صدر الموقف الرسمي المفترض من الدولة اللبنانية تجاه التعدي الفاضح على هيبة الدولة والعهد من قبل حزب الله في برج البراجنة، إذ أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق موقفا عبّر فيه أن إستعراض حزب السلاح مدان ومرفوض جملة وتفصيلًا وهو صفعة في وجه العهد وتحد لمنطق الدولة، لن نرد على هذا الاستعراض العسكري الا بمزيد من المواجهة مع هذا المنطق لصالح الدولة فقط، وأضاف: إننا سنتخذ الإجراءات التي يفرضها القانون منعًا لكل أفكار الأمن الذاتي التي يرفضها اللبنانيون.
ما من لبناني يؤمن بفكرة الوطن والدولة والهوية يقبل بما حصل في برج البراجنة، حيث لا يفهم من العرض العسكري الذي حصل إلا تحديًا جديدًا للدولة ومؤسساتها، كما يفهم منه أيضًا تكريس واقع الأمن الذاتي، هذا الواقع الذي يرفضه اللبنانيون وما زالوا على قاعدة أن الدولة وحدها مسؤولة عن الأمن وتطبيق القوانين، أما أن يحصل ذلك وخلال الفترة التي يجري فيها تطبيق الخطة الأمنية في الضاحية ما هو إلا تشويش على هذه الخطة، وإعادة إحياء المحميات الأمنية بوجه الدولة وقراراتها وإجراءاتها.
إقرأ أيضًا: قمصان حزب الله السود ..على خُطى المهاجرين بمواجهة الأنصار.
لقد حاول حزب الله رسميًا التنصل من الواقعة من خلال إطلالة للنائب علي عمار يفسر فيها ما حصل إلا أن الواقعة هذه بدلالاتها الأمنية والسياسية قد أساءت لحزب الله أولًا وللدولة اللبنانية ثانيًا، وهي رسالة خائنة إلى العهد الجديد الذي لعب حزب الله الدور الأبرز في ترسيخ معالمه من خلال دعم وصول الرئيس العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، ولئن كان حزب الله يمسك سياسيًا بقرارات البلد المفصلية السياسية والأمنية، فما معنى هذه التظاهرة التي أعادت إلى الأذهان تصوير منطقة الضاحية الجنوبية كمنطقة خارجة على القانون خصوصًا في الفترة التي يجري فيها تنفيذ الخطة الأمنية المتفق عليها بين جميع الأطراف .
إن التمادي بإدخال الضاحية الجنوبية في أتون المافيات الحزبية لن يكون في صالح الضاحية ولا أهالي الضاحية ولا حتى حزب الله، لأن تصرفات من هذا النوع من شأنها تشجيع العديد من المطلوبين مجددا على إعتبار الضاحية ملاذا آمنًا للهروب من وجده الدولة والعدالة.
إقرأ أيضًا: حزب الله وكذبة الضاحية
لقد صدرت بعض البيانات من هنا أو هناك تؤيد إجراءات حزب الله هذه وهي بيانات حزبية لا تمثل أهالي الضاحية لأن الغالبية العظمى من الأهالي ترفض اللجوء إلى هذه الأساليب وتعتبر الدولة اللبنانية ومؤسساتها هي الضامن الوحيد لأمنهم وسلامتهم وحمايتهم.
لذا فإن المطلوب اليوم هو إنقاذ الضاحية من هذه الفوضى وهذا التسيب وبسط سلطة الدولة اللبنانية وحدها ليستعيد المواطن اللبناني انتماءه لوطنه ودولته.