تحدّث محام ألماني عن مأساة أحد موكليه السوريين، الذي فقد نهاية الأسبوع الماضي عائلته التي كانت تحاول الالتحاق به خلال غرق قارب لاجئين، وبات عليه جمع تكاليف نقل جثث أفراد أسرته إلى سوريا ودفنهم.
وروى المحامي يرمياس ماميغاني لصحيفة "راينشه بوست" الألمانية وهو يغالب دموعه كيف أنه علم أن عائلة موكله "صالح" انطلقت من السواحل التركية نهاية الأسبوع الماضي، ثم غرقت خلال عبورها لليونان، مؤكداً أن هذه أسوأ قضية في حياته.
وقال المحامي المختص بقضايا اللاجئين إن الزوجة والطفل الرضيع والابنه ذات الثلاثة أعوام لقوا حتفهم، مضيفاً إنه مصدوم وحزين وغاضب.
وكان اللاجئ السوري صالح 31 عاماً قد جاء إلى ألمانيا منذ عامين، وحُرم من لم شمل زوجته وأطفاله، لأنه حصل على ما يسمى الحماية المؤقتة من مكتب الهجرة واللاجئين.
ويقيم صالح الذي كان من جنود الاحتياط في جيش النظام السوري، منذ عامين في راتنغن بولاية شمال الراين فستفاليا.
وكان قد جاء عبر طريق البلقان الذي سلكه مئات الآلاف من اللاجئين براً إلى شمال أوروبا، تاركاً زوجته الحامل وطفلته لدى أقربائه في تركيا، أملاً في جلبهم لاحقاً بطريقة شرعية عبر لم الشمل.
وأوقفت الحكومة الألمانية وفقاً لحزمة قرارات اللاجئين الثانية التي باتت سارية منذ آذار 2016، حق لم الشمل لمدة عامين للحاصلين على الحماية الموقتة.
وعلى الرغم من أنّ محاميه قدّم اعتراضاً على منحه هذا القرار أمام المحكمة الإدارية في دوسلدورف، وامتلاكه فرصة كبيرة في الحصول على وضعية اللاجئ، لم تستطع عائلته مواصلة الانتظار في تركيا.
ويوضح ماميغاني الأسباب التي دفعت العائلة إلى سلوك طريق التهريب، بالقول إن إجراءات لجوء الأب دامت أكثر من عام، ثم حصل للأسف على ما يسمى الإقامة المؤقتة التي تستثني حامليها من لم الشمل، مضيفاً إنه على الرغم من امتلاكه "أفضل الفرص" في دعواه ضد هذا القرار، لكن العائلة كانت تعاني من الفراق وطول فترة إجراءات اللجوء، ما دفع زوجة صالح للمجازفة مع طفليها بسلوك رحلة العبور الخطيرة.
اليأس والمخاطرة بالهروب
وذكر المحامي أنه علم من إحدى المتطوعات في خدمة اللاجئين في بلدة راتنغن، أن صالح كان يرسل كل شهر 300 يورو لأقاربه في تركيا، لكنه فقد عمله ولم يعد باستطاعته إرسال المال لهم، وهكذا كانت عائلته يائسة تماماً، فخاطرت بالهروب.
وركبت العائلة مع 19 شخصاً قارباً، غرق لاحقاً قبالة السواحل الجنوبية الغربية في تركيا، ما أدى إلى وفاة 11 منهم 5 أطفال، كان بينهم زوجة صالح وطفله الرضيع والابنة.
وكانت ذكرت وكالة دوغان التركية أن القارب المطاطي غرق في بحر إيجه قبالة إقليم كوسداسي فيما كان يحاول الوصول إلى جزيرة ساموس اليونانية، مشيرة إلى أن مهربي مهاجرين اثنين تمكنا من الوصول إلى الشاطئ قبل توقيفهما.
وقال المحامي إن صالح حاول الاتصال بهاتف زوجته المحمول، لكن شخصاً آخر أجابه، وهكذا علم بوفاة العائلة. ثم تمّ التعرف على هوياتهم في مشفى تركي.
وما زاد من معاناة الرجل إلى جانب فقدان عائلته، هو التكاليف التي وصلت لـ 2000 يورو، التي توجب عليه دفعها لأجل دفنهم، وبات عليه جمعها نظراً لعدم امتلاكه لها، والعمل على نقلهم من تركيا إلى بلاده.
ولم يحصل صالح على تأشيرة للذهاب لتركيا ونقل أسرته أو حضور الجنازة، وبدأ محاميه، الذي يعمل في مكتب محاماة بدوسلدورف، حملة جمع تبرعات له على شبكة الإنترنت، ووصلت التبرعات حتى يوم أمس إلى 2300 يورو تقريباً، ما يكفي لنقل ودفن الأسرة، بحسب الصحيفة.
وأضاف إن موكله أراد نقل جثامينهم إلى سوريا، وأن "هذا أقل ما يمكننا فعله لأجله".
وبيّن المحامي أنه سيتم التبرّع بالمبلغ الفائض الذي تمّ جمعه، لمنظمة تنقذ الناس في البحر المتوسط. وبين أنه تأثر بشدة بالتعاطف، وتملكه في نفس الوقت غضب كبير حيال ما حصل.
وكان قد تم تداول صور لبعض الغرقى في الحادث المذكور على الشبكات الاجتماعية لم يتسن لـ"هافينغتون بوست" التأكد من صحتها.