلوع إيران في إنشاء وتسليح وتدريب جماعات بحرينية مسلّحة على غرار تلك التي تستخدمها طهران في كلّ من لبنان وسوريا والعراق واليمن.
وقال تقرير لصحيفة واشنطن بوست إن الولايات المتحدة ترى يدا لإيران في تسليح الارهابيين بالبحرين، وإنّ وكالات المخابرات الغربية ومحللين متعددين من الولايات المتحدة وأوروبا يلمسون جرأة متزايدة من قبل إيران في دعم الإرهابيين المسلحين في المملكة.
وعلى مدار السنوات الماضية واجهت البحرين موجة من العنف بالشوارع تحت عنوان الاحتجاج، سرعان ما تدرّجت إلى استهداف ممنهج لرجال الأمن بوسائل بدا أنّها تتطوّر بسرعة قبل أن يتبّين وقوف جماعات منظّمة وراءها تستمدّ خبراتها وتمويلها ووسائلها المادية، من سلاح وأدوات لتصنيع القنابل والمتفجّرات، من إيران.
ونجحت المملكة بالتعاون مع بلدان الخليج، إلى حدّ كبير في إجهاض عدّة مخطّطات لزعزعة أمنها، وفكّكت عدّة خلايا إرهابية وقبضت على العشرات من المتورّطين فيها، ووضعت أجهزتُها الأمنية اليد على أطنان من الأسلحة والمتفجّرات.
وبالتوازي مع ذلك سلكت المنامة طريق الصرامة في تطبيق القانون لحماية استقرارها.
وفي أحدث إجراء هادف إلى إحكام المنظومة القانونية وزيادة فعاليتها في مواجهة التهديدات، صادق الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الإثنين، على تعديل دستوري يسمح بمحاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري في خطوة تهدف بحسب مسؤولين في وزارة الداخلية والقوات المسلحة إلى “حماية الأجهزة الأمنية، بما في ذلك منشآتها وأفرادها وضباطها من جميع الأعمال الإرهابية”.
وتتعرّض بعض الإجراءات التي تتخذها المنامة إلى انتقادات من قبل دوائر غربية بدا أنّها تتجه إلى تغيير مواقفها بشكل جذري بعد أن وقفت على حجم المخاطر التي يتعرّض لها هذا البلد الحليف لقوى غربية على رأسها الولايات المتحدة، وبعد أن أيقنت من ضلوع إيران في مؤامرة على البحرين.
ويشير تقرير الصحيفة الأميركية إلى وجود وثائق بين أيدي مسؤولي استخبارات غربيين تصف بشكل تفصيلي برنامجا تدريبيا متقدما نظمه الحرس الثوري الإيراني لبحرينيين في فنيات التفجير المتقدمة وحرب العصابات، وتشير إلى مجموعة واسعة من الأسلحة المتطورة تم اكتشافها خلال السنوات الثلاث الماضية بمخابئ سرية بالبحرين بما في ذلك مئات الكيلوغرامات من المتفجرات التي كان من المؤكد أن مصدرها إيران، حسب أقوال مسؤولي الاستخبارات في الولايات المتحدة وأوروبا.
ولفت التقرير إلى تحليل يؤكد أن قوة النيران المنشود تحقيقها باستخدام المتفجرات المضبوطة تجاوزت بكثير ما هو مطلوب لتفجير مركبات الشرطة العادية ووسائل النقل غير المدرعة التي تستخدمها الدوريات البحرينية، مضيفا أن أحد الاستخدامات المتوقّعة لهذه الأسلحة هي تدمير الدبابات وحاملات الجنود.
وأشار التحليل، بحسب ذات الصحيفة، إلى أن هذا الأمر يرفع بشكل كبير من قدرات الإرهابيين في البحرين على شن هجمات أكثر فتكا، مضيفا أن هذا المستوى من القدرات لم يكن ممكنا التوصل إليه دون دعم وتوجيه وتدريب خارجي.
ونقل التقرير قول مايكل نايتس المحلّل الأمني والعسكري بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو صاحب خبرة سابقة بالتحقيق في الدعم الإيراني للجماعات المسلّحة في العراق، إنّه يرى أصداء في البحرين لممارسات إيران المتمثلة في إنشاء ميليشيات عراقية تستخدم نفس الأجهزة المضبوطة في البحرين.
كذلك نقل تقرير الصحيفة تأكيد ماثيو ليفيت الخبير بمكافحة الإرهاب في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، أن الأدلة المستقاة من مخابئ الأسلحة تشير إلى تهديد حقيقي من الإرهاب الذي ترعاه إيران.
وتعرّض لواقعة الكشف عن أكبر مصنع للمتفجرات تحت الأرض معتبرا أنه بالنسبة لأفراد عصابة معروفة عموما بإلقاء زجاجات المولوتوف على الشرطة، يُعتبر الرجال الذين أقاموا المصنع بارعين إلى درجة أثارت الشكوك لدى المحققين البحرينيين، حيث أن المصنع كان تحت أرضية فيلاّ سكنية في إحدى الضواحي ودون أي آثار واضحة على مستوى الشارع ولا يوجد سوى مدخل واحد مخفي وراء خزانة مطبخ، ولكن المفاجآت الحقيقية اكتُشفت داخل المصنع حيث عثرت الشرطة على أعداد مهولة من المخارط والمكابس الهيدروليكية لصنع قذائف خارقة للدروع قادرة على اختراق دبابة، كما عثرت على العديد من الصناديق تحتوي على المادة المتفجرة “سي فور”
شديدة الانفجار بكميات يمكن أن تغرق سفينة حربية.
وخلص التقرير إلى إنّ قوة السلاح المكتشف في المخابئ مثّلت تغييرا في قواعد اللعبة، مشيرا إلى القلق المتزايد لدى مسؤولي المخابرات الغربية حول البحرين الحليفة للولايات ومقر الأسطول الخامس للبحرية الأميركية، حيث يقرّ المحللون الأميركيون والأوروبيون الآن بوجود تهديد متزايد الخطورة للمملكة بعد أن ظلّ المسؤولون الغربيون لسنوات حذرين في اتهام إيران بالتورط المباشر في الاضطرابات بالبحرين.